من النادر أن نجد محافظا يخوض معركة من أجل الثقافة والتأكيد علي دورها في مقاومة الظواهر السلبية في المجتمع، مثلما يفعل الآن اللواء نبيل العزبي محافظ أسيوط، الذي تقدم بمذكرة لوزير الثقافة متهما مسئولي هيئة قصور الثقافة بالتقصير في أداء عملهم، كما أدلي المحافظ بتصريحات صحفية أكد فيها تراجع دور هيئة قصور الثقافة بالمحافظة، ولكن الشئ الملفت في هذه المعركة، أن اللواء العزبي يخوضها متناسيا أمرين أساسيين، الأول احترام القانون حيث أنه من المعروف أن المحافظ هو الرئيس الأعلي للسلطات الإدارية بمحافظته، فيما عدا الثقافة، إذ ينص قانون المجلس الأعلي للثقافة، علي أن تبعية المواقع الثقافية تتبع الوزارة، ممثلة في هيئة قصور الثقافة، ولاتتبع المحافظين، بمعني أنه ليس من حق المحافظ أن يوقع جزاء علي موظفي الثقافة، إلا أنه نشر في جريدة روزاليوسف أن محافظ أسيوط قرر خصم 15 يوما من رواتب العاملين بقصر ثقافة أسيوط، لعدم رضاه علي مستوي فرقة الأطفال للفنون الشعبية، وهو إجراء مخالف تماما للقانون، وفي إطار القانون- أيضا- نجد أن المحافظ يتجاهل الدور الرئيسي لوزارة الثقافة في مصر، وهو دور خدمي في المقام الأول، وهي رؤية عكس ما يريد المحافظ تطبيقها في أسيوط، ويتضح ذلك جليا في كلامه في محضر إجتماعه مع فرقة الفنون الشعبية في مارس 2008، حينما قال بالنص: (سوف أقوم بعمل حق رسم دخول واحنا داخل علينا الصيف، ونريد لهذه الفرقة بأن تؤدي عروضاً علي المسارح التي قمت بافتتاحها بالفردوس وأمام الكوبري، وأنني ليس لي دخل بتعليمات الثقافة، وأن هذه الفرقة سوف يكون اسمها فرقة محافظة أسيوط، ويكون عندنا منظور جديد، لأن الفن أبو بلاش ما ينفعش)، وأعتقد أن هيئة قصور الثقافة ملتزمة بتقديم ( الفن أبو بلاش) علي حد تعبير المحافظ. الأمر الثاني الملفت هو أن المحافظ، الذي يدافع عن الثقافة ودورها، أوقف تقديم الدعم المادي للنشاط الثقافي والفني بمحافظته، وهو الدعم الذي كان يقدمه المحافظون السابقون، ويقدر ب35 ألف جنيه حتي عام 1985، وفي عهد المحافظ ممدوح سليم ذكي تراجع المبلغ إلي 20 ألف جنيه طوال فترة توليه المسؤلية ( 1985- 1988)، وارتفع المبلغ عندما تولي اللواء عبد الحليم موسي منصب محافظ أسيوط ( 1989-1991) ليصل المبلغ إلي 25 ألف جنيه، ليرتفع في عهد اللواء حسن الألفي إلي 35 ألف جنيه، ليتوقف بعد ذلك في عام 2006 علي يد اللواء نبيل العزبي، الذي أوقف الدعم، ولكنه قدم دعما وحيدا مقداره عشرة الآف جنيه للصرف علي غرض محدد، وهو ليالي المحروسة عام 2006. الجدير بالذكر أن جملة المواقع التابعة للثقافة الجماهيرية في محافظة أسيوط تبلغ 26 موقعا، ما بين بيوت وقصور ومكتبات ولديهم برامجهم التي تنفذ بالفعل، و ثلاثة مواقع فقط، جاري تطويرها وتأمينها، من بينهم قصر ثقافة أسيوط، المقرر الانتهاء من العمل به في فبراير 2011. أخبار الأدب توجهت للدكتور أحمد مجاهد رئيس هيئة قصور الثقافة لمعرفة رأيه في هذه الأزمة، إلا أنه أكد أنه ملتزم بالصمت في هذه الفترة. وأخبار الأدب تري من جانبها أن هذا الخلاف لابد أن ينتهي سريعا لمصلحة الثقافة في أسيوط، هذه المحافظة التي تذخر بالمبدعين والفنانين في كافة المجالات، ولابد أن يجتمع المحافظ ورئيس هيئة قصور الثقافة لفتح صفحة جديدة، تقوم في الأساس علي احترام القانون، وفلسفة العمل في الثقافة الجماهيرية، وأن يعيد المحافظ الدعم المادي للثقافة، ليثبت أنه بالفعل حريص بشكل عملي وواقعي علي الثقافة وأهميتها في المجتمع.