من زار معرض الشارقة الدولي للكتاب قبل 2010 ثم عاد لزيارته في دورته الحالية سيلاحظ أن المعرض قطع شوطاً كبيراً للأمام، سواء من ناحية درجة التنظيم أو عدد دور النشر المشاركة والضيوف المدعوين أو من ناحية طموح المعرض ورغبته في اللحاق بأكبر معارض الكتب في العالم. تنوعت أسماء الكُتَّاب المدعوين من أكثر الكُتّاب مبيعاً مثل دان براون مؤلف »شفرة دافنشي«، وأحلام مستغانمي ويوسف زيدان وأحمد مراد، إلي كُتّاب عرب معروفين وصلوا للقوائم النهائية لجوائز إماراتية (البوكر العربية وجائزة الشيخ زايد تحديداً) مثل: أشرف الخمايسي، أحمد سعداوي، إنعام كجه جي، إبراهيم عبد المجيد، أمير تاج السر، خالد خليفة، يوسف فاضل وغيرهم. كما شارك أيضا أمثال صنع الله إبراهيم، كاملة شمسي، ياسمينا خضرا، أميتاف جوش مع اهتمام خاص بكتاب شرق أسيا. علي كورنيش الشارقة تتوزع بوسترات الكُتّاب، وبين أروقة المعرض يحتار الزائر أي الأنشطة سيتابع، هل يكتفي بشراء ما يحتاج من عناوين جديدة من أجنحة دور النشر الموزعة علي القاعات المختلفة، أم يتجول متنقلاً بلا هدف محدد، أم يحضر نقاشاً أدبياً أو حواراً مع كاتب من ضيوف المعرض. الحيرة منبعها أن المعرض، المدعوم بقوة من حاكم إمارة الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، صاخب وحيوي ربما أكثر مما ينبغي، إذ يحتوي - بلا مبالغة - علي مئات الفعاليات وورش العمل. إلي جانب البعد الثقافي، ثمة جانب كرنفالي لا تخطئه العين ممثل في الحرص علي دعوة مشاهير من عالم الفن والإعلام المرئي مثل عادل إمام الذي تم تكريمه في حفل الافتتاح وعمرو أديب وحمدي قنديل، وتخصيص ركن لفن الطهي شارك فيه طهاة من الأردن والنرويج والكويت والإمارات والهند والمغرب وبريطانيا. كثيرة هي الجوانب التي يمكن التوقف أمامها فيما يخص الدورة الحالية لمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية، لكن أكثر ما يلفت النظر هو هذا الاهتمام الكبير بالأطفال وطلبة المدارس، أينما توجهت تقابل مجموعات منهم، وهناك من يقدر عدد زوار المعرض من الصغار بثلاثين ألف طفل، كأنما هناك استراتيجية مقصودة لربط الأطفال بالقراءة وعالم الكتب، فثمة أنشطة مخصصة لهم وجلسات حكي، ولا يغيب عن أذهاننا أن واحدة من أهم جوائز كتب الأطفال العربية، وأقصد بها جائزة اتصالات لأدب الطفل، توزع سنوياً في افتتاح معرض الشارقة للكتاب. من بين الأنشطة المخصصة للأطفال نشاط »مسرحي المتنقل« ويهدف لجذب الأطفال للكتب والقراءة، عبر مجموعة من العروض التي تشجع الأطفال علي تقمص الأدوار واختيارها ومشاركة نشاط القراءة مع الآخرين، كما احتوت أنشطة الأطفال علي ورش ابتكارية للرسم بالرمل، ولفنون يدوية مكسيكية وورشة للكاريكاتير، وقراءات تفاعلية تحت عنوان »أنت الراوي« ومن بين الأنشطة الطريفة المخصصة للأطفال ورشة بعنوان »لفات الرأس« وقدمتها النيجيرية زيرينا، وشرحت من خلالها للصغار الدور الذي تلعبه لفات الرأس في الكشف عن الكثير من الأمور والمقصود بهذا ليس فقط الهوية أو الدين، ولكن أيضاً مكان إقامة الشخص، أو المناسبة التي ارتدي لفة الرأس خصيصاً من أجلها. وحظي فن الحكي باهتمام خاص حيث استمع الأطفال إلي قصص من ثقافات مختلفة فمن خلال ورشة »قصص وأغاني« تعرف الأطفال علي قصتين شفاهيتين من أسكتلندا وكينيا، وعبر نشاط »سرد قصصي« قامت الكاتبة ليز بيتشون بسرد قصة كتابها الجديد »توم المحظوظ قليلاً« مع تقديم عرض وضحت من خلاله كيفية تنفيذ ورسم شخصية توم. أما الفعاليات الثقافية فتنوعت موضوعاتها ومجالات اهتماماتها لتضم: النشر الصحفي في الإمارات، الرواية العربية في السينما، جغرافيا المكان ووظيفة الأماكن في النص الروائي، المسرح وتشكيل الوعي، طرائف التأليف في التراث العربي، الأدب وقضايا المجتمع، الكتابة لتأطير صورة وطن يتمزق، الكتابة والسياسة وغير ذلك من قضايا. مما يُحسب للمعرض أيضاً البرنامج المهني المواكب له، أو بالأحري الذي سبق الافتتاح بأيام قليلة، وانقسم إلي قسمين الأول قسم لتدريب الناشرين حاضر فيه عدد من الناشرين الدوليين وخبراء مهنة النشر، والقسم الثاني لقاءات للناشرين مع بعضهم البعض لبحث وشراء الحقوق وآفاق التعاون المختلفة. الناشر المصري محمد البعلي صاحب دار صفصافة سبق له المشاركة مرتين في برنامج تدريب الناشرين الخاص بمعرض فرانكفورت للكتاب، ويري أن برنامج معرض الشارقة لا يقل عن نظيره في معرض فرانكفورت. وحرصت إدارة المعرض بوجه خاص علي دعوة الناشرين والمحررين الدوليين المهتمين بالأدب العربي، مما قد يساهم في ترويج الأدب العربي، أو علي الأقل إتاحة الفرصة للعاملين في مجال النشر العربي لتبادل الخبرات مع زملائهم من خارج العالم العربي، وكما هو الحال في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب، يقدم معرض الشارقة دعماً مادياً للعقود التي تُوقَّع بين الناشرين خلال برنامجه المهني. هذا البرنامج، له مثيل في معرض أبو ظبي للكتاب، كما أن هناك أخباراً عن أن معرض القاهرة في دورته المقبلة سيصاحبه برنامج شبيه.