بدأ الاعداد لهذا المؤتمر من جامعة أرلنجن بجنوب ألمانيا منذ سنة، تولت الاعداد له الدكتورة كلوديا اوت، التي قامت بترجمة جديدة لألف ليلة عن النص الذي حققه الدكتور محسن مهدي واعتمد فيه أقدم مخطوط معروف حتي الآن، صدرت الليالي عن دار نشر كبري (سي - اتش -بك) في ميونيخ، وخلال شهور قليلة حققت أعلي نسبة توزيع، جري ذلك كله قبل الضجة التي أثارها بعض الجهلاء من دعاة الغيرة علي الأخلاق والإسلام وآه لو يعلمون كم الحقوا الضرر بالإسلام والمسلمين والثقافة العربية كلها. تعمل الدكتورة كلوديا اوت علي المخطوطات القديمة لألف ليلة، وتستعد الآن لترجمة »سيرة النعمان« والتي تتصل عضويا بسيرة الأميرة ذات الهمة، وقد خصص هذا المؤتمر لسيرة النعمان، وتم دعوة نخبة من المتخصصين في جامعات العالم ولمدة أربعة أيام تفرغوا تماما ًللبحث والقاء الأوراق المعدة خصيصا والتي تناولت كل ما يتعلق بسيرة النعمان، فيما عدا المحاضرة الافتتاحية للمؤتمر والتي شرفت بدعوتي إلي إلقائها وكان ذلك أيضا قبل الضجة الأخيرة، تحدثت عن تأثير الليالي في تكويني الثقافي، وعن علاقة الكتاب بالفنون العربية الإسلامية، خاصة العمارة والأرابيسك، فن الزخرفة، من الملاحظ بشكل عام تصاعد الاهتمام العلمي بألف ليلة، لا يمر شهر بدون مبالغة إلا وثمة نشاط علمي مرتبط بها، في ديسمبر الماضي شاركت في مؤتمر كبير عقد في أبوظبي، وفي ألمانيا الشهر الماضي، وفي سبتمبر المقبل سيعقد مؤتمر دولي في الأردن تنظمه جامعة آل البيت بالمشاركة مع مؤسسات فرنسية علمية، أقيم علي هامش المؤتمر في ارلنجن معرض مصغر للكتاب، فوجئت بترجمة جديدة صدرت لألف ليلة وليلة في مطبوعات بنجوين الشهيرة، كما صدرت دائرة معارف ألف ليلة وليلة، في مجلدين كبيرين، أعدها الدكتور ريتشارد فان ليون (هولندا) والدكتور اولريش مارزولف، وقد اقتنيت نسخة منها وآمل أن يقوم المركز القومي بترجمتها لأنها حوت كافة ما يخص الليالي من معلومات أو ترتيب حكايات وحصرها وتصنيفها، وأصول الشخصيات، وبالطبع أنواع المخطوطات في العالم، مما علمته ودهشت له أن مصر كلها لا يوجد بها إلا مخطوطان فقط، أحدهما في دار الكتب، وفي العالم أمكن حصر أربعين مخطوطا، وفي المؤتمر تعرفت الي الباحث المغربي ادريس شرايبي المقيم في باريس وهو متخصص في مخطوطات الليالي فقط. غير أن المفاجأة كانت هذا الشاب السوري ابراهيم عقل الذي يعد رسالة علمية في باريس عن مخطوطات ألف ليلة. ألقي بحثا ًعن شخصية سورية من خلالها يمكن الوقوف علي ملامح الحياة الثقافية في الشام خلال القرن التاسع عشر، أنه أحمد الرباط الحلبي، وكان متخصصا ًفي نسخ الكتب وتأجيرها للقراء، كان ثمن المخطوطات مرتفعا، وكان المسافرون يستأجرون منه المخطوطات، خاصة الليالي للإطلاع والتسلية، أحد مخطوطات الليالي التي كان يعيرها محفوظة الآن في لندن، وقد أحصي الباحث أكثر من خمسين توقيعا لقراء استعاروا المخطوطة وبعضهم كتب تعليقاته علي هوامشها، وهم نفس الأشخاص الذين ظهرت توقيعاتهم علي مخطوطة أخري في طوكيو الآن، أسس أحمد الرباط الحلبي لحركة ثقافية في مقاهي الشام، كما ألف قصا ًمن وحي ألف ليلة، علمت أنه الجد الأكبر للدكتور ناصر الرباط صديقي العزيز وأستاذ كرسي بهارفارد، قدم الدكتور مأمون فنسا - سوري الأصل - بحثا عميقا قارن فيه بين مخطوطات كليلة ودمنة ومخطوطات ألف ليلة، وهو خبير في الفنون الاسلامية ويستعد لافتتاح معرض كبير عن (لورانس العرب) في المتحف الألماني الذي يديره. من اللحظات التي لن أنساها في المؤتمر دعوة المستعربة كلوديا اوت للمشاركين كي يتأملوا المخطوطة الأصلية من الليالي المحفوظة في مكتبة مدينة نوتنجن، وقد وضعت في صوان خاص ليلة الافتتاح وأحاط بها وقوفا عدد من الطلبة في الجامعة كحرس شرف، ولمدة ثلاث ساعات في اليوم التالي أمضيناها حول المخطوط نتأمله ونقلب صفحاته لكن بعد ارتداء كل منا لقفاز أبيض مطهر، بحيث لا نلمس المخطوط مباشرة. مناقشات طويلة رفيعة المستوي، دارت كلها حول الليالي التي أصبحت تعامل كأثر يخص الانسانية، مثلها مثل الالياذة والأوديسة اليونانية، وكتاب الخروج الي النهار المصري، والراميانا الهندية، والتاو الصيني، والآثار الأدبية العظمي التي أبدعتها البشرية، في ختام المؤتمر استجاب الجميع لاقتراحي بتأسيس مركز عالمي لدراسة الليالي وتجميع كافة ما يتصل بها، وسوف ينطلق هذا المركز من جامعة ارلنجن العريقة.