في ظل تصاعد التوترات الإقليمية واستمرار التحركات العسكرية على مختلف الجبهات، تواصل إسرائيل الحديث عن ما تصفه ب"التهديدات الإيرانية" على حدودها الشرقية، وسط تساؤلات حول مدى واقعية هذه المخاوف مقارنة بالمعطيات الميدانية. ووفقاً لتقارير إسرائيلية، أعادت تل أبيب نشر قواتها وتشغيل مواقع عسكرية كانت قد أخلتها سابقاً، إلى جانب الإعلان عن تشكيل خمسة ألوية احتياط جديدة، فيما تتولى "فرقة جلعاد" المستحدثة إدارة القطاع الشمالي من الحدود الشرقية. وفي قراءة تحليلية للمشهد، اعتبر الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية حكم أمهز أن ما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومنها "يديعوت أحرونوت"، قد يحمل أهدافاً تتجاوز ما يُعلن، متحدثاً عن احتمال توجيه هذه التسريبات من قبل المؤسسة الأمنية لخدمة غايات سياسية وعسكرية. وأوضح أمهز أن التصعيد الإعلامي يأتي في ظل إشكاليات تتعلق بتغير موازين القوى في سوريا بعد سقوط النظام السابق، مشيراً إلى ضرورة قراءة التصريحات الإسرائيلية حول "التهديدات الشرقية" ضمن السياق الجيوسياسي الراهن. وأشار الباحث إلى أن الجنوب السوري يخضع حالياً لنفوذ مباشر لإسرائيل، مع وجود قوات النظام الجديد وانتشار محدود لمجموعات محلية، مؤكداً أن الحديث عن سيطرة إيرانية في هذه المنطقة "مبالغ فيه". ولفت إلى أن التحركات الشعبية المدعومة من بعض الأطراف لا تعكس سيطرة كاملة بقدر ما تشير إلى حالة غضب مجتمعي. وفي السياق الإقليمي، أكد أمهز أن الأردن، رغم عدم اعتباره نفسه جزءاً من الدفاع الإسرائيلي، يمثل عملياً خط دفاع شرقي بسبب استقراره الداخلي واتفاقيته مع تل أبيب. وشدد على أن إيران ليست طرفاً في المعادلة الأردنية، وأن الحديث عن تهديد إيراني عبر الأردن أو جنوبسوريا يتجاوز الواقع. وأبدى الباحث قلقه من احتمال شن إسرائيل عمليات عسكرية ضد الأردن أو سوريا، مشيراً إلى تصريحات أميركية سابقة حول "إعادة تشكيل المنطقة"، بما يشمل تغييرات جيوسياسية واسعة. وفي ما يتعلق بإمكان اندلاع مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، رأى أمهز أن أي صراع محتمل سيأخذ شكل مواجهة بالصواريخ والمسيرات، مع احتمال دخول أطراف إقليمية إلى جانب إيران. وأشار إلى أن إسرائيل ستواجه صعوبات لوجستية وسياسية مقارنة بما كان متاحاً لها في حروب سابقة، ما يقلل من فرص تحقيق أهداف استراتيجية كإسقاط النظام الإيراني. وأكد أن أي حرب مقبلة ستكون واسعة التأثير وذات طابع إقليمي، مشدداً على أن إيران استعدّت لسيناريوهات متعددة، من بينها استهداف قادة إسرائيليين في حال اتجهت تل أبيب نحو التصعيد.