رئيس وزراء الصومال يشكر مصر ويحذر من مخاطر التحركات الإسرائيلية فى القرن الأفريقى    غدا.. بنك مصر يعقد اجتماع الأليكو لمراجعة عائد الأوعية الادخارية بعد خفض الفائدة    NBC: زيلينسكي يريد مناقشة إعادة إعمار أوكرانيا مع ترامب    التشكيل الرسمى لقمة كوت ديفوار ضد الكاميرون فى بطولة كأس أمم أفريقيا    حكومة بريطانيا في خطر بسبب علاء عبد الفتاح.. أحمد موسى يكشف مفاجأة(فيديو)    تشكيل أمم إفريقيا - ديالو يقود هجوم كوت ديفوار.. ومبومو أساسي مع الكاميرون    انتهاء اليوم الثاني والأخير من جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب للدوائر ال19 الملغاة    درة تنشر صورا من كواليس «علي كلاي» ل رمضان 2026    المستشار إسماعيل زناتي: الدور الأمني والتنظيمي ضَمن للمواطنين الاقتراع بشفافية    أشرف الدوكار: نقابة النقل البري تتحول إلى نموذج خدمي واستثماري متكامل    بوليسيتش يرد على أنباء ارتباطه ب سيدني سويني    عبقرية مصر الرياضية بأفكار الوزير الاحترافية    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    القضاء الإداري يسقِط قرار منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    أحفاد الفراعنة فى الشرقية    ضبط القائمين على إدارة مصحة غير مرخصة بالبدرشين    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    الاحتلال الإسرائيلي يغلق بوابة "عطارة" وينصب حاجزا قرب قرية "النبي صالح"    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    محمود عاشور حكمًا لل "VAR" بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    "القاهرة الإخبارية": خلافات عميقة تسبق زيلينسكي إلى واشنطن    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    بعد قضاء مدة العقوبة.. إخلاء سبيل حمو بيكا من قسم شرطة قصر النيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعمان عاشور رائد للمسرح الواقعي
نشر في أخبار الأدب يوم 29 - 12 - 2012

يعد نعمان عاشور (1918-1987) من أهم مؤسسي المسرح الواقعي في بلادنا، حيث أدرك بوعيه الثقافي المبكر أن المسرح من أهم الأنواع الأدبية - إن لم يكن أهمها علي الاطلاق - لأنه ينقل الواقع الانساني حيا في حواره الدرامي وشخصياته وهو يعكس الواقع جماليا من خلال لغة درامية تعتمد علي الايحاء رغم واقعيتها.. وكل ابداع فني وأدبي يجب أن تكون لغته بعيدة عن المباشرة متخذة من المجاز أداة للتشكيل.. ويتجلي هذا مضيئا في أعمال نعمان عاشور المسرحية كلها ومنها رائعته (عيلة الدوغري) التي كتبها في العنوان وحده بالفحصي (عائلة الدوغري).
فلغة الحوار التي يتكون منها النص المسرحي في فصوله الثلاثة بالرغم من واقعيتها التي توهم بغرقها في الشعبية عبارات وجملا تثير الكثير من الأفكار والمعاني التي تحملها عاميتنا المصرية التي اختارها نعمان وسيلة لإبداعه وكانت تشرق في حوارات قصصه القصيرة لكنها صارت أشد اشراقا في مسرحه.
1
والجميل في عاميتنا التي منها ينهل أبطال نعمان عاشور أنها بالرغم من كونها فصحي إلا في القليل من مفرداتها تكون أشد فصاحة من الفصحي وذلك لأن العبارة العامية المكونة من مفردات بالفصحي لو حاولنا فهمها بالفصحي لوجدنا معاني مختلفة عن معانيها بالعامية ولنجرب في هذه العبارات من الحوار المتميز لنعمان عاشور:
- كان ضارب تفليسة
- يا راجل بر نفسك
- الزلط اللي بقبش رجليك
- نرسي مع بعض علي بر
- استني كده لما تستلقي وعدك
- انت ليه تمطوحني؟
- أوعي تكون كلفت أبوالسيد؟!
- ما فيش حاجة هتيجي علي قدك
- اياك دا كله يتمر فيك!!
- شرابة خرج
2
يسبح النص المسرحي عند نعمان عاشور في الواقعية منذ أن يفتح الكاتب النص الي أن يغلقه عبر الفصول الثلاثة التي تتكون منها مسرحية (عيلة الدوغري). ويبدأ العوم بأسماء الشخصيات وبالسرد النثري الذي يضعه المؤلف في بدايات الفصول وفي الملاحظات التي نضعها بين قوسين مصورا الحالة التي تكون فيها الشخصية لحظة الحوار.. أو تلك التي قد تقطع الحوار في حديث بعض الشخصيات: السيد - مصطفي - حسن - عيشة - زينب - كريمة - علي الطواف - أبوالرضا شنن - سامي الذي هو الأحنف - أزهار - أحمد.. سنجد لكل من هذه الأسماء صلة بالشخصية التي تتسمي بها.. ويبدأ هذا من عنوان المسرحية نفسه (عيلة الدوغري) وسنجد هذه الشخصيات (حال فعلها الدرامي) تطلق علي بعضها ألقابا أو كني، تؤكد ما يوحي باسمها.. وهو ما يحدث في حياتنا الشعبية التي اختارها نعمان عاشور بيئة لمسرحه.. فالسيد هو (أبوالسيد) و(سي السيد) وعرب - ومصطفي هو (درش) و(أبودرش) و(أبوالدراويش) - وحسن هو (أبوعلي) وابراهيم (أبوخليل).
3
تدور أحداث المسرحية حول الصراع بين الطبقات الاجتماعية وهو ما كان يشغل بال الكتاب الواقعيين ومنهم - إن لم يكن أول صفهم - نعمان عاشور (سعد وهبة - ميخائيل رومان - ألفريد فرج - نجيب سرور).. ولاشك أن هذا الهم كان الشاغل الأول للثورة الناصرية المجيدة 1952 وقد ظل شاغلها الأهم حتي وفاة زعيمها جمال عبدالناصر 1970 خرجت الطبقة الوسطي من قلب الكادحين فلاحين وعمالا فعاشت زمنا تجتهد بشتي الوسائل لتصعد الي الطبقة الأعلي متخلية عن جذورها تاركة خلفها الفقراء من ذويها منغمسين في واقعهم الكئيب.. غير أن البعض من الصاعدين من أبناء هذه الطبقة ظلوا صامدين.. متمسكين بالأرض.. مجتهدين في سعيهم لتطويرها ونقلها واقعيا الي الأجمل والأرحم ونعمان عاشور واحد من هذه الشريحة التقدمية من أبناء الطبقة الوسطي.
4
اجتهد نعمان عاشور في مسرحيته (عيلة الدوغري) كما في كل ابداعاته الدرامية وبخاصة في (الناس اللي فوق - الناس اللي تحت - تلات ليالي - وابور الطحين) أن يرتقي بالواقع من خلال زرع القيم النبيلة التي يجب أن تسود هذا الواقع حتي يرقي فكان أن أسهم في غرس الوعي الفكري الذي ينتصر للأغلبية الكادحة من صناع الوطن والذين بهم قامت الحضارة المصرية في الماضي.. وبدونهم لا يمكن أن تقوم لهذا الوطن حضارة جديدة بل ان بدونهم لن يتحقق لهذا الوطن مجد في الراهن وفي المستقبل.
في مسرح نعمان عاشور وعي شديد بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية فبدونها لا يتغير الواقع.. انها حجر الأساس اللازم لكل تنمية أو تطوير لكل تقدم.
وهذا ما جاهد عبدالناصر طول عمره لتحقيقه علي أرض الواقع المصري من خلال الاصلاح الزراعي والتأميم في الخمسينيات والستينيات واعتبار التعليم والثقافة من المشروعات القومية وهو مما ساعد علي شحن الوعي الجمعي لمواجهة العدوان علي مصر منذ ما بعد تأميم قناة السويس 1956 وحتي تحقق العبور العظيم في 1973.
5
كان نعمان عاشور - من توجهه الي المسرح في 1955 بمسرحيته الأولي (المغماطيس) وما تلاها حتي آخر مسرحياته (حملة تفوت ولا حد يموت) التي كتبها قبل رحيله بعام 1986 ولم تر النور في صالة عرض الاعتراض مؤلفها الوطني الشريف نعمان عاشور علي اعدادها لتعرضها احدي فرق القطاع الخاص فتدخل لايقافها - من أهم الرواد الذين أسسوا لأقوي تيارات المسرح المعاصر وأكثرها رواجا وازدهارا في الستينيات والسبعينيات وفيما بين مسرحيتيه الأولي والأخيرة اكتظت قاعات المسرح في مصر بعروض ناجحة لمسرحياته (عفاريت الجبانة) 1956 (الناس اللي تحت) 1956 (الناس اللي فوق) 1957 سيما أونطة 1968، (جنس أو صنف الحريم) 1960، (عيلة الدوغري) التي استمر عرضها للمسرح القومي من اخراج عبدالرحيم الزرقاني فيما بين 1962 و1967، (عطوة افندي قطاع عام) 1965، (تلات ليالي) 1966، (وابور الطحين) 1966، (الجيل الطالع) 1971، (بشير التقدم) عن حياة رائد النهضة رفاعة رافع الطهطاوي 1975 وقد عرضت علي المسرح من اخراج عبدالغفار عودة 1975 باسم آخر (باحلم يا مصر)، (بلاد برة) 1976، (برج المدابغ) 1977، (إثر حادث أليم) وقد عرضتها فرقة السامر المسرحية من اخراج عبدالرحمن الشافعي باسم آخر (مولد وصاحبه غايب) 1977، (وكالة نحن معك) 1978، (لعبة الزمن) 1979.
6
ومع كل هذا الفرح المسرحي الذي أشاعه مسرح نعمان عاشور في واقعنا الثقافي والاجتماعي خلال ربع قرن من الزمان فإن الرقابة علي المصنفات الفنية رفضت نصا مسرحيا بعنوان (شر الكون) كتبها نعمان عاشور 1969.
لقد أعادني نعمان عاشور ومسرحه المتميز الي عهد المسرح المصري الجميل والوطن المصري الجميل متمنين أن يعودا أشد جمالا بعد ثورتنا الشعبية المجيدة التي بدأناها جميعا في الخامس والعشرين من يناير 2011 وسوف نمضي بها حتي تحقق لشعبنا كل ما يتمني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.