الرئيس المنتظر(2) بعيدا عن أحاديث النخب لا أظن أن الرأي العام في مصر يشغل باله كثيرا ما إذا كان الرئيس القادم له جذور عسكرية أم أنه يتمتع بثقافة مدنية خالصة فالمهم أن يكون الرئيس القادم مصريا أبا عن جد ولديه أجندة عمل طموحة تتجاوب بقدر كبير مع التطلعات المشروعة للغالبية العظمي من شعب مصر الذي يراهن في ظل هذه الظروف الصعبة علي مجيء رجل يملك القدرة علي أن يشطب من قاموس عمله كلمة المستحيل ويؤمن عن اقتناع بالمقولة الشهيرة التي أطلقها أول رائد فضاء نزل علي سطح القمر وهو الضابط الروسي يوري جاجارين لقد أثبتنا أنه لا مستحيل تحت الشمس! ولست هنا في معرض الانحياز للمواصفات العسكرية أو المدنية في شخصية رئيس الدولة لكنني أستطيع أن أقول بكل تجرد أنه من الظلم للحقيقة ومن الظلم لكل دروس التاريخ التي أنجبت قادة عسكريين عظام مثل ديجول في فرنسا وإيزنهاور في أمريكا ونابليون في فرنسا وجمال عبدالناصر في الأمة العربية أن نقول بعدم أهلية القادة العسكريين للحكم المدني لأن القائد العسكري الذي قضي سنوات طويلة يواجه أعقد المشاكل والتحديات ويجهد عقله في تبديل وتغيير الخطط والتكتيكات بما يتلاءم مع ما يحدث تباعا علي أرض الميدان من متغيرات.. يصعب أن نقول بكل سطحية أنه لا يستطيع التعامل مع شئون الوطن وهمومه. إن مصر التي تمر بمرحلة دقيقة تحتاج إلي رئيس صقلته التجارب وجعلت منه قادرا علي التعامل مع الزمن بحيث يعرف متي يسرع الخطي ومتي يبطيء ومتي تكون ساعة الصفر ومتي يؤجل التحرك لتوقيتات أكثر ملائمة. مصر بحاجة إلي رجل يملك موهبة التفكير بسرعة مع عدم التسرع في اتخاذ القرار قبل إجراء المشاورات اللازمة حتي لا يتعجل في إصدار قرار لا يستحق الاستعجال ولا يتباطيء في قرار يتحتم التعجيل به! مصر بحاجة إلي رجل يجمع بين القدرة علي التعامل مع أرض الواقع وبين ملكة الخيال السياسي الذي يساعده علي مد الفكر والبصر بعيدا عن تعقيدات الظروف المحيطة في اللحظة الراهنة والتي يمثل الاستسلام لها استسلاما للعجز والحيرة وتعميقا للشعور العام بأننا أمام مصاعب بالغة الحدة والضراوة يصعب التغلب عليها! وبصرف النظر عن الجذور الثقافية والمعرفية للرئيس القادم يهمني أن أقول: إن هناك فرقا شاسعا بين القادة العسكريين المحاربين وبين المغامرين الانقلابيين لأن بعض رموز الانقلابات العسكرية من محدودي الفكر وأصحاب الرتب الصغيرة في بعض الدول العربية والإفريقية لا يمكن القياس عليهم وسحب كل مثالبهم علي النخب العسكرية المحترمة والشريفة التي يحق لها أن تمارس حقها الدستوري بمثل ما يحق للنخب السياسية والحزبية المدنية الشريفة! خير الكلام: أفضل الحكمة في شجاعة الأسد وقناعة الجمل! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله