انتهت الجمعة الماضية، الدورة الأولى لجائزة كتارا القطرية للرواية العربية، حيث تعد جائزتها الأكبر من ناحية القيمة المادية وشمولية الاهتمام بالرواية، الجائزة التي أنشأتها المؤسسة العامة للحي الثقافي في قطر "كتارا" نجحت في إبقاء الكثير من تفاصيلها سرًا حتى أن الكواليس وحفل توزيع الجوائز كان قاصرًا على المرشحين للفوز وموظفي وزارة الثقافة القطرية، كما قامت باختيار أسماء شهيرة للفوز بدلا من أعمال ناجحة "ربما للترويج للجائزة الحديثة ". الفائزون ومن أشهر الأسماء التي اختارتها "كتارا" للفوز بالجائزة كان المصري إبراهيم عبد المجيد والجزائري واسيني الأعرج، في تأكيد على أن الثقافة لا تسيس ولن تهتم كثيرًا بالتوتر بين مصر وقطر، لكن هذا لم يمنع من اتهام الجائزة بتوجيه دعمها لأصحاب الأسماء المكرّسة أو الذاهبة للتكريس حتى لا يعد فوزهم مفاجأة بل كما قيل على هامش حفل توزيع الجوائز أنه انتقام من جائزة "البوكر العربية" ليطلق المثقفون المصريون على فائزي "كتارا" اسم "أرامل البوكر". نظام مختلف ربما تختلف جائزة كتارا عن البوكر العربية أو غيرها من الجوائز أنها مشروع يتضمن – إلى جانب الجائزة السنوية – مركزًا للرواية العربية تقام فيه على مدار العام ورش تدريبية يشرف عليها مختصون مع أرشيفات وقاعدة بيانات للرواية العربية ومعرض دائم يوثق تاريخها ووجوهها، وهي الجهود التي لم تحمِ الجائزة من الأسئلة الجدلية حولها لقيمتها المادية الباهظة ولمن اعتبروها رغبة من قطر دخول المنافسة في المجال الثقافي دون الإفصاح عن أسرار مشروعها. أقسام الجائزة وانقسمت الجائزة لقسمين هما الروايات المنشورة وقيمتها 60 ألف دولار والروايات غير المنشورة وقيمتها 30 ألف دولار والتي ستتاح لها الفرصة للنشر والترجمة لخمس لغات بجانب جائزة الدراما والتي يفوز بها عمل روائي يتم تحويله لمسلسل أو فيلم وهي الجائزة الأكبر بقيمة 100 ألف دولار. وفاز عن فئة الروايات المنشورة الجزائري واسيني الأعرج عن "مملكة الفراشة" والمصري إبراهيم عبد المجيد عن روايته "أداجيو"والروائي أمير تاج السر من السودان عن روايته "366" ، والبحرينية منيرة سوار عن رواية "جارية"، والعراقية ناصرة السعدون عن "دوامة الرحيل". أما عن فئة الروايات غير المنشورة ففاز الأردني جلال برجس عن رواية "أفاعي النار- حكاية العاشق علي بن محمود القصادط، والمغربي عبد الجليل التهامي "امرأة في الظل"، والعراقية ميسلون هادي عن طالعرش والجدول"، والمغربي زكرياء أبو مارية عن رواية "مزامير الرحيل والعودة"، والمصري سامح الجباس عن "حبل قديم وعقدة مشدودة". وبعد إعلان الأسماء الفائزة، تم الإعلان عن جائزة الدراما والتي نالها واسيني الأعرج عن عمله "مملكة الفراشة" رغم رؤية النقاد أنها عمل لا يصلح للدراما لكن هذا سيظل عمل السيناريست. واختتم الحفل بمفاجأة وهي جائزة جديدة حازها سامح الجبّاس إذ سيتحول عمله غير المنشور إلى عمل درامي بنفس قيمة الجائزة 100 ألف دولار. لجنة تحكيم سرية اعتبرت إدارة الجائزة أن تفاصيلها السرية ستضمن لها الشفافية والاستقلال حتى أنه لا أحد يعرف أسماء لجنة التحكيم قبل انطلاق مهرجان الجائزة أو هوية الشخصيات العربية التي تقف وراء الجائزة على سبيل الاستشارة أو الإشراف أو حتى تفاصيل عن الأسماء النهائية أو المقربة من الترشيح، لافتقاد الجائزة لتكنيك القائمتين الطويلة والقصيرة المعمول به في البوكر. صرحت إدارة الجائزة بأنها تحاشت الضغوط الإعلامية التي قد تشكك في مصداقيتها حول ما تثيره لجان تحكيم الجوائز العربية؛ فإلى جانب التكتم على أسمائها حتى يوم الإعلان، تدور حولها أيضا أسئلة تتعلّق بأهليتها ومصداقيتها، وكيفية اختيارها للأعمال، وحتى كيفية اختيار أعضاء اللجنة نفسها. وحسب الإدارة فهناك أربع لجان تحكيم لم يكن بينها روائيون أو كتاب في أحد مجالات الإبداع – مما يصرف جميع التخمينات – وإنما اشتملت على نقاد فقط، وأكاديميين متخصصين في مختلف حقول الأدب العربي، تم اختيارهم بناءً على خبراتهم السابقة في العمل محكمين في جوائز أخرى، بجانب مؤلفاتهم النقدية. ولم تختر الإدارة روائيين في اللجان لاعتبارها أنهم لا يختارون الأعمال وفق معايير واضحة لأن النقد ليس من اختصاصهم، ليصبح معظم أعضاء اللجنة نقادًا أكاديميين وعدد كبير منهم ينخرط في التدريس في جامعة قطر تحديدا رغم اختلاف جنسياتهم العربية. كما وعدت إدارة الجائزة خلال الحفل بالإعلان عن معايير اختيار اللجنة للأعمال أو عن أسماء اللجنة على موقعها الرسمي جائزة كتارا للرواية العربية لكنها لم تعلن عنهم حتى الآن. ردودد فعل متباينه وتعليقا على الجائزة قال جابر عصفور وزير الثقافة المصري السابق، إنه دائمًا سيء الظن بكل ما يأتي من قطر، وهذا التحفظ نابع منذ عشر سنوات مضت وقال "إن قطر تأمل بجائزة كتارا أن تتشبه بجاراتها بخاصة الإمارات، وأنا شخصيا أرى مشروع كتارا "غير بريء"، لكن لا ألزم غيري بموقفي، وعلينا أن نكون ديمقراطيين، فهذه "الدويلةط تحاول جذب الأدباء لها بالأموال، مثلما فعلوا مع عزمي بشارة وغيره، كجزء من الدعاية السياسية لها". بينما أعرب الكاتب السودانى أمير تاج السر الفائز بالجائزة عن روايته "366" عن سعادته للفوز بالجائزة، معتبرًا إياها جائزة كبرى اختصرت كثيرًا من الطرق للكتابة العربية لتعبر للقارئ الآخر. ورأى تاج السر، في تصريحات صحفية، أن الجائزة إضافة حقيقية وكسب جيد في حقل الجوائز، وهي جائزة ولدت بإمكانيات ضخمة، وسميتها جائزة المستقبل، وأعني ذلك فعلا، وأعتقد أن الدورات القادمة ستشاهد انتعاشًا أكثر.