حزب المصريين الأحرار بأسيوط يوزع الهدايا على المواطنين    منافذ التموين تواصل صرف سلع المقررات في أول أيام عيد الأضحى    نادي الأسير الفلسطيني: الاحتلال يعتقل 9300 في سجونه منذ 7 أكتوبر    قوات الاحتلال تعتقل 3 مواطنين جنوب بيت لحم بالضفة الغربية    الأمن الروسي يحرر رهائن مركز الاحتجاز في روستوف ويقضي على جميع الإرهابيين    مدرب إسبانيا يعلق على الفوز الكبير في لقاء كرواتيا    "العيد أحلى" مبادرة مراكز شباب بكفر الشيخ للاحتفال بالعيد    محمد صلاح يهنئ متابعيه بعيد الأضحى    مظاهر إحتفال الشراقوة خلال أول أيام عيد الأضحى المبارك    المحافظون: يشيدون بجهود الأئمة والواعظات في تنظيم صلاة العيد    انتشال جثمان المهندس الغارق بكفر الزيات    ريهام سعيد: «محمد هنيدي اتقدملي ووالدتي رفضته لهذا السبب»    جيل رأى الملك عاريااً!    احذر.. تناول الكبدة النيئة قد يصيبك بأمراض خطيرة    نصائح منزلية | 5 نصائح مهمة لحفظ لحم الأضحية طازجًا لفترة أطول    مصدر من اتحاد السلة يكشف ل في الجول حقيقة تغيير نظام الدوري.. وعقوبة سيف سمير    «كانت حملة إعلانية».. رونالدينيو يتراجع عن هجومه على منتخب البرازيل    سعر اليورور اليوم الأحد 16-6-2024 مقابل الجنيه في البنوك    إصابة شاب فلسطينى برصاص قوات الاحتلال فى مخيم الفارعة بالضفة الغربية    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    «النقل»: انتظام حركة تشغيل قطارات السكة الحديد ومترو الأنفاق في أول أيام العيد    المنيا تسجل حالتي وفاة أثناء أدائهما مناسك الحج    وزير التعليم العالي يزور الجامعة الوطنية للأبحاث النووية في روسيا    قساوسة وقيادات أمنية وتنفيذية.. محافظ المنيا يستقبل المهنئين بعيد الأضحى (صور)    مع أهالي عين شمس..أحمد العوضي يذبح الأضحية في أول يوم عيد الأضحى (فيديو)    خالد النبوي يظهر مع العُمال في العيد ويُعلق: «أسيادنا الخادمين» (صورة)    إيرادات Inside Out 2 ترتفع إلى 133 مليون دولار في دور العرض    أدعية وأذكار عيد الأضحى 2024.. تكبير وتهنئة    الأهلي يتفق مع ميتلاند الدنماركي على تسديد مستحقات و"رعاية" إمام عاشور    كرة سلة.. قائمة منتخب مصر في التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024    لتجنب التخمة.. نصائح مهمة للوقاية من المشاكل الصحية بعد تناول «لحوم عيد الأضحى»    وزير الإسكان: زراعة أكثر من مليون متر مربع مسطحات خضراء بدمياط الجديدة    إصابة شاب فلسطينى برصاص قوات الاحتلال فى مخيم الفارعة بالضفة الغربية    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    برشلونة يستهدف ضم نجم مانشستر يونايتد    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    بالصور.. اصطفاف الأطفال والكبار أمام محلات الجزارة لشراء اللحوم ومشاهدة الأضحية    وكيل وزارة الصحة تتفقد القافلة الطبية أمام مسجد الدوحة بالإسماعيلية    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    التونسيون يحتفلون ب "العيد الكبير" وسط موروثات شعبية تتوارثها الأجيال    درجات الحرارة اليوم 16- 06 - 2024 في مصر أول أيام عيد الأضحى المبارك    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى داخل ساحات الأندية ومراكز الشباب في المنيا    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    ارتفاع تأخيرات القطارات على معظم الخطوط في أول أيام عيد الأضحى    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    البنتاجون: وزير الدفاع الإسرائيلي يقبل دعوة لزيارة واشنطن    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    بلالين وهدايا.. إقبالًا الآف المواطنين على كورنيش مطروح في عيد الأضحى المبارك    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    الأوقاف الإسلامية بالقدس: 40 ألف فلسطيني أدوا صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد بدر.. صور    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آخر مرة
نشر في أخبار الأدب يوم 01 - 11 - 2014

وضعت كوب الشاي علي إفريز البلكونة، كنت قرفان، وقفت أطل علي الشارع الضيق، زيكو ابن ياسمين يخبط الكرة الجلد في الجدار المقابل بلا توقف، وأمه تطل من شباك الكشك والموبايل علي أذنها وبعد كل خبطة كرة تضحك ضحكة عالية، انتهت ظاهرة السيدات والفتيات اللائي يقفن في الشرفات، سادت ثقافة غلق الشبابيك وأبواب البلكونات، تزعق زوجتي من الداخل: الذباب ملأ الشقة، لكنني أحب الجلوس في البلكونة ويشغلني هذه الأيام جاري فايز. لم أعد أراه إلا نادراً. مرة كان متكوماً علي نفسه في حضن الكرسي، ظللت أراقبه لوقت طويل حتي حرك ذراعه ووضعه علي الإفريز، ومرة نسي الشباك الذي يطل علي الصالة مفتوحاً وتسني لي أن أراه نائماً علي مكتبه كأنه في غيبوبة، يومها أخذت أنادي بصوت عال: يا أستاذ فايز. انتهت زوجتي إلي اني جننت، لكن بعد ساعات لاحظت أنه أضاء مصابيح الصالة، حط في يقيني أنه سيموت وعليّ مراقبته، نحن لسنا أصدقاء، حاولت التقرب إليه لكنه كان يعاملني كأنه بطل الفيلم وأنا كومبارس، في هذه الأيام الأخيرة ما يشعرني بالأسي أنني أسمعه أكثر من مرة يبكي بصوت مرتفع ويشهق ثم يسكت تماماً ظللت أتابع حياته بالمصابيح التي تضاء وتطفأ، وأترقبه حتي أراه بعد أيام وهو يدلي "السبت" من الطابق الرابع، يمسك بالحبل الرفيع ويجد صعوبة بالغة في تفادي كل حبال الغسيل حتي يصل السبت إلي يديي ياسمين التي تضع بحرص بعض الأكياس البيضاء الصغيرة، ذات مرة لم يستطع فايز أن يشد السبت فصعدت ياسمين ونزلت بعد نصف ساعة، لما لمحت لها بالكلام وأنا أشتري علبة سجائر أدمعت ومسحت أنفها في طرف الإيشارب وقالت إن حاله عدم ومريض ويسألها دائماً "ألم يأت رفيق للشارع"، وتقول ياسمين وهي لا تكف عن البكاء كل مرة يهمس "شوف لي رفيق"، أشعلتُ سيجارة واستغربت، في مرة أخيرة قالت إنها عندما دخلت شقة الأستاذ فايز وجدت الموبايل مبعثراً علي الأرض، وحين حاولت لمه صرخ فايز: اتركيه.. موبايل ابن كلب لا يجد رفيق". فعلاً.. رفيق.. رفيق.. هذا العجوز لم أره ربما من شهور. كان العجوزان في حالة بهجة دائمة، ورفيق يملأ الشارع بضحكنه العالية المجلجلة، التي كانت تستفز زوجتي أحياناً، هذا العجوز أين أختفي؟ الأستاذ رفيق كان لا يلبس البدلة، في الشتاء يرتدي الجاكت الشيك وتحت إبطه المجلات والكتب والجرائد، وفي يده شنطة الخضار، وعندما يراه الواقف في الطابق الرابع يتمايل كراقص في سرور، ويوم البطيخة كان مشهوداً، إلتف الرجال والسيدات والعيال حول رفيق الذي جلس أرضاً علي عتبة البوابة ووضع البطيخة أمامه، وبعد شجار كوميدي مع فايز، كنت في مكاني بالبلكونة، وفايز يضحك ويضرب كفاً بكف، قال لي: شايف.. جاء بالبطيخة ويرفض الصعود بها. ورفيق يقول للمتحلقين حوله: لا أستطيع الصعود للطابق الرابع بالبطيخة. يضحك رفيق ضحكته المجلجلة وينفي بإصبعه: لن أصعد. وحين تدخل شاب بكلية الطب وتطوع أن يطلع بالبطيخة فوق، رفض رفيق، وأصر، وقال: ينزل.. تعبت من البطيخة.. ينزل. وحين نزل فايز كان بيده سكينة، خطفها الولد زيكو ورشقها في بطن البطيخة وقطعها، وتم توزيعها علي المتحلقيين، حتي الشاب بالطب كان سعيداً وهو ينحت القشرة، والعيال يملون أفواههم بالبذر ويطلقونه علي بعضهم، وضحك الجميع، حتي رأيت رفيق بعد منتصف الليل جالساً يشرب الشاي في بلكونة فايز وكان الجميع يشغل راديو الموبايل الذي سمعته واضحا وفيروز تغني "جايب لي سلام.. عصفور الجناين".
آخر مرة رأيت فيها رفيق كان من شهور، في وقت الأصيل خرج من البوابة، برجله عرج خفيف، مشي بضعة أمتار ثم توقف ونظر لأعلي، للطابق الرابع، لحظتها نظرتُ للطابق الرابع حيث يقف فايز، عيناه مشدودتان لرفيقه، لم يبتسم، لكن به لهفة، رفع يده بثقل ولوح لرفيق وكان مايزال رافعاً رأسه لأعلي، ورفع يده لوح له كثيراً. هذا المشهد لم يكن مشهداً معتاداً في توديع أحدهما للآخر، زمان كنت أري رفيق يخرج من البوابة بخفة طائر، يتقافز مابين الحفر الصغيرة أو بين الماء المسكوب، ولم يكن رفيق ينظر لأعلي ليودع صديقه ولم يكن فايز يرقبه من البلكونة، ذات مرة قابلت رفيق في الشارع، سلمت عليه، انحني وسلم بأدب كأننا أصدقاء، أكثر من مرة تلعثم في اسمي، لكنني أحب العجوزين وأحب مداعبتهما، بعد أن سلم عليّ، سألته بعشم: كيف حال الأستاذ فايز. أجابني وضحكته تسبق كلامه: زي القرد . لكن.. في ذلك اليوم الأخير ظل فايز يطل علي رفيقه بأسي، لا أعرف كيف شعرت بهذا الأسي، ابتسم رفيق ومشي ببطء، انسحب فايز لداخل الشقة في بطء أيضاً، وحين اختفي فايز، وقف رفيق تماماً في منتصف الشارع الضيق قبل كشك ياسمين، وأخذ يطل علي بلكونة فايز، أخرج منديله القماش ومسح به جبهته مراراً، أطل كثيراً، رفع النظارة عن عينيه ومسحها في طرف المنديل ثم وضعها علي عينيه، وأطل طويلاً، تردد، ثم مشي بعرج ملحوظ، وتهدل في كتفيه، وقف علي ناصية الشارع لحظات ثم اختفي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.