هي المرة الأولي التي تشهد فيها إسرائيل إجراء الانتخابات العامة مرتين في سنة واحدة، وذلك بعد إخفاق رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتانياهو في تشكيل ائتلاف حكومي وتحديد السابع عشر من سبتمبر موعداً لإعادة الانتخابات. إزاء هذا الحدث الاستثنائي ارتبكت كافة الحسابات الانتخابية والسياسية وبدأت عملية اعادة ترتيب الأوراق. وبينما اعتبرت اعادة الانتخابات بمثابة امتحان الدور الثاني للراسبين في الانتخابات الأولي لتعويض اخفاقاتهم والعودة للملاعب مرة أخري، نظر إليها آخرون علي انها تحد حقيقي للحفاظ علي ما حققوه في الدور الأول ومحاولة »تحسين مجموع»، ويري بعض المراقبين ان اعادة الانتخابات تمثل فرصة ذهبية للأحزاب العربية من أجل التكتل والتأثير بقوة في المشهد السياسي الإسرائيلي. وسط كل هذا ثارت التساؤلات حول مستقبل صفقة القرن المفترض اعلانها بعد شهر رمضان والتي تعتمد اعتماداً أساسيا علي وجود نتانياهو في سدة الحكم. وعن مصير ورشة المنامة التي ترعاها الولاياتالمتحدة لتطلق من خلالها الجزء الاقتصادي من الصفقة. في هذا الملف جولة في تداعيات زلزال الانتخابات. تزامنًا مع العد التنازلي لإجراء الانتخابات الاسرائيلية مجددًا في سبتمبر المقبل، أعاد قادة الأحزاب الاسرائيلية رص الصفوف. وبعد حصوله علي رصيد جيد في صناديق اقتراع أبريل الماضي، يعتزم نتانياهو إدارة حملته الانتخابية هذه المرة علي مسارين: الحفاظ علي »الليكود» بوصفه الحزب الأكبر في إسرائيل، وإزالة »إسرائيل بيتنا» من الخارطة السياسية. وفيما لن يتنازل نتانياهو في حملته عن استثمار موارد هائلة لدي اليهود ذوي الأصول الروسية، لتدمير معسكرات دعم ليبرمان، اقتنص دعم الولاياتالمتحدة وروسيا المناوئ لليبرمان، وخلال شهر يونيو المقبل ينعقد في القدس لقاء المستشارين الأمنيين الأمريكي الروسي الإسرائيلي، وهي خطوة غير مسبوقة، وتؤكد حسب مراقبين في تل أبيب، تأييد موسكو وواشنطن لرئيس حزب »الليكود»، ورغبتهما في رئاسته للحكومة المقبلة. وبعيدًا عن إصرار ليبرمان علي الصدام مع تشكيل حكومة ترضخ لمطالب الحريديم »المتشددين دينيًا»، خاصة فيما يتعلق بقانون التجنيد، تغيب الإجابة عن سؤال: ما الدوافع التي تحرض ليبرمان وحزبه علي خلق تلك الاضطرابات؟ لاسيما أن روابط الصداقة الوطيدة بين نتانياهو وليبرمان، وجلسات »تدخين السجائر» في مكتب الأول كانت محل اهتمام الصحفيين الإسرائيليين، لما ترتب عليها من قرارات مصيرية؛ وفيما التف نتانياهو علي الرد، زاعمًا أن ليبرمان »احترف إسقاط الحكومات»، قال ليبرمان: »سأكون القائد العلماني الوحيد الذي يرفض هيمنة المتشددين دينيًا علي الحكومة المقبلة»، وبدا ليبرمان متفائلًا حينما توقع حصول حزبه علي 17 مقعدًا في الانتخابات المرتقبة، وقال إنه لن ينضم إلا لحكومة يمين، لكنه لم يوافق علي الالتزام سلفًا مع نتانياهو مثلما فعل عشية الانتخابات المنصرمة. وفيما يخص حزبي »شاس»، و»يهدوت هاتوراة»، فأصبح ليبرمان عدوهما اللدود، إلا أنهما في الوقت نفسه لم يغلقا الباب في وجهه، ولم يضعا شروطًا أمام انضمام حزبه للائتلاف المرتقب. ورغم تحفظات مركز »الليكود» علي قرار نتانياهو دمج قائمتي »كلانو» و»الليكود»، إلا أن نتانياهو يدرس حاليًا تفادي تلك التحفظات عبر تمرير استراتيجية قانون نرويجي رباعي، يسمح بإقالة أربعة من وزراء »الليكود» في الكنيست لصالح تعيين أربعة آخرين من القائمة المشتركة مع »كلانو». وتؤكد المؤشرات علي حصول رئيس »كلانو» علي المركز الخامس في القائمة المشتركة، أما إيلي كوهين عضو »كلانو»، الذي من المتوقع حصوله علي حقيبة الاقتصاد في الحكومة المقبلة، فحصل علي المركز ال15 في القائمة ذاتها، إلا أن الاتفاق النهائي حول الدمج مع »الليكود» سيكون غدًا الاثنين. ورغم ما أشيع حول اعتراض يائير لاپيد علي بقاء بيني جانتس رئيسًا لتحالف »أزرق أبيض»، نفت مصادر من داخل التحالف تلك الشائعات، مشيرة إلي أنه لن تطرأ أية تغييرات علي البنية السابقة، ولا خلاف علي تناوب رئاسة الحكومة بين جانتس ولاپيد. الأحزاب العربية هي الأخري صوتت قبل أيام علي حل الكنيست، ونفذوا بذلك »رغبات ونزوات نتانياهو» بحسب تعبير صحيفة »يديعوت أحرونوت»، وربما يعود أحد أسباب رغبتهم في إسقاط تشكيل الحكومة إلي خطة لم شملهم مجددًا عبر الاتحاد في قائمة موحدة، ربما تمنحهم قوة سياسية أكبر، تعيد إلي الذاكرة تلك القوة، التي حصلوا عليها خلال انتخابات 2015. وفي حزب »العمل» تستعر الحرب حول اختيار رئيس جديد للحزب، وتدور بورصة الأسماء الجديدة حول الجنرال احتياط يائير جولان »نائب رئيس الأركان السابق»، الذي أعلن اعتزامه الانضمام للحياة السياسية، أما ترتيب قائمة الحزب فستبقي علي صورتها القديمة، تفاديًا لإجراء انتخابات داخلية. في المقابل يستعد »اتحاد أحزاب اليمين» لتدشين هيئة تقود حملة انتخابية، وبدأ حزب »البيت اليهودي» في التباحث حول مسألة: هل سيظل ممثلو الحزب جوهر القائمة المقبلة، أم ستجري انتخابات داخلية؟. أما حزب »ميرتس» فيخوض نضالًا من أجل العودة للحياة، وأغلب الظن أن قائمته ستظل علي تشكيلتها القديمة، إلا أنه يجري محاولات دؤوبة لدمج قائمته مع حزب »العمل» رغم الفشل الذي منيت به تلك المساعي في الانتخابات السابقة. حزب »اليمين الجديد» ورئيسه نفتالي بينت يعمل هو الآخر علي خوض المنافسة مع أحزاب يمينية تحت اسم »جبهة اليمين الموحدة»، ويجري اتصالات حثيثة مع تلك الأحزاب لتفعيل هدفه، لاسيما في ظل مساعي »الليكود»، الرامية إلي إعادة رفيقة دربه أييلت شاكيد للحزب. وأخيرًا إلي حزب »جيشر»، فعلي عكس الانتخابات السابقة، لايمانع الحزب الانضمام إلي حزب قائم، ومن غير المستبعد انضمامه إلي أكبر الأحزاب صاحبة البرامج الاجتماعية.