هو ليس غريبا علي الوسط الثقافي، ولا علي المجلس الأعلي للثقافة..مقالاته ودراساته المتعددة هي محاولة البحث عن التاريخ ليس في مصادره المعتادة، وإنما في مصادر أخري قد لا يلتفت إليها الكثيرون، هكذا يعتبر أن ثلاثية نجيب محفوظ هي الوثيقة الرسمية الأكثر اكتمالا لثورة 19، إلي جانب أغنيات سيد درويش. كما أن قصائد نزار قباني ومقالات محمد عبده هي محاولة لفهم ظاهرة " الاستبداد" في الوطن العربي..التي أصبح تجليها الأكبر فيما يطلق عليه:" المستبد العادل". عفيفي يري أن " الناس تقرأ الأدب أكثر مما تقرأ التاريخ . وهذا ما يصنع الوعي التاريخي لدي الشعوب.والسينما نفسها مصدر للتاريخ، وتصنع الوعي التاريخي". كما أنه ليس غريبا علي المثقفين، ليس غريبا علي المنصب، فهو عضو في لجنة التاريخ ثم رئيساً لها، ولجان الجوائز..ومشارك بارز في معظم الفاعليات الثقافية التي تقام في المجلس الأعلي علي مدي سنوات. قبل أيام من توليه المنصب كان قد استعد للسفر إلي خارج مصر للعمل عميدا لإحدي الكليات في إحدي الدول العربية، عندما عرض عليه المنصب، لم يفكر كثيرا، 24 ساعة وأعلن قبوله.. هو يري أننا في لحظة فارقة في تاريخ مصر، إما أن يتم استغلالها أو ستضيع. ستضيع اللحظة، وربما مصر أيضا.. منذ أن تسلم منصبه هو لايزال في مرحلة " استكشاف الجو"..يحاول ترميم ما تم افساده في الفترة السابقة عليه من علاقات وظيفية..ولكن ما هي خططه وأفكاره؟ وماذا بعد مرحلة استكشاف الجو؟ يجيب: واضح تماما أن هناك فجوة وجفوة بين قطاعات من المثقفين وتحديدا من الشباب وبين المجلس الأعلي للثقافة، وقد اتفقت مع د. جابر عصفور وزير الثقافة أن يعود المجلس بيتا للمثقفين، بدون أن يتحول إلي حظيرة ( وهي كلمة لا احبها)، وأن يكون سقف الحرية فيه بلا حدود. الخطوة الأولي التي سأسعي إليها أننا سنفتح المجلس لقطاعات من الشباب التي اتخذت موقفا من المجلس لأسباب عديدة. اقترحت مثلا أن نستضيف حفلات التوقيع ، دور النشر الخاصة توسعت في حفلات التوقيع ولكنها معظمها يستأجر أماكن لإقامة هذه الحفلات، قاعات المجلس ستكون مفتوحة. المجلس لن يكون أبدا جيتو مغلقاً، وهناك خطوة أخري أفكر فيها لا شك أن هناك صراع أجيال في مصر في اللحظة الحالية، وأظن أن هذا خطر جدا علي الثقافة المصرية، وغير صحي، والأمة التي تصمت علي هذا الصراع (حتلبس في الحيط). لذا سنبدأ في حوارات بين الأجيال، يمكن أن يقدم حفلات توقيع الشباب مثقفون كبار.. وهكذا.... سيصبح المجلس مقرا لحوار أجيال بين المثقفين والمبدعين المصريين". أساله..ولكن صراع الأجيال طبيعي في كل الفترات الزمنية؟ بالتأكيد، دائما ما يكون هناك هذا الصراع، حدث مثلا بين طه حسين من جانب بين ومحمود العالم وعبدالعظيم أنيس.أو حجازي والعقاد، ولكن تم تجاوزه وبقي عندنا طه حسين والعالم وأنيس،المشكلة أن كل جيل متمترس وراء جدار أنا أو الآخرون. هذا الصراع ظهر فقط علي السطح مع الثورة؟ يجيب: في زمن الثورات الشهر دائما ما يكون بسنة.. في زمن الثورات تصورنا أن الزمن شيء طبيعي. ولكن أي تأخر لمدة شهر يعني تأخراً لمدة عام. حدث تمترس بشكل شديد، لابد من تجاوز ذلك، صراع الأجيال مثمر..الطليعة الوفدية والوفد أنتج شيئا جديداً. فوجئت أن عددا من جيل السبعينيات يهاجم الاجيال الجديدة تماما كما كانوا يهاجمون هم، وبنفس اللغة تقريبا. وماذا عن استراتيجية المجلس القادمة؟ هي جزء من استراتيجية وزارة الثقافة، انفتاح علي المجتمع المدني ، ودور النشر الخاصة، سننتقل الي الفضاء الطلق لا ندوات القاعات المكيفة المغلقة، وهناك أيضا التعاون بين وزارات مختلفة : التعليم والأوقاف والشباب ، المجلس الوطني للإعلام، وبدأ بالفعل.. ولجنة الشباب بدأت بأنشطة في هذا الاتجاة مع وزارة الشباب. عملت اتفاقية مع وزارة الشباب. سنتحاور مع وزير التعليم حول تطوير المناهج..الأمر الثاني ، سنخرج إلي الشوارع والمدارس والأقاليم لإقامة فعالياتنا الثقافية ، وقد قمنا بالتنسيق مع العديد من الجهات من بينها وزارة الأوقاف ، وليس لدي أي مشكلة أن أعمل مع الوعاظ، هذه هي المعركة الحقيقية، ليس في الأمر تناقض، لن نترك المواطنين للتيارات السلفية. هناك مبادرات عديدة ..بعد الثورة كانت تهدف إلي هيكلة المجلس الأعلي للثقافة ..وفصله عن وزارة الثقافة بحيث يصبح العقل الذي يدير الوزارة..ماذا ستفعل مع هذه المبادرات؟ يجيب: شاركت في كثير من هذه المشاريع. الأسوأ أن تقوم بهيكلة بدون بنية اساسية لهذه الهيكلة، بالتالي تتحول الي قوانين غير مطبقة. أنا أميل لفكرة الخطوة خطوة ، لذا قلت إن هدفي أن أجعل المجلس نصف حكومي، تمهيدا للخطوات التالية ، أن يصبح المجلس شبه مستقل ذاتيا. للأسف الخطأ الذي وقعنا فيه جميعا أننا تصورنا ان التغيير مجرد قرار ، انا اشتركت في معظم هذه المبادرات، لابد ان تمهد للبنية كلها وحتي أصل الي ان يصبح المجلس مستقل عن أي جهة حكومية لابد أن يكون لدي مجتمع مدني قوي. ولابد أن يدرك المثقف أنه داعم للمجلس وقوة ضغط للاصلاح. ومع ذلك أيضا أستطيع أن أقول لا عودة للقديم ، الوزير في ذهنه هذا، ومتفهم لطبيعة المرحلة الجديدة ..وزارة الثقافة كادت ان تموت. نحن جسر ينقل وزارة الثقافة لمرحلة جديدة تماما مختلفة عن المرحلة القديمة. ما المرحلة الجديدة..سماتها؟ الوزراة أنشئت بهدف الإرشاد؟ في مرحلة ما لابد من إلغاء وزارة الثقافة، حتي نصل لهذه الخطوة لابد أن نصل إلي مجتمع مدني يمكن أن يلعب دور وزارة الثقافة. متي سنصل لهذه المرحلة ؟ لا أدري، ولكن يعتمد ذلك علي عدة أشياء أهمها دور المثقفين في المرحلة الجديدة، الإصلاح من الداخل، المثقفون كقوة ضغط ..سيدعم أي اصلاح حقيقي. فكرة الاصلاح من الداخل؟ فكرة قديمة بعد 25 يناير انتهت كل الأفكار القديمة، في فرصة تاريخية الآن ، أن يتم تجديد وزارة الثقافة دورا وهدفا وتوجها وقيادات أيضا. وماذا عن مطالبات المثقفين بتعديل قانون الجوائز ..وقانون الرقابة ..؟ يجيب: المشكلة ليست في القوانين، ولكن في التلاعب بالقوانين، أنا كنت عضوا في بعض لجان الجوائز، وحضرت اجتماعا واحدا واعتذرت عن استكمال بقية الاجتماعات بسبب ما يحدث من ألعاب..سوف نفتح نقاشا واسعا مع أطياف متعددة من المثقفين لمناقشة معايير الجوائز وأهدافها ودورها .. أما بالنسبة للرقابة ، فهي مشكلة كبري ، وخطيرة، حتي الآن لم نقرر هل ستنفصل، تنفصل عن المجلس ويكون هناك قطاع للسينما تنضم إليه؟ والأمر الآخر الذي ينبغي أن نعيه أن الرقيب هو نتاج وعي المجتمع، مينفعش احط قانون رقابة كويس بدون المجتمع..سنعود دائما لنقطة الصفر.. اذا مش نازلين للناس فبلاش. في الحقيقة نمشي في خطين توعية المجتمع، ومن تغيير الوعي الرقابي. عفيفي يرأس أيضا لجنة تنسيق للنشر بين جهات الوزارة، ستجتمع خلال هذا الأسبوع، وتضم هيئات الوزارة جميعها بهدف إعادة هيكلة وتوزيع الأدوار بالنسبة لسياسة النشر ووضع اختصاصات ..وعدم تكرار تجارب ، كما حدث مثلا عندما طبع منذ عدة شهور كتاب " مستقبل الثقافة في مصر" في ثلاث جهات تابعة للوزارة وفي التوقيت نفسه. كما تكونت لجنة أخري لنشر كتب التراث إذ لا يجوز مثلا أن يصدر المجلس الأعلي كتاب " الفتوحات المكية" لابن عربي في ظل وجود دار الكتب والوثائق.. سنناقش أيضا ما في مخازن الوزارة من إصدارات لم توزع، سوف نهديها لمكتبات المدارس ومكتبات مراكز الشباب. عفيفي يري أن دور الوزارة كبير في المرحلة القادمة، ليس فقط عبر خلق كوادر ثقافية جديدة ، ولكن أيضا ستسعي الوزارة إلي أن تضم المكاتب الثقافية المصرية في الخارج التابعة لوزارة التعليم العالي، صحيح أن جزءاً من هذه المكاتب يقوم بدور تعليمي لكن الدور الأهم هو الدور الثقافي . وأوضح عفيفي "التحدي في مصر ثقافي في المقام الأول"، مؤكدا أنه "لا اقتصاد بلا ثقافة ولا نهضة اقتصادية دون ثقافة تفضي إلي هذه النهضة".