علي غرار مراسلات قدامي الأدباء صدر كتاب يحتوي رسائل متبادلة بين الكاتبين المخضرمين بول أوستر وجي إم كوتزي الحاصل علي نوبل سنة 2003، تبادلاها خلال الفترة بين عامي 2008 و2011، بالرغم من أن النقاد أبدوا انزعاجا تجاهها حيث لم يتعودوا علي نشر مراسلات بين أدباء من الأحياء، إلا أنهم أشادوا باحتوائها الكثير من العبقرية، نشرت أخيرا في كتاب يحمل عنوان» في التو والحال» ورد فيه: عزيزي بول: ظللت أقدح زناد فكري علي أتوصل إلي طريقة يتمكن منها الأدباء من كسب المال، عن طريق مراسلتهم بعضهم البعض، ثم يتم نشر ذلك لاحقا في كتاب، متسائلا إن كنت موافقا مشاركتي في مشروع من هذا القبيل، يمكن أن نبدأ بمناقشه الصداقة علي طريقة أرسطو الذي أدلي بدلوه في هذا الموضوع. عزيزي جون: لايمكنني القول أن في استطاعتي إمدادك بوصف عميق المعني لكلمة صداقة، بالرغم من أن الهدف هو النشر، فأنا علي استعداد لفعل ذلك الآن، رأيي النابع من إحساسي هو أن الصداقة يجب ألا يشوبها الجنس! عزيزي بول: ردا علي رسالتك الأخيرة، لايسعني إلا الموافقة علي أنه ينبغي أن تظل صداقتنا بعيدة عن الجنس، أتطلع لرؤيتك قريبا في استوريا. عزيزي بول: لم أسمع أخبارك لبعض الوقت، هل تلقيت رسالتي الأخيرة؟ عزيزي جون: أقدم شديد إعتذاري لتقصيري في الرد عليك، كما تعلم، أرفض التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وربما تكون «سيري»- زوجته- قد أغلقت جهاز الفاكس دون قصد لعدة أسابيع، إلي أن تلقيت رسالتك للتو، أشعر أننا استنفذنا كل ما يتعلق بموضوع الصداقة، وربما علينا توجيه إهتمامنا بدلا من ذلك للأزمة المالية، التي يبدو أنها استولت علي انتباه الجميع في نيويورك. عزيزي بول: يلوح لي أنه إذا استطاع الممولون فهم قليل من الإفلاطونية، والحقائق البرجوازية، فلن تحدث حالة الذعر التي نراها، الحقيقة أن لاشيء تغير سوي الأرقام، لذا لماذا لايتم استبدالها ببساطة بأرقام أخري تحوز الرضاء عن تلك التي تسببت في هذا الإنذار؟ ناشريني يصرون علي ذهابي إلي «توسكاني»، لذا قد نجتمع في نفس المكان كما حدث آخر مرة. عزيزي جون: وصفك للإقتصاد يبدو لي منطقيا إلي حد كبير، اسمحلي أقص عليك حكاية، التقيت بشارلتون هيوستن في ثلاث مناسبات مختلفة خلال عدة أسابيع، ما الذي يدل عليه ذلك من منطق الدال والمدلول؟ ناشري الأيطالي أيضا مصر علي ذهابي في الدرجة الأولي علي الطائرة إلي توسكاني، لذا نتطلع أنا و»سيري» لرؤيتك مرة أخري، أستمتع الآن بمشاهدة مباراة بيسبول في التليفزيون. عزيزي بول: في الحقيقة أراقب كثيرا لعبة الكروكية في التليفزيون،، ربما تواصلنا ينبغي أن يمتد إلي التساؤل حول لم علي شخصين من ذوي العقول اللامعة إشباع حاجة غاية في البدائية لهؤلاء الأبطال؟! عزيزي جون: في الواقع أعتقد إمتلاكك شيئاً من البصيرة تجاه البطولات الرياضيه، هل أخبرتك من قبل أنني كدت ألتقي بويلي مايز» لاعب بيسبول شهير متقاعد»، وأيضا وجدت الوضع في إسرائيل غاية في التعقيد، يمكننا التحدث عن ذلك الموضوع حين نتقابل في كندا، في جلسة قراءة جزء من روايتي الجديدة لتقديمها هناك. عزيزي بول: أهنئك علي روايتك الجديدة، إنها، كالعادة، تحفة، وأتطلع لمقابلتك في كندا، بالنسبة لمساهمتي في المؤتمر، أصررت علي عدم السماح للجمهور بطرح أسئلة، لأنها نادرا ما تكون ذات قيمة، ولاتضيف شيئا، كما طلب مني كتابة شيء عن بيكيت. عزيزي جون: لقد طلبوا مني أيضا الكتابة عن بيكيت، التعليقات علي روايتي كانت إيجابية بوجه عام، بالرغم من غضبي المتزايد من هؤلاء الذين يصرون علي ربط هويتي بشخصيات رواياتي، لهذا الحد فشلوا في تقدير مخيلة الفنان؟ عزيزي بول: ندرة الناقد في العصر الحالي أصبح شيئا يرثي له، لقد تعبت أيضا من تعرض عملي للتدقيق والخلط، وهو ما لم نفعله أبدا سواء أنا أو أنت، بأن نؤلف كتبا شخصياتها أتخذت أسماء تنتمي إلينا، أو كانت سيرة ذاتية بأي شكل من الأشكال، آه حسنا،أفترض، أن ذلك يشكل نوعاً من العبقرية، أعاني أيضا صعوبة بالغة في النوم، علي ذكر الكتابة، هل وصلتك الآلة الكاتبة الجديدة؟ عزيزي جون: أزعجني إصابتك بالأرق، تقترح «سيري» مواصلة مراسلاتنا عل ذلك يؤدي لتحسن الأمور.