بالأسماء، وزير الداخلية يأذن ل21 مواطنًا بالحصول على جنسيات أجنبية    تراجع طفيف لأسعار الذهب مع تحوّل الطلب على الملاذات الآمنة نحو الدولار    أسعار البيض في المزارع المحلية اليوم الإثنين 23 يونيو    استقرار سعر الدولار في البنوك الرئيسية اليوم الإثنين 23 يونيو 2025    الذهب يتأرجح بين صعود عالمي وضغوط محلية رغم تراجع التوترات الجيوسياسية    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 23 يونيو    قطع المياه عن قرية بني عقبة وتوابعها ببنى سويف غدا    أسعار النفط تقفز مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران ومخاوف من اضطرابات بالإمدادات    فيديو| الجيش الإسرائيلي يعلن شن ضربات على مواقع عسكرية في غرب إيران    شركات الطيران العالمية تراجع خططها في الشرق الأوسط بعد الضربات الأمريكية على إيران    المرشد الإيراني: العدو الصهيوني ارتكب جريمة كبرى وهو يُعاقب الآن    مان سيتي يهزم العين بسداسية ويتأهل لثمن نهائي مونديال الأندية    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بمنطقة المطرية    حالة المرور اليوم، كثافات متحركة في هذه المناطق    اليوم.. بدء جلسات الاستئناف في قضية الطفل ياسين أمام محكمة جنايات دمنهور    هاني شاكر يحيي حفلا غنائيا 18 يوليو بمسرح البالون    عزلة واكتئاب حاد، نص أقوال الأم قاتلة أبنائها الثلاثة خنقًا بالشروق    نانسي عجرم بجاكيت غريب في حفلها بمهرجان موازين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    السبكي: الأورام السرطانية تمثل تحديًا لأي نظام صحي    الرعاية الصحية: برنامج عيشها بصحة يستهدف تعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي    حظك اليوم الإثنين 23 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    إسعاف الاحتلال: عدة إصابات أثناء التوجه إلى الملاجئ بعد هجوم صاروخى إيرانى    روبي بعد تصدر "ليه بيداري" الترند مجددًا: الجمهور بيحبها كأنها لسه نازلة امبارح!    أسعار الفراخ اليوم الاثنين 23-6-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    «متقللش منه».. مشادة على الهواء بين جمال عبدالحميد وأحمد بلال بسبب ميدو (فيديو)    عقوبة الهاكر.. الحبس وغرامة 50 ألف جنيه وفقًا لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية    دونجا: أداء الأهلي في كأس العالم للأندية سيئ.. والفريق يلعب بطريقة غير واضحة مع ريبيرو    تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق.. جرحٌ ينكأ ذاكرة العنف الطائفي(تقرير)    جمال عبد الحميد: كنت أتمنى بقاء الرمادي في تدريب الزمالك    أحمد بلال: الزمالك تعاقد مع مدير رياضي لم يلعب كرة القدم من الأساس    التعليم: وصلنا لمرحلة من التكنولوجيا المرعبة في وسائل الغش بامتحانات الثانوية العامة    مصرع شابين غرقا ببركة زراعية في الوادي الجديد    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالصف    85% حد أدنى للشهادات المعادلة.. تنسيق برنامج تكنولوجيا تصنيع الملابس 2025    وسائل إعلام إيرانية: عراقجي يؤكد مناقشة التحديات والتهديدات المشتركة مع بوتين    «أكسيوس»: الهجوم على إيران كان عملية ترامب وليس البنتاجون    بيلينجهام: من الصعب لعب كرة القدم في تلك الحرارة.. وأخضع لعملية جراحية بعد المونديال    موعد مباريات اليوم الإثنين 23 يونيو 2025| إنفوجراف    جراء الضربة الأمريكية.. معهد الأمن الدولي: مجمع أصفهان النووي الإيراني تضرر بشدة    بالصور.. خطوبة نجل سامي العدل بحضور الأهل والأصدقاء    إيران تعتقل عناصر من المخابرات الأوكرانية خططوا لمهاجمة مصنع طائرات فى أصفهان    طبيبة كفر الدوار تطعن على حكم إيقافها 6 أشهر في قضية إفشاء أسرار المرضى    الأزهر للفتوى يحذر من الغش في الامتحانات: المُعاونة على الإثم إثم وشراكة في الجريمة    ما حكم تسمية المولود باسم من أسماء الله الحسنى؟.. أمين الفتوى يجيب    الدكتور علي جمعة: المواطنة هي الصيغة الأكثر عدلًا في مجتمع متعدد العقائد    برواتب تصل إلى 13 ألف جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة للشباب    مأساة في البحيرة.. طفلان خرجا للهروب من حرارة الصيف فعادا جثتين هامدتين    بالأرقام.. ممثل منظمة الصحة العالمية: 50% من حالات السرطان يمكن الوقاية منها    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    جمال الغندور: الأهلي يفاضل بين ديانج وعطية الله للموسم المقبل    اعتماد نتيجة امتحانات الترم الثاني لمعاهد "رعاية" التمريضية بالأقصر.. تعرف على الأوائل    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    «الشيوخ» ينتقد أوضاع كليات التربية.. ووزير التعليم العالى: لسنا بعيدين عن الموجود بالخارج    مقتل شاب وإصابة والده في مشاجرة بضواحي بورسعيد    وداعًا لأرق الصيف.. 4 أعشاب تقضي على الأرق وتهدئ الأعصاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاتهام بهدم الإسلام
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 03 - 2010

في واقعة لا يمكن تصور حدوثها خاصة إذا ما كان طرفاها من دارسي العلوم الدينية الإسلامية‏,‏ ومع ذلك حدثت لتضيف مأساة جديدة في سجل مآسي السلوك السلبي للمتشددين والمتطرفين وأهل التزمت والجمود‏.‏ وتتلخص الواقعة في اجتراء عدد من طلاب الأزهر علي الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق واتهامه بهدم الإسلام هكذا مرة واحدة لمجرد أنه قال إن الإسلام يبيح المصافحة بين الجنسين‏.‏
رجل دين‏,‏ قضي حياته في البحث والدراسة في مصر والخارج‏,‏ وكتب عشرات المؤلفات والبحوث وأشرف علي مئات الرسائل العلمية‏,‏ ومازال حتي الآن يحمل الرسالة كمسئول عن وزارة الأوقاف‏,‏ وفي كل ما يكتب ويقول يعلم أن الله رقيب حسيب‏,‏ وأن الكلمة أمانة ومسئولية سيحاسب عليها‏,‏ كما يدرك أن دوره الرئيسي التعريف بالحقائق ومحاربة التطرف في ظل هذه الموجات المتتالية من الارهاب التي طالت أركان المعمورة‏.‏
هذا الرجل يتهم بهدم الدين وكأن الدين هش ويمكن لاختلاط أو مصافحة أن تهدمه ومن الذي يوجه له الاتهام؟ مجموعة من الطلبة صغار السن الذين لم يتخرجوا بعد‏,‏ والذين مازالوا عند بداية الطريق‏,‏ هؤلاء الصغار يتطاولون علي أحد أساتذتهم‏,‏ ويثورون في وجهه ويحتدون في مناقشته‏,‏ ويقومون من أماكنهم بقاعة المحاضرات استعدادا لمغادرتها احتجاجا علي آراء الأستاذ‏.‏
وبصورة أخري فإن هؤلاء الصغار لا يريدون علما أو نقاشا‏,‏ يريدون فرض رؤيتهم وتصورهم لموقف الإسلام من الحجاب والنقاب والاختلاط والمصافحة وغيرها من القضايا علي الجميع وإلا فالاتهامات بهدم الإسلام جاهزة والرفض لكل ما يقال هو بضاعتهم‏.‏
من كان يتصور أن يأتي يوم يظن الطالب فيه أنه أكثر علما من أستاذه؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا‏,‏ تواصل الجامعات دورها؟ ولماذا يكون هناك علم ومعلم؟
لقد أخذ هؤلاء الناس علمهم أو رؤيتهم من قادة تيار التخلف والتشدد والتزمت والجمود‏,‏ واقتنعوا أن ما أخذوه هو العلم وهو صحيح الدين وغيره باطل‏.‏ ومن بين صفوف هؤلاء الذين تعرضوا لغسيل مخ كامل يخرج الإرهابيون ومن ينفذون العمليات الانتحارية‏.‏
والمفارقة أنهم لا يدركون أن الأساتذة من أمثال زقزوق هم الأكثر علما والأكثر دراية بصحيح الدين‏,‏ وأنهم عندما يقولون أو يكتبون لا يريدون إلا نشر الاعتدال وزيادة مساحة الضوء‏.‏
والمفارقة الثانية‏,‏ أن المملكة العربية السعودية‏,‏ قد أنشأت أكاديمية عصرية تجمع بين الجنسين‏,‏ وعندما اعترض شيخ من كبار علماء الدين الإسلامي علي هذا الاختلاط بين الجنسين‏,‏ تقرر فصله من عمله وانتهي الأمر‏.‏
أما أهل مصر‏,‏ أهل الاعتدال والوسطية والعلم والاستنارة‏,‏ فإنهم يهجرون نهجهم وسماحتهم ويأخذون منهج التشدد والتخلف والتزمت والجمود تحت ضغوط قوي لا علاقة لها لا بالدين ولا بالعلم ولا بالاستنارة ولا بالواقع ومثل هذه الواقعة التي لايمكن قبولها تكشف من جديد أن القضايا الرئيسية لهذا التيار تدور كلها حول الأنثي‏,‏ النقاب والحجاب والاختلاط والمصافحة‏.‏ وإذا كان المجتمع المصري قد تجاوز هذه القضايا منذ اكثر من مائة عام استنادا إلي ماانتجه تيار الاستنارة وعلي رأسه الشيخ الإمام محمد عبده الذي أوضح في اعماله أن النقاب والحجاب ليس من الإسلام وأن الاختلاط والمصافحة لايرفضهما الإسلام‏,‏ وأن المجتمع الاسلامي الأول عرف الاختلاط والمصافحة‏.‏
ولن نستشهد بقاسم أمين‏,‏ ولكننا سنقول إن حسن الهضيبي المرشد الثاني للإخوان المسلمين لم يفرض الحجاب علي أهل بيته‏.‏
وطوال هذا القرن الذي ساد فيه الاعتدال لم نسمع أن شيخا للأزهر قد اعترض علي شيء مما كان سائدا في المجتمع المصري‏.‏ فهل كان هؤلاء الشيوخ العظام ممن يهدمون الدين الاسلامي؟ أم أنهم سكتوا علي منكر ولم يعلنوا رأيهم؟‏.‏
الحقيقة هي سيادة تيار الاعتدال والاستنارة الذي شمل الجميع أهل العلوم الدينية الإسلامية وأهل العلوم المدنية‏.‏
وقد أتاح هذا المناخ للمجتمع المصري ان يواصل بناء نهضته التي بدأت في بداية القرن التاسع عشر‏,‏ وأن يحقق نجاحات في مختلف الميادين وعلي كل الأصعدة‏.‏ وكان من الممكن أن تواصل مصر مسيرتها النهضوية الناجحة‏,‏ إلا أنها شهدت متغيرات جذرية أسهمت في انكسار هذه المسيرة وفي انتشار الشروخ في الجسد المصري‏.‏ ومن هذه المتغيرات‏:‏
‏*‏ ظهور جماعة الاخوان المسلمين كقوة إسلامية سلفية لها تطلعات سياسية تتضمن رفض الدولة المدنية والعمل من أجل دولة دينية‏,‏ ورفض مبدأ الوطنية سعيا وراء دولة خلافة تضم كل العالم الاسلامي‏.‏ اي انها بدأت وعملت من أجل تقويض الدولة الوطنية‏,‏ كما أنها سعت بكل قوة لإزاحة نهج الاعتدال الاسلامي لصالح فكر متشدد وجامد ومتزمت‏.‏
‏*‏ انتشار الفكر السلفي علي أيدي مجموعة سلفية أسستها جماعة حملت اسم جماعة انصار السنة المحمدية عام‏1925‏ أي أن الجماعتين المتشددتين ظهرتا الي الوجود في وقت متقارب السلفية عام‏1925‏ والاخوان عام‏1928.‏
وبالرغم من التباعد بينهما فإنهما يقفان في نفس المربع الداعي للنقاب والحجاب ورفض الاختلاط بين الجنسين والمصافحة وقد ميزهما الالتزام بالشكل دون المضمون‏.‏
‏*‏ بدء التأثر بفقه البداوة الذي أنتجته الصحراء العربية في شبه الجزيرة‏.‏ وأسهم بشكل رئيسي في هذا التأثير انكسار مسيرة النهضة المصرية وزيادة عائدات البترول بشكل يسمح بتمويل الجماعات التي تتبني هذا الفقه وخروج المصريين للعمل في دول شبه الجزيرة وتأثرهم بعادات وتقاليد أهلها‏.‏
‏*‏ الهزائم العسكرية المتتالية‏,‏ وانكسار النظام الناصري وبما أدي إلي بعث الحياة في صفوف هذه القوي‏,‏ ولجوء السادات الي هذه القوي للحد من نفوذ القوي اليسارية خاصة بين طلبة الجامعات‏.‏ وفي النهاية دفع ثمن هذه الخطوة‏..‏
المزيد من مقالات عبده مباشر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.