تصور فيشة كهرباء غير ثابتة في بريزة التيار الكهربائي بالحائط.. تلك الفيشة لو تركتها »ملخلخة» سوف يتطاير منها الشرر وربما ينتج عن ذلك كارثة لا قدر الله.. ولذا فإنك تحاول تثبيتها كأن تسندها بكتاب ثم تسند الكتاب بكرسي وبعدها تضع أسفل أرجل الكرسي قطع من الورق لعل وعسي يتم وضع الفيشة في مكانها ولكن دون طائل فالتثبيت حدث دون إحكام يعني »متلصمة».. وهو ماينطبق تماما علي أي سياسة غير منضبطة تتخذ بشأنها إجراءات لإصلاحها بلا نتيجة مرضية ولعل أبرزها ما يحدث بالجهاز الإداري أو المحليات اللذين يعانيان رغم المحاولات العقيمة لتعديل مسارهما بقرارات وتشريعات تصدرها مجموعة من الموظفين الذين ما أن يقترب منهم أحد يصرخون حتي يتحكمون ويبقون في مناصبهم إلي الأبد.. وتظل الفيشة كما هي »ملخلخة» دون إصلاح.. والمشكلة الكبري تكمن في أنه بمرور الوقت يصبح النظام أمرا واقعا لكوننا لم نتعب لإصلاح الفيشة!.. من هنا تكمن أهمية الإصلاح الجذري بعيدا عن المسكنات وبعيدا عن أقراص الأسبرين التي لا تداوي الأمراض المزمنة.. هنا يبرز دورالتحول الرقمي للاقتصاد أي إصلاح الفيشة وهو الأمر الذي يتبناه المركز المصري للدراسات الاقتصادية برعاية من مديرته التنفيذية د. عبلة عبد اللطيف ومساندة فعالة من الخبراء المتخصصين أبرزهم د. خالد دربالة إستشاري التحول الرقمي وصاحب نظرية »منظومة الفيشة» الذي يؤمن بأن التكنولوجيا الرقمية تعتبر أداة لتحقيق الأهداف إذا تم توظيفها بأفضل طريقة واختيار الأنسب منها، كما يؤمن بأن وجود التكنولوجيا في حد ذاتها ليس هدفا فالنجاح يكمن في طريقة استخدامها بالأسلوب الأمثل لتحقيق الأهداف المطلوبة، وبمعني آخر إن التكنولوجيا لا تعتبر في حد ذاتها طوقا للنجاة فالمهم هو أسلوب توظيفها. وضرب مثالا حيا بقوله إن مشكلة الضريبة العقارية لا تكمن في قانونها بل في عدم وجود آليات تنفيذ ذلك القانون وفي المقدمة عدم وجود سجل عيني والواقع يقول إن ما تم تسجيله من العقارات ضئيل للغاية.. لقد صدر القانون قبل إعداد آليات التنفيذ!.. هذا ما يراه د. دربالة وهو تقريبا ما يعتقده المهندس حسين سعيد المدير التنفيذي لتطوير الأعمال الحكومية بشركة »آي بي إم مصر» الذي يثق في أن التحول نحو الاقتصاد الرقمي أمر بالغ الأهمية لجذب الاستثمار الأجنبي وبرر ذلك بالقول إن سهولة إجراءات الاستثمار وإدارة الأعمال والدخول والخروج من السوق أمر يحدد علي أساسه المستثمر دخوله لهذا السوق من عدمه.. وعلي حد قول المهندس هاني محمود وزير الإتصالات الأسبق فإننا مازلنا بعيدين عن ذلك ولكن الرحلة بدأت! بالمناسبة.. تلك النظرية تبرز أهمية تثبيت الفيشة وهو ما يستدعي تذكر ماحدث مع جهاز »الڤار» الذي كما قيل تم خلخلة فيشته خلال مباراة نهائي بطولة إفريقيا بين الترجي التونسي والوداد المغربي ونتج عن ذلك فضيحة علي الهواء مباشرة إنتهت بإعلان فوز الترجي رغم إحراز الوداد هدفا صحيحا لم يحتسبه الحكم خلال المباراة التي لم تستكمل بحجة تعطل الڤار.. المهم أنه تم تدارك الخطأ وتقرر إقامة مباراة أخري فاصلة بين الفريقين.. إنني رغم إعجابي بنادي الترجي لكن الإنصاف يقتضي القول إن الوداد تعرض لظلم كبير في تلك المباراة وقبلها تعرض لظلم أكبر في المباراة الأولي بالمغرب علي أيدي حكم مصري للأسف الشديد.. فتشوا عن الفيشة!