15 يناير 2013 يوافق ذكري مرور 63 عاماً علي وفاة العالم المصري الدكتور علي مصطفي مشرفة (1898 ذ 1950). وخلال عمله الأكاديمي، قدم د. مشرفة ورقة عمل في إصلاح التعليم الجامعي، بهدف أن تضارع الجامعة المصرية مثيلاتها في الخارج، فقدم مفهوماً عميقاً للجامعة فقال: زإن الجامعة ليست دوراً تُشيد، ولا أموالاً تُصرف، ولا وظائف تُقلد، ولا درجات تُمنح، ولكنها فكرة سامية تُعتنق، ومثل أعلي، ورياضة للمُعلم والمتعلم علي منهاج خاص في طلب الحقيقة ونشر العلم وخدمة المجتمعا. في مايو 1925 ذ قبل افتتاح الجامعة المصرية بخمسة شهور ذ قال: بان الرزء الجسيم إذا تصورنا أن الجامعة هي مجموعة مدارس عليا يُقصد منها تخريج الشبان الفنيين من أطباء ومهندسين وغيرهم، فإذا وضعنا هذا الغرض نصب أعيننا واتخذناه قاعدة، وُلدت جامعتنا جثة هامدة، وجسداً بلا روح، ولعمري ما ينقصنا اليوم كثير من مدارس الأطباء أو المحامين وان ما ينقصنا هو روح العلم وهو التفكير الحُر. نحن لا نريد أن تُزين جثث التعليم وتُحلي وتوضع في قصور شامخة تُصرف عليها عشرات الألوف من الجنيهات، وانما نريد أن يُنفخ في هذه الجثث فتحيا حياة طبيعية في جو تُربي فيه ويتكامل جمالها الطبيعيا. كما قدم فكراً مستنيراً في الصورة التي ينبغي أن يكون عليها أستاذ الجامعة فقال: زإنه من الخطأ إذا تصورنا أن أساتذة الجامعة وكبار موظفيها مستخدمو حكومة يُعينون ويُعزلون ويُرأسون ويُلاحَظون ويُملي عليهم، أنما هم رجال مسئولون ذوو وظائف مسئولة، يُنتخبون لوظائفهم انتخاباً يختارهم رجال فنيون من فطاحل علماء العلم، ثم يُطلق لهم التصرف داخل حدود وظائفهم ويخضعون لبرلمان منهم هو مجلس جامعتهم، ويتعاونون ويتآزرون ويؤسسون معاملتهم علي الصدق والاحترام المتبَادلا. وفي سبتمبر 1948 نشر مقالاً بجريدة الأهرام بعنوان (حديث القطار) وكان بمناسبة إنشاء جامعة أسيوط، فقال: بأن أهم ما يُراعي في انشاء الجامعة هو اختيار أساتذتها، فهؤلاء يجب أن يكونوا من المتبحرين في العلم المبتكرين فيه، يجب أن يكونوا ذوي مكانة مُعترف بها في الأسر الجامعية التي تتألف من الجامعات المتفرقة في أنحاء المعمورة. والخطأ بل الخطر أن يُختار أناس من أنصاف العلماء فهؤلاء يكونون أكبر حرب علي الجامعة وعلي العلم وعلي التعليما. كان د. مشرفة يؤمن تماماً بأن المعيدين هم البذور التي تنميها الجامعة لإنبات أساتذة صالحين، ومن هنا كان حرصه يوماً بعد يومٍ علي انتقاء هذه البذور حتي تخرج للجامعة الثمر الصالح. وفي إيمانه العميق برسالة الجامعة لم يكن يخاف مما يراه حقاً لومة لائم، فكان يزأر في مجلس الجامعة في وجه كل رأي يسعي إلي وضع القواعد من أجل الاستثناءات والمعاملات الخاصة، وكان يقول في صراحة: بأن تمييز طائفة ما هو الشر بعينه، لأنه تفريق بلا مبررا. اليوم اختلط العلم بالسياسة بالدين، اختلط الصالح بالطالح، وضاعت ملامح الجامعة وهيبتها. رحم الله د. علي مصطفي مشرفة.