بعد 70 سنة من الثبات التشريعي.. البرلمان يحذف "Pharm D" من قانون مزاولة مهنة الصيدلة    وزير الزراعة يبحث تعزيز التعاون مع منظمة الفاو لدعم صغار المزارعين    جيش الاحتلال: تسليم الأسير عيدان ألكسندر إلى قوة إسرائيلية في غزة    مدير المنظمات الأهلية الفلسطينية: ربع سكان غزة يعيشون حالة المجاعة    ترامب يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارجية له خلال ولايته الثانية    3 لاعبين من مركز شباب الفيوم لذوي الاحتياجات الخاصة يستعدون للمشاركة ببطولة إفريقيا للدراجات بالقاهرة    غياب رونالدو.. ماني يقود هجوم النصر أمام الأخدود    محافظ الوادي الجديد: إحالة واقعة التحرش بإحدى المدارس للنيابة العامة بناءً على شكوى بعض الطالبات    «أمطار ورياح».. تغير مفاجىء في حالة الطقس غدًا الثلاثاء 13 مايو 2025 (بيان الأرصاد)    مصر تسترد 25 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية    سامح حسين: زوجتي عارفة كل عيوبي ومبتستخدمهاش ضدي (فيديو)    نادية الجندي تخطف الأنظار بإطلالة شبابية جديدة | صورة    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع بعد اتفاق خفض الرسوم بين أمريكا والصين    طارق فهمى: إطلاق سراح عيدان ألكسندر خطوة جيدة يمكن البناء عليها    طلاب إعلام الاهرام الكندية تعيد فرقة رضا للجمهور ب إبهار تراثي عصري جديد    الشيخ خالد الجندي: المجادِلون لا يصلون إلى حقائق.. وأشد كلمة عليهم "الله أعلم"    وزير الثقافة يشارك في إطلاق الخطة العاجلة للسكان والتنمية والبرنامج القومي للوقاية من التقزم    بالصور.. الكشف على 3400 مواطن في قافلة طبية لجامعة أسيوط بغرب أسوان    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    طلاب بنها يزورون مجلس النواب لتعزيز الوعي السياسي (صور)    محافظ الدقهلية يكشف تلاعب فى أسواناط الغاز ويحيل المتسببين للنيابة    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    عالم أزهري: تعلُّق القلوب بالله هو النجاة في الأزمات    بدء برنامج المراجعات النهائية بالمساجد لطلاب الشهادة الإعدادية بالوادي الجديد    الروماني إيستفان كوفاتش حكماً لنهائي دوري أبطال أوروبا    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    تفاصيل الحملة القومية الأولى ضد مرض الحمى القلاعية وحمى الوادى المتصدعة أسوان    قائد الوداد: سنلعب في كأس العالم للأندية دون خوف.. ونريد تشريف المغرب    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    اعتماد أوروبي لقصر العيني كمركز متخصص في رعاية مرضى قصور القلب    مصر تبحث مع 4 دول عربية التعاون في مجال الإعلام    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة قتل سيدة فى القناطر الخيرية للخميس المقبل    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    توافق على تسهيل دخول اللبنانيين إلى الكويت وعودة الكويتيين للبنان    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    وظائف خالية اليوم.. برواتب تصل إلى 6500 ريال فرصة عمل لعمال مصريين بالسعودية    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    البابا ليو الرابع عشر يفتتح رسميًا الشقة البابوية إيذانًا ببداية حبريته في الفاتيكان    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    حالة الطقس اليوم في السعودية    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    بدائل الثانوية العامة 2025..تعرف على مميزات الدراسة بمدرسة الكترو مصر للتكنولوجيا التطبيقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أحمد زكريا الشلق
لا يوجد تأريخ موضوعي لما نطلق عليه »الإسلام السياسي«
نشر في أخبار الأدب يوم 20 - 06 - 2015

متي نكتب تاريخنا، وكيف نتأكد منه؟ اشكالية فرضت نفسها في الآونة الأخيرة، تطلبت الحوار مع أساتذة التاريخ الحديث والمعاصر.. من هنا بداية الحوار مع الدكتور "أحمد زكريا الشلق" أستاذ التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس.. والدكتور أحمد زكريا الشلق، مؤرخ مصري معاصر، تولي العديد من المناصب الأكاديمية، آخرها وكيل كلية الآداب لشئون التعليم والطلاب بكلية الآداب، وله العديد من الأنشطة والمشاركات العلمية في المعاهد البحثية، ومنها رئاسة وحدات الوثائق والتاريخ بمركز بحوث الشرق الأوسط، وهو الآن رئيس تحرير سلسلة تراث النهضة، بالهيئة العامة للكتاب.
له العديد من المؤلفات العملية منها: محمد علي وعصره، طه حسين جدل الفكر والسياسة/ ثورة يوليو والحياة الحزبية.
في البداية سألت د.أحمد زكريا الشق، الحاصل علي جائزة التفوق في العلوم الاجتماعية، عما يشغله الآن؟
- لأني أتولي رئاسة تحرير سلسلة تراث النهضة، بالهيئة العامة للكتاب منذ ثلاث سنوات وهي سلسلة تعني بتقييم فكر النهضة المستنير لكبار الكتاب في القرنين 19، 20. قدمت من خلالها أول كتاب عن أعمال الامام محمد عبده لمحمد رشيد رضا، طبعة من تاريخ الجبري التي صدرت في الستينيات في سبعة أجزاء، بتحقيق بسيط، اشراف المؤرخ محمد شفيق غربال، الأعمال الكاملة لشبل شميل (مجلدان)، حوليات مصر السياسية، لأحمد شفيق باشا (10 أجزاء)، تم طبع ثمانية أجزاء والتاسع في المطبعة، كتاب صبحي وحيدة (في أصول المسألة المصرية)، وهو من أهم الكتب التي استعرضت تاريخ مصر من زوايا فكرية، نقدية، تحليلية، تقديم د.أنور عبدالملك وفي المطبعة - أيضا - كتاب (مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس) لعبدالرحمن الجبرتي، وقد صدر منذ شهور (رسالة الكلم الثمان) للشيخ حسين المرصفي والتي يتناول فيها الرجل الأزهري الكفيف، أكثر المصطلحات السياسية والاجتماعية شهرة ، وتداولا في مصر.
ما يعنيني بصدور هذه السلسلة هو تقديم الكتب التي أثرت في نهضة واستنارة الفكر المصري لكبار الكتاب المصريين والعرب، التي نفدت ولم تعد متوافرة، وليس لها حقوق، وتقديمها بسعر مناسب.
ويواصل د.الشلق: كما أنني مسئول عن رئاسة تحرير سلسلة (مصر النهضة)، التي تصدر عن دار الكتب والوثائق القومية، وهي سلسلة دراسات في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، تعود فكرتها الي العلامة المؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق، وصدر في عهده، 55 عددا، ثم بدأ الاصدار الثاني لها برئاستي لتحريرها عام 2004، وهذا الشهر سوف يصدر العدد 103، وهو كتاب مهم يتناول العلاقات القانونية والاقتصادية بين مصر وفرنسا، في النصف الثاني من القرن ال19، للمؤرخ المغربي د.عبدالكريم مدون.
ولفت د.الشلق الي أن 90٪ من اصدارات هذه السلسلة لمؤرخين من شباب الباحثين في الجامعة وخارجها، ولا تقف دور النشر لمساعدتهم، وما نقوم به من خلال هذه السلسلة حقق رسالة الدولة تجاه الباحثين من الشباب، بنشر مؤلفاتهم من خلال وزارة الثقافة، وهذه السلسلة تصدر كتبا ذات طبعات فخمة بسعر زهيد.
ومازال د.الشلق يتحدث معنا عما يشغله من قضايا: فيقول: في ذهني موضوع عن الحراك الثوري بين عامي 2004، حتي عام 2014 ، عام تشكيل حركة كفاية، والجمعية الوطنية للتغيير، وهي الفترة التي شهدت حراكا ثوريا شديدا ضد نظام الحكم القائم، والتي بلغت ذروتها في 25 يناير 2011. واعداد كتاب جديد يتناول التطورات والأزمات السياسية التي أعقبت ثورة يناير حتي 30 يونيو 2013، يكون هذا الكتاب شهادة مراقب ومتابع، أكثر منها دراسة أكاديمية، أجمع لها الآن الوثائق التي يمكن الحصول عليها، والمتعلقة بقضايا الدستور، والصراع السياسي علي السلطة، وتشكيل حكومات الوزارات المتعاقبة، والانتخابات البرلمانية، والاعلانات الدستورية، وصراع القوي السياسية من التيارات المدنية والدينية.
ويؤكد د.الشلق: بالفعل جمعت مادة غزيرة من المنشورات التي أصدرتها بعض القوي السياسية، والقرارات التي أصدرتها السلطات الحاكمة، وأشرع الآن في تصنيفها وترتيبها لتأخذ سياقا تاريخيا، وفي ظني أنها ستجمع بين رؤية شاهد عيان يعمل بالتاريخ، أكثر منها عملا علميا أو تاريخيا أكاديميا.
وهذا النوع من الكتابة، سيفيد ليس فقط القاريء المعاصر وانما أعني به - أيضا - أن يكون مصدرا للأجيال القادمة من المؤرخين الذين سيكتبون تاريخ هذه الفترة كتابة علمية، مثلما نستفيد نحن الآن من أوراق وشهادات ومذكرات القادة والسياسيين والعسكريين التي نشرت عن أحداث الماضي، مع أمل أن تتصف الكتابة بحس مؤرخ معاصر، رأي الأحداث أمام عينه رأي العين.
هل ثمة مشروع آخر كنت تتمني انجازه،
بدأت عملي كمؤرخ، بالكتابة في تاريخ الأحزاب المصرية في الفترة الليبرالية (بالتحديد منذ بداية التجربة الحزبية الأولي في مصر والتي بدأت عام 1907) فأصدرت أربعة كتب هي (حزب الأمة ودوره في السياسية المصرية) ثم (حزب الأحرار الدستوريين)، ودراسة عن أول حزب سياسي أقامه المثقفون المصريون، أعقاب الحرب العالمية الأولي عام 1918 تحت اسم (الحزب الديمقراطي)، حيث كان تجربة حزبية جديدة عن الحركة الوطنية والثقافية في مصر، وكتاب رابع عن الأحزاب، وعنوانه (ثورة يوليو والحياة الحزبية.. النظام وأزمة احتواء الجماهير)، تناولت فيه تصفية قيادة الثورة لأحزاب التجربة الليبرالية قبل عام 1952، ثم محاولات قيادة يوليو تأسيس تجربة حزبية جديدة، قوامها الحزب الواحد (هيئة التحرير، الاتحاد القومي، ثم الاتحاد الاشتراكي)، مع نقد هذه التجربة نقدا علميا تاريخيا.
وكنت أتمني استئناف الكتابة عن المرحلة التاريخية التالية، التي ظهرت في عهد الرئيس محمد أنور السادات، فيما عرف بالتجربة التعددية الجديدة (المنابر)، ثم أحزاب اليسار واليمين والوسط، والتي برز منها الحزب الوطني الديمقراطي، لافتا الي أن واقع هذه التجربة أسفر عن أنها لم تكن تعددية حزبية، وإنما كانت لونا جديدا من حكم الحزب الواحد، ولم تسعفني الظروف وكثرة الأعباء في اعداد هذه الدراسة التي آمل أن أتفرغ لها في وقت قريب.
المؤخون الأوروبيون ينحاوزن لتوبهات بلادهم
سألته عن قضية تمني طرحها ثم تراجع عنها؟
- تمنيت طرح قضية التأريخ للإسلام السياسي في الفترة المعاصرة، وأنا مشغول بها الآن، ولكن لم أتطرق اليها حتي الآن، لأن المؤلفات والدراسات التي صدرت بشأنها كلها كتابات أيديولوجية (إما مع أو ضد)، وإما أن تحمل وجهة نظر جماعات الاسلام السياسي، أو تحمل وجهة نظر خصومهم، لكن التاريخ لم يقل كلمته بعد بشكل موضوعي يستند الي المصادر التي لم يظهر الكثير منها حتي الآن.
وعندما تتوافر هذه المصادر المحايدة، هنا يصبح من مسئوليتنا كمؤرخين أن نتصدي لها بالدراسة، نؤرخ تاريخا علميا موضوعيا لتيارات الاسلام السياسي، التي لعبت ومازالت تلعب دورا خطيرا في أوضاع مصر، وغيرها من الدول العربية.
وهنا أكد د.الشلق علي أن الكتب العلمية الموضوعية لا تنحاز ايديولوجيا، وانما تنحاز للحقيقة التاريخية التي تدعمها الأسانيد الموثقة والشواهد الحقيقية.
وهنا يأتي السؤال.. هل يوجد ما يسمي بالاسلام السياسي؟!
- ليس في تراثنا الديني ما يسمي بالاسلام السياسي، وإنما تم نحت هذا المصطلح لينسحب علي الجماعات السياسية التي تتخذ من الدين الاسلامي سبيلا لتحقيق أهداف سياسية أخري، فليس هناك اسلام سياسي، ولا اسلام اقتصادي، ولا اسلام اجتماعي، فالاسلام هو الاسلام، هو دين العدل والحق والرحمة، فأن تتحدث فئات باسمه وتتخذه سبيلا لتحقيق أهداف سياسية، فهؤلاء هم الذين أطلقوا عليهم جماعات الاسلام السياسي، وأحيانا المتأسلمون يستخدمون الدين لتحقيق أغراض أخري لا علاقة لها بالدين الحقيقي.
متي نكتب تاريخنا؟
- نكتب تاريخنا عندما تمر فترة زمنية معينة، تتكشف فيها الوثائق، والمستندات، ليكتب التاريخ علي أساس علمي وحتي يستطيع المؤرخ أن يبتعد عن (الذاتية)، ليصبح أكثر موضوعية غير منحاز لتوجهاته أو انفعالاته، ونضيف الي ذلك أيضا، أننا لا نستطيع أن نكتب تاريخنا لتقييم تجربة لم تكتمل، فهناك حدود تفصل بين الكتابات السياسية والاعلامية والكتابة التاريخية.
وكيف نتأكد؟
- يستمد المؤرخ مصداقيته من طبيعة المصادر والوثائق التي استند اليها، والتي من واجبه أن يخضعها لمعايير النقد التاريخي، حتي لا تكون مزيفة أو منتحلة أو مشوهة، فإذا بني التاريخ علي مثل هذه المصادر، فهو تاريخ مشوه، وما بني علي باطل فهو باطل، وعلي المؤرخ أن يخضع مادته الوثائقية لمعايير درسها تسمي (النقد التاريخ) أو نقد المصادر.
هل نستطيع أن نخضع فترة الأربع سنوات الماضية للتأريخ؟
- لا يمكن الآن.
لماذا؟
- لأن التجربة لم تكتمل، ولأن المادة الوثائقية لم تتوافر بعد، لكن من حقنا أن نقدم عنها شهادات، أو مذكرات، ومن حق رجال السياسة والاعلام، أن يحللوا وأن يناقشوا طبقا لمناهج تخصصاتهم، أما المؤرخ فهو محكوم بمعايير مختلفة.
حتي لو أردنا تأريخ أحداث ثورة يناير فقط؟
- أحداث ثورة يناير يمكن أن نخضعها للكتابة السياسية أو الاعلامية، لكنها لا تخضع للكتابة العلمية للتاريخ، صحيح أن هناك ما يسميه البعض ب(التاريخ الجاري)، لكن هذا ليس تاريخا مكتملا، وهو أقرب الي كتابات المؤرخين الإخباريين كالجبرتي وأحزابه.
هل أنت راض عن تأريخ 50 سنة ماضية من عمر مصر؟
- كلا، لأنه خضع لأهواء وتوجهات الأنظمة السياسية التي كانت قائمة آنذاك، ومن الغريب أن بعض هذه الأنظمة لم تطلب ذلك من المؤرخين، لكن المؤرخين تطوعوا بتملق هذه الأنظمة، والاساءة الي الأنظمة التي سبقتها، طمعا في رضاء السلطان، وإظهار الأنظمة الجديدة في ثوب المنقذ، وهنا أذكرك بالتخبط الأخير الذي حدث لكتب التاريخ في عهد الاخوان، عندما انتهي حكمهم، تطوع الآخرون (كتبة التاريخ) بالهجوم عليهم وإظهار فشلهم، وهذا في تقديري ليس تاريخا علميا، وانما هو انعكاس لصراع سياسي لا يليق، أن ينعكس علي كتب التاريخ التي تصنع وعي الأجيال بشخصياتهم الوطنية.
ولفت د.الشلق الي أن التاريخ حقائق لا خلاف عليها وإبراز بعضها، واخفاء البعض الآخر لمصلحة نظام سياسي خيانة وطنية، لأنه يشوه الوعي الوطني، ويفسد الأجيال التي تدرسه.
كيف تري ثورة 25 يناير، خاصة في ظل وجود جدل في تحديد ماهيتها؟
- ثورة 25 يناير كانت بداية لحراك ثوري، كان يستهدف تغيير الأوضاع في مصر علي الأفضل، لكن دخول هذا الحراك في دوامة من الصراع السياسي وعدم الاستقرار وغياب الأمن، أدي الي تراجع تنفيذ أهداف هذا الحراك ولكننا نأمل أن تشهد الفترة القادمة استقرارا بتحقيق أهداف هذا الحراك، والتي هي الحرية والعدالة والكرامة الانسانية.
ما هي التجربة الأجنبية التي حازت علي تقديرك كمؤرخ وتري أنها ناجحة، وتتمني تنفيذها في مصر؟
- في كتابة تاريخنا، لابد أولا أن تتوافر مصادر تاريخنا القومي، وأن تكون منظمة ومفهرسة ومتاحة، وأن ترفع عنها قبضة الأمن، خاصة أن لدينا الآن دارا جديدة للوثائق تم افتتاحها قريبا، نأمل لها، أن تكون فاعلة ومؤثرة، وأن تحل مشاكل الباحثين التي يعانون منها، بتوفير المادة الوثائقية وإتاحتها، هذه هي المرحلة الأهم في البحث التاريخي، ثانيا أن نطبق مناهج العلم ومن بينها منهج البحث التاريخي بكل دقة، فالأبحاث التاريخية تصدر بشكل عشوائي لا تخضع للمناهج التي تعلمناها منذ المرحلة الجامعية الأولي فالكتابة التاريخية عبارة عن مصادر موثقة، ومنهج ينتقد ويحلل، ويضبط حرفية الصناعة التاريخية، ومناخ عام يزدهر بالحرية والابداع.
التجربة الناجحة عشتها في بريطانيا، في جامعة لندن حيث تعلمنا أسس المنهج في حلقات البحث كما تعلمنا نظم التوثيق، والاتاحة من خلال ترددي الدائم علي الأرشيف البريطاني في كيوجاردنز حيث احترام المنهج العلمي.
واختتم د.الشلق شهادته بقوله: بالمناسبة الموضوعية المطلقة في الكتابة التاريخية مستحيلة، فالأوربيون ينحازون أثناء كتابة تاريخ بلادهم، وحتي تاريخ الشعوب التي استعمروها لتوجهات بلادهم، لأن ذات المؤرخ تنتقص من موضوعيته، ولكننا نجاهد لكي نكون أقرب الي الموضوعية. لكن لتكون مطلقة فهذا صعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.