رئيس محكمة النقض يصدر حركة تنقلات واسعة بين قيادات المحكمة    وظائف التنمية المحلية.. فرص متاحة للعمل بمركز تدريب سقارة    أحمد موسى: حملة ممنهجة تستهدف كامل الوزير بتسجيل صوتي مزيف    الوزراء: 7500 عقار آيل للسقوط في الإسكندرية وخطة لإنشاء 55 ألف وحدة بديلة    هل هناك ارتباط بين النشاط الشمسي والزلازل؟.. البحوث الفلكية تحسم الجدل    7 صور ترصد ظهور صفقة الزمالك الجديدة في متحف النادي    الأهلي يعلن إحالة مصطفى يونس للتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية ضده    وكيله ل في الجول: لويس إدوارد قريب من العودة إلى الدوري المصري    الطقس غدًا.. أجواء شديدة الحرارة وظهور السحب وتحذير من هذه الظاهرة    محافظ المنيا: مدرسة صفانية بالعدوة إضافة لتخفيف الكثافة الطلابية    ضبط 6 مراكز غير مرخصة لعلاج الإدمان بالإسماعيلية (صور)    تخيلوا لما حفيدة أم كلثوم تتحجب، تصريحات مدحت العدل تثير الجدل    أمين الفتوى: صلاة المرأة في العمل أو بالأماكن العامة صحيحة وهذا هو الأفضل    أمين الفتوى يكشف عن أركان وشروط صحة الصلاة: لا تصح العبادة بدونها    الصيدلة الإكلينيكية تنظم يومًا تثقيفيًا لأطفال السكري وذويهم في مستشفى قنا العام    خطة متكاملة لرفع كفاءة محطات الصرف بالفيوم وتدريب العاملين على الطوارئ    مودرن سبورت يعلن عن خامس صفقات الموسم الجديد    مادويكي يخضع للفحص الطبي في أرسنال    تراجع مؤشرات بورصة الدار البيضاء في ختام تعاملات اليوم    ترامب: الولايات المتحدة هي من مولت سد النهضة ولا أعرف السبب    مصر والأصدقاء الأفارقة    متحدث الوزراء: حصر 7500 عقار آيل للسقوط بالإسكندرية    الولايات المتحدة تعرض السيطرة على الممر الأكثر جدلا في العالم ل 100 عام    "جبالي" يهنئ الدكتورة جيهان زكى بعد منحها وسام "جوقة الشرف" من الرئيس الفرنسي    جنات تعود بألبوم ألوم على مين وتطرح أغانيه تدريجيا خلال يوليو الجاري    «ممنوع عنه الزيارات».. آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    في أول تعاون.. «المملكة» يجمع مصطفي شعبان وهيفاء وهبي    معرض كتاب الإسكندرية يناقش الفروق بين الصحافة والإبداع في ندوة مميزة    رئيس لبنان: وحدة أراضينا ثابتة ويحميها جيشنا وتحصنها إرادة شعبنا    «محمد هانى».. نموذج مبشر    كيفية تطهر ووضوء مريض القسطرة؟.. عضو مركز الأزهرتجيب    وزير التموين يكرم صاحب أفضل فكرة بتتبع السلع الغذائية    احذرها.. عادة صيفية شائعة قد تضر قلبك دون أن تدري    كاميرات المراقبة... "عين لا تكذب ولا تنام" وسلاح الأمن في مواجهة الجريمة    فيديو .. طفل يقود سيارة على الطريق الدائري.. والداخلية تتحرك فورًا    الصحة الفلسطينية: اعتقال 360 من الكوادر الطبية منذ بداية حرب الإبادة على غزة    النيابة تحيل 20 متهمًا في قضية منصة «FBC» إلى الجنايات الاقتصادية    يترشح للمرة الثامنة وحكم 43 عامًا.. من هو بول بيا أكبر رئيس دولة في العالم؟    تقبيل يد الوزير!    بأرواحهم وقلوبهم.. مواليد هذه الأبراج الستة يعشقون بلا حدود    رئيس هيئة سلامة الغذاء يستقبل وزير الزراعة بإقليم البنجاب الباكستاني    خالد الجندي: محبة الله أساس الإيمان وسر السعادة في المساجد    تقارير: النصر لن ينسحب من السوبر السعودي    حماس: نتنياهو يتفنن في إفشال جولات التفاوض ولا يريد التوصل لاتفاق    أكاديميون إسرائيليون: المدينة الإنسانية برفح جريمة حرب    «قناة السويس» تبحث التعاون مع كوت ديفوار لتطوير ميناء أبيدجان    رئيس الوزراء يبدأ جولة تفقدية لعدد من المشروعات بمحافظة الإسكندرية    تحولات الوعي الجمالي.. افتتاح أولى جلسات المحور الفكري ل المهرجان القومي للمسرح (صور)    «الأوقاف» تُطلق الأسبوع الثقافي ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    «الوطنية للتدريب» تواصل تنفيذ برنامج «المرأة تقود في المحافظات المصرية»    ضبط قضايا اتجار في العملات ب«السوق السوداء» بقيمة 7 ملايين جنيه    توزيع 977 جهاز توليد الأكسجين على مرضى التليفات الرئوية «منزلي»    ماذا قال رئيس مجلس الدولة لوزير الأوقاف خلال زيارته؟    موعد صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بعد تطبيق الزيادة الأخيرة (احسب معاشك)    الخطيب يتفاوض مع بتروجت لضم حامد حمدان.. ومدرب الزمالك السابق يعلق: داخل عشان يبوظ    غدًا.. انطلاق مبادرة «100 يوم صحة» في محافظة شمال سيناء    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردا علي صلاح بوسريف
طه حسين كان يكتب فنا وليس تاريخاً
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 11 - 2013

يبني صلاح بو سريف مقاله عن كتاب علي "هامش السيرة" لطه حسين علي مقولات اساسية هي أن منهج طه حسين هو "الشك"، وأن طه حسين كاتب "نخبوي"، ويقرأ بو سريف الكتاب من خلال كتاب "في الشعر الجاهلي" إذ يضع مقدمة "في الشعر الجاهلي" في مكانة أعلي من مقدمة "علي هامش السيرة"، ويري أن مقولة "العقل والنقد" في مقدمة الشعر الجاهلي تنفي مقولة "التوجه للشعب بفن يحبه ويعجب به" في "علي هامش السيرة" ويصل الي نتيجة محددة هي أن طه حسين ألبس الشك قميص اليقين، وأنه في كتابه "علي هامش السيرة" يقوم بنفس ما قام به في "الشعر الجاهلي"، وإن كان في "السيرة" يعيد قراءة حياة النبي كما اعاد "في الشعر الجاهلي" إعادة قراءة الشعر الجاهلي. ونحن نختلف مع مقولات صلاح بوسريف الاساسية ولا نصل لنفس نتيجته بالتاكيد.
لم يكن نخبويا
نبدأ بمسألة أن منهج طه حسين هو الشك، وأنه كان يقوم بدور الناقد والباحث، فهذا بالتاكيد ينطبق علي كتاب "في الشعر الجاهلي" وقد نختلف او نتفق معه في قراءته للشعر الجاهلي. وأما قوله أنه نخبوي، ونفي أنه يتوجه بكتابه للشعب. فهو ما يثير التساؤل، فهل لم يتوجه طه حسين للشعب عندما كتب "دعاء الكروان" او "المعذبون في الارض"؟ وهل عندما يتخذ من التراث مادة قصصية يكون نخبويا؟ أعتقد أن من حق كل كاتب أن يقدم كتابه بما يريد، ومن حقه علينا كقراء أن نصدق مبدئيا في مقدمته، ولا نصادق عليها بشكل نهائي إلا بعد الانتهاء من القراءة ونقول في النهاية أفلح إن صدق.
وإذا حاولنا أن نقرأ "علي هامش السيرة" كما حاول صلاح بوسريف أن نقرأ الكتاب بتجرد عن المشاكل الزمنية التي احاطت بطه حسين بعد انجاز "في الشعر الجاهلي" وعاصرت انجاز "علي هامش السيرة". ولنفعل ذلك فعلينا اولا أن نصنف "علي هامش السيرة" تصنيفا مفيدا للبحث. ونري أن "علي هامش السيرة" كتاب قصصي. وفي هذه الحالة فإن مقولات صلاح بوسريف كلها تتداعي منطقيا. ونستطيع أن نستشهد بكلام طه حسين نفسه في مقدمة "علي هامش السيرة" عندما يتحدث عن التخييل، وبالتالي هو يقترب من مجال الكتابة القصصية الحكائية، حتي وأن كانت مادته هي التاريخ الاسلامي. وأن كان بو سريف لا يقبل هذه المقدمة وينسفها. تبقي هناك نقطة في غاية الاهمية وهي أن هذا الاطار التخييلي للتاريخ يتوقف عند شخص النبي والنبوة والدين كما اشار طه حسين في المقدمة ولنفهم ذلك علينا أن نعرف كيف يري طه حسين السيرة بشكل عام وكيف تعامل معها.
روح الشعب
يقول طه حسين في مقدمة "علي هامش السيرة" التي يرفضها بوسريف "إن احاديث العرب الجاهليين واخبارهم لم تكتب مره واحدة، ولم تحفظ في صورة بعينها، إنما قصها الرواة في ألوان من القصص، وكتبها المؤلفون في صنوف من التأليف" أما في " في الشعر الجاهلي" وفي معرض حديثه عن امية ابن ابي الصلت فيقول عن السيرة "طائفة من الاخبار والاحاديث تحتاج إلي التحقيق والبحث العلمي الدقيق ليمتاز صحيحها من منتحلها" ويتعجب من موقف المستشرقين وثقتهم في صحة نسب شعر أمية ابن ابي الصلت وجحودهم للسيرة حيث لا يرونها مصدرا صحيحا مع أن هذا الشعر الذي بين ايديهم قد وصل اليهم من السيرة، التي يري حسين أنها بينت حياه العرب القدامي وترحالهم وعلاقتهم بالامم الاخري وثقافتهم كما لا يبينها الشعر الجاهلي.
وعندما يتحدث طه حسين عن القصص في مرجعنا ايضا في الشعر الجاهلي فيقول "أن القصص نفسه ليس من السياسة ولا الدين وأنما هو فن من فنون العرب"، "وتتأثر القصص بشيء أخر غيرالسياسة والدين وهو روح الشعب". وقد نري أن في هذا الكلام تاكيد علي المنحي القصصي والحكائي الذي أتخذه طه حسين وتوجهه للشعب في "علي هامش السيرة" علي عكس ما ينفيه ايضا صلاح بو سريف.
لا يوجد كذب في الفن
الكتاب في مجمله يعرض للحياه الجاهلية قبل الاسلام وكذلك فترة صدر الاسلام وتمتلئ حكايات الكتاب بالعرب والروم واليهود الوثنيين والنصاري والمجوس والرهبان والاحبار والمقولات الرئيسة للصراع الديني في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وهو ما يقربنا أيضا من "في الشعر الجاهلي" فوجهة نظر طه حسين الاساسية في "الشعر الجاهلي" أن الشعر أكثره منتحل لأنه لا يعبر عن الحياة الجاهلية الدينية قبل الاسلام، بينما يشرح القرآن هذا بوضوح وكذلك السيرة. وهو ما يفعله طه حسين في "السيرة" فلو كان لي ان أعارض بو سريف لقلت أن طه حسين يقدم في "علي هامش السيرة" الحياة الجاهلية كما تمني أن يجدها في الشعر الجاهلي، وأنه هنا قدمها في إطار قصصي حكائي تخييلي إلا فيما يتعلق بشخص النبي والنبوة والدين، وأنه هنا في"السيرة" يقوم بإعادة بناء الصورة ليكمل النقص في المعرفة بمثل هذه الحياه الجاهلية.
تعامل مختلف
أما أن يكون هدفه هو الشك في قميص اليقين.. فأنا لا أعرف عملا فنيا هدفه الشك أو اليقين. فهذا أمر من امور العلم كمقولة الصدق والكذب. أما الفن فليس فيه كذب لأنه من البداية سيخبرك أنه سيحكي حكاية حتي لو كانت مادتها تاريخية.
ولنري كيف تعامل طه حسين مع السيرة بشكل مختلف في كل كتاب من كتبه ففي الشعر الجاهلي أيضا يروي قصة عدم مبايعة سعد بن عباده سيد الخزرج لأبو بكر وعمر في الجزء الخاص بالسياسة وانتحال الشعر، وحكي كيف أن الجن قتلت سعد بن عباده بعد ان امتنع أن يصلي بصلاة المسلمين ويحج بحجهم، وقال أن الجن قتلته وقالت في ذلك شعرا.
كان اهتمام طه حسين في هذه الرواية بإنتحال الشعر ونسبه الي الجن. لكنه بعد سنوات طويلة وفي كتاب الشيخان ينفي أن يكون سعد بن عباده لم يبايع أبو بكر وعمر، ويقول أنه بايعهما، وبالتالي ينفي قتل الجن له، وأن هذه من الروايات الموضوعة.
غاية القول أن طه حسين لم يغفل ذلك متعمدا، ولكنه لم يكن ذلك هم بحثه الاساسي في الشعر الجاهلي، أما وأنه في كتاب "الشيخان" كان يدرس الروايات ويؤيد بعضها ويرفض بعضها فيما يتعلق بأبو بكر وعمر، فقد تعامل مع الرواية بشكل مختلف وكذلك كان يفعل مع خصوصية كتاب "علي هامش السيرة" القصصية فأنه كان تابع للروايات لأنه ينشأ فن يعتمد علي هذه الروايات حتي وأن لم يصدق بعضها. بل أنه زاد فيها من خياله ما شاء.
أما أن نقول أنه أدخل الخيال والاسطوري ليشكك في هذه السيرة والروايات فهو أصلا يري أن بعضها خيالي وأنه ادخل الخيال هنا لان هذا من تراث القصص والقصاصين الذين اعتمدوا علي السيرة وليكمل النقص في بناء الصورة عن الحياة الجاهلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.