كانت مدينة بني سويف الحالية هي إحدي القري المصرية القديمة الواقعة علي الضفة الغربية للنيل ومرفأً ومورداً لمدينة إهناسيا وكانت تسمي بوفيسيا (pouphisea ) وتعد إهناسيا من أقدم المواطن المقدسة علي أرض وادي النيل إذ تنسب إليها العديد من الأساطير الدينية والحكايا المقدسة كبداية البشر ونهاية الكون، وكانت عاصمة ملوك الوجه القبلي ( نسوت ) قبل توحيد الأَرضَيْن، كما كانت عاصمة للبلاد في عهد الأسرتين التاسعة والعاشرة الفرعونيتين 2240 2100 ق م وكانت من المع المدن المصرية في عهد الإغريق حتي أصاب التسمية التحريف علي مر الزمن إلي أن اشتهرت أخيراً في القرن الخامس عشر الميلادي باسم بني سويف . أي أنه لما كانت إهناسيا بعيدة عن نهر النيل كان لابد من ميناء علي النهر يقوم بخدمة العاصمة وكان هذا الميناء النواة الأولي للقرية التي عرفت باسم " بوفيسيا " وهكذا كانت بني سويف ميناءً نهرياً وموردةً لمدينة ( هيراكليوبوليس ) : إهناسيا، عاصمة مصر منذ أكثر من أربعة آلاف سنة .. وقد وردت تسمية " بوفيسيا " في قائمة " الأستفيات " في العصر القبطي ولما دخل العرب مصر حُرِّف اسم المدينة إلي " منفسوية " وعرفت به في الديوان ودفاتر الخراج ضمن قري " البهنساوية " وكان اسمها علي لسان العامة " بنمسوية " ثم حرفها الناس مرة ثانية في القرن الخامس عشر الميلادي إلي" بني سويف " لتسهيل النطق بها مع بقائها رسمياً باسم " منفسوية " في سجلات الحكومة .. وفي عام 1527م وفي العهد العثماني أصدر " سليمان الخادم " والي مصر من قبل الأتراك أمراً بفك زمام أراضي القطر المصري فاستسهل المساحون كلمة " بني سويف " وقيدوا أطيانها وخراجها بهذا الاسم ومنذ ذلك الحين أصبحت كلمة " بني سويف" هي الاسم الرسمي للمدينة .. وعندما تولي محمد علي ولاية مصر عام 1805 م كان القطر المصري يتكون من ثلاثة عشر ولاية وكانت ( البهنساوية ) هي إحدي ولايات الوجه القبلي السفلي وفي عام 1833 م أمر محمد علي بتقسيم القطر المصري إلي 14 مديرية وعُرفت المديرية العاشرة باسم " مديرية نصف أول وسطي " وقاعدتها بني سويف وفي عام 1854 م قَسَمت مديرية بني سويف الأقاليم الوسطي إلي قسمين عُرفت البحرية منها باسم مديرية بني سويف وقاعدتها بني سويف ذاتها .. وفي النهاية عندما قامت ثورة يوليو1952 استُبدل اسم المديرية بالمحافظة فأصبحت تسمي محافظة بني سويف . قامت بني سويف إذن علي ضفاف النيل الخالد كسائر القري والمدن المصرية القديمة وقد بنيت علي منطقة مرتفعة لحمايتها من فيضان النيل الذي يغرق مساحات شاسعة علي ضفافه، والمدينة القديمة علي وجه التحديد كانت تشغل حي " الرحبة " الحالي ودرب " الملاح " ودرب " العيد ".. لذلك يلاحظ علي الشوارع المتفرعة من ميدان الثورة " ميدان حاث " والمؤدية إلي المدينة القديمة أنها ترتفع تدريجياً ويتضح ذلك جلياً في شارع " الدهشوري ".. وكان يحيط بالمدينة القديمة ثمانية أبواب كبيرة تفتح عند شروق الشمس وتغلق عند الغروب .. وحين قامت بني سويف علي الضفة الغربية للنيل كان ( الخور) هو المجري الرئيسي للنيل ( مكانه الآن شارع عبد السلام عارف ) ولما كان النهر ينحت في الجانب الشرقي ويلقي برواسبه في الجانب الغربي فقد تكونت جزيرة كبيرة أخذت في النمو والاتساع عاماً بعد عام وتحول النيل شرقاً إلي مجراه الحالي وبقي منه فرع ضيق كان يعرف بالخور.. وقامت في هذه الجزيرة أحياء " بني عطية " و" الجزيرة الغربية " و" الدوية " وقد أُنشئ كوبري علي الخور عام1923 م ومكانه الآن التقاء شارع " أحمد عرابي " بشارع " عبدالسلام عارف " أمام نقابة " المهن الزراعية ".. وقد شجع هذا الكوبري علي زيادة العمران في الجزيرة فقد أُنشئ بها " وابور النور" و" وابور المياه " ثم مدرسة " بني سويف الثانوية " عام 1928 م ثم نادي " بني سويف الرياضي " .. أما شارع " إسلام " فكان يعرف بشارع "جسر البحر" وكان جسراً حقيقياً للنيل يتم تعليته وتدعيمه سنوياً لحماية المدينة من أخطار الفيضان ومعني ذلك أن المراكب الشراعية كانت تصل حتي شارع " إسلام " الذي كان يعد بمثابة الشاطئ الغربي لنهر النيل .. وكانت هناك بركة قديمة أو منطقة مستنقعات تشغل أحياء " مقبل " و " الفرخة " و " علي بك " ثم أخذ النيل يردمها برواسبه حتي تحولت إلي أرض زراعية خصيبة كانت ملكاً للدائرة السنية وأخذت تبيع منها للعائلات التركية العريقة أمثال " نامق بك " و " مقبل باشا " .. وفي وسط هذه المزارع كان هناك مبنيان حكوميان في أوائل القرن ال19، المبني الأول كان مصنعاً لغزل ونسج الأقمشة الشعبية أنشأه محمد علي باشا وقد بنيت علي أنقاضه " المدرسة الابتدائية الأميرية " التي تحتل مبناها الآن مدرسة " النيل الثانوية العسكرية " وكانت هناك حديقة كبيرة مكانها الآن ملاعب الساحة الشعبية .. والمبني الثاني هو قشلاق كبير يطل علي النيل كان ينزل فيه الوالي أحياناً في فصل الصيف .. وهو المكان الذي يشغله الآن " ميدان الجمهورية " والمحكمة الأهلية وعمارة الأوقاف ومسجد " عمر بن عبد العزيز" ومسجد " الغمراوي " والأبنية التي تمتد في أول شارع " عرابي" .. هدم الوالي سعيد هذا القشلاق وبني لنفسه قصراً كبيراً يقضي فيه بعض أيام الصيف وبني أمامه قشلاقاً صغيراً للجند وترك مابين القصر والقشلاق فضاءً متسعاً مكانه الآن ميدان " الجمهورية " الحالي .. وبعد أن كان هذا الميدان هو نهاية العمران أخذت المدينة في النمو فظهر حي " مقبل " القديم والجديد وحي " مولد النبي " ذو النكهة الشعبية الحرِّيفة - وحُولت ثكنات الجند إلي دار المديرية والمركز ثم إلي مديرية الأمن كما تحول قصر سعيد باشا إلي دار المحكمة الأهلية .. ثم زحف العمران غرب ترعة " الإبراهيمية " بعد مد الخطوط الحديدية وإنشاء محطة السكة الحديدية وإقامة الكباري، ففي شارع " باتريس لومومبا "، " شارع المدارس " حالياً، أنشئ تفتيش الري واستراحة المستشارين وأنشئت مدرستي المعلمين والمعلمات ومدرسة الصنايع .. كما أنشئ سجن بني سويف في منطقة منعزلة كانت بعيدة عن العمران لكن الوضع تغير الآن وأصبحت " أرض السجن " القديمة هي مكان الأبراج المليونية حالياً .. ومن أهم ما أضيف في الثلاثين سنة الماضية ردم الخور القديم نهائياً وتحويله إلي شارع من أكبر شوارع المحافظة هو " عبد السلام عارف " وإنشاء شارع " صلاح سالم " الطوالي وإنشاء كورنيش متميز علي النيل - لكن النقابات المختلفة والنوادي تحتل أغلبه كباقي المحافظات للأسف - وبناء الإستاد الرياضي ومبني المحافظة في شرق النيل والمستشفي العام وتلاه العديد من المستشفيات وهدم المستشفي القديم الذي شيد علي أرضه عمارة الأوقاف وجامع عمر بن عبد العزيز وإنشاء كوبري 6أكتوبر علي الإبراهيمية وكذلك الكوبري الذي يصل المدينة بشرق النيل وإنشاء نادي المعلمين وقصر الثقافة ومحطة السكة الحديد ال جديدة .. وما إلي ذلك من أشكال العمران وأنماطه المتحولة والسريعة .. وتتكون المحافظة من سبع مراكز إدارية تضم 220 قرية وهي مركز الواسطي ومركز ناصر ومركز ومدينة بني سويف ومركز إهناسيا ومركز ببا وانتهاء بمركز الفشن . البشر .. العِرق واللسان كان السكان في هذا الإقليم في عصر ما قبل التاريخ خليطاً مابين الزنجي وغير الزنجي وأخذ العنصر الزنجي يختفي تدريجياً ويغلب علي الظن أن العنصر الحامي هو أول ما حل من أجناس بأغلب أنحاء البلاد .. يُكِّون العنصر الحامي الأساس الجنسي للسكان فكانت أهم صفاتهم الجسمانية القامة المتوسطة والشعر المستقيم والبشرة السوداء والرأس المستطيل والوجه المستطيل والجبهة الضيقة والأنف العريضة والذقن المدببة ويسمِّي " إليوت سميث " العنصر الحامي بالجنس الأسمر وينتمي إليه الصوماليون والأحباش .. وقد ثبت وجود عنصر الساميين أيضاً منذ هذه الفترة .. ومما لا شك فيه أن المصريين بصفة عامة خليط من الحاميين والساميين الذين اختلطوا وامتزجوا وانصهروا في بوتقة البيئة حتي خرج منها جنس واحد لا هو بالحامي ولا هو بالسامي الخالص وإن كان سكان بني سويف قد تأثروا جنسياً بالجنوب أكثر من الشمال ويظهر ذلك واضحاً في البشرة السمراء والشعر الخشن .. غير أن الهجرة الحاسمة في تاريخ البلاد كانت بلا شك تلك التي صحبت الفتوحات الإسلامية، فقد حمل العرب معهم لغتهم ودينهم وعاداتهم وتقاليدهم .. وتأثر سكان بني سوي بالفتح العربي إذ أنه فتح استيطاني فقد اختلط العرب رويداً رويداً بالسكان حيث أصبح يربطهم معاً دين واحد فكثرت الزيجات واستوطنت كثير من القبائل العربية قري المحافظة ولا تزال أسماؤهم تحملها الكثير من القري مثل " بني عفان " . " بني عامر" ." بني حدير" . " بني علي " . " بني خالد ". " بني رضوان " . " بني قاسم " . " بني مؤمنة " . " بني صالح " . " بني منين " . " عرب البخايتة " .. ومن أشهر القبائل العربية التي استوطنت المحافظة قبيلة " اللواتة " ومن بطون تلك القبيلة " بني زعازع " و" بنو قريش " وتنسب إليهم قرية " منقريش " و" بنو مزورة " الذين تنسب إليهم قرية " مازورة " مركز " سمسطا " .. كما اختلط أهالي بني سويف بالأتراك والمماليك ويظهر ذلك في كثير من العائلات التي اكتسبت البشرة البيضاء والشقرة، وكانت بني سويف ملجأً للعناصر المملوكية المغلوب علي أمرها فقد ذكر الجبرتي في " عجائب الآثار .. " أنه عندما كانت تقوم المنازعات بين أمراء المماليك كان المغلوبون علي أمرهم من البكوات المماليك يهربون من القاهرة إلي بني سويف .. ونلاحظ، مثلاً الشقرة الواضحة في قرية " المماليك " مركز إهناسيا .. وتتميز اللهجة السويفية بطابع خاص يميزها عن باقي المحافظات ويتضح ذلك في : أولاً : عدم نطق الحروف الأخيرة من الكلمات، ومن أمثلة ذلك : تنطق كلمة مصطفي موصطَ .. وكلمة محمود محمووْ .. وكلمة الزراعة الزِرااا .. الخ ثانياً : تشيع بعض تصريفات وتنويعات بعض الكلمات البدوية مثل كلمة ( إيش ) فنجد منها : لاش كده ؟ ومعناها لماذا .. هو آش يعني ؟ ومعناها ما هو .. آش ده ؟ وتعني أيضاً ما هو .. ثالثاً : مط بعض الحروف مثل موووصطفي .. رابعاً : عدم نطق الحروف التي وسط الكلمات الثلاثية الحروف مثل سِسّْ عند الكلام عن مدينة " سِدس " .. وبالطبع قد لا تُلحظ أغلب هذه الأمور عند السرعة في الكلام . ويحب السويفي البسيط دائماً أن يذكر أبناء بني سويف من المشاهير أمثال القائمقام يوسف صديق عضو مجلس قيادة ثورة يوليو النبيل وقارئ التواشيح الشهير الشيخ طه الفشني والمفتي السابق د.علي جمعة والمعلق الشهير الكابتن محمد لطيف واللاعب ربيع يس وعالم الآثار علي بهجت بن محمود بن علي أغا الذي استخرج آثار الفسطاط بالقاهرة .. وقد رثاه أحمد شوقي عند وفاته عام 1924 م بقصيدة مطلعها : أحق أنهم دفنوا عليا وحطوا في الثري المرء الزكيا ومحمد عثمان يوسف جلال الشاعر والمترجم والأديب المصري الذي يعتبر من واضعي أساس القصة الحديثة والرواية المسرحية في مصر و من أشهر ترجماته " خرافات لافونتين " عن الفرنسية وتوفي1898 م، ويحيي إبراهيم باشا الذي تبوأ منصب وزير المعارف العمومية مرتين ثم تولي رئاسة الوزارة بالإضافة إلي منصب وزير الداخلية في الوزارة التي قام بتشكيلها في (15 مارس 1923- 27 يناير 1924)، وتولي فيها أيضا وزارة العدل بالنيابة (18 نوفمبر 1923) و نظراً لحنكته القانونية أطلق عليه لقب " شيخ القضاة ". من أهم أعمال وزارته : الإفراج عن الزعيم سعد زغلول بعد اقل من أسبوعين من توليه الوزارة، إلغاء الأحكام العرفية، إصدار دستور 23 الأكثر انفتاحاً واستنارة - في 19 من ابريل عام 1923، والذي يعتبر من أهم أعمال وزارته .. توفي يحيي إبراهيم عام 1936. والفنان التشكيلي الكبير محمد حامد عويس، والفنانون سامية جمال، وعبد المنعم إبراهيم، ومحمود حميده، وحسن عابدين، وزوزو ماضي ولطفي لبيب، والمنتصر بالله، وصلاح أبو سيف، وعمرو عرفه، وعائلة الحجار، إبراهيم الحجار وأولاده علي وأحمد ورأفت ووجيه عزيز .. وآخرين ليس منهم رئيس وزراء الاخوان هشام قنديل الذي رغم كونه من مواليد بني سويف إلا أنه عاير الفلاحات بفقرهم وقلة نظافتهم في حديث شهير أقام الدنيا ولم يقعدها هنا لذلك عندما تسأل السويفي عن هشام قنديل يحك رأسه ويقولك مش فاكر واللهِ ! الماضي وبريقه الموصول تحتوي بني سويف علي آثار تمثل جميع مراحل التاريخ المصري والفرعوني والقبطي والإسلامي وتتعدد المناطق الأثرية الفرعونية وتنتشر في جميع مراكز المحافظة ومنها ما هو قائم علي سطح الأرض كالأهرامات والمصاطب ومنها ما هو في باطن الأرض كالمقابر .. ومن أهم هذه المناطق : مركز " الواسطي " منطقة آثار " ميدوم " : تقع المنطقة علي بعد 5 كم من مدينة الواسطي شمال محافظة بني سويف وعرفت في النصوص المصرية القديمة باسم ( مر- تم ) التي ربما تعني " المحبوبة إلي الإله أتوم " وهو إله الشمس عند الغروب وتضم المنطقة الهرم الذي بني من ثماني مصاطب ثم كسيت من الخارج لتبدو في شكل الهرم ويمثل حلقة الوصل في تطور البناء الهرمي والذي تم علي يد مكمل الهرم " الملك سنفرو " في هرميه في دهشور. منطقة آثار " أبوصير الملق " : هي واحدة من أهم الجبانات بمحافظة بني سويف وتقع شمال غرب قرية " إشمنت " بحوالي 15كم وقد عرفت في النصوص المصرية القديمة باسم " بو أوزير" أي " مقر الإله أوزوريس " علي اعتبار أنها من مراكز عبادة هذا الإله وتضم المنطقة مجموعة من الجبانات من عصور مختلفة . مركز " ناصر" .. منطقة آثار الجرابعة : وتتكون من قطعتين الأولي في الشمال علي مساحة 40 فدان وتحتوي علي جبانة مسيحية تعود إلي القرنين السادس والسابع .. والمنطقة الثانية تتكون من 20فدان وهي مكان العبادة .. حيث عثر علي دير كامل تحت الأرض وحوله المباني المكملة للدير . مركز بني سويف : منطقة آثار" بليفيا " : وتحتوي المنطقة علي بقايا من قاعدة هرم لم يتم استكمال العمل فيه وهو يشبه نفس الكتل الحجرية المستخدمة في هرم ميدوم . مركز إهناسيا : أتاح الموقع الجغرافي الاستراتيجي لإهناسيا أن تلعب أدواراً سياسية هامة وان تصبح عاصمة البلاد خلال حكم الأسرتين التاسعة والعاشرة وأن تحتل مركزاً مرموقاً في الأدب والديانة والأساطير المصرية القديمة لعل أشهرها تلك التي تتحدث عن هلاك البشر، وأسطورة أخري تفيد أن الشمس قد ظهرت لأول مرة في إهناسيا وفيها توج أوزوريس ملكاً علي مصر، وهناك نصائح حتي لابنه " مري كارع "، وبالطبع تبقي قصة "القروي الفصيح " أو " الفلاح الفصيح " وهي درة من درر الأدب المصري القديم، هي أشهر حكايا هذه المنطقة .. ويحتوي المخزن المتحفي في إهناسيا علي آلاف القطع المكتشفة وتمثل كافة أنواع الآثار وبعضها قطع فريدة ولا مثيل لها . " سدمنت الجبل " أو " جبانة إهناسيا المدينة " : تقع علي البحر الغربي من بحر يوسف بين جبل " سدمنت " و" ميانة " وتمتد الجبانة لبضعة كيلومترات وظلت تستخدم حتي نهاية العصر الروماني . مركز ببا : منطقة آثار" غياضة الشرقية " و" جبل النور" : وهما منطقتان صغيرتان تبعدان عن مدينة بني سويف شرق النيل بحوالي 25كم وتعودان إلي العصرين اليوناني والروماني . منطقة آثار " المضل " : توجد علي بعد35 كم جنوب شرق بني سويف وهي جبانة قبطية تعود إلي العصر الروماني واستخدمت حتي نهاية هذا العصر . مركز " سمسطا " : منطقة آثار " الكوم الأحمر" و" مازورة " : وهما منطقتان متلاصقتان تم الكشف فيهما علي أشكال الصليب المختلفة ومباني قبطية للعبادة وأواني فخارية . مركز " الفشن " : منطقة آثار " الحيبة " : كانت تسمي قديماً باسم " حات بنو " وكانت مركزاً لعبادة " الفينكس " وكانت تمثل الإقليم رقم 18 من أقاليم مصر العليا وتعود إلي عصرالأسرة21 وسميت في العصر اليوناني باسم " هيبونوس" وحُرِّف الاسم حتي عرف باسم " الحيبة " . مكان خاص أول.. كهف وادي سنور. يرجع تاريخ كهف سنور إلي 65مليون سنة ويعتبر ظاهرة فريدة من نوعها في مصر والعالم وهو واحد من ثلاثة كهوف بهذه الكيفية علي مستوي العالم .. وتقع قرية " سنور" علي بعد 18كم شرق النيل ومن أمامها ينتهي وادي سنور وهو عبارة عن تجويف شبه اسطواني ضخم قطره 80 م وعمقه العمودي حوالي 42م وينحدر من أعلي المحجر حتي أرضية طريق حلزوني طوله حوالي150م .. وفي الركن الجنوبي من الأرضية يوجد شق موازي لأرضية المحجر طوله 6م وأقصي اتساع له 1م وهذا الشق هو مدخل الكهف ومن هذا المدخل وعلي عمق حوالي19 م توجد أرضية الكهف و حتي أسفل مدخل الكهف بحوالي 5 م تتراكم كمية من كتل الصخور الحجرية الضخمة المتساقطة من الأجزاء العليا من الكهف .. وعند النزول لمدخل الكهف تكون أول كتلة حجرية علي بعد 6م ثم بعد ذلك الدرج .. وفي النزول تجد الكتل الحجرية الضخمة المتراكمة بعضها فوق بعض بمسافة حوالي13م حتي أرضية الكهف .. وفي داخل تجويف الكهف توجد " نتوءات كلسية " ويتدلي من الحائط " هوابط الكالسيت " وتظهر الهوابط والصواعد .. وكذلك يلاحظ ترسيب " كربونات الكالسيوم " في الجزء الشمالي الشرقي وتظهر في صورة بلورات نامية كاملة التبلور ورفيعة كأنها شعاب مرجانية تنمو علي كلٍ من جانبي الحائطين وأرضية الكهف بينما الجزء الجنوبي الغربي تظهر فيه الأعمدة المتدلية من أعلي وتسمي " الهوابط الثابتة من أسفل " .. وتكونت غابة من الصواعد في الكهف منها الشفاف كالزجاج ومنها الأبيض كالثلج ومنها ما يشبه الأنابيب الزجاجية الطويلة أو ما يشبه الشعاب المرجانية ومنها الشفاف الأبيض والأحمر الأملس كالزجاج ومنها ذو السطح الخشنة كما لو كان عليه إبر دقيقة أو أشواك .. هكذا يعطي داخل الكهف منظرا طبيعياً فريداً يبهر الزائر .. الآثار الإسلامية والحياة الروحية أهم المعالم الإسلامية بالمحافظة هو مقام ومسجد السيدة حورية أو " الست حورية " كما يسميها العامة وأهل التصوف، وهي حامية المحافظة وأيقونتها المريمية الكبيرة حيث تنتشر بمراكزها وقراها العديد من الأولياء والصالحين الإناث لكنهن يستمددن البريق من رايتها المتسعة - ويقع المقام في شارع سمي باسمها متفرع من شارع " أحمد عرابي " بمدينة بني سويف .. اسمها الحقيقي " زينب الحسينية " ويرجع تسميتها إلي الإمام الحسين بن علي، وكانت رحالة وراء العلم، وشهدت العديد من الفتوحات الإسلامية، ورافقت جيوش المسلمين إلي مصر، وقاتلت مع الجنود، وأظهرت الكثير من الكرامات، وكانت آخر موقعة شاركت فيها ببلدة " البهنسة " وأثناء رجوعها نزلت إلي بني سويف وجاءها الأمر بالاستقرار بها إلي أن توفيت بها وهي بكر لم تتزوج واشتهرت بجمالها وورعها وتقواها .. أنشئ هذا المقام عام 1323ه وأنشأه إسلام بك وأتم عمارته ابنه عثمان بك إسلام .. ويُحتفل بها سنوياً في الأسبوع الأخير من شهر شعبان . وكذلك توجد بالمحافظة من الآثار ذات التاريخ والعبق الإسلامي مئذنة مسجد " الشلبي " و المشربية بمدينة بني سويف والتي ترجع إلي العصر الفاطمي، والمئذنة الفاطمية بالمسجد الكبير " بدلاص " بمركز " ناصر"، كما يوجد بقرية " سدس الأمراء " بمركز" ببا " قبر الأمير " أحمد بن شديد " الذي عسكر في هذا المكان أثناء غزو عمرو بن العاص لمصر ومعه سُدس الأمراء .. ومن المساجد الحديثة المبنية ببذخ معماري يجسد غالبية القيم الإسلامية في العمارة، من القباب للمآذن للمشربيات للمنمنمات الخ : المسجد الكبير بشرق النيل ببني سويف ومسجد سارة المنصور الموجود علي الطريق الزراعي بين مركزي " ببا " و" الفشن " .. ولا تتوقف الاكتشافات الأثرية في فمؤخراً تم العثور علي مقبرة مروان بن محمد ( مروان الثاني ) في قرية " أبوصير" وهو آخر ولاة الدولة الأُموية وقد عثر في داخل المقبرة علي إبريق من البرونز وهو كروي منتفخ ينتهي بقاعدة في أسفله والجسم مزخرف بعدة حيوانات في أوضاع مختلفة والبعض منها يجلس وحيداً وتحيط به زخارف نباتية بينما البعض الآخر في وضع المواجهة أو الدوران بعضها حول البعض وقد نُقل الإبريق إلي المتحف الإسلامي بالقاهرة . ويجدر بنا هنا ذكر أن هذه المحافظة غنية لحد الامتلاء بالأولياء والمقامات حيث يندر أن تجد مركزاً أو قرية إلا وبه " شيخ " أو أكثر، يعني مقام يُزار ويعمر في ميعاده السنوي الثابت، ولو أخذنا مركز " الفشن " كعينة نجد أنه يسمي ( أرض الصالحين ) نظراً لكثرة مقامات الأولياء به حيث يبلغ عدد المشايخ في هذا المركز وقراه ما يزيد عن97 شيخاً !! منه في المركز نفسه 26 مقاماً يعمرون في مواعيد مختلفة من السنة .. وفي قرية " الحيبة " التابعة للفشن عشرة مشايخ وفي قرية صفط النور نجد أن بها خمسة مقامات منهم ثلاثة للأولياء النساء : " الشيخة محاسن الشريف " و" الشيخة حكمة " و" الشيخة فتيحة " .. وقري كثيرة تقابل فيها مقامات وموالد لهاتيك المريميات الحاميات التي تتميز أغلبهن بالطهر والعذرية والصلاح والكرامات .. ولا يفرق العُّمار في طقوس التقديس بين الولي المذكر والأنثي فالولاية هبة تنزل من السماء علي المختار بغض النظر عن لونه أو شكله أو جنسه بل حتي دينه ، فنجد أن أغلب عُمَّار مولد " البباوي " بكنيسة مارجرجس بمركز " ببا " هم من المسلمين .. وإذا أكملنا مع مركز " الفشن " لنبحث في الطرق الصوفية سنجد أنه مثله مثل باقي المدن المصرية يتوزع المريدون فيه تحت الطرق الخمسة التابعة للطرق الأربعة الكبار وتفريعاتهم وهم : طريقة السادة الرفاعية التابعة لسيدي أحمد الرفاعي، طريقة السادة الجيلانية أو القادرية التابعة لسيدي عبد القادر الجيلاني، وتتبع الفشن قادرية الفيوم، طريقة السادة البرهانية الدسوقية الشاذلية التابعة لسيدي إبراهيم الدسوقي وأساسها سيدي أبو الحسن الشاذلي وأشهر تفريعاتها الحالي في مصرطريقة الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني وهو سوداني المنشأ، وانتهاءً بطريقة السادة الأحمدية التابعة لسيدي أحمد البدوي و يجدر بالذكر أن لها 36 تفريعة أو " سجادة " ويُغلق القوس بطريقة " السادة البيومية " التابعة لسيدي علي البيومي .. وتنتشر بشكل خاص هنا طريقتان هما " الطريقة الخلوتية الجودية " وشيخها الشيخ الدكتور عبد العليم جودة البكري وكذلك الطريقة النقشبندية .. و تستخدم هذه الطرق المسبحة الطويلة ذات العَدَّاد لقراءة وترديد الأوراد الخاصة بكلٍ منها . الخاتم المصري في المسيحية تحفل المحافظة بمجموعة من الأديرة الأثرية والكنائس من أهمها " دير الأنبا بولا " بمركز" ناصر" في الصحراء الشرقية وتوجد به كنيسة الأنبا بولا المبنية عام1875 م ومن المظاهر الفريدة أنك تجد في أعلي قبة هذا الدير تعانُق الهلال مع الصليب .. وقد وضعت هيئة قصور الثقافة ملصقاً بصورة هذه القبة الفريدة وزع علي نطاق واسع .. بعد ذلك تجد في الضفة الشرقية للنيل " كنيسة السيدة العذراء " التي بنيت في ذكري مرور العائلة المقدسة بهذا المكان .. وفي شمال غرب قرية " الحمام "علي طريق الصحراء الغربية يقع " دير السيدة العذراء " الشهير باسم " دير الحمام " ويرجع إنشاؤه إلي عام 346م وهناك ظاهرة عجيبة في هذا الدير هو أن نوع الدبابير المسمي " بدبور الطين الباني " بني مجموعة من الأعشاش غطي بها الحائط الشرقي من الدير تماماً وزاد سمك السور إلي متر ونصف .. وفي قرية " سدمنت الجبل " التابعة لمركز" إهناسيا " يقع " دير مارجرجس " الذي يرجع تاريخه إلي القرن الثالث عشر الميلادي .. وفي مركز" ببا " وفي عام 1830 أنشئت كنيسة " الشهيد مارجرجس " والتي يقام بها علي نطاق واسع مولد " البباوي" سنوياً .. وفي شارع " الناصر" بمدينة بني سويف تأسست " الكنيسة الإنجيلية " منذ مائة عام كاملة.. مكان خاص ثان .. دير الأنبا أنطونيوس بقرية الميمون: يعتبر دير الأنبا أنطونيوس بقرية الميمون التابعة لمركز الواسطي هو أول منشئة رهبانية في العالم وقام ببنائه القديس أنطونيوس عام 400م .. ويعد هذا القديس هو مؤسس الرهبنة في العالم، والرهبنة هي الإضافة المصرية للديانة المسيحية .. وقد تعبد في هذا الدير لمدة عشرين عاماً قبل أن يخرج إلي جبال الصحراء الشرقية ويتوحد بها .. ويوجد بمدينة ناصر وكتابع للدير كنيسة الأنبا أنطونيوس التي أنشاها الأنبا باسيليوس عام1887 م وتتميز الكنيسة بطراز فريد للغاية حيث تم بناؤها علي طراز كنيسة القيامة بفلسطين . ..مكان خاص ثالث .. مبني الثورة أو مبني المحكمة الأهلية في 12 مارس1919 م أعلن المحامون رفضهم الترافع أمام القاضي الإنجليزي عدا محامٍ واحد تجمع حوله زملاؤه وأشبعوه لوماً وتقريعاً ولم تلبث الجموع القليلة أن أصبحت تجمعاً غفيراً يحيون المحاميين الشجعان ويتوعدون زميلهم الجبان وخاف القاضي وهرب من الباب الخلفي .. هذا القاضي الذي وصف نفسه بالغباء في مذكراته لأنه أثار حفيظة الثوار في مبتدأ الأمر حيث نظر إليهم من شرفة المحكمة وتوعدهم .. فاقتحموا المحكمة وحطموا النوافذ وأوقفوا الموظفين عن العمل وهددوهم بالضرب .. يقول القاضي واصفاً الأحداث ( في ذيل هذه المظاهرة حضرت كتيبة هائلة من الفلاحين في أردية بيضاء قوامها ثلاثمائة إلي خمسمائة فلاح يحملون النبابيت في أيديهم وكأنها غابة متحركة ومن الواضح أنهم خرجوا للثأر من الإنجليز كلهم ) بعدها حوَّل الإنجليز سطح المحكمة الأهلية إلي منصة لأحد المدافع وراحوا يطلقون النار علي الثوار وسقط الكثير من الشهداء أما مستشاري محكمة الجنايات ببني سويف فقد غادروها كلهم بعد صعوبة عقد الجلسات ووصلوا عن طريق مركب شراعي إلي القاهرة في العشرين من مارس 1919م و اعتصم الانجليز في ثلاثة منازل وأعدوها بسرعة لتصلح لحالة دفاع أما منزل القاضي الذي كان استراحة حكومية ( أين هي الآن ؟ لا أحد في بني سويف كلها يدري !! ) فقد اقتحمه الفلاحون لكنه كان قد فلت بجلده فقام الثوار بتدمير المكان وأشعلوا النار في كل أرجائه ثم اتجهت جموعهم إلي شارع الرياضي يقصدون مصلحة الري فقد كان هناك خواجات آخرين من المستعمرين يستحقون العقاب . ويبدو أن النيران في هذا المكان لا تتوقف إذ أشعل متظاهرو الإخوان يوم20 أغسطس 2013النار في هذه المحكمة العريقة ولم يتركوها إلا حطاماً .. الوضع الثقافي .. أحوال وأجيال يبدو المشهد الثقافي السويفي متفاوتاً إلي حد كبير فبعد كارثة احتراق قاعة مسرح قصر ثقافة بني سويف يوم5 سبتمبر عام 2005 ومشاهدتنا لأحبابنا وهم يحترقون أمام أعيننا ونحن نجري كالمجانين لننقذ ما يمكن إنقاذه وثبات إحساس العجز والرماد في الحلوق والعيون من ساعتها، ابتعد الجميع عن المرور في المنطقة بأكملها وامتنع الذين يقيمون في المراكز عن النزول أساساً لمدينة بني سويف، ثم حسم من كان متردداً في السفر للخارج أمره وابتعد، وكذلك من كان ينتوي الإقامة في القاهرة أو سواها ولم يقوَ العديدين إلا علي انتهاج يقين عبثية الحياة والانكفاء من ثَمَّ علي الذات في غرفٍ بعيدة علها تحمي من حرائق الأرواح المتحدرة في الطرقات ... وهكذا مرت سنوات عجاف علي الثقافة في بني سويف توقف فيها النشاط نهائياً لكن طبيعة الحياة وقوة البعض النفسية، وكون قصر الثقافة مكان حكومي في نهاية الأمر حركت الأمور رويداً رويداً إلي أن عادت الأمور للشكل العام للنشاط الثقافي الذي يماثل غالبية المحافظات وهو النشاط المرتبط غالباً بأنشطة هيئة قصور الثقافة ولا تسأل عن باقي مؤسساتنا الثقافية، كالمجلس الأعلي وصندوق التنمية الثقافية وهيئة الكتاب، أو غير ذلك حيث مهما صفيت النوايا فيظل تكوينها مركزي بالأساس بعكس الثقافة الجماهيرية .. المهم أنك ستجد نادي أدب في كل بيت ثقافة في كل مركز من مراكز بني سويف ولا تسأل عن الأعداد التي تحضر أو عن الأنشطة التي تنفذ فهي أمور تختلف من مكان لآخر وتخضع في الأساس لظروف وطبيعة كل مكان والحق أن الهيئة ترسم الخطط وترسل المراقبين والمتابعين باستمرار، لكن المشكلة أن أموراً عتيقة من قبيل أن يحتفظ الموظفون بصور بطاقات و كارنيهات يعاد تصويرها وتسوي بها ندوات وأنشطة علي الورق هي آفة مصرية عامة في كل الأماكن بل وبصور مختلفة ومتحولة - في كل الوزارات والهيئات والمؤسسات المصرية .. الفهلوي المصري حولك يا أخي وأنت تعرفه وتحبه كذلك .، وأحياناً ما تتعاطف مع الموظف الذي لم يقصر في الدعاية للنشاط والذي أعد المكان جيداً والذي دبر مبيتاً للضيف في بيته الفقير وكان فخوراً وهو يعطيه المظروف الذي يحتوي علي الخمسة وسبعون جنيهاً أو المائة جنيه قيمة مكافأة الندوة لكن الناس لا تريد أن تحضر .. حقاً، ليس لعدم الثقة في الثقافة وجدواها أو بسبب انشغالهم بأذرع الميديا الملتفة حول الأعناق فقط بل لأن هذا المركز أو ذاك فقير فعلاً وغالبية الناس ومنهم الأدباء ذاتهم يعملون في مهن عجيبة لتمرير الأمور والحياة ... لكن في النهاية هناك " شريحة " وهي مخصص مالي سنوي من الهيئة للقصور تجعلك تشاهد عرضاً مسرحياً معقولا، وهناك ميزانية بسيطة لنشاط يسمي أندية المسرح للتجارب والمسرحيات بسيطة التكاليف، كذلك تقيم مديرية الثقافة مؤتمرات متعددة تستمر من يوم واحد إلي عدة أيام، وندوات موسعة، وليالٍ ثقافية بمناسبة رمضان مثلاً ,وغير ذلك وهناك أيضاً أيام طويلة تكون بلا نشاط ,وهكذا .. و يجب لفت الانتباه الي أن مؤسسات المجتمع المدني، الأحزاب تحديداً والتجمع والناصري بتحديد أكبر هنا في بني سويف - لها دور في النشاط الثقافي لكنه متفاوت أيضاً ومتقطع وبجهود فردية من بعض الأعضاء الأدباء حيث لاُ يطلب من الحزب سوي توفير المكان فقط وتقام ندوة أو أمسية بسيطة و حميمية لكن الأحزاب وهي تشبه الدولة في ( أنها كل يوم بحال ) - ستجد منها ترحيباً في فترة وفتوراً في أحيان أكثر .. لكن هل تؤمن الدولة فعلاً بجدوي هذا الفعل المسمي بالثقافة ودوره فيتجلي ذلك مثلاً في توفيرها ومتابعتها للبنية التحتية التي تتيح الخلق وتنشر الوعي ؟ ولنسأل سؤالاً ينفع أن يكون عينة دالة، وهو كم عدد السينمات التي كانت موجودة في بني سويف ؟! 4 سينمات وهم : سينما النصر - حي مقبل، سينما قصر الثقافة - أمام النادي الرياضي، سينما الأهلي - حي مقبل أمام بنك القاهرة ,سينما مصر - خلف البنك الأهلي في شارع صلاح سالم . بالإضافة لسينما " ببا " الشعبية، أو الترسو كما كانت تسمي. ثم كم عدد السينمات المستمرة منهم حتي اليوم ؟ الإجابة ولا واحدة ! لقد بح صوت المبدعون للمحافظ وللوزارة ولكن لا إجابة .. وعندما تضيف إلي المواقع المعطلة بيت ثقافة كامل بالسينما التي كانت فيه وبالمسرح وبنادي الأدب وبالآلات الشعبية .. وهو قصر ثقافة " ببا " فتتعجب لماذا أصبح خرباً فجأة ؟!وأين ذهب الموظفون؟ وهل يوقعون ويعملون في منازلهم مثلاً ؟! ولماذا لا يبدو في الأفق أي أمل ؟! وتظن أن في الأمر سراً لكن الحقيقة أنه ليس هناك أي سبب .. الأمور هكذا ( وخلاص ) .. وعندما نتحدث عن أجيال الأدب في بني سويف نجد أنفسنا مجبرين علي ذكر غالبية الأسماء لأنهم مجاهدون بالفعل في ظل حصار من الظروف والفقر العام سواء كان وعيي أو مادي كلٌ بما يقدر عليه في سبيل رسم حركة أدبية وخلق كيانات وأجيال وتجارب ... في الشعر نجد أن الرواد هم محمد علي الهواري الملقب بأمير شعراء الصعيد ومحمد كمال لُطيِّف عضو اتحاد الكتاب الذي جايل شعراء الأربعينات والخمسينات ، بأشعارهما الفخمة المناسباتية والطريفة أحياناً عند الثاني .. ثم لا تجد حتي سبعينيات القرن العشرين ثمة أسماء مهمة سوي دكتور الفلسفة الإسلامية د.مختار عبد الصالحين الذي لم يطبع ديواناً حتي الآن ,والزجال الشعبي الذي لا يقرأ ولا يكتب ولا تجد عنده كسراً واحداً في الوزن مصطفي الشيخ الذي طبع له بيت ثقافة " الفشن " كتيباً يضم أزجاله .وبعد ذلك ومع ثمانينات القرن المنصرم بدأت تتشكل عن طريق طلاب اليسار في كليات بني سويف حركة شعرية قوية وواضحة ومثقفة، علي رأسهم حاتم عبد العظيم رحمة الله ,وأيمن بكر وأشرف عطية وهم الذين شكلوا أهم نقاد بني سويف فيما بعد وكان متساوقاً معهم في نوادي الأدب المختلفة عطية معبد، ونور سليمان، وعلاء حسني ثالوث إهناسيا الشعري الحداثي، ومعهم محروس عباس ومصطفي محمد محمود ,ثم في نادي أدب بني سويف سيدة فاروق وجاسر جمال الدين ونبيل سيد علي ووفاء حسن وحسن أبو النصر- الذي قضي في محرقة بني سويف، ولحق بهم أسامة بدر وهبة مصطفي وفي نادي أدب الفشن صلاح عتريس وأحمد هيكل ووحيد لطفي وربيع قطب وربيع الهلباوي .. هذا الجيل هو الذي عضد بكل الأشكال الممكنة والمتاحة - وإن بتفاوتات فردية طبيعية - فكرة الحركة الشعرية، من نشر ماستر وندوات وأمسيات بل ومؤتمرات تقام بأقل التكاليف وأبسط الصور مثل مؤتمر " الفلاح الفصيح " الذي أقيم بإهناسيا عدة مرات علي البحيرة المقدسة وكان من ضيوفه محمد عفيفي مطر ورفعت سلام وحلمي سالم وآخرين والذي نحاول إحياؤه حالياً - ثم سلبت الدراسات النقدية الشعراء الثلاثة فانحازوا لها وهجروا الشعر، وكذا في إهناسيا علاء حسني الذي أخذته المحاماة حتي النهاية، وفي الفشن وحيد لطفي طبيب التخدير الذي طلب نقله للأماكن النائية وفتن بالصحراء .. لكن الباقين استمروا .. ثم جاءت التسعينيات والتحق بالحركة الشعرية أبناء هذا الجيل محمود عبد الله، ومؤمن سمير، وحاتم جعفر، ووليد ثابت، ومحمد أبو زيد، وحمادة عبد اللطيف، ومحمد رجب، وبالطبع هم موزعون علي النوادي المختلفة .. وكالعادة تجد أناساً لا يكملون لسبب أو لآخر فابتعد حاتم جعفر، و محمد رجب، و محمد أبوزيد، ثم التحق بالحركة الشعرية السويفية في بداية القرن الحالي عزة حسين، وصفاء صلاح الدين، وناظم نور الدين، وخالد حسان، وربيع إمام، ومروة أبو الخير، وبدوي سيد، وخالد سلام، وعصام ممدوح، وشريف صلاح، وانتهاء بالجيل الأحدث دعاء عبد العزيز، ومحمد نبيل، وعبد الرحمن تمام، وأحمد حسن عبد الفضيل، وعبد الرحمن سيد، وأحمد النناوي، ومحمد مهني، ومحمد عبد العزيز، وأحمد جلال، وجمال عبد الله . في القصة والرواية سنجد جيل السبعينات إسماعيل بكر، ومحمد شاكر الملط، وعبد المنعم عبد التواب، ومحمود الحنفي. والمفارقة أنهم كلهم ينتمون لليمين المحافظ في التوجه العام وفي الكتابة لكنهم حرصوا علي صنع نشاط ثقافي وإبداعي سمح بطلوع المختلفين معهم في القيم الكتابية، خاصةً الأول الذي يعتبر مؤسس نادي الأدب المنتظم الأول في بني سويف .. ثم في الثمانينات اتسع الأفق قليلا وانضم للمشهد كل من إبراهيم علي عبده، وعزة مصطفي، وهدي توفيق، وابتعدت عزة مصطفي، ولابد أن نضيف القاصة والروائية السويسية أمينة زيدان التي أقامت في بني سويف فترة طويلة إبان فترة زواجها الأول من الراحل حاتم عبد العظيم حيث ساهمت بنصيب وافر في بلورة الاتجاهات الحداثية في الكتابة السردية ومنحها المشروعية .. ثم جاء التسعينيون : محمد ممدوح، ومحمد مصطفي طه، وأحمد عادل القضابي، ومرفت محمد يس، وزينب الغازي، وعمر شهريار، وأحمد رجب هارون، وتوقف محمد مصطفي طه والتحق بالدراسات النقدية عمر شهريار، وزينب الغازي، وانتمي محمد ممدوح للإخراج السينمائي، حتي نصل إلي الجيل الأخير محمد علام، ومني البنا، وجمال حسن، ومحمود عبد الله .. في النقد نجد المرحوم حاتم عبد العظيم، وأيمن بكر، وأشرف عطية، وصلاح كامل رحمة الله، و محمد مصطفي سليم ,وإبراهيم علي عبده ,ثم محمود عبد الله، وزينب الغازي، وعمر شهريار، وأحمد عادل القضابي، وانتهاءً بأحمد تمام، وخالد الصاوي . في المسرح تجد خمس فرق مسرحية عريقة هي فرقة بني سويف، وفرقة الفشن,وفرقة ببا، وفرقة إهناسيا وفرقة أبو صير، ونلحظ بكل إعجاب أن بعض أعضائها فات عليه وهو يمارس نفس اللعبة ربع قرن أو يزيد ,ومر مع الفرقة بكل الإحباطات المتخيلة وغير المتخيلة من نقص في كل شئ وتحدي خلق حلم من العدم .. وبالتوازي مع هذا النشاط المسرحي العام لا ننسي الأفكار الرائعة المتجاوزة التي تقدمها فرق الجامعة في عروض لا ترتبط بالضرورة بالنشاط الدراسي .. هذه الفرق وتلك، أمثلة حية لتأكيد حب الفكرة وبذل كل ما هو متاح في سبيل طلوعها من الرماد ... في الفن الشعبي تزهو بني سويف بفرقتها للفنون الشعبية التي حصلت في إحدي المسابقات الدولية علي المركز الأول علي مستوي العالم .. كما تزهو بفرقة بني سويف للموسيقي العربية العريقة المبدعة التي خرجت أجيالاً من المطربين والعازفين .. وفي الغناء الشعبي هناك العديد والعديد من فرق الغناء الشعبي إلا أنه يبرز منهم فرقة أبو صير بملامح أفرادها المنحوتة وبأدائها الشعبي المستمد من البيئة . مكان خاص أخير " محمية نقاء عرقي بمحض الصدفة اكتشفتُ مكاناً مثيراً ينتمي لمركزالفشن، مكان يصلح عليه وصف المحمية البشرية الطبيعية "حيث يتكون من الأخوة والأهل فقط، ويحاط هذا المكان الخاص بسور من الطوب الأحمر والأسمنت من جميع الجهات وله باب رئيسي يفتح ناحية الشرق، غالباً لا يتجاوزه إلا من كان ينتمي لهذه العائلة فقط !!. هذا المكان هو عزبة البدوي التي تبعد ثلاثة كيلومترات جنوب قرية شنرا التابعة لمركز الفشن، وهي العزبة الوحيدة التي تسمي باسم مالكها ومنشئها من لحظة بزوغها وحتي اليوم أنشئت عام1873م ولا يسكنها إلا أولاد وأحفاد المالك والذين يتصاهرون فقط من بعضهم البعض .. وتنتمي عزبة النقاء العرقي تلك إلي الحاج البدوي محمد إبراهيم أحمد مرعي إبراهيم عوام الذي ينتهي نسبه إلي الصحابي الزبير بن العوام والعزبة بها ثلاثون منزلاً أغلبها يتميز بالطابع المعماري القديم ,وهناك ديوان للعائلة مخصص للاجتماعات والمناسبات وحل المنازعات، مازال بهيئته التي أنشئه بها المؤسس .. أما عدد سكان العزبة فيبلغ حوالي 300 فرد جميعهم من نسل البدوي، وفي الثمانينات أنشئت مدرسة البدوي الابتدائية ولحقت بها في التسعينات مدرسة البدوي الإعدادية، وهناك مسجد البدوي الكبير، ومنذ فترة قريبة تم الموافقة لهم علي تخصيص صندوق انتخابي خاص!