سنويا تنتج الجامعات المصرية أبحاثا ودراسات متعددة في كافة مجالات البحث العلمي ، وهي جهود تمثل خط إنتاج طبيعياِ للجامعة وحلقة وصل تربط الجامعة بالمجتمع الخارجي ولكنها أبحاث تنتج لتأخذ طريقها إلي دهاليز المكتبات الجامعية المنغلقة علي الطلاب والباحثين مما يعني أنها لا تتجه للنور وإنما تتجه إلي الظلام ولا تأخذ طريقها الطبيعي لمجتمع هو في أشد الحاجة إليها ومن المنطقي أنها منتجة لمجتمع يكون بمثابة المتلقي الطبيعي لها (لا يفوتنا أنها أنتجت من رصيد الشعب ومن أموال دافعي الضرائب ) يشبه الأمر مصنعا ينتج كميات هائلة من المنتجات ولكنها منتجات لا تخضع للتسويق فتتعرض للتلف دون الإفادة منها ويظل المجتمع في انتظار مبادرة من شأنها أن تمده بما يتطلبه التحضر وتفرضه شروط المدنية والتقدم ، وقد أدركت الدول المتقدمة أهمية ذلك فتبنت المؤسسات الكبري دعم البحث العلمي وتمويل الأبحاث في مجالات الحياة المختلفة ، وفي مجال العلوم الإنسانية مثلا هناك الكثير من الأبحاث في مجال العلوم الاجتماعية توقفت عند دراسة حالات اجتماعية تعالج قضايا في التربية والإصلاح الاجتماعي ولكنها تلقي المصير نفسه . وبعيدا عن أن عددا كبيرا من الأبحاث - في مجال النقد والأدب خاصة - ضعيفة المستوي (سأعود إلي هذه النقطة في المقالة القادمة ) فإن أبحاثا ذ بالتأكيد ذ لها قيمتها يتوفر عليها باحثون من طراز خاص ، حتي تحولت الجملة التي تزين قرار منح باحث الدكتوراه الدرجة العلمية : زمع التوصية بالطبع والتبادل ز تحولت إلي مجرد عبارة يفخر بها الباحث ولا تعترف بها الجامعات لذا لا يأخذك العجب إذا سمعت أن أحد رؤساء الجامعات قدم توصية شفوية بعدم إدراج العبارة في قرار اللجنة حتي لا تتسبب في إحراج الجامعة التي لا تطبع ولا تبادل ولا تنتوي ذلك). إن فجوة كبري تقع بين الجامعة والمجتمع الخارجي المحيط ، فالجامعة تستمد تمويلها من مجتمع لا ترد إليه أحد أهم حقوقه (منتجه/ ها العلمي ) وهو مادفع جامعات عالمية وعربية إلي إنشاء مايسمي بمجلس النشر العلمي الذي يعمل علي نشر الأبحاث العلمية وتقديمها للمجتمع المحيط ، من منا لا يعرف؟: حوليات كلية الآداب أو المجلة العربية للعلوم الإنسانية أو مجلة الطفولة العربية أو مجلة الحقوق أو مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية أو المجلة التربوية أو مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية أو مجلة العلوم الاجتماعية وكلها وغيرها صادرة عن مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت وهي التجربة التي عممتها جامعات عربية أخري لم تكتف بما هو متاح لها من إمكانيات للنشر الورقي فأتاحت رسائلها العلمية الماجستير والدكتوراه خاصة) علي مواقعها علي الشبكة العنكبوتية ومنها : معظم جامعات الجزائر- جامعة النجاح الوطنية في فلسطين ذ جامعة مولانا مالك إبراهيم في أندونيسيا (تنشر علي موقعها 433 بحثا ورسالة بالعربية عن الأدب العربي)، وجميعها جامعات نجحت فيما لم تفكر فيه جامعاتنا التي ماتزال تمارس نوعا من التعتيم علي منجزها العلمي متناسية ما تفرضه طبيعة اللحظة التاريخية التي تمر بها البشرية . قبيل قيام الثورة تقدمت بمقترح مشروع للنشر العلمي إلي رئيس جامعة الفيوم السابق الدكتور أحمد الجوهري وقد تحمس للمشروع ووصلني منه ما يفيد بموافقته المبدئية علي المشروع خاصة أن الجامعة تمتلك مطبعة قادرة علي تنفيذ المشروع دون الحاجة للتعامل مع مطابع خارج الجامعة ولكن قيام الثورة وانتهاء فترة الدكتور الجوهري للجامعة أدياِ إلي توقف المشروع وبقائه فكرة قابلة للتنفيذ شريطة أن تجد من يؤمن بأن الجامعة لا يتوقف دورها عند حشو عقول طلابها بمعلومات ليست كافية في طرائقها ولا مضمونها لتعدهم لواقع مغاير لم يعد يقبل الطرائق القديمة لإعداد الأجيال القادمة وحتي نتوقف عن التشدق بسيل من العبارات الفاقدة لمضمونها عن منجزات مزعومة لجامعاتنا . وللحديث بقيه