محاكمة المعزول لم تبدأ حتي الآن إلا في جريمة واحدة، هي تحريضه علي قتل المتظاهرين أمام الاتحادية. مرسي صاحب الوجه الكئيب، الذي أطفأ أي بارقة للأمل هو وجماعته، خلال عام حكمه الأسود، ما زال هو ومن كانوا يحركونه بخيوط الماريونيت من مكتب الإرشاد، متلبسين قناع الإنكار. كانوا يصيحون في القفص بأنهم لا يعترفون بتلك المحاكمة، وبمجرد وصول مرسي إلي سجن برج العرب بدأ يتوعد الضباط بأنه سيخرج وسيذيقهم صنوف العذاب. الديكتاتور سواء كان يُمثِّل، أو كان صادقاً في حال الإنكار التي تتلبسه، يعرف جيداً أن قضية الاتحادية هي مجرد خطوة صغيرة في مشوار طويل، يتناسب تماماً مع ما اقترفه من جرائم في حق المصريين، خلال فترة حكمه الفاشي. مرسي مسؤول جنائياً عن قتل عشرات الشباب، وتعذيبهم، وإصابتهم بعاهات دائمة، سواء في السلخانات التي أقامتها جماعته، أو في غرف تعذيب وزارة الداخلية وقتها. كان التعذيب يجري بأوامر مباشرة منه، وكلنا يتذكر مؤتمر القوي الإسلامية الذي كان تحت رعايته، وكان الأشخاص القادمون من مزابل التاريخ يتوعدون بسفك دماء المصريين فيما يجلس هو مبتسماً، وراضياً، وقانعاً، بما لا يحتاج إلي كلام كثير حول اشتراكه في كل الجرائم التي جرت خلال عهده. كان مرسي يقول في كثير من الأوقات إنه لا مشكلة في التخلص من بضعة آلاف في سبيل أن يعيش الباقون، وكان يقصد بالباقين طبعاً جماعته وميليشياته التي أدخلها إلي سيناء لتقتل جنودنا هناك. لقد مارست الداخلية في عهده أشد أنواع التعذيب قسوة، وتم قتل محمد الجندي بدم بارد، والمؤسف أن التقارير الطبية خرجت بعد ذلك لتقول إنه مات في حادث تصادم سيارة، وهي جريمة أخري تؤكد التحالف الفاشي مع الفساد الذي كان ينخر في جسد تلك الوزارة، خلال تلك الفترة. هناك أيضاً جيكا وكريستي وغيرهما عشرات، ما زالت قضاياهم مجرد بلاغات أمام النيابة، وهناك ما يشبه التأخير المتعمد في تقديمها حتي الآن، ومن المؤكد أن كل جريمة من هذه الجرائم تكفي بمفردها للف حبل المشنقة حول رقبة هذا «الشخص البليد»، بالإضافة إلي سجنه عدداً مهولاً من السنوات. لقد كانت ميليشيات الجماعة تتعامل بعنف غير طبيعي، لا يبرره إلا حصولها علي رضي القيادات، ومن ورائهم تابعهم في القصر الجمهوري. لقد أحرقوا ميادين الثورة في كل المحافظات، وقتلوا العشرات، واختطفوا المئات، وعذبوهم بأبشع الطرق، ثم ألقوهم علي النواصي وفي الصحراء، وكانوا وفق خطتهم يخرجون ليتحدثوا هم عن عنف المواطنين، وتعرضهم للاعتداء أولاً. كان الإخوان يظنون في تلك المعارك أن الشعب المصري سيخاف، ويرضي بواقعه الجديد. كانوا يظنون أن هذه التظاهرات يمكن إخمادها، ولم يكونوا يفكرون أبداً، في أسوأ كوابيسهم، أن موجة ثورية جديدة يمكنها الإطاحة بهم. الديكتاتور في حالة إنكار. الإخوان في حال إنكار. نحن لسنا مهمومين بذلك، ولا يعنينا سوي إعادة حقوق الشهداء بأسرع وقت ممكن، لأنهم كانوا جزءاً هو الأغلي في الثورة المصرية.