قبول طلاب المرحلة الثانية بالثانوي العام في سوهاج بحد أدنى 233 درجة    الغرف التجارية: خصومات حتى 50% بالأوكازيون الصيفي.. وتخفيضات تصل 35% على الأجهزة الكهربائية    ميرتس يصل إلى البيت الأبيض للمشاركة في القمة الأمريكية الأوروبية    بينهم نتنياهو.. تفاصيل استدعاء مراقب إسرائيل العام مسئولين لبحث إخفاقات 7 أكتوبر    الإسماعيلي يعلن خضوع مروان حمدي لجراحة ناجحة    التعليم تنفي إجبار طلاب الثانوي على اختيار البكالوريا: إجراءات حاسمة ضد أي مدرسة تصدر تصرفات فردية    حبس المتهم بالتعدي على زوجة شقيقه بسبب لهو الأطفال في الشرقية    وكيل تعليم الفيوم يناقش آليات لجنة الندب والنقل مع إدارة التنسيق العام والفني بالمديرية    فرقة كايرو كافيه تتألق في أحدث ليالي مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    ضياء رشوان: إشراف دولي وأممي شرط ضمان وصول المساعدات للفلسطينيين وسط هندسة الفوضى الإسرائيلية    «بحر الهوى مشواره طويل» فرقة الطور تتألق على مسرح الشيخ زايد على أنغام السمسمية    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس «جهار» يبحث اعتماد المنشآت الصحية بالإسكندرية استعدادآ ل«التأمين الشامل»    تقصير أم نفاق؟ أمين الفتوى يجيب على سؤال حول الفتور فى العبادة    قبل لقاء زيلينسكي وقادة أوروبيين.. ترامب: حرب روسيا وأوكرانيا هي حرب بايدن «النعسان»    «الأول عبر التاريخ».. محمد صلاح ينتظر إنجازًا جديدًا في الدوري الإنجليزي الممتاز    «قد تصل لسنة».. رئيس تحرير الأهلي يكشف مستجدات شكوى بيراميدز لسحب الدوري    تعديل موعد انطلاق بطولة أفريقيا لأندية كرة اليد بالمغرب    المسلماني ونجل أحمد زويل يزيحان الستار عن استديو زويل بماسبيرو    يتضمن 20 أغنية.. التفاصيل الكاملة لألبوم هيفاء وهبي الجديد    قرار جمهوري بمد فترة حسن عبد الله محافظًا للبنك المركزي لعام جديد    مدينة إسنا تجرى إصلاحات شاملة لطريق مصر أسوان الزراعى الشرقى    تعليم الوادي يعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل الوظائف القيادية    كشف ملابسات قيام سائق "توك توك" بالسير عكس الإتجاه بالإسكندرية    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    «بيطري قناة السويس» تُطلق برامج دراسات عليا جديدة وتفتح باب التسجيل    سبورت: بافار معروض على برشلونة.. وسقف الرواتب عائقا    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    ضبط مخزن مشروبات وعصائر مجهولة المصدر بحي الضواحي في بورسعيد    نابولي يعلن إصابة لوكاكو.. وتقارير تتوقع غيابه لفترة طويلة    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    وكيل الأزهر: مسابقة «ثقافة بلادي» نافذة لتعزيز الوعي ونقل صورة حقيقية عن مصر    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    آدم وارتون خارج حسابات ريال مدريد بسبب مطالب كريستال بالاس ودخول مانشستر يونايتد على الخط    اختبارات للمرشحين للعمل بالأردن في مجالات الزراعة.. صور    مصرع عامل وطفل فى انهيار منزل بدار السلام بسوهاج    مصرع طفل بالصف الخامس الابتدائى غرقا داخل ترعة المنصورية بأجا    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    القوات الإسرائيلية تعتقل 33 عاملاً فلسطينيا جنوب القدس    وزير الأوقاف ينعى صابر عبدالدايم العميد الأسبق لكلية اللغة العربية    وزير المالية: مستمرون في دفع تنافسية الاقتصاد المصري    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    يحتوي على غسول للفم.. كيف يحمي الشاي الأخضر الأسنان من التسوس؟    «الديهي»: حملة «افتحوا المعبر» مشبوهة واتحدي أي إخواني يتظاهر أمام سفارات إسرائيل    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «غضب ولوم».. تقرير يكشف تفاصيل حديث جون إدوارد داخل أوضة لبس الزمالك    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    كلية أصول الدين بالتعاون مع جمعية سفراء الهداية ينظمون المجلس الحديثى الرابع    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار أستراليا منع عضو بالكنيست من دخول أراضيها 3 سنوات    استقرار أسعار النفط مع انحسار المخاوف بشأن الإمدادات الروسية    نشرة أخبار ال«توك شو» من «المصري اليوم».. متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن سرقة الأعضاء البشرية.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صباحان للنقد.. مساءات للقصيدة
أيام الشعر والجد والحب في الشارقة

لم ينقطع حوار الشيخ الدكتور سلطان القاسمى مع ضيوف المهرجان، وفى إحدى قاعات دارته للدراسات التاريخية يستمع للشاعر محمد على شمس الدين، وفى أقصى اليسار يتابع حوارهما علاء عبدالوهاب.. من جديد يعلن الشعر أن زمنه لم ينحسر، وأن مقولة أننا بصدد زمن الرواية محض افتراء، فمازالت أصوات الشعراء تصدح بالقصيدة، ومازال طلابها ينتظرون المزيد، وربما كان التقصير يقع علي عاتق الحركة النقدية المصاحبة للإبداع الشعري.
مهرجان الشارقة للشعر العربي كان شاهداً حيا بمساءاته المتوهجة، بتجارب شعراء ينتمون لأجيال عدة علي أن مكانة الشعر راسخة، جنباً إلي جنب مع اجتهادات نقدية ساهم بتقديمها من يمتلكون الأدوات القادرة علي رصد وتحليل الواقع الشعري ، وتحولات النص بكافة ابعاده الفنية والإنسانية، ثم التصدي لمحاولة تقديم اجابة عن السؤال القديم/ الجديد: هل مازال الشعر ضرورة؟
لم تكن حناجر الشعراء وحدها، ولا عقول النقاد فقط حاضرة، لكن ثمة مساحة من التواصل الودود عبر لقاءات جمعت كل ضيوف المهرجان، قبل وبعد الأمسيات الشعرية والجلسات النقدية، من خلال مجالس ليلية ممتدة عنوانها الحب الذي يشكل أرضية مشتركة يمكن البناء عليها، لتكون سهم المبدعين والمثقفين العرب - حيثما التقوا - علي طريق وحدة آتية، ولعل التكامل الثقافي - لاسيما في جانبه الإبداعي - يمثل الوجه الغائب في مسيرة العمل العربي، وسط انشغالات مبررة بهموم الاقتصاد والسياسة الطاغية الضاغطة، غير أن الأمر حين يتعلق بالهوية والمستقبل، فإن الثقافة، ودور المبدعين لابد أن يكون حاضراً، وبقوة، ولعل التواصل الإنساني بينهم في ملتقي كمهرجان الشارقة يكون مناسباً لتأسيس قاعدة لنهوض عربي شامل.
وفي هذه السطور نستعرض ثلاثية الأيام الستة للمهرجان في دورته الثالثة عشرة من 5 إلي 10 يناير.
(1) ليالي الشعر
لم تغب القصيدة عن الجلسة الافتتاحية التي كانت برعاية الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة، بالقاعة الكبري في قصر الثقافة، حيث تم تكريم كل من الشاعر محمد علي شمس الدين من لبنان، وعبدالله حسن الهدية من الامارات، ومن عندهما انطلقت ليالي الشعر، بقصيدة "ثلاثة مطالع إلي الجميل"، لشمس الدين، ثم أعقبه الهدية بقصيدته "الباحث عن ارم".
وقرأ الشاعر الفلسطيني محمد لافي قصيدة بعنوان "بيوت" قال فيها:
البيوت البيوت
دخان الطوابين سر القري
فأيها المتجدد.. في الزمن العنكبوت
والبيوت السطوح التي
فوقها يستريح القمر
والبيوت الكلام المراهق بين حبيبين
حبات توت
كما قرأ الشاعر السعودي إياد الحكمي قصيدته: من أوراق العربي الأخير .
وقطع قراءات الشعراء عرض إنشادي بعنوان وهج القصيدة للمنشدين سيف فاضل وعبدالله الشحي أمتعا فيها الحضور بقصائد من العصرين الأموي والأندلسي، واختتماه بقصيدة لحافظ إبراهيم.
بعد الافتتاح؛ شهد المهرجان خمس أمسيات شعرية بين يومي الثلاثاء 6 يناير، والسبت 10 يناير، شارك في كل أمسية نحو أربعة شعراء من أقطار عربية مختلفة، يقدمه زميل لهم، وكانت إدارة المهرجان قد وجهت الدعوة ل 16 شاعراً من 13 دولة عربية، فضلاً عن مشاركة متميزة من شعراء إماراتيين، وبينما شهد قصر الثقافة الافتتاح والأمسيات التالية، فإن الأمسية الختامية كانت من نصيب مكتبة وادي الحلو بالمنطقة الشرقية.
وكان أحد ملامح تلك الأمسيات حفل توقيع عقب كل أمسية لكتاب ، بدأت بالشاعرين المكرمين، فضلاً عن توقيع الناقد المصري د.محمد عبدالمطلب لكتابه "اللغة والهوية"، بينما وقع الشاعر الاماراتي سالم الزمر ديوانه "مدن تسكنني".
(2) علي منصة النقد
تأجل موعد الندوة النقدية الأولي، لتلبية دعوة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لزيارة دارته للدراسات التاريخية، وتلك قصة أخري.
"بيت الشعر" في قلب الشارقة ،كان الموقع المختار ليشهد الجلسات النقدية للمنتدي الفكري المصاحب لفعاليات المهرجان، وكان العنوان الذي مثل مظلة للجهد النقدي:
"ضرورة الشعر في الوقت المعاصر"
أدار الندوة نواف يونس من سوريا، بينما قدم الورقة الأولي د.محمد عبدالمطلب وكان عنوانها "تحولات الشعرية العربية" حيث أكد أن الشعرية العربية خلال مسيرتها كانت حافلة بالتحولات الصاعدة، الهابطة، إلا أنها برغم الصعود والهبوط أسست إبداعها علي ركائز مركزية تعتمد الايقاع الموسيقي، اللغة، التخييل، والمعني، كمحاور ثابتة.
الشاعر والناقد العراقي د.علي الحلاق أشار خلال ورقته إلي أن الشعر كف منذ زمن عن العمل في دائرة الأحلام، وأنه بات لابد للقصيدة من بعض الوهم كي تعيد الاعتبار لتلك اللحظة النادرة من الزمان الآدمي الغابر!
في الجلسة النقدية الثانية، واصل المشاركون مناقشة قضية ضرورة الشعر، عبر مداخلات لكل د.أحمد الطريسي (المغرب) ود.محمد خير البقاعي (سوريا) ود.محمد عبدالعظيم (تونس) بينما أدار الجلسة د.عمر عبدالعزيز (اليمن).
في مداخلته أشار د.الطريسي إلي أن الشعر الآن لم يعد - كما يصفه أدونيس - مجرد شكل محدد باللغة والموسيقي والصور فقط، بل هو قبل كل شيء نوع من المعرفة المتميزة، أو نوع من الوعي الإنساني الذي يدرك الوجود ادراكاً خاصاً.
وذهب د.البقاعي إلي أن تلك الضرورة تنطلق من كون الشعر يعطي دفقاً قوياً لتطوير التفكير الإنساني ويعيد صياغة العلاقة الإبداعية، كما أن ضرورته تنبع كذلك من أنه يسلط طرقاً لا يمكن للفنون الأخري أن تسلكها في سرعة التعبير وقربه من المتلقي.
من جانبه أكد د.عبدالعظيم علي أن الشعر بوصفه فناً من الفنون فإن له دائماً بعداً إنسانياً ممتداً دائماً، إذ النص الشعري رغم بساطة معانيه، ومحدودية منطلقاته يتوسل أساليب يخرج بها عن الكلام العادي ليكون شعراً، ويكون زمنه مفتوحاً مطلقاً.
عقب كل جلسة دارت نقاشات لم تخل من سخونة، بل إن بعض المشاركين لم يستطع الصبر حتي ينتهي صاحب الورقة من طرحه، ووصل الأمر بغير مشارك الانسحاب قبل نهاية الجلسة، مما دفع مديرها للتنبيه لخطورة ما يحدث، مؤكداً علي أهمية ألا يتكرر ذلك!
(3) دفء المودة
القصيدة بتجلياتها، والتنوع الشعري اللافت، والتجارب المتميزة، وتلك الفضاءات التي شغلت الشعراء، واشتغلوا عليها، ثم الاجتهادات النقدية، ومحاولة قراءة المشهد الشعري، وتحولاته، والنقاشات التي دارت، لم يكن كل ذلك فقط هو ما تميز به مهرجان الشارقة، وفعالياته الثرية، فالحب كان الضلع الثالث إلي جانب الشعر والنقد.
منذ اللحظة التي تطأ القدم فيها أرض الشارقة، تلمس روحاً ودوداً، ومشاعر صافية، وحفاوة بالغة، من جانب أهلها، وكأن عدوي الحب تنتقل بسرعة فيخيم علي الجميع حميمية تلف كافة الفعاليات، حتي ما أشرت إليه منذ سطور قليلة من انفعالات خرجت عن السيطرة، ما لبثت أن زالت بين أطرافها الذين جمعتهم حلقات صغيرة، ليقول الجميع: هؤلاء هم العرب، ينفعلون سريعاً، وما يلبثون أن يهدأوا بسرعة أكبر!
في المساء، وكما أشرت في مقدمة الرسالة، تلمح التقارب والمودة، وتشعر بقدر من الدفء يزيل أي أثر لنسمات باردة تبدأ في الهبوب من البحيرة التي تحاذي الفندق الذي ينزله ضيوف المهرجان.
الجميع تحرر من قواعد البروتوكول، والأعصاب المشدودة بفعل الايقاع السريع تارة، وتأخر البدء في إحدي فقرات البرنامج المقرر تارة أخري، وسخونة النقاش أحياناً، كلها تنتهي بمجرد فتح دوائر التواصل في شكل مجلس يميز الحالة الخليجية، وقد كنا جزءاً منها.
الكل يطمئن علي الكل!
القادمون من مواقع الأحداث الساخنة يمتزج لديهم القلق بالأمل، ويهدأ روعهم حين يلمسون مشاركة أخوية ممن لا يعانون ذات المعاناة، لتكون الأماسي البعيدة عن قراءة الشعر، وأطروحات النقد بمثابة ماء عذب بارد يمنح للأفق الآتي بارقة تفاؤل.
ويقيناً كانت أيام المهرجان الستة ثلاثية للشعر والجد أو النقد، يحيطها الحب والمودة التي تؤكد أن العروبة كامنة، فقط تحتاج إلي من يحررها من أسرها، ومن لها غير المبدعين، فبعيداً عن الذوات المنتفخة أو المتورمة، يمكن للمبدع العربي أن يخرج من شرنقة الأنا للتفاعل الإنساني مع ما ومن حوله، وأظن الكثيرين قد فعلوها في الشارقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.