ينابيع مصر التي تتدفق بمياه زاخرة بأسرار وصفات وخصائص إشعاعية نادرة, كانت محل دراسة مهمة قام بها أعضاء من هيئة الطاقة الذرية في بلادنا لمعرفة أسرار هذه المياه التي تخرج من19 عينا حارة من قلب مصر وماذا يمكن أن تقدم للبشرية من فرص للشفاء والاستجمام والمعروف ان في مصر1356 عين للمياه منتشرة في معظم أنحاء البلاد, وهذه العيون معظمها عيون كبريتية ومعدنية تمتاز بتركيبها الكيميائي الفريد والذي يفوق في نسبته جميع العيون الكبريتية والمعدنية في العالم, علاوة علي توافر الطمي في برك هذه العيون الكبريتية بما له من خواص تشفي العديد من أمراض العظام والجهاز الهضمي والتنفس والامراض الجلدية. إلا أن بعض هذه العيون وعددها19 عينا تحمل صفات إشعاعية ويطلق عليها الينابيع الحارة.. وقد كانت هذه الينابيع بالذات محل هذه الدراسة كما يشرح د. عبد الرازق زكي حسين أستاذ الامان الاشعاعي بالطاقة الذرية وتستخدم مياه هذه الينابيع الحارة للاستشفاء أيضا والعلاج من عدد من الامراض وتتميز بدرجات حرارة تزيد علي35 درجة مئوية, وقد أجريت بعض الدراسات للخصائص الكيميائية لهذه المياه وسلطت الدراسة الضوء علي الخصائص الاشعاعية لهذه الينابيع والتي يمكن الاستفادة منها في التخطيط لتطوير المنشآت السياحية والعلاجية وكذلك تقييم الآثار البيئية الناتجة عن تدفق هذه المياه المشعة بالمناطق المحيطة, وقد أجريت الدراسة علي بعض الينابيع الحارة بالمناطق الشمالية: خليج السويس(5 ينابيع) والقاهرة( ينبوعان) والواحات البحرية(4 ينابيع) حيث تتراوح درجة حرارة مياه هذه الينابيع بين92 89 درجة مئوية. وقد استخدمت تقنيات نووية مختلفة لقياس مستوي تركيزات المواد المشعة الطبيعية في هذه المياه وأشارت النتائج كما يشرح د. أشرف محمدي الي إرتباط المحتوي الاشعاعي للمياه بدرجة الحرارة.. فكلما ارتفعت درجة حرارة الماء زادت تركيزات النظائر المشعة به وخصوصا نظائر الراديوم ويرجع ذلك الي ارتباط درجة حرارة المياه وعمق خزان المياه وتفاعل المياه مع الصخور المكونة للخزان.. وقد وجد ان مياه حمامات فرعون في سيناء تحتوي علي أقل تركيز لليورانيوم حيث تصل درجة حرارة الماء الي72 درجة مئوية وكذلك منطقة صدر حيث تصل درجة حرارة المياه الي89 درجة مئوية. علي ان العيون تخرج الآن كما يضيف د.خالد زكريا غاز الرادون وهو غاز موجود في الطبيعة كأحد نواتج تحلل السلاسل الاشعاعية للنويدات المشعة والتي تسمي بسلسلة اليورانيوم نهاية بعنصر الراديوم226 والذي ينحل بدوره الي رادون222 وبالطبع يتحول الرادون الي بزموث213 وبولونيوم214 والتي تنتج جسيمات الفا الثقيلة والتي تعمل علي احداث استجابات حرارية مناعية للاجسام التي تتعرض لنسب معينة من غاز الرادون. وينتج غاز الرادون في مناجم التنقيب عن خامات اليورانيوم ويوجد غاز الرادون ذائبا في المياه الدافئة بين الصخور الجرانيتية المحتوية علي كمية من الفوسفات والذي بدوره يكون مرتبطا بوجود خامات لليورانيوم والثوريوم. ويعتبر غاز الرادون من الناحية البيئية له تأثير علي الصحة ان وجد بكميات كبيرة وتم استنشاقه عن طريق الجهاز التنفسي ودخوله الي الرئتين ولكن هذا الغاز مازال لغزا في القوة التي تكمن داخله وفي تأثيراته السحرية في علاج الامراض الروماتيزمية والروماتويد ومساهمته في علاج عمليات الاستشفاء البيئي, حيث وجدت آثار لاستخدام الرادون في بعض العصور القديمة منذ زمن الفراعنة والحضارة الاغريقية, حيث كانت هناك مغاطس مياه دافئة للملوك تحتوي علي نسب من غاز الرادون وذلك لعلاج امراض الروماتويد والنقرس الذي كان يعاني منه معظم الملوك. وكان العلماء في العصر القديم يستخدمون احجار الجرانيت والبازلت ووضعها في حمامات المياه الدافئة وذلك لانبعاث كميات من غاز الرادون في هذه المياه, وهو ما نسميه في العصر الحديث بحمامات الاستشفاء الصناعية. وقد بدأت دراسات الآن في المركز القومي للأمان النووي والرقابة الاشعاعية حول هذا الغاز السحري الذي ينبعث بكثرة من19 عينا حارة في مصر كما يشرح د. عبد الرازق زكي حيث تجري الأن تجارب بالحصول علي هذا الغاز وإذابته في الماء بتقنية علمية ثم استخدامه في حقن مفاصل حيوانات تجارب مصابة بالروماتيزم والروماتويد, ومن الشواهد تأخذ فاعلية هذا الغاز في تدمير الخلايا التي بها التهابات مزمنة في المفاصل, وثبت أيضا أنه يزيد من مناعة الجسم بدرجة هائلة..