الليل يهوي علي صدري جبلا رصاصيّا الليل يتسلّل في الشرايين فيروسا وحشيّا الليل يقتحم جثّتي .. يمحو ملامحي وما تبقّي من طفولتي الليل يغرق في فوضي أحلامي وأوهامي ... يعسكر في كويرات دمي لا شجر ولا ورد في جنائن الروح .. فأيّ امرأة ستتعرّي للفراغ أيّ امرأة ستفترش سجّادة أحلامي المهترئة أيّ امرأة تخرج من مقابر الرؤي وركام الأوجاع .. ترقص في الشوارع المطويّة في حقائب الذاكرة كلّ الألوان تداخلت بداخلي كلّ الأشكال وجهي كلّ الحروف في الفوضي وجهي كلّ نساء الأرض أضلعي كلّ جنون العشّاق صوتي لا لون لي لي بعض الرموز في القلب وغابة من ظلال الصيف مدّي يدك إلي الشموس المطفأة في خلايا الجسد .. اقطفي حزنا خريفيّا مرّا .. هزّي صفصافة العمر الصفراء تسّاقط الآلهة التي ماتت بداخلي أنا الوجع الأبدي اللذيذ حضرت نسج السماء و بسط الأرض وكنت الحرف الأوّل منذ ارتجفت في الصلصال قدمي أنا تفاصيل الخلق والغواية بالأسماء تشعّ ذرّات جسدي هزّي نخيلي يستيقظ الفجر الذي طويت في وسادتي أنا شعاع شمس بارد أنا شهقة شاعر يتهجّي الكون في عينيك آنا سرّ تبخّر في اللغات .. تحت جلدي بحر وحضارات المجد لي يوم يومض الحرف علي شفتيّ وتشرق الأقمار من لغتي المجد للأحلام المكسورة في رغبتي للشهوة المخنوقة ..... كلّ شيء يهرب منّي حلمي يتمرّد وشهوتي تقتلني جسدي من شمع ولغتي تحرقني كلّ شيء يهرب منّي أعيروني أحلام الفقراء كي أؤسّس مملكتي أعيروني قلوبكم كي أؤسّس لعشّاق مجرّة أو مشنقة وهبت حبيبتي للظلام فأعلن براءتك منّي أيّها الحجر جثّتي بيضاء وأصابعي حجر لا نوافذ في الروح كي يتسلّل الحالمون الشاعر المنفيّ صار أعمي فأيّ قصيدة سترتسم بهيكلي العظميّ دمي من نرجس و قلبي تفاحة صفراء من أين آتيك بالحبّ؟ قلبي زنزانة مغلقة عبثا أمدّد عمر الرؤي .. لم يعد للضوء مجري الشاعر المنفيّ صار أعمي ... فأيّ قصيدة سيفوح عطرها أو تضعها حبيبتي شالا علي كتفيها حلمي طير مترنّح في الأفق السماء ترتجف كعصفور يتيم في كفّي الشاعر المنفيّ صار أعمي أشعلي ثلج الرّوح ليصبح الدمع نهرا وبيادر ملح ليصبح الشعر في الحلق أفعي أيّها المطر المتدفّق من نهديها أيّتها النار المتأجّجة من جسدها خذيني إليها لحنا رومانسيّا حزينا أو موجة بعيدة بي وجع خريفيّ لذيذ وفي عينيّ الباردتين عاصفة من النجوم ترنو إليها أنا أنين الكلام علي قلبي وقع أقدام الحضارات أربعون طيفا من العشق يا حبيبة بيننا أربعون طيفا وقرون من الورد ورثتها وورثت كلّ شيء ظمأ أجدادي الهائمين في صحرائهم حكايا جدّاتي القتيلة آهات من ماتوا مخنوقين بأحلامهم كل الشتاءات الحزينة في عينيك تسكن قلبي... خطواتي مفعمة بالوجع والوحل أشتهي أن أفرّ من كابتي ... حاملا عشقي أذرعُ ليل القرون الخاوية لست ثائرا عربيّا خدعته الرياح والشمس فأضاع البوصلة بيننا أربعون طيفا ونيفا من العشق يا حبيبة الشاعر المنفي صار أعمي .. فأيّ قصيدة ستزرع أقمار الفضّة في دمي؟ ماذا يعدّ الزمان لنا يا حبيبة؟ الصباح الذي نرتجيه ذبح علي وسادتنا الربيع الذي فجّر من دمي وأد علي فراشنا ماذا يعدّ الزمان المرّ لنا يا حبيبة؟ البحار تفرغ ملوحتها في حلقي والألوان تنزع حجابها فلا الأسود حزن ولا الأصفر موت ولا الأزرق قلق كلّ الألوان حجارة ثكلي تبكي نجومها كلّ شيء يهرب مني حلمي يتمرّد وشهوتي تقتلني جسدي من شمع ولغتي تحرقني فأيّ قصيدة ستنير بوميضها القفص الصدري الشاعر المنفي في داخلي صار أعمي وكلّ الأغاني تسّاقط من شجرة الروح قتلي.