وزيرة الهجرة ومحافظ بنى سويف يتفقدان قافلة طبية بعزبة على حمودة بمركز ناصر    واشنطن: لسنا متأكدين من اتخاذ نتنياهو قرارًا نهائيًا باجتياح رفح    الغضب العالمي ضد العدوان الإسرائيلي على غزة يخترق دوائر الأمن الأمريكي    الخطيب يترأس بعثة الأهلي في تونس لمواجهة الترجي بنهائي أفريقيا    "أغلق تماما".. شوبير يكشف ردا صادما للأهلي بعد تدخل هذا الشخص في أزمة الشحات والشيبي    الشيبي يظهر في بلو كاست للرد على أزمة الشحات    تردد قناة سبيس تون للاطفال الجديد 2024 Spacetoon بجودة عالية    "التعليم" تكشف حقيقة إشراف سباك على لجنة امتحانات في سوهاج    حيوان يثير الرعب.. الحكم على 3 مُدانين بقتل شاب في بورسعيد    بالصور| نادين وأيمن الشيوي في العرض الخاص لمسلسل "دواعي السفر"    نسرين طافش تتصدر تريند جوجل.. فما السبب؟    قبل البيرة ولا بعدها؟.. أول تعليق من علاء مبارك على تهديد يوسف زيدان بالانسحاب من "تكوين"    "اعرف الآن".. توقيت عيد الأضحي المبارك لعام 2024    وسائل إعلام إسرائيلية: دبابات الاحتلال تتوغل داخل رفح الفلسطينية    تقويم الإجازات الرسمية حتى نهاية عام 2024: موعد عيد الأضحى والأعياد الرسمية    وزير التعليم: مبادرة وطنية لتعليم الكبار للوصول ل الصفر الافتراضي بأعداد الأميين بحلول 2030    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    وزير الصحة يبحث مع أسترازينيكا التعاون في تطوير التطعيمات    الحكومة: بدء التشغيل التجريبي بالركاب لمحطات الجزء الثالث من الخط الأخضر غدا    نيويورك تايمز عن مسؤولين إسرائيليين: «جنرالات وأعضاء بمجلس الحرب محبطون من نتنياهو»    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    ضبط 19 مخالفة في مطروح بسبب توصيل صرف صحي غير قانوني واستخدام مياه خلسة    القومي للمرأة يشارك في ورشة عمل بعنوان "القضية السكانية.. الواقع والرؤى المستقبلية"    قصة اليوم العالمي للمتاحف واحتفالاته في مصر    كيف حددت مصر هدفها باستقبال 30 مليون سائح في 2028؟ (فيديو)    رئيس جامعة بني سويف يستعرض سبل التعاون بين مركز اللغات و«فولبرايت»    التشكيل الرسمي لمباراة الاتحاد السكندري وسموحة في الدوري    «النواب» يوافق على موازنة «القومي لحقوق الإنسان»    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته بكفر الشيخ لجلسة الخميس المقبل    وزير الأوقاف : لا ينكر مكانة السنة من التشريع إلا جاحد أو معاند..صور    مبادئ كتابة السيناريو في ورشة ابدأ حلمك بالإسكندرية    تصريحات كريم قاسم عن خوفه من الزواج تدفعه لصدارة التريند ..ما القصة؟    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    رسميا مانشستر يونايتد يعلن رحيل نجم الفريق نهاية الموسم الحالي    داعية إسلامي: يوضح ما يجب على الحاج فعله فور حصوله على التأشيرة    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    دول الاتحاد الأوروبي توافق بصورة نهائية على إصلاح شامل لقوانين الهجرة    مهرجان الإسكندرية يعلن تفاصيل المشاركة في مسابقة أفلام شباب مصر    بعد التحذير من مسكن شهير في الأسواق.. كيف تكتشف الدواء المغشوش؟    البنتاجون يرفض التعليق على القصف الأوكراني لمدينة بيلجورود الروسية    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    تفاصيل التوسع فى زراعة الكمون بالوادى الجديد على مساحة 4000 فدان    إزالة 402 إعلان مخالف وغير مرخص بمراكز ومدن الشرقية    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    أحمد الطاهرى: فلسطين هي قضية العرب الأولى وباتت تمس الأمن الإقليمي بأكمله    ضبط مواطن من الأسرة الحاكمة بالكويت بتهمة زراعة الماريجوانا    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    فى أول نزال احترافى.. وفاة الملاكم البريطانى شريف لوال    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    استمتع بنكهة الشام مع خبز الشامي المميز: طريقة عمله في المنزل    بهاء سلطان يُحيي حفلاً غنائيًا بمتحف الحضارة.. الخميس    "أسنان القناة" تستقبل زيارة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تحذر من طقس الثلاثاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة المشروع المجهض لمحو الأمية
نشر في أخبار الأدب يوم 05 - 12 - 2014

تمثل ورقة العمل التي قدمتها وزارة الثقافة حول السياسة الثقافية للدولة- المنشورة "بأخبار الأدب" في 23 نوفمبر الماضي- أساسا يمكن البناء عليه أو الاختلاف معه، وصولا إلي رؤية استراتيجية للعمل الثقافي تصبح محلا للتوافق عليها بين أوساط المثقفين والمهتمين بالعمل العام خلال المرحلة القادمة، وهنا أبدي بعض الملاحظات، مشيرا إلي ما أراه قد غاب عنها من محاور تستدعي استكمالها من وجهة نظري..
1- لم تتضمن الورقة إشارة إلي العدالة الثقافية، مع أنها حق ثقافي يكفله الدستور لكل المواطنين، واحدي ضرورات العدالة الاجتماعية، ومكون أساسي لبناء الإنسان لا ترفا للقادرين، وتلتزم الدولة بايصال هذا الحق حتي أبعد موقع في الوطن، ويترتب عليه تخصيص الاعتمادات والآليات الكفيلة بتحقيقه.
2- لم تتطرق إلي العلاقة التفاعلية للعمل الثقافي بين طرفين: مرسل ومستقبل، فإن أي مواطن ليس خلوا من الثقافة، بل هو مالك لثقافة جمعية ذات مكونات ابداعية وحكمة ناجمة عن خبرات متراكمة تشكل وعي ملامح الشخصية المصرية، قد تتلاقي أو تتعارض مع الثقافة الرسمية، مما يستدعي من المخططين والناشطين الثقافيين استخلاص الجوانب الإيجابية في الثقافة الشعبية، والتعامل مع الجماهير من خلالها والعمل علي تنقيتها وتنميتها، ومن شأن هذا المفهوم أن يجعل من المتلقي صانعا للثقافة أيضا، أو مشاركا في حوار بين ثقافتين لاتسعي إحداهما لنفي الأخري.
3- غاب عن الورقة البعد الديمقراطي للعملية الثقافية، ذلك أن تقبل الجماهير للرسالة الثقافية يتطلب وجود أرض مشتركة بينهم وبين القائمين علي العملية الثقافية، بإتاحة المنابر لهم للتعبير عن شئونهم وأفكارهم بحرية، حتي في قضايا الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية، لأن إنسانا مقهورا أو مظلوما أو مأزوما لن يكون مستعدا لتلقي أي رسالة ثقافية لاتقف بجانبه، فلابد أن نفتح له بابا للتعبير عن نفسه وأن نستمع إلي صوته ونتعاطف معه ونمنحه الأمل في رفع الظلم عنه، أو إشراكه في البحث عن طريق لتحقيق مطالبه، ومن ثم فإنه لا انفصال بين الأبعاد الثقافية والاجتماعية والسياسية.
4- لم تشر كذلك إلي دور المثقفين في رسم السياسات الثقافية، بل بدأ ذلك قاصرا علي الإدارة الحكومية المركزية، فيما أري ضرورة للبحث عن صيغ ليقوم المثقفون بهذا الدور، سواء من داخل المجلس الأعلي للثقافة، الذي ينبغي أن يمثل سلطة المثقفين وحقهم في رسم السياسات بعيدا عن سلطة الوزير، أو من داخل المواقع الثقافية التي ينبغي ان تتحرر من المركزية، بما يجعل لكل مؤسسة أو إقليم ثقافي سلطة وضع الخطط والمشروعات في إطار الاستراتيجية العامة المتفق عليها، ومن خلال الجمعيات الثقافية الأهلية التي ينبغي أن تلتزم الدولة بدعمها كأذرع مساندة لتطبيق هذه الاستراتيجية.
5- لم تتضمن إشارة إلي إحياء الموروث الثقافي الذي نص عليه الدستور كمكون رئيسي للهوية المصرية وكتعبير عن الروح الخلاقة للشعب، فوق دوره في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأخص بالذكر الحرف التراثية والفنون الشعبية بأنواعها، من موسيقي وغناء وأدب وفنون أداء، إذ إنها- فوق كونها من منابع الإبداع الجمعي للمصريين علي مر العصور- قادرة علي أن تصبح من مصادر الدخل القومي والتنمية الاجتماعية والسياحية علي امتداد أرض الوطن، ومن ثم فإن أهمالها اهدار لايغتفر لكل من الهوية والإبداع والتنمية، ويستدعي ذلك انشاء المؤسسات القومية الراعية لها.
6- جاءت الإشارة غامضة وباهتة لدور وزارات التعليم والشباب والأوقاف في السياسة الثقافية، والحقيقة أن دورها قد يكون أكثر تأثيرا من دور وزارة الثقافة في التنمية الثقافية حاضرا ومستقبلا، فهي معامل التفريخ الأولية، ومنابع الفكر والذوق والإبداع للأجيال الجديدة، لكنها في الواقع تقوم بعكس ذلك تماما، ومن ثم فإن علي أي استراتيجية ثقافية أن تضع ضمن أولوياتها تطويرا جذريا لمناهج وآليات العمل الثقافي والفني داخل هذه الوزارات، في مجالات المعرفة والفكر النقدي والفنون والآداب. بما ينتج في النهاية شبابا مثقفا ومبدعا وعقلانيا وعصريا، قادرا علي المشاركة في النهضة المرجوة، وفي القلب منها النهضة الثقافية.
7- أغفلت الورقة مسئولية الدولة بأجهزتها الثقافية عن إزالة مظاهر القبح في الشارع المصري، وغياب لمسات الفن والجمال ومساحات الخضرة عنه، ودور هذه الأجهزة في صنع الوجه الحضاري للمجتمعات العمرانية، بما في ذلك مشاركتها في مشروعات المدن الجديدة، وتمثيل النقابات الفنية المعنية بهذا المجال في مجالس المحافظات والمدن والأحياء وجهات اتخاذ القرار بشأنه، ووضع التشريعات الكفيلة بأن تتضمن مشروعات تلك المدن والأحياء دورا للمسرح والسينما والفنون التشكيلية والأعمال الجدارية والحدائقية، مع اصدار القوانين الملزمة بذلك، كمدارس مفتوحة للذوق الجمالي والوعي الحضاري للجماهير.
8- لم تتضمن رؤية لقضية تفشي الأمية في مصر، رغم كونها عائقا رئيسا أمام أي عملية نهضوية، فوق أنها وصمة عار لأي مثقف، وقد جاء ذكرها بشكل عابر ضمن مفهوم "التنمية الجماهيرية من أسفل"، وفي سياق عرض تجربة محو الأمية ببرج نور الحمص بالدقهلية، وكنت أتصور أن تكون هذه القضية ضمن مرتكزات الاستراتيجية الثقافية للدولة، فيما يمكن معالجتها كوعاء يضم العديد من منجزات العمل الثقافي، مثل المسرح والفنون التشكيلية والشعر والأدب، فوق تنمية الوعي العام سياسيا وثقافيا، وفق المنهج الذي قام عليه مشروع "برج النور" الذي أشرف بأنني كنت أحد المشاركين في صياغته وتطبيقه.
قصة المشروع المجهض:
ولعل ذلك يدعوني لإلقاء بعض الضوء علي هذه التجربة، طالما أصبحت ضمن أدبيات التنمية الثقافية في مصر حتي تبناها مشروع السياسة الثقافية محل النقاش.
ففي شتاء عام 1978 أوكلت إحدي هيئات الأمم المتحدة إلي جهاز تنظيم الأسرة والسكان في مصر القيام بمشروع تنموي لمجموعة قري مجلس قروي "برج نور الحمص" بمحافظة الدقهلية الذي يضم ثمانية قري، وقام رئيس الجهاز بتشكيل لجنة من أساتذة علم الاجتماع ومن الباحثين والخبراء في مجالات التنمية، لوضع فلسفة المشروع وآليات العمل به، وأذكر من بينهم الاستاذ السيد ياسين والدكاترة عبدالباسط عبدالمعطي ومحمد السيد سعيد (رحمهما الله) ونادر الفرجاني ومحمود منصور وثريا عبدالجواد وطه عبدالعليم وكاتب هذه السطور، وبعد عدة أشهر من الاجتماعات والعصف الذهني واستعراض تجارب عديدة بدول نامية في قضايا التنمية الاقتصادية والثقافية بمجتمعات ريفية، تم الاتفاق علي مشروع لتنمية الأسر المنتجة في مجالات الزراعة والصناعات الصغيرة والحرف البيئية، يرتبط بتنظيم النسل وتعظيم قيم المشاركة والديمقراطية وبتغيير القيم السلبية في العادات والتقاليد والثقافة الشعبية، علي ان يبدأ المشروع ببرنامج
لمحو الأمية التي كانت نسبتها تزيد عن 80٪ بين أبناء المنطقة، مستهدفا ان يكون ذلك حافزا لهم وشرطا للحصول علي فرص لإقامة مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر، وبعد مناقشات طرحت خلالها تجارب شعوب وخبراء، ومنها نظرية عالم الاجتماع "باولو فريري". تقدمت بمشروع للتنمية الثقافية ومحو الأمية أقرته اللجنة، وهو من شقين: الأول لمحو الأمية والثاني لتبني المواهب المحلية في المسرح والفنون التشكيلية والحرف البيئية والاختراعات العلمية (حيث التقينا بعض الشباب النابغ فيها).
وفي الشق الأول، عكف الفريق الثقافي المعاون لي علي تأليف كتابين: أحدهما للمدرس، يضم منهج وشروط وخطوات التدريس في فصول محو الأمية، ويقوم علي أن الدارس شخص راشد وإن كان أميا، فله وعيه الخاص وثقافته المجتمعية، وعلي المدرس ألا يتعامل معه كطفل أو جاهل، وأن يكون مدخله لإقناعه هو مناقشة قضايا حياته وظروف فقره أو قهره اجتماعيا. والكتاب الثاني -وهو كتاب الدارس- يتضمن أقاصيص لاتزيد عن نصف صفحة أو صفحة، كتبها خصيصا للمشروع القاص محمد المنسي قنديل، وأبياتا شعرية بالعامية، كتبها الشاعر سمير عبدالباقي، وقد استمدا هذه النصوص من واقع القرية ومشكلاتها وثقافتها، علي أن يقوم المدرس بربط المعاني التي يستخرجها الأمي بنفسه من تلك النصوص (بعد سماعها من المدرس) بالحروف والكلمات التي تكونها، إلي جانب الرسوم التي قمت شخصيا برسمها كترجمة للقصص والأشعار، وقد تولي الفنان محمود الهندي الإخراج الفني للكتاب.. وهكذا ارتبط الحرف بالكلمة، وارتبطت الكلمة بالمعرفة، وارتبطت المعرفة بامتلاك الوعي بأسباب المشكلة، وتطور الوعي بها إلي ادراك الوسيلة لحلها أو لتغيير الواقع الذي أدي إليها، ومن هنا اخترنا عنوان الكتاب وهو "أقرأ- أعرف- أتقدم". واستطاع الزميلان حسن شعبان (المشرف علي برنامج محو الأمية) وبشير صقر (المعد لمنهج كتاب المعلم) تطبيق كل ذلك عمليا من خلال دورة تدريبية للمعلمين المرشحين من أبناء القري الثمانية الذين تطوعوا للتدريس لأبناء قراهم، وشهدنا تسابقا ملحوظا من المدرسين الشباب والطلبة الجامعيين للمشاركة في البرنامج بغير مقابل، بمن فيهم الفتيات اللاتي تجشمن مشاق الانتقال عبر مسافات طويلة من قراهن للوصول إلي مقر الدورة التدريبية.
وفي غضون ذلك كان المخرج المسرحي عباس أحمد يعمل علي تكوين فرقة مسرحية من الفلاحين، بعد ان نجح في اكتشاف مواهب لمجموعة من أبناء المنطقة الفلاحين، وأقام معهم ورشة عمل للتأليف الجماعي، أسفرت عن تأليف نص نابع من واقع حياتهم وخبراتهم ومشكلاتهم بروح فكاهية، وبدأوا التدريب علي تمثيله بالفعل، كل ذلك في فترة لاتتعدي شهرين، وتزامن ذلك مع عمليات المسح الميداني بين الأهالي للتركيب الطبقي والسكاني في مجتمع القري، والمشكلات التي تواجه أبناءها، المشروعات التي يحتاجونها بين تربية الماشية والطيور ومنتجات الألبان وانتاج الزيوت وتصدير الغلال والصناعات الصغيرة وإصلاحات البنية الأساسية والتعليمية وغير ذلك.
وفجأة علمنا بإيقاف التمويل لذلك كله من جهاز تنظيم الأسرة والسكان بالقاهرة.. ظننا في البداية أن السبب يرجع لأسباب بيروقراطية بداخل الجهاز، حتي فوجئنا بأجهزة أمن الدولة تلقي القبض علي حسن شعبان وعباس احمد اللذين كانا موجودين في مقر المشروع بقرية برج النور، وقضيا بالسجن عدة أشهر بتهمة التأليب ضد نظام الحكم!.. ولم تكتف مباحث أمن الدولة بذلك، بل صادرت جميع النسخ التي طبعت بداخل جهاز تنظيم الأسرة ذاته من الكتابين وتم اعدامها، وأظنها المرة الأولي في العالم التي يصادر فيها كتاب لمحو الأمية!
لقد نجح زبانية نظام الرئيس السادات في إجهاض تلك التجربة في مهدها، لاستشعارهم الخطر عليه من وعي الفلاحين بأسباب تخلفهم وقهرهم، وما قد يؤدي إليه ذلك من التجرؤ علي المطالبة بحقوقهم.. إلي هذا الحد يصل البطش والرعب معا لدي النظم الديكتاتورية من انتقال شرارة الوعي الي المقهورين حتي ولو كانوا أميين.. أفلا تعطينا تلك التجربة مؤشرا إلي جريمة السكوت علي بقاء الأميين في ظلام جهلهم، والتخلي عن مسئولية المثقفين والدولة في اضاءة واقعهم بنور الوعي؟.. وألا يستدعي ذلك ان تتبني السياسة الثقافية الموعودة للدولة مثل هذا المشروع؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.