الشعبة العامة للمستلزمات الطبية تناقش الإثنين المقبل مشكلات القطاع مع هيئتي الشراء الموحد والدواء المصرية    بعد زيارة السعودية وقطر.. الرئيس الأمريكي يغادر الإمارات مختتما جولة خليجية    وفاة طفل وإصابة اثنين آخرين نتيجة انهيار جزئي لعقار في المنيا    «كده بقيتي مراتي».. منة القيعي تكشف عن أغرب طلب ل يوسف حشيش وتعليق ساخر من عمرو وهبة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 138 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    96 جنيهًا بالمزارع.. أسعار الفراخ في أسواق مطروح الجمعة 16 مايو 2025    وزير النقل يتابع تنفيذ خط السكك الحديدية "بئر العبد - العريش"    أسعار البنزين والسولار في مصر اليوم الجمعة.. تعرف على آخر تحديث    موعد بدء إجازة نهاية العام الدراسي لصفوف النقل والشهادة الإعدادية في القليوبية    مصرع 3 بينهم رجلى إطفاء بحريق ضخم فى قاعدة جوية بريطانية سابقة    وزير الداخلية الألماني: تغيير سياستنا بدأ عند الحدود    غزل المحلة يستضيف الجونة للهروب من صراع الهبوط في الدوري    كاف يكشف عن تصميم جديد لكأس لدوري أبطال إفريقيا    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    ضبط قضايا اتجار غير مشروع في النقد الأجنبي ب5 ملايين جنيه    التفاصيل الكاملة لمقتل شخص علي يد شقيقين والجنايات تسدل الستار بالإعدام المتهمان    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع السفير الألماني بالقاهرة    عبدالناصر فى «تجليات» الغيطانى    بسنت شوقي تكشف عن حلم حياتها الذي تتمنى تحقيقه    رامي جمال بعد الانتهاء من ألبومه: محتار في الاسم وعايز رأيكم    مفاجأة بشأن آخر تحديث لسعر الدولار بعد انهياره أمس    تحذيرات صحية من آسيا: موجة جديدة من «كوفيد» تثير المخاوف حول عودة الفيروس    فحص 1259 مواطنا في قافلة طبية ببني سويف    رئيس غرفة القاهرة التجارية يشارك في تفقد "سوق المزارعين" بالإسكندرية ويعلن عن بدء التحضيرات لإطلاق نسخة مطورة من "سوق اليوم الواحد للمزارعين" في القاهرة    ترامب فى ختام جولته بالشرق الأوسط: أغادر بطائرة عمرها 42 عاما.. الجديدة قادة    مقتل عامل طعنا على يد تاجر مواشي في منطقة أبو النمرس    حال الاستئناف، 3 سيناريوهات تنتظر نجل الفنان محمد رمضان بعد الحكم بإيداعه في دار رعاية    مواصفات امتحان اللغة العربية للصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 16 مايو 2025 في أسواق الأقصر    الإسكان: قرارات إزالة لتعديات ومخالفات بناء بالساحل الشمالي وملوي الجديدة    جماهير برشلونة تحتل الشوارع احتفالا بلقب الليجا    عدوان متواصل على سلفيت.. الاحتلال والمستوطنون يحرقون منازل ومركبات ويعتقلون السكان    بعد استثنائها من الدخول المجاني.. أسعار تذاكر زيارة متاحف «التحرير والكبير والحضارة»    مفتى الجمهورية: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية ومن يفعل ذلك "آثم شرعا"    أنجلينا إيخهورست: نثمن جهود مصر فى الحفاظ على الاستقرار ودعم القضية الفلسطينية    الصحة الفلسطينية: إسرائيل تنفذ تطهيرا عرقيا فى غزة.. 250 شهيدا فى غارات على القطاع    حبس متهم بالتعدى على طفلة فى مدينة نصر    الصحة: خبير من جامعة جنيف يُحاضر أطباء العيون برمد أسيوط    طريقة عمل السمك السنجاري فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهز    هل يجوز تخصيص يوم الجمعة بزيارة المقابر؟ «الإفتاء» تُجيب    بكلمات مؤثرة.. خالد الذهبي يحتفل بعيد ميلاد والدته أصالة    مصطفى عسل يتأهل إلى نصف نهائي بطولة العالم للاسكواش بأمريكا    ميسي يعود لقيادة الأرجنتين.. وسكالوني يفك أسر مهاجمه    راشفورد لن يواجه مانشستر يونايتد    رئيس رابطة محترفات التنس يحدد موعد تقاعده    لاعب المغرب: نسعى لكتابة التاريخ والتتويج بأمم إفريقيا للشباب    4 أبراج «لا ترحم» في موسم الامتحانات وتطالب أبناءها بالمركز الأول فقط    البلشي: 40% من نقابة الصحفيين "سيدات".. وسنقر مدونة سلوك    بالأسماء.. جثة و21 مصابًا في انقلاب سيارة عمالة زراعية بالبحيرة    د. محروس بريك يكتب: منازل الصبر    توقفوا فورا.. طلب عاجل من السعودية إلى إسرائيل (تفاصيل)    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    نشرة التوك شو| حجم خسائر قناة السويس خلال عام ونصف وتحذير من موجة شديدة الحرارة    هل الصلاة على النبي تحقق المعجزات..دار الإفتاء توضح    مسابقة معلمين بالحصة 2025.. قرار جديد من وزير التربية والتعليم وإعلان الموعد رسميًا    هل يمكن للذكاء الاصطناعي إلغاء دور الأب والأم والمدرسة؟    25 صورة من عقد قران منة عدلي القيعي ويوسف حشيش    دعمًا للمبادرة الرئاسية.. «حماة الوطن» بالمنيا يشارك في حملة التبرع بالدم| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربع قرن على رحيل رائد المسرح الواقعي في مصر
نشر في الوادي يوم 27 - 08 - 2012

نعمان عاشور "1918 1987" أحد الكبار في تاريخ المسرح العربي الحديث، وصاحب النقلة النوعية في طريقة تقديم وخلق شكل مسرحي يتناسب مع الوضع الإجتماعي للجمهور، ويتماس مع قضاياه وتحولاته بلغة مسرحية يتضافر فيها البعد الإنساني مع إحكام الصياغة.
عاش للمسرح، فاختار لسيرته الذاتيه عنوانا دالا هو "المسرح حياتي"، ظل شغوفا به منذ طفولته المرفهة وهو ابن الطبقة البرجوازيه الذي آمن في شبابه بالفكر الإشتراكي وتأثر بأفكار د. محمد مندور.
قال ذات يوم: "الحب الفطري للطوائف العادية وجموع الناس من أبناء الشعب .. وهذا الركون الدائم إليهم بوصفهم أجدر الناس بالعشرة.. كان أرسخ ما نضج في كياني منذ الصغر، ولهذا فما إن داخلتني فكرة الإشتراكية ومبادئها حتى إنسابت إلى كل كياني".
كانت مسرحية "الناس إللي تحت" لخطة فارقة دقت فيها أجراس البداية لمسرح مصري خالص بعد أن عاش المسرح لسنوات طويلة تقيات من التجارب الغربية والإقتباسات التاريخية التي جاءت بلا أقنعة أو ظلال تلقي على الواقع في لحظته الآنية، فكانت "الناس إللي تحت" أول مسرحية تتغلغل في تربة القضية الإجتماعية لتناقش يجرأة مشاكل الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة، بلغة تحمل قدرا كبيرا من السخرية والكوميديا اللاذعة.
وربما جاءت المسرحية لتعكس التحولات الإجتماعية العاصفة بعد ثورة 1952.
وقد قدمت المسرحية لأول مرة فرقة المسرح الحر التي كان نعمان عاشور مؤلفها الأول عام 1956 من إخراج الراحل كمال ياسين.
كتب نعمان عاشور خمسة عشر نصا مسرحيا بداية من "المغناطيس" عام 1951 مرورا ب "الناس إللي تحت" 1956، تم "الناس إللي فوق" 1957، و "عيلة الدوغري" 1963، و"برج المدابغ" 1974، و "إثر حادث أليم" 1985، و"وابور الطحين" و "بلاد برة" و "بحلم يا مصري" و "صنف الحريم".
بالإضافة إلى عدة مسرحيات تنتمي إلى مسرحيات الفصل الواحد لعل من أشهرها "عفاريت الجبانة" التي كتبها إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
وفي هذه المسرحيات وغيرها ظهرت قدرة "نعمان عاشور" علي قراءة التاريخ القديم جيدا، بالإضافة إلى قراءته الواعية للحظة المعايشة، مما منحه زخما في الرؤية جعل مسرحه يخرج من حالة "الدراما التاريخية" إلى "التأريخ بالدراما" بمعنى أنه إتخذ من التاريخ قناعا لعرض القضايا اللخطية.
وهنا تكمن الفضاءات المتعددة لثقافة الموسوعية التي إتسمت بالرحابة نظرا لغزارة روافدها المعرفية.
وربما هذا ما جعل الناقد فاروق عبد القادر يقول عنه: "لقد إستطاع نعمان للمرة الأولى بهذه الثنائية أن يجمع الناس حول خشبة المسرح، تدب فوقها شخصيات من لحم ودم، تصطرع حول هموم وقضايا حية وساخنة.
وهذا أيضا ما أشار إليه أحمد بهاء الدين في مقال له بجريدة روز اليوسف عن مسرحية "المغناطيس" قائلا: "أما عن مسرحية المغناطيس نفسها فهي مسرحية جيدة والذين يطلبون في مصر اليوم مسرحا كالمسرح الفرنسي مثلا ليسوا جادين فالمسرح عندنا الآن يبدأ من نقطة الصفر بعد أن مضت على مجده سنوات محت أثره من نفوس الناس وهو لذلك أحوج إلى النقد الدافع إلى الأمام".
وبهاء الدين لايدافع عن المسرحية بقدر ما سيجعل أهميتها كبداية لإحياء الحركة المسرحية بغض النظر عن قيمتها الفنية.
وكتب الكاتب الصحفي محمد زكي عبد القادر في يومياته بالأخبار عن نفس المسرحية قائلا "الشخصيات التي ظهرت في المغناطيس كلها شخصيات موجودة في الحياة تصرفت على المسرح كما تتصرف في الحياة، وهي شخصيات خفيفة الظل ، رقيقة الحركة، وادعة التفكير، متمردة على القديم، ولم أجد رصاصا ولا ثقلا ولا صراخا، ولكن وجدت قطعة من الحياة العادية منقولة على المسرح، سحرها في صدقها وتأثيرها المنبعث من آلامها وآمالها".
وربما هذا أيضا ما أشار إليه "نعمان عاشور" في سيرته الذاتيه حين وصف عمله المسرحي بأنه يؤرخ للتطور الإجتماعي يرصده ويسجله ويرسم خطوط مساره"، وذلك في معرض حديثه عن مسرحيتيه "الناس إللي فوق" و "الناس إللي تحت".
ومن الملاحظ أن "نعمان عاشور" كان مغرما بالجبرتي كمؤرخ وكحاله إنسانية منفردة، فقد كان أول كتاب قرأه في مكتبة جده وهو لم يزل طفلا صغيرا هو "تاريخ الجبرتي"، وقد حاول أكثر من مرة الكتابة عنه بشكل درامي ومنها محاولته في أول الستينات لتقديم مسلسل إذاعي عنه مدته نصف ساعة، وفي هذا يقول: وذات يوم لاقيت المرحوم عبد الوهاب يوسف وكان أيامها يشرف على برامج التمثيليات بالإذاعة فلما أخبرته بأني أقرأ كتاب الجبرتي فطلب مني كتابة حلقة درامية عنه مدتها نصف ساعة، كنت أيامها شغوفا بالجبرتي لأني حصلت من أحد أقاربي على كتبه الأربعة في مجلدين صادرة من مطبعة بولاق العتيقة، وهي تلك التي توجد في مكتبة جدى وقرأتها وأنا مازلت طفلا، وأدرجت التمثيلية ضمن البرامج الخاصة وأخرجت وأذيعت وكانت ناجحة".
ومع ذلك كانت تطلعات "عاشور" نحو تقديم "الجبرتي" كشخصية درامية متعددة الأبعاد أكبر من تقديمها في حلقة إذاعية، لذلك ظل يراوده الحلم في تقديمه على خشبة المسرح، حتى آخر لحظة مسرحياته.
وبالفعل إستطاع أن ينجز قبل وفاته بأيام نصه المسرحي "حملة تفوت ولا شعب يموت"، وهي المسرحية الوحيدة التي لم تر النور حتى الآن من أعمال "نعمان" على المسرح.
والمسرحية ليست كما يبدوا ومن عنوانها تأريخا للحملة الفرنسية على مصر "1798 1801" قدر ما هي نفاذ إلى أعماق الحالة الإجتماعية والعلاقات بين أبناء الشعب المصري في تلك الفترة الفاصلة من تاريخ مصر الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.