نشر عبدالمنعم رمضان مقالا بجريدة »أخبار الأدب« عدد 32 مايو 0102 حشد فيه كل مرارات نفسه مفتقدا أبسط قواعد النقد الأدبي ليهاجم صدور الأعمال الكاملة لعلي محمود طه وكأن عقربا لدغه علي حد تعبيره فأصدر عليها حكما مسبقا دون أن يطالعها يعكس سوء نيته التي لازمته في مقاله المحموم وحتي لانتوه وراء سيل إساءاته متجاوزا قاموس شتائمه مثل كلمات »المدعو« و»سارق« و»سم« وغيرها من قاموسه الذي اشتهر به، لأن أخلاقي تمنعني من مسايرته في سوء الأدب. سأقتصر هنا علي الحديث عن الدواوين الشعرية الثلاثة التي قمت بجمعها وتحقيقها ودراستها وكانت موضع انتقادات هذا الخصم غير الشريف. 1- ديوان أحمد فتحي ركز المذكور حديثه علي ديوان أحمد فتحي الصادر عام 8002 الذي تولت مؤسسة البابطين مشكورة تحمل نفقات طباعة ديوان لشاعر مصري أهمل شعره ولم ينشر منذ صدور ديوانه الوحيد »قال الشاعر «عام 9491 أي قبل ستين عاما فكان جزاؤهم هذا السم الزعاف الذي وجهه رمضان لمحقق الديوان وللمؤسسة ولم ينس أيضا أن يغمز الشاعر عماد غزالي الذي راجع الديوان. للشنر هذا الديوان حكاية يجب أن تروي.. فقد لازم سوء الحظ أحمد فتحي في نشر شعره منذ رحيله عن الحياة في يناير 0691. وقد آليت علي نفسي أن أجمع ما أتلق من شعر أحمد فتحي لارتباطي الوجداني بشعره إلا أن مشكلة صادفتني وهي أن نسخة ديوانه الوحيد »قال الشاعر« الصادرة عام 9491 تعرضت بعض صفحاتها للبلل والطمس وقطعت مكتبات مصر وأسوار كتبها في القاهرة والاسكندرية بحثا عن الديوان دون جدوي، وكان أمامي يومئذ خياران أحلاهما مر: 1- صرف النظر نهائيا عن نشر ديوانه حتي أجد نسخة من ديوانه »قال الشاعر«. 2- نشر ديوانه دون نشر القصائد الثمانية المطموسة حتي تتاح لي الفرصة لنشر أعماله الكاملة خاصة أن هناك أديبين وعداني بتزويدي بقصائد مخطوطة لاحمد فتحي ولما طالت المدة ومر أكثر من عام علي هذا الوعد قررت إصدار ديوانه وفق ما توافر لي من قصائده آنذاك حتي استكمل المخطوطات الضائعة ثم تقدمت بمذكرة للمجلس الأعلي للثقافة فيما بعد لنشر أعماله الكاملة بعد استكمالي لكل قصائده الناقصة. وللعلم فقد تعرفت علي أربع شخصيات عرفت أحمد فتحي عن قرب هم الشاعر الكبير صالح جودت صاحب الفضل الأول في تذكير الناس به، والشيخ محمد ابراهيم الأخ غير الشقيق لأحمد فتحي والسفير الشاعر أحمد عبدالمجيد والأديب أنور أحمد الذي تفضل باهدائي أكثر من عشر رسائل بخط أحمد فتحي المنمق الجميل استفدت بها في كتابي »اعترافات شاعر الكرنك أحمد فتحي« الصادر عام 7891 بمقدمة رائعة للشاعر أحمد عبدالمجيد وفي هذا الكتاب ذكرت أنه تزوج من فتاة انجليزية اسمها »كارول« عام 5491 رزق منها بابنة وحيدة سماها »عائشة« تيمنا باسم امه ولكن بعد انفصاله عن زوجته وعودته إلي مصر عام 7491 سمتها أمها »جوزفين«. فهل أجرمت بنشر شعر أحمد فتحي الذي ضم ديوانه الوحيد (ما عدا القصائد المطموسة) فضلا عن معظم شعره المتناثر علي صفحات الصحف والمجلات المعلومة والمجهولة للقراء أم أترك شعره للضياع والنسيان. 2- ديوان عبدالحميد الديب أصدرت ديوانه عام 0002 لكن واجهتني مشكلة هي شعره الشفاهي ووجدت عدة مقطوعات مليئة بالكلمات الجنسية وترددت في نشرها خاصة أنها غير موثقة ولم يسبق نشرها وثار جدل حول تعرضها للتحريف والزيادة والتعديل بل قيل أن الشاعر الظريف محمد مصطفي حمام قد زاد عليها الكثير وهو المشهور بتقليد شعر كبار الشعراء بصورة محكمة حتي أنه نحل عدة شوقيات ثبت دقة تقليده لشوقي ومع ذلك أرفقت تلك القصائد ووضعت نقطا بديلا عن الكلمات المكشوفة لكن المجلس الأعلي رأي استبعادها لأن نسبة النقط ستكون هي الغالبة واحتراما لمشاعر الناس خاصة قصيدته المشهورة: دع الشكوي وهات الكأس نسكر. ويجيء رمضان اليوم ليتهمني بأنني غلبتني روح المحافظة وفعلت ما لم يفعله عتاة المحافظين حين أغفلت نشر أبيات الديب المكشوفة وهو يظن بذلك أنه ينجح في استعداء المثقفين عليّ. ولو كنت جامداً متزمتاً كما يوحي بذلك المذكور لاستبعدت قصائد هؤلاء الشعراء الذين تناولوا قضايا الجنس والشك والتساؤل الفلسفي بأسلوب فني راق وليس بهذا الأسلوب الفج الذي يلجأ إليه رمضان كمنشورات جنسية وغير جنسية تخاطب الغرائز وتثير العواطف ليحقق بذلك مجدا رخيصا. 3 - الأعمال الكاملة لعلي محمود طه هل تعرفون كيف استقبل رمضان الأعمال الكاملة لعلي محمود طه الذي صدرت عن هيئة قصور الثقافة في ثلاثة مجلدات محققة كاملة موثقة بعد ستين عاما من رحيل علي محمود طه؟ لم يجد المذكور شيئا يقوله سوي لدغة العقرب التي أصابته غلاً وحسداً فقال بجرأة يحسد عليها. »لما تصفحت الأعمال الكاملة لعلي محمود طه، جمع وتحقيق محمد رضوان، كانت العناوين بتصفيفها وتخفيها تشي ببعض التصرف«. هل رأيتم فهلوة أكثر من هذا الذي جاءت به قريحة شاعر العصر والأوان الذي يمارس أسلوب الفهلوة والخفة، فيقرأ الغيب ويفتح المندل ويقرأ الفنجان الذي يخبره أن أعمال علي محمود طه تعرضت للحذف والاختصار من نظرة واحدة للعناوين ولو قارن أي منصف بين هذه الطبعة وطبعة بيروت لأدرك البون الشاسع بين الطبعتين ولأدرك الجهد الذي بذلته أنت في جمع كل قصائده التي نشرت خارج دواوينه في الصحف والمجلات القديمة في الفترة من 8191 حتي عام 9491 فضلاً عن التوثيق والتحقيق والتعريف بكل الشخصيات والأحداث وقد أسعدني الصدي الطيب الذي تمثل في إشادة العديد من الأدباء »الكبار« أدبا وأخلاقا ًوإنصافا ًلهذا العمل غير المسبوق ويكفيني هذا لأني لا أحتاج لشهادة الحاقدين الموتورين. بقيت نقطة أخيرة تدخل في صميم موضوعنا.. وهي أن نتعرف علي سر حملة رمضان المسعورة علي جهودي الأدبية في جمع وتحقيق ونشر أعمال ثلاثة من كبار الشعراء لأول مرة في مصر؟ ولكي نعرف الغرض يجب أن نشخص المرض وهو تكوين هذا الشخص ولماذا يحاول أن يلطخ جهود الآخرين ويحاول الإساءة إليهم بجعجعاته وشتائمه! السبب الأول هو أن هذا الشاعر كان ينوي اصدار أعمال أحمد فتحي فلما وجد أنني سبقته لدغته العقرب التي ذكرها وأفقدت توازنه. السبب الثاني هو التكوين الداخلي للمذكور الذي اعتاد التجرؤ علي كل قيم الحق والخير والجمال ليدوسها ويفجرها كما سبق وادعي. وهنا يجب أن أعرف القاريء بشخصية عبدالمنعم رمضان من خلال شعره فهي أصدق من يعرفنا بذلك مثل هذا الشاعر يشهر في وجه كل من ينتقد هذيانه باتهامه بالرجعية والمحافظة وأنه ضد حرية الإبداع والتعبير، والابداع منه براء. وأعرف سلفا ًالسيناريو المنتظر.. سيزعم أنني رجعي متزمت ضد حرية الابداع والتعبير ويعلم الله أنني مع حرية الابداع والتعبير بشرط واحد: هو الجودة، فتراثنا الأدبي العربي قديمه وحديثه مليء الابداعات الفنية منذ أبونواس وعمر بن أبي ربيعة حتي نزار قباني وإلياس أبوشبكة وعلي محمود طه لكن ما قدموه هؤلاء كان فناًادبياً رائعا.ً فلنحتكم للقراء رداً علي بعض أحقادك المريضة المفتقرة إلي أدني درجات الانصاف وقول الحقيقة ونتساءل ماذا قدمت أنا للأدب العربي الحديث وماذا قدم رمضان؟ أنفقت أكثر من ثلاثين عاما في إعداد دراسات عن أعلام الشعر العربي المعاصر وقمت بجمع وتحقيق ودراسة دواوين ثلاثة من أكبر شعراء مصر المعاصرين هم عبدالحميد الديب وأحمد فتحي وعلي محمود طه خاصة شعرهم المجهول الذي تناثر علي صفحات الدوريات القديمة الذي كان مهدداً بالضياع والنسيان لولا جهودي الذاتية لاحياء هذا الشعر الضائع، وإحياء ذكراهم فقدمت لأول مرة ديوان عبدالحميد الديب وجمعت معظم شعر أحمد فتحي ولم أذكر انها الأعمال الكاملة وقدمت أعمال علي محمود طه الكاملة.. هذا ما قدمته للمكتبة العربية وبحمد الله وجدت إنصافا وتقديرا من بعض كبار الأدباء والنقاد العرب ويكفي هؤلاء وبعدها لست في حاجة لرأي شخص مثلك مريض القلب لكن ماذا قدمت أنت غير الهجوم والإساءة لجهود الآخرين.. قدمت أنت هذا الشعر الحدائي الذي حشدت فيه كل توابل الإثارة من جنس فاقع وتهجم فج علي الذات الإلهية، والاساءة إلي الآخرين التقطت مفرداته من موائد بعض الشعراء الحداثيين من الشرق والغرب الموتي منهم والأحياء ومن سيد قرارك أدونيس حتي حملت بجدارة لقب »حامل حقيبة أدونيس«. وأخيرا هناك ثلاث مفاجآت ستلدغ رمضان قريبا: 1- الأعمال الكاملة لأحمد فتحي بما فيها قصائده المخطوطة. 2- الأعمال الكاملة للهمشري (فيها قصائد مخطوطة من شقيقه الراحل محمود). 3- كتاب »التحفة البهية في سرقات حامل الحقيبة الأدونيسية« (رمضان أحد خفافيش الأدب الذين عناهم العقاد بقوله »إيه ياخفافيش الأدب.. أغثيتم نفوسنا«!. وسلام علي من اتبع الهدي فقط!