سألني كثير من المصريين: اين اليابان من ثورة25 يناير؟ لم نشاهد رئيس وزرائها او حتي وزير خارجيتها يزور مصر' الجديدة' ويسألنا عن كيفية المساعدة او حتي مجرد الاطلاع علي الاحوال والاجواء الجديدة التي تعيشها مصر بعد رحيل المخلوع وزيارة ميدان التحرير كما فعل كثير من زعماء العالم. واليابان دولة صديقة لمصر منذ عصر محمد علي باشا, وازداد التقارب بين الدولتين ذوي الحضارتين العريقتين في عهد امبراطور الميجي1868 عندما قرر هذا الرجل الفذ ادخال اليابان عصر التقدم بعد ان عاشت سنوات طويلة من العزلة, وقرر ان يرسل وفودا علمية الي اوروبا وامريكا لنقل مظاهر وملامح التقدم الي اليابان. وهكذا وجدت تلك الوفود اليابانية طريقها الي مصر للعبور في طريقها الي دول اوروبا والولايات المتحدة عبر قناة السويس والسكك الحديدية التي اقامها الخديو اسماعيل حديثا آنذاك. وقصيدة محمود سامي البارودي الشهيرة' غادة اليابان' التي تغني فيها بانتصار اليابان علي روسيا القيصرية عام1905 تعبر الي مدي احترام المصريين لليابان ليس اليوم فقط وانما منذ عهود طويلة. وهكذا تطورت علاقات البلدين في عهد عبدالناصر علي الرغم من العداء الغربي لناصر, ثم تطورت اكثر في عهد السادات خاصة بعد اتفاقية السلام مع اسرائيل. ولكن علي الرغم من حرص اليابان ومصر علي تطوير العلاقات في عهد مبارك وشهدت طفرة قوية خلال ال30 عاما الماضية فإن مبارك لم يتمكن من الاستفادة من متانة تلك العلاقات في تطوير مصر وتقدمها كما فعل واستفاد من نفس العلاقات مهاتير محمد في تقدم ماليزيا او حتي كما استفاد منها الجنرال سوهارتو في تقدم اندونيسيا. وعلاقات اليابان لم تكن مع مبارك ونظامه وانما مع مصر وشعبها. ولكن ربما لايدرك كثير من المصريين هول الكارثة التي وقعت علي اليابان نتيجة الزلزال والتسونامي اللذين ضربا اليابان في مقتل في شهر مارس الماضي وأديا الي هز ثقة اليابانيين في مدي جدوي استخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء.ولم يتسبب الزلزال في الخسائر المادية فقط التي تجاوزت عشرات المليارات وانما اصاب اليابانيين بالرعب علي مستقبل بلدهم وحطم الكثير من حائط ثقة اليابانيين بأنفسهم وقدراتهم علي مواجهة قساوة طبيعة بلدهم. ولايخفي المصريون ابدا اعجابهم واحترامهم لليابانيين وللتقدم الذي احرزته اليابان خلال ال60 عاما الاخيرة عقب هزيمتها وتدميرها خلال الحرب العالمية الثانية. والآن بعد ثورة25 يناير يتطلع المصريون الي النموذج الياباني ليس لنسخه وانما الاستفادة من دروسه في تقدم مصر ورقيها. المزيد من أعمدة منصور أبو العزم