عودة للانخفاض.. سعر الذهب اليوم السبت 11 مايو 2024 (عيار 21 الآن بالمصنعية)    مركز الحق والعدالة الفلسطيني: إسرائيل تستخدم أسلحة محرمة دوليا في مجازر بغزة    «حصريات المصري»| تفاصيل أزمة الشناوي وكولر.. وسبب توتر علاقة الأهلي وحسام حسن    وزير الرياضة يطمئن هاتفيًا على لاعبة المشروع القومي بعد جراحة «الصليبي»    بطعن في الرقبة.. المؤبد ل تباع أنهى حياة شخص بسبب خلافات في القليوبية    الهلال يضرب الحزم برباعية في الشوط الأول    عاجل.. مظاهرات في مناطق متفرقة من إسرائيل ومطالب بإقالته نتانياهو    اعتدى على طفلة بشبرا الخيمة.. إحالة أوراق طالب إلى فضيلة المفتي    تساوت المباريات مع أرسنال.. سيتي ينقض على الصدارة باكتساح فولام    اختتام أعمال الاجتماع 37 للجنة وزراء الشباب والرياضة بدول مجلس التعاون الخليجي    كنيسة يسوع الملك الأسقفية بالرأس السوداء تحتفل بتخرج متدربين حرفيين جدد    فيلم السرب يواصل سيطرته على شباك تذاكر السينما.. وعالماشي يتذيل القائمة    عزة مصطفى تُحذر: "فيه مناطق بمصر كلها لاجئين" (فيديو)    هدى الأتربى تكشف تفاصيل مسلسلها القادم مع حنان مطاوع    بكلمات مؤثرة.. إيمي سمير غانم تواسي يسرا اللوزي في وفاة والدتها    نقابة المهندسين تقرر قيد خريجي الجامعات الأجنبية في هذه الحالة    لخلافات مالية.. عامل يطلق النار على صديقه في الدقهلية    التهاب المفاصل الروماتويدي، 6 أعراض تحذر من مضاعفات خطيرة    حصاد 4 آلاف فدان من محصول الكمون في الوادى الجديد    محافظ القليوبية يناقش تنفيذ عدد من المشروعات البيئة بأبي زعبل والعكرشة بالخانكة    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة محملة بطيخ بقنا    اليوم العالمى للمتاحف.. متحف إيمحتب يُطلق الملتقي العلمي والثقافي "تجارب ملهمة"    وزير الأوقاف يحظر تصوير الجنائز بالمساجد مراعاة لحرمة الموتى    عمرو الورداني للأزواج: "قول كلام حلو لزوجتك زى اللى بتقوله برة"    تفاصيل إنشاء 1632 شقة سكن لكل المصريين بالعاشر من رمضان    خالد عبدالغفار: وزارة الصحة وضعت خططا متكاملة لتطوير بيئة العمل في كافة المنشأت الصحية    طلعت عبد القوى يوضح إجراءات استكمال تشكيل أمناء التحالف الوطنى    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    الخميس المقبل.. «اقتصادية النواب» تناقش خطة التنمية الاقتصادية ومنع الممارسات الاحتكارية    محافظ كفر الشيخ يعلن بدء التشغيل التجريبي لقسم الأطفال بمستشفى الأورام الجديد    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    مواصفات وأسعار سيات إبيزا 2024 بعد انخفاضها 100 ألف جنيه    وزير التموين: مصر قدمت 80 ٪ من إجمالي الدعم المقدم لقطاع غزة    أخبار الأهلي : طلبات مفاجئه للشيبي للتنازل عن قضية الشحات    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    إلغاء جميع قرارات تعيين مساعدين لرئيس حزب الوفد    جيش الاحتلال الإسرائيلى: نحو 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح الفلسطينية    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    جامعة القاهرة تستضيف وزير الأوقاف لمناقشة رسالة ماجستير حول دور الوقف في القدس    العثور على جثة سيدة مجهولة مفصولة الرأس بمحطة الفشن ببني سويف    التنمية المحلية: استرداد 2.3 مليون متر مربع بعد إزالة 10.8 ألف مبنى مخالف خلال المراحل الثلاثة من الموجة ال22    قروض للشباب والموظفين وأصحاب المعاشات بدون فوائد.. اعرف التفاصيل    عقوبة استخدام الموبايل.. تفاصيل استعدادات جامعة عين شمس لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    الإمارات تهاجم نتنياهو: لا يتمتع بأي صفة شرعية ولن نشارك بمخطط للمحتل في غزة    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    مباشر مباراة المنصورة وسبورتنج لحسم الترقي إلى الدوري الممتاز    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    «صفاقة لا حدود لها».. يوسف زيدان عن أنباء غلق مؤسسة تكوين: لا تنوي الدخول في مهاترات    بعد وصفه ل«الموظفين» ب«لعنة مصر».. كيف رد مستخدمي «السوشيال ميديا» على عمرو أديب؟    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناء‏..‏ موطن الأنبياء وأسطورة البطولات المقدسة
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 10 - 2011

بين جبالها ووديان سكنت الحكمة منذ آلاف السنين‏,‏ إنها سيناء التي مشي علي أرضها أبو الأنبياء إبراهيم ليعلم البشرية كلها معني الإيمان‏,‏ولامستها أقدام المسيح عيسي مع أمه البتول مريم لينشر بذور الحب والسلام, وفوق ذات الرمال المقدسة مرت جيوش الصحابة في قلب صحرائها. في زحفهم نحو أفريقيا حاملين مشاعل نور التوحيد, وتتوالي حكايات البطولة الفداء حتي يوم السادس من أكتوبر لحظة أن رفع الجندي المصري علم بلاده مع أول خيط من نور الحرية, إنها أروع أسطورة في التاريخ الحديث بدأت فصولها بتحطيم خط باريف المنيع الذي تصورت إسرائيل أنه لايمكن أن يقهر.
ربما أخر ظلام نسكة67 سنوات وأيام وليال عصيبة أن يمتد شعاع النور ليصل إلي أبعد سماء كاشفا جوهر هذا الجندي الذي وصف بأنه خير أجناد الأرض قاطبة, لكنه فعلها وأعاد الكرامة وصان الأرض والعرض بعد روت دمائه الطاهرة تلك الرمال المقدسة.
سيناء هنا ليست مقصدا سياحيا لراحة الجسد فحسب, بل هي مقصد روحي بالأساس عندما تدنو منه تعتريك قشعريرة مستمدة من قدسية المكان التي يعد لوحة طبيعية حباها الله بالنخيل ورواس شامخات في جبل موسي والطور وسانت كاترين ماجلعها قبلة دينية تعكس حكمة الخالق سبحانه وتعالي في تلك الأرض بمكوناتها المتعددة من محميات ووديان وجبال تحوي بين جنباتها قصص من البطولة والفداء علي مدار السنين, وحتي في أحلك لحظات الظلمة كانت هناك بطولات مجيدة لأهالي سيناء قادمة بثقة ويقين من رحم الهزيمة في حرب الاستنزاف وماتبعها وصولا للنصر الأكبر في أكتوبر المجيد الذي نعيش ذاكراه ال38 حاليا ؟.
توضأت قبل أن أقصدها فلم أعرف لسيناء مثل غيري من أبناء الوطن سوي القدسية والطهارة, جثوت علي ركبتي وأطلت التأمل في صحاريها ومنتجعاتها ومحمياتها الطبيعية في رأس محمد ودهب والعريش وشرم الشيخ ورأس العش والشيخ زويد وغيرها من أماكن سطرت أعظم الحكايات عن بطولة الجندي المصري الذي التحم مع أهالي سيناء فس شمالها ووسطها وجنوبها, بين ودينها الخصبة ورابيه المصحوبة بالشموخ.
طهرت وجهي برمالها الممزوجة بعطر دماء الشهداء وسجدت شكرا لله علي أن من علي بزيارتها.
الفريق سعدالشاذلي وسط جنوده على خط النار
لحظات من الصمت قضيتها عند خط الحدود في قرية المهدية ثم نهضت و أخرجت من جيبي حفنة من رمالها, كان خالي قد حفظها في منزله أكثر من ثلاثين عاما.. عندما كان جنديا هنا و كيف سجد لله شكرا بعد عبوره مع رفاقه الأبطال إلي سيناء وتناول هذه الحفنة من الرمال قبل أن يطلق رصاصته الأولي ويحتفظ بها إلي أن عاد في إجازة زفاف نثر نصفها علي طرحة زفاف عروسه واحتفظ بالباقي ليعيدها عندما يكتمل تحرير سيناء.. لكنه لم يزرها, فكلفني الوفاء بنصف وعده.
هذه هي سيناء أرض البطولات ومسرب الأنبياء التي امتزجت رمالها بكل الدماء العربية في معارك الشرف في أكتوبر, وهي ذاتها المكان الذي يعد مفتاح مصر الشرقي علي العرب, وهي بلاشك لم تشهد بقعة في العالم مثلها من أقدام الغزاة والمحتلين والتجار الذين قصدوها.
عريش الأنبياء
أرض كتلك تستمد قدسيتها من دماء الشهداء التي سالت عليها, وخطي الأنبياء, وعلي رأسهم إبراهيم الخليل وجيش الصحابة والاتقياء وبينهما سار العبرانيون إلي الديار ليوفي عزيز مصر لهم الكيل ويتصدق عليه.وتذكر كتب التاريخ أن حراس الحدود قد أرسلوا ليوسف. عندما أصبح علي خزائن الأرض أن أولاد يعقوب الكنعاني يرغبون في دخول البلاد لقحط ألم بهم في بلادهم.. وظلوا ينتظرون الإذن في الدخول إلي البلاد تحت عريش يستظلون به من الشمس فسمي الموضع ب' العريش', وقيل إن نسبة اسمها إلي عريش استظل به خليل الرحمن إبراهيم فسمي بذلك وشرفت أرضها بمرور العائلة المقدسة في مجيئها ورواحها.. والعريش هي عاصمة شمال سيناء الآن.
وعندما جاء جيش عمرو بن العاص فاتحا لمصر بعد تردد الخليفة عمر بن الخطاب الذي أرسل في أثره رسولا ينهاه ويعيده حسبما اتفق مع عمرو' إن اتاك كتابي ولم تدخل مصر فارجع' فتلكأ عمرو عمدا في تسلم رسالة الخليفة إلا عندما تيقن من الدليل أنهم أوغلوا, وهنا سأله أمام رسول الخليفة أين نحن؟ قال: بأرض مصر.. فأمر عمرو: انصبوا خيامكم إن المساعيد, فأخذت المنطقة اسمها التي عرفت بها إلي الآن ضاحية العريش الجنوبية المساعيد.
مؤتمر الحسنة
ومن الحدود تبدأ حكاية سيناء من رفح حتي القنطرة شرقا وقد أثمرت الأرض رجالا من أهلها البدو لم تعرف الأمم في بطولاتهم وتضحياتهم مثلهم, صاروا حماة للديار وحراسا لمسارب الأنبياء, وشهداء الحق في كل الأزمنة كما قال لي الشيخ عودة صباح اللويمي: إبان الاحتلال كان الصهاينة يدفعون للبدو مالا حتي يرضوا عن وجودهم لكننا لا نحبهم نحن مصريون لا نساوم علي وطننا ولا نخون, وعندما اصطحب موش ديان أجهزة الإعلام العالمية إلي هنا كنت أجلس معه بداره في مدينة الحسنة وأقاموا مؤتمراصحفيا عالميا بحضور كافة وكالات الأنباء في محاولة لإقناعنا بالمطالبة بتدويل سيناء لكننا رفضنا, محاولات الكيان الصهيوني في استدراج أبناء سيناء نحو فكرة تدويل سيناء فاتصلنا بباقي أهل سيناء الذين بدورهم أبلغوا المخابرات الحربية بالأمر فكانت التعليمات إشعار الصهاينة بالموافقة وقامت المخابرات المصرية بترتيب المفاجأة مع شيوخ وعواقل سيناء لوضعهم في شرك الرفض أمام العالم ليعلن المشايخ أن سيناء مصرية والحديث عنها لا يكون إلا مع الرئيس جمال عبدالناصر.
ولهذه الأهمية الاستراتيجية لسيناء اهتمت حكومات مصر منذ عهود الفراعنة بإقامة التحصينات الحربية وبناء القلاع, ومن أهمهاهذه القلاع العتيدة قلعة نخل وهي إحدي القلاع التي بناها السلطان الغوري لحماية طريق الحج, وقلعة العقبة التي جددها مراد بك. وقلعة صلاح الدين علي جزيرة فرعون, وقلعة رفح القديمة وقلعة الرحيل التي اهتم بها العثمانيون كخط دفاع أول, لكن للأسف اندثرت وضاعت معالمها.
مذبحة الأبرياء
أما قلعة العريش والتي شيدها السلطان العثماني سليمان القانوني, ويحكي رواة الأثر أنها إن سردابا يصلها إلي ساحل البحر ولم تتبق منها الآن سوي بعض أجزاء السور وهناك أيضا قلاع قاطبة ولحفن وجبل المغارة والجورة والنواطير, وهناك موقعة التبة التي ذكرها الكاتب الصحفي الراحل الكبير وجيه أبوذكري في كتابه مذبحة الأبرياء في5 يونيو1967 والتي وصل اليها ضابط شاب يقود سيارة بها مدفع مضاد للدبابات, كانت قسمات وجهه تحمل أحزانا كبري, كان يبدو في سباق مع الزمن. وعندما وصل إلي ميدان' التحرير' الآن في العريش نزل من السيارة وطلب من الأهالي سرعة مساعدته لانزال المدفع من السيارة ووضعه علي التبة فساعدوه وتطوع عدد منهم في إقامة متراس من أجوال الرمال حول المدفع وخلال دقائق تم تجهيز الموقع وانتظر الضابط ومعه المواطنون حتي بدأ ظهور الدبابات الإسرائيلية ليصيب الدبابة الأولي ثم أصاب الدبابة الأخيرة ليحصر طابور الدبابات ويواصل القصف عليهم من مدفعه حتي كادت ماسورته أن تنصهر فساعده الأهالي بالملابس والمياه لتبريد الماسورة وذلك في ظل وابل من القذائف التي كانت ترد بها القوات الإسرائيلية علي الموقع, لكنه استطاع بمدفعه ومساعدة الأهالي وإيمانهم وقف تقدم القوات الإسرائيلية وأخر احتلالها للعريش حتي جاءت قوة كوماندوز إسرائيلية وحاصرت الموقع من الخلف وألقت عليه قنابلها فاستشهد الضابط ومعه أبطال من أبناء سيناء.
ولم تكن هذه حكاية الفداء الوحيد لضابط واخوانه من أبناء المنطقة, فهناك آلاف الحكايات تواريخ أبناء محافظة شمال سيناء في الجهاد وحماية الوطن وضباطه أكثر من أن تحصيي كما يقول يحيي الغول: قام أبناء العريش بالاستيلاء علي البطاقات الورقية الموجودة في سجل مدني العريش ووزعوها علي الضباط والجنود الذين تأخروا عن زملائهم في الانسحاب من سيناء.. وتسجيل بيانات واسماء تبدو بدوية لتسهيل تهريبهم إلي غرب القناة, وشكل أهل سيناء الشمالية من رفح وحتي بالوظة مجموعات لتجميع ضباط وجنود الجيش من رفح حتي القنطرة شرق إلي غرب القناة بالسير علي الأقدام أو بالجمال والحمير وتوفير المؤن والغذاء لهم وقد استقبلتهم قبيلة البياضية في بئر العبد.
حافة الجمر
لقد كان للمصريين من أبناء سيناء دورهم البارز والمهم ليس في حماية سيناء من محاولات اليهود لاستنزافها وإزعاجهم وجعل وجودهم في سيناء علي حافة الجمر. بل والتمهيد لاستنزافهم طوال ست سنوات بين الحربين وهزيمتهم في أكتوبر المجيد, وتكونت منظمة سيناء العربية علي أفئدة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. منهم حسن خلف, وعبدالكريم راضي ومبارك صلاح وبراك جهينة وسليمان مغنم وعبدالمعطي فلاح وموسي البرويشد وغيرهم مئات وكذلك سيدات صدقن الله في الدفاع عن أرضهن. ومنهن الطالبات اللواتي أكملن تعليمهن في القاهرة وقمن بدور مهم في التجسس علي العدو ونقل المعلومات والصور التي صورنها للمناطق المهمة والعسكرية.. وفي رفح والعريش خرجت المسيرات التي نظمها وجهاء وشيوخ القبائل والشباب المتعلم عند موت جمال عبدالناصر يبكون وفاة الزعيم وهم يهتفون بحياة مصر واستقلالها, مقسمين علي زوال الاحتلال ومن أهم قبائل سيناء الشمالية, الرميلات والتي تسكن منطقة رفح ويختلطون مع قبائل أخري حتي مدينة الشيخ زويد التي يسكنها أبناء قبيلة السواركة وهم من القبائل المشهود لهم بالعمل الوطني, حصل بعضهم علي نوط الامتياز لأدوارهم مع القوات المسلحة خلال فترة الاحتلال الصهيوني وقبيلة السماعنة ولهم جهاد مشهود في أثناء فترة الاحتلال.
وعلي خط الساحل مدينة بئر العبد وبها قبيلة البياضية وهم عدة عشائر يسكنون المدينة وتوابعها ويكثر بين أبنائها التعليم وأسهمت مساهمة كبري في مقاومة الاحتلال ومنها يورد يحيي الغول في كتابه' سيناء المقدسة' ضابط المخابرات الراحل محمد اليماني الذي كانت له ولقبيلته أعمال مشرفة في الفداء مثل جميع قبائل سيناء بلا استثناء. ومنها قبيلة الأخارسة في منطقة بالوظة والتي قدمت أروع صور الفداء خلف خطوط العدو وقبائل السعديين والدواغرة والعقالية والمساعيد والعيايدة وبلي والقطاوية, وكانت بطولات العسكريين المصريين في سيناء مع مجاهديها من أروع ما سطرت الوطنية في العالم كله من صور وأشكال الفداء والبطولة.
وأسهمت مجموعة العقيد إبراهيم الرفاعي واحدة من مجموعات النار التي كانت تصيب قلب إسرائيل مناطق وجودها بسيناء, وهنا يقول العميد سامح إبراهيم الرفاعي نجل البطل العظيم: عندما كنت ملازما فوجئت بعقيد في الدفاع الجوي يسلم علي ويحتضنني بعد معرفته بأسمي وقال لي: أنت لا تعرفني ولكن أعرف والدك البطل لقد عبر إلي سيناء من نقطة غرب القناة بعد الهزيمة وانسحاب الجيش بعدها بساعات وجدنا سيناء تحترق وترتفع ألسنة اللهب وتتوالي انفجارات الذخائر والمفرقعات التي كانت إسرائيل قد استولت عليها بعد الانسحاب فكلف الرفاعي بتفجيرها حتي لا يستفيد منها العدو, يضيف العقيد الملازم وقتها سامح الرفاعي.. عندما شاهدنا ألسنة اللهب هللنا وزغردنا وصفقنا وانتظرنا أبوك أن يعود من عندنا كما عبر. ولكنه عاد من نقطة أخري فخسرنا تهنئته والاحتفاء به.
رسالة ملغمة للعدو
ويذكر اللواء وئام سالم أولي عملياته في القنطرة شرق وهي أول مدينة في سيناء علي خط القنال قال: طلب منا المقدم آنذاك سعيد أحمد نصر العبور إلي القنطرة شرق يوم8 يونيو لنسف الطريق اليها عند بالوظة ورمانة وتلغيم أجنابه لمنع لواء مدرع إسرائيلي جاءت المعلومات أنه في اتجاهه لاحتلال القنطرة في عملية أخري يوم9 أكتوبر73, وكان معي النقيب مروان عبدالحكيم و4 صف ضابط وفدائيان من أبناء رفح, وتوغلنا لمسافة40 كم حتي وصلنا رمانة وبالوظة ومعنا8 من بدو بالوظة من الفدائيين العظام من مجموعة مصطفي حافظ وبرغم أن أعمارهم كانت تتعدي الستين عاما, فإن كل واحد منهم كان يحمل36 كيلو جراما من المعدات والذخائر وبرغم أن المسافة كانت80 كم ذهابا وإيابا فإننا قطعنا سيرا علي الأقدام350 كم لتفادي الكمائن ومواقع العدو وحقول الألغام والدوريات, واشتبكنا مع العدو وأصبنا منهم4 جنود وأبلغنا القيادة عن القوات المتجهة لإحداث الثغرة.
وفي مدينة الطور قام اللواء وئام سالم مع4 مجموعات بقيادة زملائه الابطال أحمد رجائي عطية ومحيي نوح وماجد ناشد تحت قيادة العميد البطل الشهيد إبراهيم الرفاعي بالرد علي عملية استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض ورفاقه بضرب وتفجير دشم موقع لسان التمساح التي انطلقت منها القذائف التي استهدفت الفريق رياض وقامت هذه المجموعات بعد دفع مجموعة بقيادة الملازم أول محسن طه شرقا لتعطيل أي نجدة لموقع العدو من خطوطه الخلفية واشترك محسن طه في مهاجمة إحدي الدشم مع مجموعة البطل الرفاعي.
يقول اللواء وئام سالم تحركنا في قوارب من الإسماعيلية ونزلنا جنوب الموقع وبدأت كل مجموعة تتجه إلي دشمتها المستهدفة تحت قصف المدفعية في اثناء عبورنا لبحيرة التمساح3.5 كم لدفع العدو للاختباء في الدشم وتقليل مراقبته, فكرت في ساعة هي في الواقع ثانية واحدة هاجمنا الدشم بالقنابل اليدوية من المزاغل وألقينا عبوات دخان لاجبارهم علي الخروج, وفي وسط الضرب وجدت سيارة نصف جنزير في صحن الموقع فنزعت عنها الرشاش نصف بوصة أخذه السادات بعد ذلك وتناولت عبوة الترمايت التي تحول الرمال إلي زجاج وأشعلتها ورميتها في تنك البنزين وظلت مشتعلة من11 مساء إلي3 فجرا لم تخب حتي بعد أن عدنا, وفي أثناء انسحابنا أصيب محيي نوح وبشظية أبورية صف ضابط الذي أحضر العلم الصهيوني وإيريال لاسلكي وبارسكوب( منظار) لم يكن الهدف هو الخسائر والانتقام فقط انما رسالة للعدو بأن يدنا تطوله.
مامضي بعض من دافتر مبعثرة من ذاكرة سيناء المكان الرمز الذي سطرت علي رماله أروع البطولات في تاريخ مصر العسكري عندما التحمت عناصر الجيش مع الأهالي ولملموا أشلاء الهزيمة وأعادوا صياغتها من جديد لصناعة نصر هو الأكبر في سجل التاريخ الحديث, وهو يؤكد أن سيناء هي بحق موطن الأنبياء وأسطورة البطولات المقدسة التي رويت بدماء أبناء مصر في معارك الشرف والواجب التي توجها نصر أكتوبر المجيد.. فتحية لأبناء سيناء النبلاء, وتحية للجندي المصري البطل الشهيد الذي أزال ظلمة الليل وأضاء شعاع النور بين سطور التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.