بعد أن سكت الرصاص وسقط نظام القذافي في لبييا, تتجه الانظار بقوة للصراع الدولي المرتقب علي كعكة اعادة التعمير الليبية الضخمة, والتي يتنافس عليها من الان شركات متعددة الجنسيات وستخضع لمواءمات وتدخلات سياسية واستراتيجية, ومن هنا قررت مصر الدخول لهذا الصراع المرتقب لانتزاع قطعة من هذه الكعكة بما تملكه من مزايا تنافسية نسبية خاصة بالتصاق حدودها مع ليبيا بما يمكنها من تقديم دعم لوجستي معني بانشاء عدد من المراكز علي محاور الطرق الرئيسية التي تربط المدن المصرية بالمدن الليبية يتم تجهيزها بمخازن وثلاجات لتقديم السلع و كذلك خدمات الصيانة والنقل وغيرها خلال مرحلة اعادة التعمير وما بعدها بالاضافة الي ما تستطيع ان تحصل عليه شركات المقاولات المصرية من مشروعات, الامر الذي يمكن ان يساهم بقوة في اعادة تنشيط الاقتصاد المصري ورفع معدلات الانتاج و التصدير والانتاج وخفض معدل البطالة, وذلك اذا ما تم اتخاذ عدد من الاجراءات التي تهيء منطقة الحدود المصرية مع ليبيا لهذا الدور الهام. والخطة المصرية التي اطلق عليها المبادرة الاستباقية المصرية التي اعدها الصندوق الاجتماعي المصري للتنمية وحصل الاهرام علي نسخة منها تسعي للحصول علي مساندة سياسية عربية من خلال مجلس الوحدة العربية, حيث ستعرض علي اجتماع الاثنين المقبل للجنة الاستثمار بمجلس الوحدة الاقتصادية العربية, والذي سيعقد علي مستوي المندوبين الدائمين وخبراء الاستثمار برئاسة السفير محمد الربيع الامين العام للمجلس, حيث سيرفع الاجتماع تقاريره وتوصياتها لوزراء الاقتصاد والاستثمار العرب في اجتماعهم رقم93 في الاول من ديسمبر المقبل والذي يعتبر اول اجتماع وزاري لهم منذ اندلاع ثوارات الربيع العربي في بداية العام الجاري. وقال السفير محمد الربيع الامين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية في تصريحات للاهرام ان الاجتماع الوزاري العربي سيبحث الاجراءات التي يمكن اتخاذها لتنشيط الاستثمار العربي في ظل ثورات الربيع العربي لمواجهة تداعيات هذه الثوارات من ركود في الاقتصاديات العربية وارتفاع كبير في معدلات البطالة وتراجع حاد في الإستثمارات العربية البينية. وحسب هذه المصادر فان المجلس سيبحث الصيغة النهائية لإصدار تاشيرة امنية عربية موحدة للمستثمرين ولرجال الاعمال العرب بدلا من الاقتراح الاردني باصدار بطاقة المستثمر العربي والذي تم استبعاده بسبب صعوبات امنية في التطبيق, كما يبحث المجلس اقتراحات انشاء اكاديمية عربية للتمويل والاستثمار وشركة عربية قابضة لتوسيع التجارة العربية البينية في الاسماك والتي لا تتجاوز13% فقط, كما يبحث المجلس طلبا من وزير الاقتصاد السوري بوضع ملف الاقتصاد والاستثمار السوري علي موقع المجلس بهدف جذب الاستثمارات العربية لسوريا رغم تدهور الاوضاع الامنية الناتجة عن المظاهرات المعارضة للنظام الحالي. وحسب الخطة المصرية لتقديم المساندة والدعم اللوجستي لاعادة اعمار ليبيا من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي قدمها الصندوق الاجتماعي المصري للتنمية, فمن المتوقع ان تواجه شركات المقاولات المصرية والعربية الكبري منافسة شرسة من قبل الشركات متعددة الجنسيات حتي تحصل علي حصة ملموسة من مشروعات اعادة التعمير التي يتوقع ان تخضع عملية ترسية المشروعات فيها لمواءمات وربما تدخلات سياسية واستراتيجية, ومن هنا فان هذه الخطة او المبادرة الاستباقية تركز علي تدعيم ومساندة دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة المصرية لتقديم الدعم اللوجستي لعملية اعادة الاعمار في مجملها, وهذا الدور بالتحديد لايمكن انتزاعه من مصر بحكم العديد من المزايا النسبية والتنافسية لمصر وللمصانع والعمالة المصرية للقرب الجغرافي بين البلدين ولوجود عدد من المحاور بين المدن المصرية والليبية, ولتوافر العدد الكبير والعرض الكافي من المنتجات المصرية عالية ومتوسطة التكنولوجيا بما يساعد علي تقديم سلع وخدمات تجارية وخدمات النقل والصيانة والترميم والاصلاح وانشطة التخزين والتوزيع وخدمات الصحة والتعليم وكذلك خدمات ما بعد البيع. اجراءات استباقية للطلب وتعتمد المبادرة المصرية علي اتخاذ اجراءات استباقية لكسب مواقع وتجهيز ترتيبات لوجستية يتم بمقتضاها الدعم والمساندة لعملية اعادة الاعمار الليبية وارجاع الحياة المدنية لطبيعتها في اسرع وقت وبانسب تكلفة ودرجة مقبولة من الجودة والكفاءة من خلال عدد من المحاور وحزم مخططة من المشروعات الصغيرة والمتوسطة المتطورة في المجالات الخدمية والانتاجية والمهنية تغطي الطلب التنموي والطلب الانساني الليبي المتوقع في وقت مبكر. وتتضمن هذه الاجراءات المقترحة: انشاء عدد من المراكز اللوجستية علي المحاور الرئيسية التي تصل المدن والمركز التجارية والخدمية المصرية بنظيرتها الليبية وهي: محور الاسكندرية/ الحمام/ مرسي مطروح/ السلوم/ بني غازي/ طرابلس. محور البحيرة/ الاسكندرية/ مطروح/ السلوم/ بني غازي/ طرابلس. محور الاسكندرية/ بني غازي/ مصراته/ طرابلس البحري. هذه المراكز اللوجستية ستكون متخصصة لخدمات التشييد والتجارة والصيانة والموراد البشرية بهدف تحفيز تلاقي العرض المصري مع الطلب او احتياجات عملية اعادة الاعمار في ليبيا لاعادة الحياة المدنية لطبيعتها في اسرع وقت وبانسب تكلفة ووجودة. ولانجاح عملية تلاقي العرض والطلب لابد من توافر قاعدة معلومات قوية تحلل الطلب وترتبه وتستكشف الطلب الكامن وتتوقع الطلب المستقبلي وتتنبأ بفجوات الطلب وهو ما يعني ضرورة توافر معلومات تفصيلية عن العرض المصري المتاح من السلع والخدمات من حيث الكمية والنوع والموصفات والاسعار. ومن وجهة نظر الصندوق الاجتماعي ان نجاح هذه الخطة يتطلب تحديثا كاملا للمنافذ الجمركية علي المدن المصرية التي تقع علي محاور الربط مع المدن الليبية وميكنتها وامدادها بالكوارد البشرية الكافية, بالاضافة الي ضرورة وجودة رعاة من كبري شركات الاسمنت والحديد والسيراميك والاجهزة المنزلية والصناعات الغذائية كممثلين تجارين في المراكز اللوجستية للقيام بعمليات الترويج وتيسير ابرام الصفقات. والهدف من كل ذلك هو تكوين سوق حاضرة للسلع والخدمات المصرية اللوجستية بتكاتف الشركات المصرية الكبيرة الراعية لهذه المبادرة عن طريق انشاء مخازن مجهزة وثلاجات لتسويق السلع علي المحاور لتكون قريبة من المدن الليبية مثل بني غازي ومصراته وطرابلس. هذه السوق النشطة المصرية توفر بضاعة حاضرة ستكون في خدمة الشركات متعددة الجنسيات الفرنسية والايطالية والامريكية واليابانية والكورية والصينية وكذلك الشركات العربية عندما تاتي للعمل في ليبيا. هذه المبادرة في حالة تنفيذها لن تيسر فقط وتوفر السلع للسوق الليبية ولكنها ستحقق منافع تجارية مهمة للاقتصاد المصري في هذا التوقيت الحرج بل ان الغرض الاسمي هو تحقيق مشاركة مصرية لاعادة الاعمار الليبية تسجل تاريخيا في مسيرة التعاون العربي وتدعم دور مصر في تقديم هذه الخدمات اللوجستية للمشاريع و الاستثمارات العملاقة. وحسب معلومات للصندوق الاجتماعي المصري فان احد رجال الاعمال المصريين البارزين قام بانشاء اول مركز لوجستي علي الحدود المصرية الليبية ويمكن الاستفادة من خبرته في ذلك. وتري الورقة ان نجاح هذه المبادرة يستلزم مساهمات حكومية مثل شركات الكهرباء للمشاركة في بناء محطات الكهرباء الجديدة في ليبيا وصيانتها ومشروعات الربط الكهربي والطاقة المتجددة, ووزارات البترول والتعليم والصحة. وتقترح الخطة وضع آليات محددة لضمان نجاح تنفيذها وذلك من خلال تشكيل لجنة قومية تنسيقية عليا لمساندة اعادة اعمار ليبيا برئاسة نائب رئيس الوزراء وعضوية الصندوق الاجتماعي وممثلين لوزارات الخارجية والتنمية المحلية والصناعة والتجارة والقوي العاملة والاسكان والصحة والتعليم والكهرباء والنقل واتحادات الغرف التجارية والمستثمرين والجمارك وقطاع الاعمال العام, ورعاة من شركات القطاع الخاص والبنوك وشركات الاعلاميين والتسويق والترويج بالاضافة الي ممثلي شركات عربية واجنبية لهم تواجد في مصر. دراسة خصخصة شركات عربية ومن جانبه اكد السفير محمد الربيع في تصريحاته ان مجلس الوحدة العربية يقع علي عاتقه القيام بدور حيوي مهم خلال المرحلة المقبلة لمساندة الشركات العربية والمساهمة الفعالة في عملية التنمية العربية في ضوء التداعيات الاقتصادية للثوارات العربية التي ستغير مجريات الاحداث السياسية والاقتصادية المقبلة في اتجاه دعم التكامل الاقتصادي العربي بحيث يكون المجلس بمثابة الجسرالذي يوصل القطاع الخاص بالحكومات باعتبار ان تطبيق منطقة التجارة الحرة العربية يرتكز في الاساس علي القطاع الخاص, ولذلك يقترح المجلس تجميع الاتحادات العربية المتخصصة وتقسيمها لمجموعات قطاعية وفقا لتشابه وتماثل وتطابق اختصاصاتها وانشاء مجلس اعلي لها ترأسه دوريا كل دولة من الدول العربية علي التوالي, ودراسة جدوي خصخصة عدد من الشركات العربية المشتركة التي وضع مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عقود تاسيسها وانظمتها وقام باطلاقها وهي الشركات العربية للثروة الحيوانية, وللادوية والمستلزمات الطبية, وللاستثمار الصناعي, والقابضة لخدمات الاستثمار, بحيث يتم اعادة توجيه عائدات الخصخصة وضخها في استثمارات عربية كبري جديدة مع القطاع العربي الخاص وتخصيص نسبة رمزية منها لدعم الجهاز التنفيذي للتكامل الاقتصادي العربي. واضاف الربيع ان المجلس يقترح انشاء مجلس حكماء من شخصيات قومية مرموقة يكون بمثابة مجموعة فكر, وانشاء مركز عربي للتنبؤ بالازمات الاقتصادية والمالية والبورصات العالمية, وكذلك انشاء اكاديمة عربية للتمويل والاستثمار تهتم بتنفيذ برامج دراسية وتدريبية واسعة للاصلاح الاقتصادي توفر كوارد جديدة تفي باحتياجات السوق والتطورات التكنولوجية, وصندوق لدعم الترويج للاستثمار العربي وتاسيس جهاز عربي لمكافحة الاغراق وتنقية التشريعات الحاكمة للاستثمار. واوضح الربيع ان اجتماع لجنة تنمية الاستثمار في البلاد العربية, التي ستعقد علي مستوي المندوبين والخبراء غدا الاثنين سوف تبحث الصيغة النهائية لاقتراح اللجنة السباعية التي تم تشكيلها, باصدار تاشيرة عربية موحدة منسقة للمستثمر العربي بدلا من الاقتراح الاردني باصدار بطاقة للمستثمر العربي الذي استبعد لصعوبات امنية في تطبيقه. وهذه الصيغة تم التوصل اليها بعد انضمام عطوفة السيد رئيسة آلية تنمية الاستثمار في البلاد العربية ومعدة الوثيقة المعدلة. وتنفيذ هذه التأشيرة الموحدة يتم من خلال نظام تأشيرة امنية يتفق عليها وزراء الداخلية العرب, بحيث تمنح هذه التاشيرة الموحدة لرجال الاعمال والمستثمرين العرب الذين سيتم إختيارهم بمعرفة كل دولة, وحسب الاسس الارشادية وفقا للمعايير التي سيتم الاتفاق بشانها.