» إذا جاك الموت يا وليدي/ موت علي طول/ اللي اتخطفوا فضلوا أحباب صاحيين في القلب/كإن ماحدش غاب/ واللي ماتوا حتة حتة/ ونشفوا وهم حيين/ حتي سلامو عليكم مش بتعدي/ من بره الأعتاب/ أول مايجيك الموت.. افتح/ أو ماينادي عليك.. إجلح/ إنت الكسبان/ إوعي تحسبها حساب/ بلا واد.. بلا بت/ ده زمن يوم مايصدق.. كداب/سيبها لهم بالحال والمال وانفد/ إوعي تبص وراك/ الورث تراب/ وحيطان الأيام طين/ وعيالك بيك مش بيك عايشين/ يو.....ه يا رمان/ مشوار طولان«. هكذا كتب الشاعر عبد الرحمن الأبنودي الذي غيبه الموت الإثنين الماضي بعد رحلة مع المرض. رحل الأبنودي في اليوم نفسه الذي رحل فيه صلاح جاهين منذ 29 عاما، وكأنهما علي موعد سويا لم يخلفه أبدا! كان الموت في الشهور الأخيرة ظلاً للأبنودي، كلاهما يلاعب الآخر، شائعات تنطلق كل يوم عن رحيله، كان يخرج ليكذب هذه الشائعات، يلاعب الموت: سأعيش بعد موتي.. بالفعل كان الأبنودي يدرك أن رحيل الجسد لا يعني اختفاء الإبداع، لذا لم يفرط يوما في ابداعه، كتب قصيدة تخص، تخص الناس..منذ أن كتب قصيدته الأولي، وحتي قصائده الأخيرة ..لم يتخل الأبنودي عن ثوريته في القصائد ..ولا عن دهشة الطفل أمام الأشياء ..هكذا نقرأ: (يا قمر .. يا رغيف بعيد/ النهارده الحد .. عيد ../ الفقير ليه مش سعيد ../ والغناي ليه مبسوطين؟)..صورة تجمع بين دهشة الطفل، وحكمة الفلاسفة..وهكذا يرتقي الأبنودي في أشعاره إلي مصاف أخري ليكمل مشهد العامية المصرية مع رفاق جيله وسابقيه: بيرم التونسي، فؤاد حداد، صلاح جاهين ، سيد حجاب، فؤاد قاعود... وآخرين. بعض من هؤلاء هم أساتذة الأبنودي..لكنه منذ البداية ، منذ القصيدة الأولي كان ندا لهم.. ليمنحنا صوتا لا يخص احدا غيره، ومدرسة تنتج أجيالا من المبدعين.