بالتأكيد هي خطوة هامة علي طريق ليس فقط بداية التعامل مع " الفساد"، بل- أيضا- محاربة الذين يتقاعسون أو يهادونون أو يلتفون حول مجابهته. السطور الثلاثة الأولي، تلخص بدقة مشهد إقالة سيد خطاب من رئاسة هيئة قصور الثقافة، لأنه لم يدرك أن هذه اللحظة لا تتحمل المهادنة أو اللف والدوران. منذ فترة عرض علي مجلس إدارة هيئة قصور الثقافة، ملف يتضمن مخالفات ارتكبتها مجموعة من الشركات لديها مشروعات ممتدة من مبني الهيئة بالقصر العيني، وحتي قصر ثقافة أسوان، وبعد مماطلات أبطالها بعض الموظفين في الهيئة، اتخذ المجلس قراره بتحويل هذه الشركات للنيابة العامة، إلا أنه- أيضا- تم الالتفاف حول هذا القرار، وزورت إرادة المجلس، وهو ما نبهت إليه، فاضطر رئيس الهيئة إلي إبلاغ د. جابر عصفور وزير الثقافة، بأنه بالفعل حوّل الموضوع للنيابة العامة، وهنا طلب منه المستشار الجليل وديع حنا ناشد بصفته المستشار القانوني لوزير الثقافة، مراجعة أمر الاحالة، إلا أنه- كالعادة- فوجئنا بأنه أرسل الموضوع لنيابة السيدة زينب، دون أن يمكن المستشار من مراجعته، وبالفعل قمت أنا شخصيا بمطاردة رئيس الهيئة السابق من أجل أن أطلع علي أمر الاحالة، ففوجئت أنه بالفعل أصر علي تحويل الموضوع لنيابة السيدة زينب، وهي نيابة غير مختصة، والصحيح أن الموضوع يجب أن يحول لنيابة الأموال العامة، وعندما قرأ الوزير ما نشرته أخبار الأدب، نفي خطاب هذا الأمر، و نسي أنه أرسله لي من الفاكس الخاص بمكتبه بمعرفة سكرتيرته، وهو ما أخطرت به الوزير، وأعطيته نسخة من هذه الأوراق، لتتوالي المفاجآت، التي شرحها لي بدقة المستشار وديع، أهمها أن رئيس الهيئة السابق حول الموضوع من جناية إلي جنحة ارتكبها الموظف، فالمادة التي أشار إليها في المذكرة التي وقعها خطاب هي المادة 116 مكررا و119 هي مواد خاصة بالجنح، أما المفاجأة الثانية أنه من البداية تعدي وتجاوز في حق النيابة العامة عندما قام هو بوصف القضية ولم يترك لجهة التحقيق القيام بعملها، أي أنه ارتكب جريمة الإيحاء للنيابة العامة، أن هذه المخالفات ارتكبت بغير تعمد أو قصد ( هذه المخالفات التي هي الاعتداء علي المال العام، مخالفة المواصفات الفنية، توريد أجهزة إطفاء غير صالحة، سرقة بعض المواقع.. كل هذه الأمور من وجهة نظر الرئيس السابق للهيئة مجرد جنحة). أمور قانونية كثيرة شرحها لي المستشار وديع الذي شغل لسنوات منصب رئيس نيابة الأموال العامة، وبعد ذلك رئيسا لمحكمة جنايات القاهرة، قبل أن ينتدب ندبا كاملا لمنصب المستشار القانوني لوزير الثقافة، كانت وراء قرار د. جابر عصفور بإنهاء ندب سيد خطاب وتحويله للنيابة العامة، كما أكد لي أن د. جابر أصدر تعليمات واضحة بإحالة ملف هذه الشركات لنيابة الأموال العامة، ووضع كافة المستندات أمام جهات التحقيق. في النهاية هذه ضربة أولي للفساد في هيئة قصور الثقافة، ستتبعها إن شاء الله ضربات أخري، في الفترة القادمة.