برغم أن البعض انتظر طويلا تحديد موعد لإجراء انتخابات النقابات المهنية, خاصة نقابتي الأطباء والمهندسين اللتين عاشتا تحت التجميدوالحراسة وبرغم أن ثورة 25 يناير دفعت إلي تغيير هذه الخريطة إلا أن المشهد الانتخابي في النقابات المهنية يبدو أكثر إرتباكا. فيما بين القلق والتوتر, وحتي عدم التوافق بين المرشحين, وطريق الاختيار, فهناك بعض النقابات سوف تدفع ثمن التجميد والتعطيل والحراسة, وربما يظهر ذلك في نقابتي الأطباء والمحامين اللتين تعطل فيهما العمل النقابي... أما نقابة الصحفيين التي كانت تمثل قمة التجارب الديمقراطية في الانتخابات النقابية, فيري اعضاؤها صعوبة كبيرة في الاتفاق علي مجلس قوي يمثل الصحفيين نظرا لزيادة عدد المرشحين, وعدم خبرة الكثيرين منهم بالعمل النقابي. وبالنسبة لمعركة النقيب تختلف الأطباء عن الصحفيين, حيث يتنافس علي مقعد النقيب في الأطباء 23 مرشحا, بينما يتنافس, فعليا في الصحفيين علي هذا المقعد ثلاثة فقط. تحقيقات الأهرام ترصد وتتابع ملف الانتخابات في النقابات المهنية. هنا سلالم نقابة الصحفيين... تفتح ذراعيها للجميع, لكنها تحتفظ ببصمات كل المرشحين في إنتظار من ينجح في حمايتها من دهس أقدام أصحاب المشكلات المتراكمة هذه المرة تختلف الانتخابات والوجوه والملامح ولغة الحوار وأساليب الدعاية... المتنافسون كثيرون لكن بنكهة بساطة الروح... البعض قدم نفسه في زهو أجواء ثورة 25 يناير مقتنعا بأنه سيخدم الجماعة الصحفية, والبعض شارك كنوع من حب العمل العام, والبعض الآخر قال إنه استجاب لضغوط الناخبين, وإن كانت هذه المقولة هي اللافتة التي يقدم بها المرشح نفسه للناخبين, وصارت القاسم المشترك بين معظم المرشحين. صناديق الاقتراع هي التي تحدد مصير العمل النقابي لكن المهم في هذا المشهد شيئان: الأول: أن أجواء الثورة تسيطر بشكل مقصود أو غير مقصود علي الحالة النفسية التي يتعامل بها الناخبين مع المرشوين إذ تبدو إيجابية علي الأقل من الناحية الشكلية. أما الثاني: أن كشوف الترشيح كشفت أن الانتخابات هذه المرة فكت الحصار عن جيل بأكمله أكدت نواياه أنه كان مكبوتا, ويري في نفسه شعبية وكفاءة قادرة علي تقديم عمل خدمي حقيقي... وإن كان ذلك محل وجهات نظر. اللافت أيضا أن الانتخابات بشكلها الحالي أشبه بصورة مصغرة لما يحدث في الشارع السياسي, بل ربما تعكس نفوذ مختلف التيارات السياسية التي يمثلها المرشحون في ظل مشهد يبحث عن ملامح لكي تتضح صورته. الشيء الذي يستحق التوقف في هذا المشهد أن بعض السجالات والمناقشات تأخذ طعما سياسيا وغاب عنها الجانب الخدمي الذي هو في الأصل يجب أن يكون حاضرا بقوة داخل العمل النقابي, والخدمي هنا يصب في صميم المهنة. ربما يكون مبكرا التكهن بما تسفر عنه نتائج هذه المعركة الانتخابية لكن لأنها أمانة في عنق صناديق الاقتراع, فعلينا أن تستعرض ونقرأ الاوراق التي ستقود النقابة في المرحلة المقبلة... فهذه الانتخابات تأتي مختلفة هذا العام إلي حد بعيد عن الانتخابات السابقة (2008) باعتبارها الأولي التي تجري بعد ثورة 25 يناير ومصدر الاختلاف الأول هو السياق الذي تجري فيه هذه الانتخابات, فربما تكون تلك هي المرة الأولي التي لا تشهد حديثا عن تدخلات للدولة أو النظام لدعم مرشح معين أو مرشحون معينون سواء بشكل مباشر في صورة منح مالية تقدم من الحكومة للصحفيين عن طريق المرشحين المفضلين لديها, خاصة علي منصب النقيب أو صورة غير مباشرة من خلال حشد الدعم والتأييد من الصحف القومية لمرشحيها والاختلاف الثاني, نلحظة في عدد المرشحين, فبالنسبة لمنصب النقيب يترشح في الانتخابات الحالية خمسة مرشحين مثلما كان الحال في الانتخابات السابقة قبل انسحاب محمد المصري... أربعة منهم من الصحف القومية وواحد من صحيفة الشعب, ومثل الانتخابات السابقة لا توجد مرشحة لمنصب النقيب, وخلافا للانتخابات السابقة لا يوجد مرشح للنظام, ولا توجد منح مالية للصحفيين. وحسب دراسة صبحي عسيلة الخبير بمركز الدراسات السياسية والاسترايتحية بالأهرام, فبالنسبة لمقاعد مجلس النقابة يترشح في هذه الانتخابات 107 مرشح مقابل 81 في الانتخابات السابقة أي بنسبة زيادة قدرها 32% كما شهد عدد المرشحين فوق السنة أي الذين تزيد مدة عضويتهم في النقابة عن 15 سنة تراجعا ملحوظا, ففي الانتخابات الحالية ترشح 28 مقابل 59 في الانتخابات السابقة أي بنسبة تراجع قدرها نحو 111% بينما شهد عدد المرشحين تحت السن أي الذين تقل مدة عضويتهم في النقابة عن 15 سنة تزايدا ملحوظا إذ ترشح في الانتخابات الحالية 74 مرشحا مقابل 22 في الانتخابات السابقة أي بنسبة زيادة قدرها 236%, وهو الأمر الذي يعكس تزايد تطلعات الشباب في ظل ثورة يناير, أما نسبة تمثيل المرأة فقد شهدت انخفاضا طفيفا إذ يترشح في هذه الانتخابات الحالية عشر صحفيات مقابل إحدي عشرة صحفية في الانتخابات السابقة أي بنسبة تراجع قدرها نحو 9%. وفيما تنظر دراسة الباحث عسيلة إلي قائمة المرشحين في الانتخابات, فيتضح أيضا أن ثمة غلبة للمرشحين من الصحف القومية في فئة فوق السن, فمن بين 28 مرشحا في تلك الفئة يأتي 22 من الصحف القومية, أي بنسبة 79% تقريبا, في مقابل غلبة للصحف الحزبية والمستقلة في فئة تحت السن فمن بين 74 مرشحا في تلك الفئة يأتي 40 مرشحا من الصحف الحزبية والمستقلة أي بنسبة45%, أما نسبة الإناث في فئة فوق السن, فتمثل 14% الغالبية منهن في الصحف القومية (75%) مقابل 8% في فئة تحت السن غالبيتهن من الصحف القومية أيضا (67%) وبصفة عامة فإن نسبة تمثيل المرأة بين المرشحين منخفضة, فعددهن 10 صحفيات أي بنسبة 105 تقريبا, بينما كان نسبتهن في إنتخابات 2008 نحو 14% وأخيرا تؤكد دراسة عسيلة بأن الانتخابات الحالية للصحفيين تشهد تقدم7 من أعضاء المجلس السابق بترشيحهم, ثلاثة فوق السن, وثلاثة تحت السن, وواحد علي منصب النقيب. وفي النهاية تتساءل دراسة عسيلة هل تعكس نتائج الانتخابات تزايد عدد الشباب بين المرشحين, ويحصدون مقاعد المجلس أو علي الأقل يحصلون علي نسبة من المقاعد تماثل نسبتهم بين عدد المرشحين علي مقاعد المجلس.