بجسدها النحيل، تحاول أن تحتضن نفسها بيدها، فتشعر بالدفء والحنان، بعد أن تركها الجميع وحيدة في شارع "بولاق" بالجيزة، فهي مجرد امرأة وصلت بها سفينة العمر إلى محطة السبعين، لتضيق بها الحياة الواسعة. مع كل دقة قدم، يصدرها المارين، يعلو صداها في عقل "شادية"، التي لا تجد مكانًا عندما يغلبها النوم، إلا الرصيف الذي يقع أمام إحدى المحلات التجارية، صنعت من ملابسها مخدة تستند عليها، فتلك هي الملابس خرجت بها من منزل ابنها الوحيد، بعد أن طردت على يد زوجته، فاتخذت تلك الملابس كنزها الوحيد في الحياة. ترقد حقيبة صغيرة بجوار "شادية"، صاحبة العباءة السوداء الطويلة، فتلك الحقيبة تجمع فيها ذكريات زواجها وطفولة ابنها وبعضًا من ملابسه، فزوجها الذي توفى، فعرض عليها ابنها أن تعيش معه في بيته، الذي يضمه هو وزوجته، التي مر علي زواجهم ستة أشهر. في الصباح الباكر، يجدها المارين نائمة، وكأنها لا تحمل للدنيا همًا، لكن قلبها مفتور من الأوجاع التى يكاد الصنم أن يصرخ بها، وعقلها يتذكر كل الإهانات التي تعرضت لها في بيت ابنها. وافقت أن تجلس مع ابنها وزوجته، ولكن بمرور الوقت ظهرت العديد من المشكلات من الزوجه التي تريد أن تكون بكامل حريتها في بيتها والزوج الذى لايقدر علي ترك والدته وحيده في بيت محكوم عليه بالأنهيار. وفى نظرات ملئتها الدموع تقول" قررت أن تكون معيشتي منفرده عنها وقمت بشراء الخبز وبعض الجبن لتكفيني أيام حتي لا تنزعج مني وأفسد حياتها". وبمرور أيام، قررت الزوجة أن تبيح بما فى صدرها من معاناة بسبب وجودها "أنتي دمرتي حياتي كل يوم مشاكل مع إبنك بسببك قومي بقي هتخربي بيتي" بتلك الكلمات دخلت المسنه في حالة من الإنهيار، فقررت أن تذهب بعيدًا حتى لا تفسد زواج إبنها. ومع شروق الشمس اليوم التالي خروجت "شادية"، من البيت مودعة إبنها الوداع الأخير، ذاهبه إلى أبعد مكان عن عين إبنها، لتجد أن جلوسها في الشارع، وحيدة، خيرًا لها أن من أن تفسد فرحة ابنها الوحيدة بزواجه، وتهدم حياة آسرية حاول كثيرًا أن يشيدها.