القوات الأمريكية توقف ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا للمرة الثانية    انقطاع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب قبالة محافظة آوموري باليابان    الإجابة الوحيدة نحو الثامنة.. لماذا يشعر حسام حسن بالضغط؟    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 22 ديسمبر    محمد علي خير يطالب بعودة بطاقة «الكساء الشعبي»: المواطن محتاج سلفة بنك ومعاش العائلة والجيران لشراء كسوة شتاء    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    محمد علي خير: الرفض لفيلم الست كان أكبر من القبول.. وهذا لم يحدث في تاريخ الصناعة    فتاة تطارد تامر حسني ومعجب يفقد النطق أمام أحمد العوضي، جمهور النجوم يثير الجدل (فيديو)    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    بعد أنباء تحذير دولة عربية، هل يتلقى العراق ضربات عسكرية وشيكة؟    اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    عائشة بن أحمد: مصر محطة صعبة لكنها تصنع النجومية    مصرع شخص غرقا أثناء الصيد في نهر النيل بمنشأة القناطر    هل إعادة عرض مسلسل "أم كلثوم" رد غير مباشر على فيلم "الست"؟    الفنانة شيرين تعليقا على وفاة سمية الألفي: جمعني بها مسلسل «لاعبون بالنار».. وكانت سيدة فاضلة    تغطية خاصة حول آخر التطورات فى سوريا وغزة بعد الضربات الأمريكية فى سوريا (فيديو)    سبرتاية مشتعلة تسفر عن حريق بشقة وإصابة 3 أطفال بالطالبية    تطور جديد في اتهام "هدى الإتربى" لطبيب أسنان باستغلال صورتها    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    بعد تصريحات مدبولي.. محمد علي خير: العاملون بالحكومة و11.5 مليون من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    الدولة مش هتسيبهم، تدخل حكومي لحل أزمة أميرة عبد المحسن بعد عرض أطفالها للبيع    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    رئيس صندوق التنمية الحضرية: حولنا حدائق الفسطاط من مقلب قمامة إلى أبرز معالم الشرق الأوسط    وفاة شقيقة جورج كلونى بعد معاناة مع مرض السرطان    معركة السيطرة على أموال التنظيم الدولي.. انقسام حاد بين قيادات «إخوان لندن»    فيديو جراف| بشرى سارة.. مترو الأنفاق سيصل هذه المناطق قريبًا    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    توروب يشترط ضم هذا اللاعب قبل الموافقة على إعارة محمد شكري في يناير    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    إنبي يخطف فوزًا قاتلًا من طلائع الجيش في كأس الرابطة المصرية    أمم إفريقيا - ندالا حكم مباراة الافتتاح بين المغرب وجُزر القُمر    10 نجوم إفريقية فى صراع بمعارك الأدغال    وزير الطيران:إجمالي عدد الركاب بكافة المطارات المصرية 60 مليون راكب بنهاية العام الجاري    ضعف المياه بمركز طهطا بسوهاج لأعمال تطهير محطة شطورة السطحية    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    الاحتلال يتوغل في ريف القنيطرة الشمالي بسوريا    العرض الخاص لفيلم «بكرا» بحضور أشرف زكى ومحمد رياض    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    باريس سان جيرمان يتأهل لدور ال32 من بطولة كأس فرنسا    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    خبير عسكري: مصر تمتلك أوراق ضغط دولية لم تستخدمها بشأن سد النهضة    إعلام الاحتلال: الجيش ينهي عملية نزع السلاح من غزة داخل الخط الأصفر    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    مبابي يعادل رقم رونالدو التاريخي ويحتفل على طريقته    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    9 عادات يومية تعيق بناء العضلات    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتي اتحاد الناشرين
الفتوي تحكم الفكر !
نشر في أخبار الأدب يوم 03 - 07 - 2010

حقق اتحاد الناشرين المصريين سبقاً جديداً بوصفه أولبالرغم من دورها كمؤسسة أهلية تسعي لفتوي دينية، مؤسسة عملها نشر الفكر والإبداع الذي يتعرض دومًا للمطاردة باسم الدين.
نري تغلغل الدين في حياة المصريين إلي حد الهوس. تتصل سيدة وبعد السلام والتحية والكثير من عبارات "والله نحبك في الله كلنا يا شيخ" توجه سؤالاً حول حكم الشرع في حكم ارتداء الأحذية أثناء الجماع حيث أن زوجها يطلب منها ذلك، يرد الشيخ بعبارات عامة ويطلب منها أن تترك رقمها في الكنترول. مشهد عادي يتكرر علي القنوات الفضائية، فالهوس الديني أصاب غالبية الناس، وأصبح الجميع يسأل عن حكم الشرع في كل تفصيلة تتعرض له في الحياة. لكن أن يدخل اتحاد الناشرين إلي هذا المربع فهذا هو الخطر!
نشرنا في العدد السابق طلب اتحاد الناشرين لفتوي رسمية من دار الإفتاء المصرية حول حكم طباعة ونشر وتوزيع كتاب لمؤلف أو دار نشر تمتلك حق طبع ونشر هذا الكتاب بأي صورة من الصور المقروءة والمرئية والإلكترونية. صدرت الفتوي بتحريم أي نوع من الاعتداء علي الملكية الفكرية بل اعتبرت الفتوي الملكية الفكرية وحقوق التأليف والنشر ملكا لأصحابها يجري فيها ما يجري في "الملك" الذي هو حق خالص يختص به صاحبه.
أثارت الفتوي اعتراضات واسعة علي المبدأ نفسه، كما أثارت تخوفًا بين العاملين في مجال تدعيم الملكية الفكرية. حيث استغرب عماد مبارك -المدير التنفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير- تدخل الأزهر أو الكنيسة في عملية النشر، فهذه مؤسسات نشأت لأغراض محددة ليس من ضمنها التدخل في عملية النشر أو قضايا الملكية الفكرية. ومن الغريب أن يلجأ اتحاد الناشرين لإصدار هذه الفتوي في ظل وجود قانون يحمي الملكية الفكرية. وهو ما يمكن اعتباره تجاوزاً لنظام الدولة المدنية والتي يفترض أن تسير مؤسساتها وفق قوانين يجري النقاش والاتفاق عليها وتخضع للتعديل وفق الإجماع والنظام الديمقراطي.
اعتراض عماد مبارك علي فتوي دار الإفتاء ينبع أيضاً من أن تلك الفتوي ترسخ لهيمنة بعض الأفكار المغلوطة عن حقوق الملكية الفكرية تؤثر علي حق القاريء في المعرفة وحرية المشاعية الفكرية، كما أنها تعوق عمل الكثير من منظمات المجتمع المدني المعنية بحرية الرأي وحقوق الملكية الفكرية التي تسعي إلي تغيير بعض المواد في القانون المصري لحقوق الملكية الفكرية. فالقانون الحالي في رأي مبارك يعوق حق الأفراد في تداول المعلومات. فمثلاً يمنح القانون وزارة الثقافة مسئولية توثيق وحفظ الفلكلور المصري بكل أشكاله، وبالتالي فالفلكلور والتراث المصري الذي يفترض أنه ملك جميع المصريين يصبح مسئولية وزارة الثقافة ولابد من مراجعتها في حالة القيام بأي مشروع يختص بتوثيق التراث الثقافي المصري.
واحده من مشاكل القانون الحالي في رأي مبارك هي الفترة الزمنية التي حددها القانون لملكية المؤلف وورثته وهي في القانون المصري خمسون عاماً بعد الوفاة "بمعني أنني لو كاتب أو مؤلف ما ونشرت كتاباً وأنا عمري عشرين عاماً ومت في سن السبعين فملكية الكتاب تظل مع أسرتي لمدة خمسين عاماً، أي أن الكتاب الواحد يظل مائة عام بعيداً عن التداول، مثل هذه المواد ليس الغرض منها حماية حقوق المؤلف، بل تعزز لاحتكار الشركات ودور النشر الكبري" جانب آخر من المشكلة يظهر في حالة بعض الكتاب الذين يرفض ورثتهم نشر أو إعادة طباعة أعمالهم بعض وفاتهم لأسباب مختلفة، والنتيجة نلمسها بوضوح في غياب مؤلفات لويس عوض، عبد الفتاح الجمل، وحتي بعض الكتاب الشباب كحالة محمد ربيع.
لهذا يدعو عماد مبارك إلي تعديل قوانين الملكية الفكرية في مصر بحيث تصبح أكثر تيسيراً لمساعدة الباحثين "لا يمكن أن نطلب من شعب يجد لقمة العيش بصعوبة، أن يمر بكل هذه التعقيدات القانونية والإدارية ليجد كتاباً واحداً"
أما أحمد غربية المدون والخبير التقني فقد استغرب بشدة موقف دار الافتاء الذي يعتبر حقوق الملكية الفكرية بمثابة حق الملكية الخاصة، وهو ما يرسخ للاحتكار أحدي الظواهر المرفوضة في الإسلام، وحتي إذا اعتبرنا الملكية الفكرية تساوي الملكية الخاصة فهذا لا يحميها لأن الملكية الخاصة يمكن أن تنزع أو تؤمم في بعض الحالات للمنفعة العامة.
"لا أحد يعارض قوانين الملكية الفكرية العادلة، لكننا ضد أن تحتكرها دور النشر الكبري والشركات الكبري أطول من عمر المؤلف والورثة، ففي حالة موت مؤلف أي كتاب لا يصح أن تظل كتبه رهينه لاحتكار دار نشر معينة، فهذا أمر لا يعود بالنفع علي الكتاب ولا ينتج عنه أي حماية لحقوقه بل هو ترسيخ للاحتكار ولجمع أكبر قدر من الأرباح بغض النظر عن استفادة عموم الناس." يقول غربية الذي يري أيضاً أن الخطر الأكبر الذي تمثله بعض مواد قوانين الملكية الفكرية، هو سعي الشركات الكبري للضغط علي الحكومات من أجل مد فترة حقوق المؤلف، في أمريكا مثلاً هناك ما يعرف بقانون ميكي ماوس حيث رفعت الحكومة سن حماية حقوق المؤلف إلي 75 عاماً لتحتفظ ديزني لاند بحقوق شخصية ميكي ماوس لأطول فترة زمنية. والأخطر هو ما تقوم به شركات الأدوية التي تصر علي الاحتفاظ بتركيبات الكثير من الأدوية متذرعة بقوانين الملكية الفكرية وهكذا وصلنا لواقع يموت فيه الملايين بسبب طمع شركات أدوية تسعي لجمع أكبر قدر من الأرباح. لذلك فرغم أن دولاً مثل الهند أو البرازيل موقعة علي اتفاقيات التجارة العالمية إلا أنها كثيراً ما تقوم بتأميم بعض أفكار وتركيبات الأدوية للمنفعة العامة كوسيلة للتغلب علي جشع هذه الشركات.
رغم الآراء السابقة فجمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان يري أن قانون الملكية الفكرية المصرية لا يعوق الحق في تبادل المعلومات، فهو في نفس الوقت يعطي الحق للمبدعين في استخدام رخصة المشاع الإبداعي وهي الرخصة التي تعطي الحق باستخدام المنتج الفني أو الأدبي أيا كان نوعه ونسخة وتداوله مع الإشارة للمصدر بشرط ألا يتم استخدامها في أغراض تجارية دون الرجوع للمؤلف. ورغم تفهم عيد لموقف اتحاد الناشرين ولجوئه للمؤسسة الدينية من أجل الحفاظ علي حقوق الناشرين وذلك في ظل مناخ إجتماعي يلجأ فيه الجميع للدين إلا أنه لا يستسيغ استدعاء الدين في مناقشة الشئون القانونية المدنية، لأن قوانين الملكية لن يتم تفعيلها باستدعاء أراء المنظمات الدينية.
يظل هناك جزء غائب في القضية وهي أن ظاهرة قرصنة الكتب ونشرها الانترنت ظهرت في الوطن العربي نتيجة لعدة أسبابها منها الرقابة التي تفرضها العديد من الدول العربية علي الكتب العربية، إلي جانب الجمارك الباهظة وغيرها من العوامل التي تعوق حركة الكتاب العربي، بالتالي تظل "القرصنة الإلكترونية" للكتب هي الباب الوحيد أمام المواطن العربي لتجاوز كل عوائق الرقابة للوصول إلي الكتب الجديدة. لذلك ربما كان من الأولي قبل أن تصدر دار الإفتاء فتوي بتحريم نسخ الكتب ونشرها إلكترونياً أن تصدر فتوي آخري بتحريم مصادر الكتب وحرقها ومنعها من الانتقال، لا أن تغلق جميع أبواب المعرفة علي المواطن العربي وتتركه فريسة وحيدة بين أنظمة استبدادية تعامل الكتاب بصفته خطراً علي الأمن القومي، وشركات ودور نشر لا تولي أي اهتمام لحقوق المؤلف وفي نفس الوقت تسعي لاحتكار سوق المعرفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.