ليس جديدا أن يخرج كتاب يتناول العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، الكتابة في هذا الموضوع أصبحت موسمية تتكرر مع أي حادثة، مهما كانت تفاهتها، وهي _ غالبا- لا تتجاوز الحديث عن العلاقة التاريخية بين عنصري الأمة، الجديد أن يخرج كتاب لا يعتبرهما كذلك، ولا يفكر في هذا التصنيف من الأساس، بل يسخر منه، وممن يستخدمه. الجديد أن يخرج كتاب يرصد العلاقة الحقيقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر علي أرض الواقع، دون حسابات أو التفكير في الحساسيات التاريخية التي تحكم تلك العلاقة. بل ربما كانت تلك الحساسية التاريخية هي الدافع الأول لكتابة الكتاب. الكتاب هو "مرة 1 مسلم و1 مسيحي" والكاتب هو محب سمير. العنوان الموفق يشير إلي المضمون الحقيقي للكتاب، فمحب يكتب بالعامية علي طريقة stand up comedy يكتب وكأنه يتحدث مباشرة إلي جمهور لا يكف عن الضحك "علي نفسه غالبا" فرغم انه يكتب عن أشياء ربما تكون معروفة للجميع، لكنه ورغم ذلك قادر علي الإدهاش، وانتزاع الضحكة في الوقت نفسه، وإن كانت كوميديا قاسية. الكتاب رصد حقيقي شديد الواقعية لتعامل المسلمين والمسيحيين في مصر، يكتب محب مثلا عن فكرة "الاسم المشترك" وهو الاسم الذي يمكن أن يشير إلي المسلم والمسيحي في الوقت نفسه، وهي مسألة مصرية خالصة في الغالب "لما يتعرض المسيحي للسؤال وبمجرد ما يخرج الاعتراف إنه مسيحي..تسمع جمل محفوظة ترددت..كل واحد وحسب نظرته للموضوع..يعني هتلاقي اللي يقولك:"فعلا مسيحي؟"..قال إيه اتفاجئ..وبعدين يضيف الجملة الشهيرة.."أنا أعز أصحابي مسيحي علي فكرة"..يمكن عشان يديك الأمان في الحوار معاه لو كان ده أول لقاء بينكم..وفيه اللي بيقول "ومالهم المسيحيين..دول ناس محترمة" طيب ياعم أنا غلطت فيهم..ده أنا بقولك إني مسيحي!!". من أمتع فصول الكتاب تلك التي تتناول موضع الشائعات خاصة فيما يتعلق بالدين، وكما يقول المؤلف فإن المسيحيين ربما تكون أسئلتهم أقل في هذا الموضوع "لأن كل حاجة باينه وحافظينها ليلي نهاري..من المناهج الدراسية والقنوات الفضائية..وعبر الأثير" لكن المسلمين لا يكفون عن السؤال في هذه الأمور، رغم أنها واضحة أيضا، لكن ربما تكون قلة حديث المسيحيين في هذه الأمور، أو عدم رغبتهم في الغالب دافعا لاستمرار الأسئلة "السؤال بييجي لما تطلب معاه..ممكن لما تيجي السيرة..أو حتي فجأة لما يشوف مشهد، معين ..أو حتي لمجرد العكننة ع المسيحي اللي جنبه"!. لا يكتفي الكتاب برصد قمة جبل الجليد بل يغوص في أعماق العلاقة المتوترة دائما فتمتد الأسئلة المحيرة علي طول الكتاب، وتتنوع تبدأ ب"هو الزنا عندكم حرام" وتنتهي عند "هو عندكم مش بتتشطفوا _ لا مؤاخذه - بعد عملية البي بي"!! ومرورا ب"هو عندكم ما فيش سجود في الصلاة" و"هو عندكم بتصلوا إزااااي" و"هو ليه الستات عندكم مش بتتحجب" و"هو ليه الكهنة بيلبسوا أسود" وهل صحيح إنهم حزاني علي دخول مصر في الإسلام و"ليه ريحه بيوت المسيحيين غريبة" وطبعا "هو ليه مفيش ولا لاعب مسيحي في المنتخب ياشحاته؟". ثم نوعيات جديدة من الأسئلة تأتي في نفس السياق وإن كانت أكثر غرابة منها "هو ليه الساعة 12 النور بيطفي الكنسية ليلة رأس السنه؟" وهو سؤال غير بريء علي الإطلاق، يشير إلي شائعة شهيرة -تصل إلي حد التأكيد لدي المسلمين في الصعيد- "آمال ليه بيوقفوا لهم امن كتير قدام الكنيسة يومها؟"..ومنظر البنات المسيحيات العسولات..وهي لا بسه اللي ع الحبل..وبصراحة فيهم اللي بتزودها حبتين تلاته سبعه..ومتنساش الطراطير..كل ده بيخلي اللي بيردد الإشاعة او حتي سمعها من بعيد يتصور في خياله إن الكنيسة ليلة راس السنه وقبل الساعة 12 بخمس دقايق النور بيطفي والدنيا تبقي كحل ..وكله يبوس في كله!!..وتلاقي واحد مسلم بيلح علي صاحبه المسيحي "ما تبقي تاخدني معاك ليلة رأس السنة ولا هو ممنوع؟!". مجموعة كبيرة من المواقف يوردها محب في كتابه -بعضها حدث له شخصيا- يكشف بها خبايا التفكير الطائفي الذي سكن العقل المصري، منها مثلا حكايات عن الاضطهاد، و"التنصير" التي لا تنتهي، والتي تكون في الغالب مدخلا لفتنة طائفية تتكرر كل موسم، محب دائما أكثر صراحة "لما واحد مسلم يسمع عن واحد من دول يقولك "بيغروهم بالفلوس والسفر لأمريكا"..لكن اللي بيدخل الإسلام بيبقي حبا في الله ورسوله..لكن ثق تماما ياسيدي القائد إن المسيحيين كذلك علي تمام الثقة إن اللي بيشهر إسلامه من المسيحيين في مصر بيبقي بسبب الحاجة المادية..أو بنات صغيرة بتتخطف..أو مضحوك عليهم..لكن بقي المسلم اللي بيتنصر فده عشان "يسوع نور بصيرته" أو "عرف طريق الملكوت"!!. صحيح أن المؤلف لا يتوقف كثيرا للتفسير أو التبرير أو حتي من باب البحث عن حلول أو تصحيح للمفاهيم الخاطئة، لكن ربما يكون ذلك ما جعل كتابه واحدا من أمتع الكتب التي يمكن قراءتها عن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر وأعمقها أيضا.