وصيَّةٌ مفتوحة أوصيكم بالناي إنه الشهيةُ لامتصاصِ الطفولة وتضخيمِ قدرتِها دائماً ... علي أن تكون حزينة حيث دنيا الكبار كلُّها مجبولةٌ من الألم أو.. هكذا يعتقدون جلباً للشفقةِ التي يحتاجها الأطفال أيضاً كونهم يمرضون ويحزنون ويحلمون بألعابٍ أشد حداثة من الأحصنةِ والعرائسِ الخشبية تلك المُحتشدةُ لتسريبِ البكاء علي طفولةٍ لم تعد قائمة وإن كان ثمةَ أملٌ حين نطرقُ باباً أن يُفتَح لنا فلنسرد أولاً ماذا وراء الباب: ... جنةُ عدن، سينما سواريه، حمَّام نظيف، العائلة، مكتبُ المدير، سريرُ الإنعاش، الوجد، رحمةُ الله، اليأسُ، بار، مكتبة صغيرة، ما كان، وما.. سيكون ولنا بالطبع أن نضيفَ ما نشاء علي سبيل الخوفِ من غموضٍ نأملُ ألَّا يكون وراء الباب فماذا لو كان وراء الباب حيوانٌ ما إن نخطو أولَ خطوة حتي ينشب مخالبه في وجوهنا أو يتنحي بأدبٍ عن الطريق فنرتمي سريعاً علي السرير ولن نحزن علي ما آل إليه مصيرُ الحيوان مُتبخراً في زفير الراحة ولهذا علينا أن نبتهج لأنَّ الحياةَ لن تتوقف نعرف ذلك لكن... ... ثمة سببٌ آخرُ البهجةُ لا ثمنَ لها ولن يُوزنُ رطلان من دموعنا قبل أن يُؤذنَ لنا بالدخولِ إلي ساحتِها ومن الحماقةِ بالطبع أن يرفض أحدنا هديةً فاخرةً و.. مجانية فقط... علينا أيضاً أن نقدم هديةً فاخرةً و.. مجانية مثل: الرقص، إطلاق النكات، لعبة التحطيب، الإسرافُ في القبلات، كتابةُ الشِّعر وقراءته، مطاردة الموسيقي، النوم، والطعام اللذيذ ويمكن لنا أن نعلَّقَ النايَ علي غصنٍ شجرة تحدقُ في نهر ويحدقُ النايُ أيضاً بمشاعر ظامئٍ يري الماءَ تحت عينيه لكنه أبعدَ قليلاً من فمه حيث يمكن للبخار فقط أن يُلطَّفَ إسرافَ عطشه أو... ... يسقط النايُ في النهر حيث نلقاه عند المصب باحتفالٍ مهيب. فقط.. أحتاجُ اسمك فقط... ... أنتِ هنا تملئين البيتَ لا أكثر لا الأرضَ ولا الكون فقط تملئين البيت وفي غرفةِ النوم أحتفظ لكِ بالفراش دافئاً ولا أكدح في مدِّ حدائقَ لن تريها تحت سريرك وإن قلت أحبك فهذا يعني أنني أحبك فقط ولا أكدِّسُ معك في عاطفتي الأشجارَ والأسماكَ والقطط ولا أصفك لا بالشمس ولا بالقمر أنتِ جميلة فقط، لأنك.. جميلة وابتسامتُك تعني أنها ابتسامة لا أكثر ولا أري فيها سوي الرضا عن وجودنا معاً وإن كان غيري يري الابتسامة زوارقَ عابرةً في الخيال فهذا شأنه لا أحب لأسنانك أن تصطدم بالصخور وما تعطيه لي ليس إلَّا ما تعطيه لي قبَّلةً أو لقمةً أو قنبلة لا أحب أن أري صورةَ امرأةٍ يُعلَّقها الجميعُ في إعلاناتهم التجارية أحب فقط... ... أن أري صورتك بحاجبين أحدهما ليس مزججاً جيداً كونك تمزحين كثيراً فيختلط الحاجبان بالمزاح بفمك الذي تعضِّين شفته السلفي كلَّما عنَّت لك فكرة كأن تسألينني: مَن أنتِ؟ أنتِ.. بما أنتِ عليه كأن تغضبي سريعاً ولا يعني غضبك أنَّ بركاناً يثور فالأثاثُ علي حاله لم تُغرقه الحممُ السائلةُ ولا التراب وإن كنتِ أحياناً تُحطمين صحناً أو صحنين كلُّنا يفعل ذلك ويُحطم أيضاً كوباً أو كوبين وحين تكونين عارية أكون عارياً لتذوق الرغبة وليس لأننا نُخصب الأرض وكلِّ هذا الهراء عن أشجارٍ تنمو علي السرير فما مِن نباتٍ في الحقيقة ينمو علي السرير إلَّا.. أن نموت ويُهْمَلُ البيت فتنمو فيه الطحالب التي تنمو مثلها علي جسدينا في القبر هناك... ... حيث كما كنا في الحياة نمارسُ الموتَ بمفرداته لا أكثر ولا نسمِّيه التفافَ روحين علي غصنِ شجرة انتظاراً لازدهارها في الربيع ولن أحتاج إلَّا لاسمك لكي أناديكِ به عابرةً.. مثلي إلي الجنة أو مثلي.. عابرةً إلي النار.