التاريخ ..مأزق جماعة الإخوان. عندما وصلوا إلي السلطة تصوروا أن بإمكانهم السيطرة والهيمنة علي " التاريخ" يعيدون كتابته وفق أهوائهم، من هنا كانت رغبتهم الهيمنة علي دار الكتب والوثائق للحصول علي وثائق الثمانين عاما الأخيرة ، ولكنهم لم يستطيعوا...من هنا لم يكن غريبا أن يكون تفجير مديرية أمن القاهرة الذي جري الأسبوع الماضي ..محاولة لاصطياد عصفورين بقنبلة واحدة..مديرية الأمن ، فضلا عن مبني .دار الكتب والوثائق ، والمتحف الإسلامي ..وهي مباني تاريخية تحمل بعضا من التاريخ ومن ذاكرة مصر. مشهد الدمار الذي أصاب المبني يشبه إلي حد كبير وضع مصر. المبني الأثري من ثلاثة ادوار ..الأول لمتحف الفن الإسلامي التابع لوزارة الآثار، والدورين الثاني والثالث لدار الكتب والوثائق ( التابعة لوزارة الثقافة) ..المدهش أن كثيرين لم يفرقوا بين المبنيين، ما دفع الدكتورة د.إيمان عز الدين، مديرة دار الكتب المصرية بباب الخلق إلي بدء حملة " دار الكتب ليست المتحف الإسلامي" ...لتوعيه الإعلاميين ، وهو ما فسرته صحفية ألمانية: المتحف يأتي اليه السياح ويدر دخلا، اما دار الكتب فهي مجانية وخاصة بالباحثين والأكاديميين والدارسين . هنا ينتهي الكلام الألماني ..اي ان هؤلاء ، مع كامل الاحترام لهم، لا يعنون لا الشعب ولا الاعلام ولا الدولة. وأما الحملة الثانية التي ستطلقها مديرة الدار حملة "عياطك وحده مش كفاية"..إيمان تبدو حمليتها الساخرتين ردا علي النحيب المتواصل علي مواقع التواصل الاجتماعي، ورغبة في بدء العمل الفعلي لاسترداد المبني وإعادته أفضل مما كان عليه، وهو أمر قد يستغرق عاما مشهد الدمار يلقي بسؤال عن ما جري من تطوير عشوائي للمبني، فالقنبلة لم تصب المبني القديم الذي تأسس في عهد الخديو إسماعيل بأي خدش ولو بسيط، ولكن كل التطوير (المابعد حداثي) الذي قام به المهندس أحمد ميتو هو الذي تم تدميره، زجاج معلق فوق أثار نادرة " زجاجية" ...تدمير ما بعد حداثي لمبني آثري كشف التفجير عن خواءه وهشاشته..باسم تطوير تكلف 50 مليون جنيه في لا شيء. وهو ما يفتح بابا آخري عما كان يجري في عهد مبارك للمبناني الأثرية؟ ويطرح سؤالا آخر: هل التطوير القادم أيضا يشبه التطوير الهش الذي تم. بالتأكيد التدمير الذي أصاب مبني دار الكتب محدود، ويكفي أن التقجير تم في الصباح الباكر بعيدا عن الزحام بلا خسائر بشرية مهولة، كما أن المخطوطات التي أصابها التفجير( أو المياة التي غمرت المكان عندما انطلقت رشاشات المياة التي تعمل بشكل اوتوماتيكي عند الطوارئ) أمكن ترميمها ولكن علينا أن نتحسب مرة أخري قبل أن نتحدث عن القنابل ..علينا أن نتحدث عن مفهوم التطوير..ومفهموم الترميم!