في إطار حماس الزميل ياسر عبد الحافظ لإدانة "كل ما هو زائد ولا علاقة له بالكتاب"، في معرض الكتاب يذكر "الطفطف". طيب، الناس فعلا، والله، مثقفين وغير مثقفين، يحتاجون لركوب شيء ما، كي ينتقلوا من جناح لآخر، هناك ناس لم يعطهم الناس الصحة. وهذا ليس له علاقة بحبهم للكتاب أو عدم حبهم. الناس لا تحب القراءة طبعاً. أغلبية الشعب لا تحب القراءة. نعرف هذا، وإذا خيروا بين شراء شيء ليأكلوه وبين شيء ليقرأوه سيختارون ما يأكلونه. هذه طبيعة الإنسان في كل مكان. طبعا في مصر نسبة الأمية والجهل أعلي من غيرها، لا يجادل أحد في هذا. ولكن أذكرك بأن الموضوع له جذور إنسانية، وهو يسري حتي في البلاد التي "تحترم الكتاب". الإنسان اكتشف الطعام قبل الكتابة. هذا طبيعي. ولا سبيل لتغيير هذه الطبيعة، علي الأقل في الوقت الحالي. الكارثة التي يذكرها مقال الزميل ياسر ليست عارمة. المعرض ليس للكتاب مئة في المئة، هذا صحيح، ولكنه بالتأكيد أيضاً ليس للحلبسة والطعام مئة في المئة. قارن بين دكاكين الطعام في المعرض وعدد دور النشر، ستجد الفارق بينهما مهولا لصالح الكتاب، وتذكر أنه في يوم تخرج فيه الأسرة في رحلتها السنوية، تحتاج لأن تأكل أيضاً. طيب، هناك معلومة أخري، غالبية جماهير معرض الكتاب تذهب لشراء مثلا كتب مثل كتب إبراهيم الفقي وماغي فرح. هذا ليس خبراً سعيداً بالطبع، ولكن هل يمكن أن تحكم علي أساسه بأن المعرض لم يعد معرضا للكتاب؟ ربما نقول أن المعرض "للكتاب التافه"، ولكن هذا يعني أنه حتي الكتاب قد يكون تافهاً. شخصياً أعتقد أن فعل القراءة ليس شيئاً جيداً في حد ذاته. الإنسان طول الوقت يتداول معارفه وخبراته عبر الشفاهة والكتابة، وكلا منهما يسهم في تطور البشرية، صحيح أن للكتابة أفضلية علي الشفاهة لأنها تدون وتحفظ المعلومات. ولكن هذا ينقلنا للنقطة الثانية، الإنترنت أيضاً يحفظ الخبرات، الإنترنت أيضاً يتم استقبال المواد عليه عبر القراءة. ولكن الإنترنت ليس كتاباً، فهل يشينه هذا؟ هل يشين المعرفة ألا يتم احتواؤها ونقلها داخل غلاف الكتاب؟ في النهاية، ماذا لديك ضد الحلبسة يا عزيزي ياسر، بخلاف اسمها المضحك طبعاً؟ هي مثل باقي المشروبات، مثل الشاي والقهوة، التي نشربها في مقر الجريدة باستمتاع بدون أن ينغص ضميرنا كون الجريدة مخصصة للكتابة الصحفية وليس للطعام ولا الشراب.