محافظ الدقهلية يشهد استلام دفعة جديدة من لحوم صكوك الأوقاف لتوزيعها علي الأسر الأولي بالرعاية    ترامب يطالب بإبقاء أسعار النفط منخفضة: لا تخدموا مصالح العدو.. أنا أراقب الوضع    ما مصير 400 كيلو جرام مخصب من اليورانيوم لدى إيران؟ نيويورك تايمز تجيب    وزارة الصحة بغزة: 17 شهيدا وأكثر من 136 مصابا جراء قصف الاحتلال مراكز توزيع المساعدات    مدافع باتشوكا ينفي توجيه إساءة عنصرية لروديغر    النيابة تطلب تحريات إصابة شخص إثر سقوط جزئي لعقار في الإسكندرية    في ذكرى رحيله الثلاثين.. فيلم يوثق مسيرة عاطف الطيب لإعادة قراءة سينماه الواقعية على شاشة الوثائقية    دار الإفتاء توضح بيان سبب اختيار محرم كبدابة للتقويم الهجري    وزير التعليم العالى تطوير شامل للمستشفيات الجامعية لضمان رعاية صحية وتعليم طبي متميز    وزيرة التنمية المحلية توجه برصد مخالفات البناء أو التعديات علي الأراضي الزراعية    مدافع الأهلي السابق: أخشى تواطؤ بالميراس وميامي ..وتوظيف زيزو خاطئ    ترشيد الكهرباء والطاقة الشمسية في العاصمة الإدارية الجديدة.. خطة حكومية شاملة لتحقيق الاستدامة    استدعاء كبير الأطباء الشرعيين يؤجل استئناف محاكمة المتهم بهتك عرض طفل دمنهور إلى 21 يوليو المقبل    مجلس الشيوخ يعرض فيلما تسجيليا عن حصاد المجلس على مدار 5 أدوار انعقاد    عباءة سيناوية للوزير والمحافظ.. أبناء القبائل يكرمون وزير الثقافة ومحافظ شمال سيناء في نخل    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    نائب وزير التعليم: منظومة جديدة لجودة العملية التعليمية    عاجل- السيسي في اتصال مع رئيس وزراء اليونان: التصعيد بين إيران وإسرائيل خطر على أمن الشرق الأوسط    وزير الصحة يفتتح اجتماع اللجنة التوجيهية الإقليمية ReSCO    الليلة.. عرض "الوهم" و"اليد السوداء" ضمن مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    دعاء الحفظ وعدم النسيان لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحان    خبير اقتصادي: غلق مضيق هرمز بداية كارثة اقتصادية عالمية غير مسبوقة    بسبب قوة الدولار.. تراجع الذهب عالميا ليسجل أدنى مستوى عند 3347 دولارا للأونصة    وزيرة البيئة تستقبل محافظ الوادي الجديد لبحث تعزيز فرص الاستثمار في تدوير المخلفات الزراعية    صباح الكورة.. ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو و4 أندية تبحث عن مدربين جدد لموسم 2025    تامر حسني يحافظ على المركز الثاني بفيلم "ريستارت" في شباك تذاكر السينمات    د.حماد عبدالله يكتب: عصر "الكتاتيب"،"والتكايا!!"    محافظ أسيوط يؤكد أهمية متابعة المحاصيل الزراعية وتقديم الدعم الفني للمزارعين    ألمانيا تحث إيران على «التفاوض المباشر» مع الولايات المتحدة    البحوث الإسلامية: إنصاف الأرامل واجب ديني ومجتمعي لا يحتمل التأجيل    التعليم تحدد الأوراق المطلوبة لتقديم تظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية    التحقيقات تكشف تفاصيل انهيار عقار ب شبرا مصر    الزمالك: الإعلان عن المدير الفني الجديد خلال الأسبوع الجارى    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    ضبط أحد الأشخاص بالقليوبية لقيامه بإدارة كيان تعليمى "بدون ترخيص"    السجن المشدد ل 9 أشخاص بالإسكندرية بتهمة استعراض القوة والعنف    «وزير الإسكان» يشدد على رفع مستوى الخدمات المقدمة لسكان ورواد قرى مارينا    ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر: مرض السرطان تحديًا صحيًا عالميًا جسيمًا    «التضامن» تقر عقد التأسيس والنظام الداخلى لجمعية العلا التعاونية للخدمات الاجتماعية    رئيس جامعة قناة السويس يتابع امتحانات كلية الألسن    في القاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    شركات الطيران العالمية تراجع خططها فى الشرق الأوسط بسبب حرب إيران وإسرائيل    رغم تذبذب مستوي محمد هاني .. لماذا يرفض الأهلي تدعيم الجبهة اليمنى بالميركاتو الصيفي؟ اعرف السبب    كوريا الشمالية تندد بقوة بالهجوم الأمريكي على إيران    حظك اليوم الإثنين 23 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    «متقللش منه».. مشادة على الهواء بين جمال عبدالحميد وأحمد بلال بسبب ميدو (فيديو)    أمريكا تحذر إيران من تصعيد العمل العسكري    هاني رمزي: ريبيرو لديه بعض الأخطاء..والحكم على صفقات الأهلي الجديدة صعب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    ثورة «الأزهرى».. كواليس غضب الوزير من مشاهير الأئمة.. وضغوط من "جميع الاتجاهات" لإلغاء قرارات النقل.. الأوقاف تنهى عصر التوازنات وتستعيد سلطاتها فى ضبط الدعوة    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    السبكي: الأورام السرطانية "صداع في رأس" أي نظام صحي.. ومصر تعاملت معها بذكاء    احتفاء رياضى باليوم الأوليمبى فى حضور وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    سى إن إن: منشأة أصفهان النووية الإيرانية يرجح أنها لا تزال سليمة    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة حجازي عودة الشعر

ست عشرة لؤلؤة‏,‏ نقية صافية‏,‏ وسبيكة تلمع فيها عروق الذهب الخالص‏,‏ تلك هي قصائد الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي في مجموعته الشعرية الجديدة طلل الوقت‏,‏ تتلألأ بفيض الشاعرية المنسكب ظلالا وصورا ومعاني, وجدائل شجر يتفاوح بقدرته علي الإخصاب, وبلابل وكروانات شعرية, يشجيها أن تنعي الوقت حينا, وأن تتغني بالحياة حينا, لكنها في كل الأحيان شواهد أيام وأحداث لم تخل من توقيع الشاعر علي صفحاتها المتعددة الألوان.
هذا هو حجازي. أخيرا يحزم أمره ويعلن عن اكتمال فردوسه الشعري, الذي طالما انعقد ثمره وامتلأت حباته وسطعت يواقيته, فاردا ظلال مملكته الشعرية, من جديد, علي أفق اللحظة الشعرية الراهنة, وكأنه- كالعهد به دائما- يدلنا علي الطريق, ويوقفنا في المحجة ويقول لنا هذا هو الشعر, وهذا هو الشاعر, يامن يستنفركم الشتات, وتضللكم فوضي التسميات وتلوكون كلاما أبله لا يملك أن يرقص علي قدمين, ولا أن يغني في زمن شاه فيه الغناء.
أجل يجيء طلل الوقت وكأنه وقفة الأعراف لصاحبه, حين أطلق صرخته المنذرة المبشرة معا, في زمن كان يسبقنا ولا نلاحقه, ورؤية كاشفة كان نبي الشعر يهتف بها وقد بح صوته: يا أيها الرمل ارتحل! واذهب لشأنك ياجراد, إرم الجديدة من دم الكتاب تولد,من كلام الشاعر المنفي عنها, يوم عاث بها الفساد وعربدت فيها الطغاة! الآن أصبح للعبارة أن تسير علي الشفاه, فتنحني كل الجباه.
وكأن إشارته إلي الطغاة في هذه القصيدة المبكرة كانت إرهاصا بقصيدته عن الطغاة التي جاءت في أوانها, وكشف عنها الزمان الطويل من المعاناة والعري والجوع حقيقة سريانها وفتكها فينا وبنا, وهو يقول: والطغاة نقائصنا, خوفنا جبروت الطغاة, وسكينهم جرحنا! صمتنا صوتهم, وملابسهم عرينا! هكذا حين يكتمل النقص بالنقص, تصبح أمتنا أمتين, وتنشق نصفين, ضدا وضدا, يصبح العبد الطاغية, والذي صار طاغية صار عبدا, يظل يبدل بالقيد قيدا!
وصولا إلي صيحة الشاعر المدوية: ولقد آن يامصر, ياغالية آن أن تستعيدي شبابك, أن تولدي مرة ثانية. آن أن يسقط العبد فيك, وأن تسقط الجارية. لكي يسقط الطاغية!
لقد أتيح للشاعر, أن يري ويلمس ويعاين معشوقته التي يتجسد فيها وتتجسد فيه: ذات العماد, إرم التي لم يبن بان مثلها, وهي تنفض عنها رداء الموت, وتتكحل عيناها بإشراقه يوم جديد يهل, كما كحل هو عينيه من صباها, ولكن طرفه اليوم لم يعد حسيرا, وهو يعاين إرادة الحياة, وعودة الروح, وسقوط الطغاة, ويمجد سارق النار, ويغني للشعر والشاعر, ويهتف للنور. لقد انتفض طلل الوقت, فلم يعد طللا في المكان أو الزمان, المكان يحتشد ويضج ويتراقص ويغني, والزمان يخضوضر ويعشب, ويضفي نضارته وزهوه علي كل الكائنات. والشاعر الشاعر يعتلي صهوة المدينة, ويلوح في كل اتجاهاتها بأعلام الحرية والانتصار, متم رسالته وبشارته, نافثا من روحه الفنية المتوثبة في روحها, ناسجا من كلماته نشيدها, وهو يغني معها: ولابد للشعب ان يتعلم كيف يغني ويرقص, فالأرض تهتز في وقع أقدامه, ويشب علي ظله, فيطول السماء. وكيف يحب الرجال النساء! ولابد للشعب ان يزرع القمح, فالقمح في رحم الأرض بذرتنا, ودليل قرابتنا, وهو جسم وروح, وخبز وماء, شرايين خضراء يمشي دم الارض فيها, وتمشي دماء البشر! ولابد في الارض من كرمة, نستظل بها في النهار, ونرضع من ثديها في المساء, ونرضع من ثديها في السحر.ولابد للشعب أن ينتصر!.
ليست مصادفة أن يظل طلل الوقت حبيسا بين أوراق حجازي حتي تجيء لحظة الحرية, لحظة النصر.لابد ان شاعرنا كان يدرك في عمق أعماقه أن طلل الوقت ليس نهايته البعيدة أو منتهاه. وأن وقتا جديدا قادما سيهيل من فوقه طبقات الزمن الرملية, ليحيله إلي طلل زمان معشب مخضوضر. وهو لم يستخدم مفردة الزمن أو الزمان, لأن مفردة الوقت تشير إلي زمن قصير عابر, لابد أن يكون بالضرورة قصيرا عابرا, ولم نكن ندري أن طلل الوقت سيجثم علي أنفاسنا طيلة هذه السنوات, لكنها في عمر الزمان لحظات, وفي عمر الأمم والشعوب غفوة تعقبها انتباهة, وديوان حجازي يقول لنا بلغة الشعر الحقيقي: انتبهوا, وتأملوا إبداع النضج والخبرة المكتنزة, وجدل الشعر والوعي, وسطوع الفكر الذائب في قنينة الشعر, ودورة الأيام منسكبة ومختمرة في تلافيف القصيدة. والحديث موصول.
المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.