كالغول والعنقاء والخل الوفي تبدو الجماعة التي تسمي نفسها "جبهة علماء الأزهر". وهي غير موجودة لكونها جماعة منحلة بحكم القانون، بل لكونها كياناً غير مؤكد الوجود في حياة المسلمين، لا نسمع بها عندما يدعو داعي حرب ضد فساد أو عدوان علي الأوطان، لكنها تظهر في كل أزمة يتعرض لها كتاب فكري أو إبداعي، لتكون هذه الهيئة الخيالية باسمها الرصين في مقدمة الداعين إلي إغلاق نوافذ الحرية، بعنف ومن دون حكمة أو موعظة حسنة! يكفي النظر إلي عنوان البيان الصادر عن الجبهة المذكورة: "إلي صبيان المواخير سفهاء ألف ليلة وليلة" وما يلي ذلك من جرائم سب وقذف واتهامات بالباطل وألفاظ مكشوفة يتواري أولاد الشوارع خجلاً من ذكرها. نال "أخبار الأدب" والأساتذة الذين استكتبناهم دفاعًا عن الأثر الخالد الحظ الأوفر من السباب، بقاموس لا يمكن استساغته من عصابات لا جبهة علماء تتمسح بالأزهر. وهم في بيانهم يعيدون التذكير بأمجادهم في معاداة الإبداع واستنكار إصدار روايات بينها "موسم الهجرة للشمال" التي تعد من عيون الأدب العربي الحديث. البيان الذي أصدروه ضد الطبعة الجديدة من ألف ليلة ليس مفاجأة بحد ذاته، وهو يتسق مع البيانات التي أصدروها من قبل في مناسبات صدور كتب أخري. ولا تلوح في الأفق أية فرصة للقاء أو الحوار بين هؤلاء وبين قوي التنوير، فلا أرضية عقلية يمكن اللقاء معهم فوقها. لكننا نتساءل إلي متي سيظل هؤلاء يحملون اسم الأزهر فزاعة في بياناتهم؟ هل ينسجم اسم الأزهر، الجامعة والجامع بكل تاريخه ومكانته في العالم الإسلامي مع أوصاف العهر والإجرام والسقوط التي يصف بها هؤلاء خيرة المثقفين والأثر الأدبي الأكثر خلودًا بين شعوب الأرض؟! الجماعة التي تأسست عام 1946 والمشهرة عام 1967كجمعية اجتماعية لم يصبح لها هذا الصوت، وهذه السطوة إلا في ظل ولاية شيخ الأزهر السابق الدكتور سيد طنطاوي، تضاربت كثيرًا مع فتاواه وقراراته، حتي ألغي ترخيصها عام 1998 بقرار من محافظ القاهرة، لكن رؤوسها سرعان ما تجمعت وأنشأت موقعًا إلكترونيًا من الكويت يواصل بث تطرفه مثل غول الكتروني. القانون الأساسي للجمعية يتسع لاحتلال مكان الأزهر كمؤسسة دينية، ويقوم بعمل الحزب السياسي، وجماعة للأمر بالمعروف كما في السعودية، بالإضافة إلي عمل النقابة المهنية لأعضائه. تأخذ الجماعة بالأساس شكل حزب ديني عمل طوال عقود علي تنفيذ برنامجه؛ فهو يسعي إلي مجموعة من الأهداف في مقدمتها توجيه التشريع وجهة إسلامية، جعل الدين مادة أساسية في كل مراحل التعليم. والعمل علي صيانة الآداب العامة و"محاربة الرذائل الفاشية في المجتمع بالنصح والإرشاد وسائر الوسائل المشروعة". ويغتصب هذا الحزب لنفسه أخيرا حقوق تنظيم الأزهر والنهوض بالدراسة بمعاهده وجامعته، وهو فوق ذلك العمل علي رفع مستوي الأزهريين ماديًا وأدبيًا ورعاية أسرهم من بعدهم. وليس هناك من يعترض علي تحسين أحوال المعلمين في الأزهر والتربية والتعليم، لكن هذا الهدف للأسف هو أبعد الأهداف عن التحقيق، بينما استطاعت الجماعة البوق أن تشوش علي حرية التعبير طوال الوقت، حتي بعد حلها ونزع الشرعية عنها، كما استطاعت أن تبلبل الآراء وتنال من هيبة الأزهر بانتسابها إليه اسمًا، بينما تستحل كل الوسائل غير المشروعة في بياناتها بالتحريض العلني ضد المثقفين واللعب بنار الفتنة بين أبناء الوطن باستهدافها لرموز قبطية لها احترامها. "أخبار الأدب"