شهد هذا العام ولادة جائزة جديدة في عالم الرواية العربية، هي جائزة "كتارا" التي يري الكثيرون أنها محاولة من قطر لجذب المثقفين والأدباء ومنافسة جائزة "البوكر". وقد أعلنت مؤخراً نتائج الدورة الأولي من "كتارا"، وفاز في فرع الرواية المنشورة بها خمس روايات هي: "366" لأمير تاج السر من السودان، "أداجيو" لإبراهيم عبد المجيد من مصر، "جارية" لمنيرة سوار من البحرين، "دوامة الرحيل" لناصرة السعدون من العراق، و"مملكة الفراشة" لواسيني الأعرج من الجزائر، فهل كان لفوز تلك الروايات بالجائزة أثر علي زيادة مبيعاتها؟ هذا ما حاولنا التوصل إليه عن طريق أصحاب منافذ البيع. يؤكد إبراهيم سعد صاحب مكتبة ليلي عدم وجود طلب علي أي من تلك الروايات، فهناك غياب تام لمتابعة الأعمال الأدبية، وكل شخص مشغول بإبداعه الذاتي، ويضيف: "جائزة البوكر تسلط الأضواء كلها علي عمل واحد فقط، ويكون متوافراً في مصر، أما الروايات الأخري كتلك فتكون طباعتها في الخارج وسعرها أغلي، فلا يهتم الناس بقراءتها، أما المشكلة الحقيقية فتتمثل في عملية القراءة وليس في الأعمال ذاتها، كما أن كثيرا من الجوائز معروف أنها في الغالب نوع من المجاملات والعلاقات، ويمكن أن تكون المشكلة في القارئ، الذي لم يعد يميل إلي العمق، فأين قراء نجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهما ممن كانوا يمتازون بعمق الفكر والمعني والتصوير والدلالة، كما أن تسويق الروايات الفائزة تلك يكون في الخليج أكثر مما هو في السوق المصرية، فالخارج سوقه الأدبية أفضل كثيرا بالنسبة للكتاب الكبار، خاصة عند حصولهم علي جوائز". ويتفق معه أحمد دنيا، مدير مكتبة أقلام عربية، فيقول: "لا يوجد إقبال علي الروايات الفائزة، بل إنه أقل من العادي، بينما البوكر منذ الإعلان عن القائمة الطويلة لها يبدأ القراء التوافد للسؤال عن الروايات التي تضمنتها القائمة، ويستمر هذا حتي العام التالي، إلي جانب أن تلك الجائزة ليست معروفة ولا ينتبه أحد لنتائجها، وبالنسبة لي كمكتبة يتحكم في عرضي للكتب وترشيحها للناس نسبة الطلب عليها". ويشاركهما نفس الرؤية، أمير الناجي، مدير التوزيع في مكتبة ديوان، قائلا: "لا يوجد أي طلب علي تلك الروايات، ففي المعتاد عندما يتم الإعلان عن جائزة أو ترشيح عمل لها، يتفاعل العملاء سريعا ونجد طلبات متعددة للعمل، أما تلك الجائزة فلا صدي لها، ومن وجهة نظري المتواضعة أظن أن السبب يكمن في الأجواء العامة، ففي مصر الآن الناس لا يهتمون بأي شيء تقوم به قطر، ومن ناحية أخري محاولتها استقطاب أكبر عدد من الناس والمثقفين عن طريق محاكاة جائزة الرواية العربية "البوكر" لم تفلح، حيث لم ينتج عنها أي تأثير علي الإطلاق فيما يخص حركة بيع الكتب الفائزة". وهذا ما أكده أيضا خالد لطفي، مدير مكتبة تنمية، حيث قال: "لا، لم يحدث أي تأثير مطلقا، قد يكون هذا الوضع في مصر فقط، ربما بالخارج الأمر مختلف بعض الشيء، فهي جائزة جديدة ومراحل المنافسة فيها لم تستغرق وقتا طويلا مثل الجوائز الكبيرة كالبوكر". وبرؤية أكثرا تحديدا، يقول عمر أحمد، صاحب مكتبة عمر: "الجائزة ليس لها تأثير، فالجوائز التي تؤثر في سوق الرواية المصري هي نجيب محفوظ والبوكر، ما عدا ذلك ليس هناك أي أثر علي سوق الكتاب، كما أن جائزة كتارا توقيتها سيء جدا، بعد البوكر مباشرة، فذلك بالضبط مثل أن يفوز منتخب مصر بكأس العالم وفي اليوم التالي يحصل الأهلي علي الدوري، هل سينال الحدث الثاني الاهتمام مقارنة بالأكبر منه الذي سبقه، ربما إن كان توقيت الجائزة بعد البوكر بستة أشهر فتكون إحداهما في أول العام والأخري في آخره، لكان ذلك أفضل بالنسبة لها، فحتي الآن الإقبال مستمر علي روايات القائمة الطويلة لجائزة البوكر العام الماضي". وعلي الحياد يقف مصطفي كمال، صاحب مكتبة ومضة بأسيوط، فيقول: "الفترة الحالية في سوق الكتب بمصر هادئة نسبيا بسبب الامتحانات، كما أن الجائزة لأنها مازالت جديدة لم تحدث صدي مثل البوكر، لذلك بالنسبة لنا لم يحدث تأثير، خاصة وأن الكتاب الذين فازوا بالجائزة ليست لهم قاعدة جماهيرية كبيرة بين الشباب الذين أصبحوا المتحكم في سوق الكتب بمصر في الفترة الأخيرة، ولكننا كمكتبة نهتم بتلك الروايات بالطبع ونحاول لفت الأنظار لها لنزيد مبيعاتنا، وربما بعد الامتحانات الوضع سيختلف". وبرؤية مختلفة عما سبق، تقول فاطمة الجندي، مسئول المبيعات في مكتبة البلد: "بالتأكيد الجوائز لها تأثير، ولكن المشكلة إن كتارا جاءت في فترة امتحانات، فالفئة العمرية التي تهتم وتريد أن تقرأ مشغولة، ولذلك سوق الكتب بشكل عام يكون متوقفا في تلك الفترة، حتي الآن لم يظهر التأثير، لكن بعد الامتحانات سيكون الوضع مختلف بالتأكيد، لأن كثيرين سيذهبون لقضاء الإجازات الصيفية وسيصطحبون معهم الكتب، وسيبحثون بالطبع عن الروايات التي حصلت علي جوائز، أما المثقفون فهم لا يبحثون عن روايات بقدر ما يقرأون الكتب العلمية المتخصصة". ويوافقها الرأي، هاني الجميل، صاحب مكتبة الجمل، قائلا: "الجائزة لها تأثير بالطبع، ولكن لابد من الوضع في الاعتبار أننا في فترة الصيف نمر من بعد المعرض بحالة ركود في سوق الكتاب بشكل عام، وخاصة في شهر مايو الذي يتضمن فترة الامتحانات بمصر والبلاد العربية، ستبدأ الأمور في التحسن بعد رمضان، ولذلك حتي الآن لم تأت طلبات علي تلك الروايات، ولكن رواية "366" هي الأكثر رواجا من بينهم حاليا". بينما يواجه وائل الملا، صاحب مكتبة أطياف، مشكلة ضخمة، وهي أن تلك الروايات لم تحضرها دور النشر إليه في المكتبة حتي الآن، ويرجع السبب إلي أن: "الروايات العربية لا تتواجد في مصر إلا عن طريق موزعين يقررون الاستثمار فيها، ولذلك يكون التزويد محدودا، فإن تواجدت ستكون بمكتبات معينة وقليلة، ولكن ما أملكه هو التوقعات، فجائزة كتارا أري أنها بدأت بداية قوية وستستطيع أن تنافس البوكر، وفي الغالب سيكون التأثير الأكبر للجائزة علي رواية (أداجيو) لإبراهيم عبد المجيد، فقد سُئلنا عنها أكثر من مرة".