سفينة ضخمة عند مدخل بوغاز الإسكندرية من جهة المكس مائلة علي جنبها, غارقة حتي نصفها,, منشار ضخم يقطع أحشاءها, والسفن تمر بسلام من حولها. هذا المشهد الغريب النادر يغري كل من يمر بجانب الشاطيء. فيقف ليستطلع الحكاية التي تقول إنها السفينة الإيطالية جولي أمارنتو أو الجميلة أمارنتو التي جنحت في منتصف شهر ديسمبر من العام الماضي والتي تخضع حاليا لعملية جراحية لتقطيع أوصالها بمعرفة نادي الحماية والتعويض, وذلك في إطار مشروع ضخم لتفكيك السفينة التي تقف في مكان حساس بالقرب من مدخل البوغاز.. ويقول أحد الخبراء البحريين ان السفينة التي تقف في مكانها عند نجمة الإسكندرية أو الفنار منذ تعرضها للشحط تشهد هذه الأيام مشروعا ضخما, فقد قام نادي الحماية والتعويض البحري باستقدام منشار من أكبر المناشير البحرية في العالم متخصص في تقطيع السفن في عرض البحر وبدأ بالفعل في تقطيع السفينة الضخمة منذ شهر أغسطس الماضي الي أجزاء صغيرة لرفعها بعيدا عن المجري الملاحي, ومن المتوقع أن تسفر هذه العملية عن ما يقرب من عشرة آلاف طن حديد طبقا لحمولة السفينة التي ينتهي العمل فيها خلال أربعة أشهر قد تطول أو تقصر حسب الحالة الجوية, وتعد هذه الحالة نادرة بسبب المكان الذي جنحت فيه السفينة وتتم فيه عملية التقطيع والذي يبعد ما يقرب من3 كيلومتر عن الساحل. ويضيف الخبير البحري أن جميع التكاليف الخاصة بالتقطيع وإزالة حطام السفينة يتحملها نادي الحماية والتعويض الذي أنشأه ملاك السفن في جميع أنحاء العالم ويقومون بدفع أقساط سنوية ليتحمل النادي المسئوليات الجسيمة التي لايستطيع تحملها ملاك السفن مثل الأضرار التي يحدثها التلوث, وإنقاذ الأرواح, وقطر السفن في عرض البحر, وإزالة الضرر عن الغير مثل حالة جنوح السفينة أمارنتو أمام ميناء الإسكندرية.وجدير بالذكر أن السفينة بدأت رحلتها من ميناء جنوة- نابولي ثم مالطا في طريقها إلي الإسكندرية عندما جنحت وكادت تتعرض للغرق علي بعد60 ميلا من الميناء إثر تعرضها لموجة شديدة من الرياح أدت إلي تعطل المحركات وانقطاع التيار الكهربائي فأطلقت إشارات استغاثة وظلت تقاوم الأمواج الغاضبة والرياح الثائرة إلي أن وصلت قاطرة لسحبها إلي الإسكندرية, لكن سوء الأحوال الجوية أدي إلي جنوحها بالقرب من بوغاز الميناء. وقد تلقت سلطات الميناء بلاغا بهذا الشأن وتبين أن السفينة تحمل40 حاوية بداخلها أطنان من,البضائع المختلفة, و300سيارة ملاكي بالإضافة إلي معدات ثقيلة وأوناش. وعدد أفراد طاقمها21 شخصا تم إنقاذهم. وقد تم إخطار الشركة والتوكيل الملاحي بعد توارد المعلومات التي أكدت صعوبة سحب السفينة التي استقرت بشكل كامل علي منطقة صخرية حيث لا توجد قاطرات يمكنها تحريك هذه الكتلة الرهيبة من الأحمال فتم وضع سيناريو لتفريغ جزء من محتوياتها بالتعاون مع هيئة ميناء الإسكندرية بالإستعانة بالونش العائم جبار والذي تصل حمولته إلي مائة طن لمحاولة تعويم السفينة وبالتالي خروجها من منطقة الجنوح وسحبها إلي رصيف الميناء للصيانة وتفريغ باقي الحمولة بما تضمه من مواد قد تكون ملوثة للبيئة البحرية أو حتي سامة. وبالفعل وصل عدد من الخبراء البحريين للمساعدة في عملية التفريغ والتحقيق في أسباب الحادث الذي أصاب السفينة التي بنيت عام1977 وحمولتها الإجمالية عشرة آلاف طن وطولها145 مترا. وبينما العمل علي قدم وساق إشتعلت ثورة25 يناير وساد الهرج والمرج في الأيام الأولي للثورة وتوقفت عملية الإنقاذ لتواجه السفينة مصيرها المحتوم.... ... وفي النهاية يبقي بحر الإسكندرية بحواديته وسفنه هو الأكثر سحرا بين بحور العالم.