يعتبر فن الكاريكاتير من أكثر الفنون التشكيلية قربا لطبيعة الشعوب - أي شعب - والشعب المصري لما يمتاز به من ميل للفكاهة والسخرية فإن هذا الفن يمثل الخبز اليومي يسترد فيه المتلقي عافيته الساخرة.. ويمتاز هذا الفن باقصر الطرق للوصول إلي الهدف مستخدما الرسوم التوضيحية المصاحبة للتعليق البسيط يحمل مضمونا قويا والاختصار المفيد داخل العمل الكاريكاتير يمثل قدرة الفنان علي الوصول إلي المتلقي ويظل المشهد الكاريكاتير صراعا يوميا لصناعة فكرة تصل لوجدان القارئ وتدفعه إلي التفكير المنطقي لمفردات المشكلة موضوع العمل.. ويمثل فن الكاريكاتير الفلاش داخل الكاميرا فهو يلقي الضوء السريع الخاطف للمشكلة ويدق جرس الانذار ويدفع القائم علي المشكلة إلي سرعة الحل والتنبيه للمسئول لكي يتخذ الخطوات لتقييم السلوك المعوج ومحاولة تجنب الخطأ فهو فن اعتراضي غير مباشر.. وقد يدفع الكاريكاتير الثمن غاليا حين يعتصر الفنان من أجل صناعة الفكرة التي قد تؤدي بصاحبها إلي مشاكل لا حصر لها.. هنا يقف ضمير الفنان فيتحول العمل الكاريكاتيري إلي حملة يومية ويتحول الكاريكاتير إلي اعتراض مباشر تنهزم عنده محاولات طمس هويته أو تشويها.. وكثيرا مايقترب الكاريكاتير الي ناحية العمل المباشر او مايسمي بالكاريكاتير الموسمي المرتبط بموسم معين له ظواهر معروفة يحاول الفنان توظيف تلك المظاهر مع الواقع وكثيرا ما نجد كاريكاتير المناسبة ومن اكثر المناسبات التي يجد فيها الفنان متسعا لعرض افكارة بعد اضافة الحالة الوجدانية التي يعيشها المجتمع.. شهر رمضان بما فيه من حالة خاصة تمتاز بالعناصر التي تساعد الفنان في توظيفها مع واقعه في عرض افكاره الكاريكاتيرية وحتي لا تصيب ريشته حالة الملل من تكرار الكاريكاتير سنويا تجده يدفع بالسخرية ناحية الحاضر ومحاولة الاسقاط المسحراتي بدأت مهنة المسحراتي ايام الحكم الفاطمي (الحاكم بأمر الله الفاطمي) الذي أمر بأن ينام الناس بعد صلاة التراويح ثم يتناول جنود الحاكم بأمر الله علي البيوت يدقون الأبواب لايقاظ الناس لتناول السحور.. أما أول مسحراتي عرفته مصر فكان والي مصر أيام الفتح الإسلامي (عتبه بن اسحق) الذي قام بنفسه بعمل المسحراتي في الفسطاط القديمه يدفع الناس إلي السحور يوميا. وفي مصر ظهر اول مسحراتي محترف (ابن نقظه) الذي اختص بأيقاظ الملك (الناصر) واهل بيته واستخدم الغناء والطبلة لايقاظ اهل الخليفة. ولاننا امام فن السخرية حاول فنان الكاريكاتير التجاوب مع شخصية المسحراتي مستعينا بالاحداث الجارية مرة بإيقاظ الموظفين في مكاتبهم واستخدام المسحراتي في ايقاظ العالم العربي امام قضايا الامه.. وتناول فنان الكاريكاتير المصري والعربي المسحراتي بشكل لم يسخر من مهنته ولكنه ساعده في النظر الي اهمية الايقاظ ليس فقط من اجل السحور ولكنه جرس انذار لكثير من القضايا ولكن الريشة لم تفقد قدرتها علي الاضحاك والسخرية حتي عندما ظهرت التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال السريعة جدا استخدم الكاريكاتير تلك الاشياء في تطوير مهنة المسحراتي لنجده يجلس في بيته ويرسل رسائل سريعة للناس دون الذهاب اليهم وفي اشد الازمات الاقتصادية نجد الرجل البسيط يرفض ان يقوم بمهمته والاكتفاء بوجبة الافطار.. حتي فنان الكاريكاتير العربي استخدم شخصية ( ابو طبيلة ) نفس المسحراتي في مصر وان اختلف شكل الطبلة الاكبر نسبيا عن المسحراتي المصري.. نجده يوظف ابو طبيلة في عرض رسوم كاريكاتير توقظنا للنظر للقضية الفلسطينية بعيدا عن حالة النوم التي تعتري بعض الانظمة.. وتبقي الريشة القادرة علي ايقاظنا تروي عطشنا في الحر والصيام قادرة دائما علي صناعة الضحكة والنظرة والرغبة في التفكير لعلنا ندرك ونتدبر ونضحك من القلب.