غلافا الكتابين لا يزال ضمير مصر نجيب محفوظ محورا لاهتمام النقاد والمؤلفين، فقد صدر عنه كتابان مؤخرا، في الأول تكشف الأديبة والناقدة د.عزة بدر عن سبعين قصة قصيرة لأديب مصر العالمي نجيب محفوظ عبر كتابها الجديد "الحياة في مقام الحيرة..قراءة في أعمال نجيب محفوظ المجهولة" وتقول عزة عن دراستها النقدية الصادرة عن دار المعارف: تناولت موضوعات مختلفة ومع ذلك ألف النقاد أن يسموا هذه المرحلة من كتابات محفوظ بالمرحلة التاريخية فهي لم تُنشر إلا في صحف ومجلات الثلاثينيات والأربعينيات الأدبية، ولوأنها جُمعت في ذلك الوقت لخرجت في ثلاث أو أربع مجموعات قصصية ، ولتردد النقاد في وصفها بالمرحلة التاريخية ، ولم يُنشر منها في كتب سوي مجموعته القصصية الأولي » همس الجنون » ، وقد نالت هذه المجموعة اهتمام النقاد علي اعتبارها بداية الطريق الخاص به.وتضيف: إن هناك أهمية كبيرة لقصصه المجهولة التي تناولتها بالدراسة لتضعها بين أيدي الباحثين ، حيث أنها قصص تصور وضع الإنسان من حيث القضايا الكبري ، قضية الحرية ، والحكم الصالح ، وعلاقة الوجود الروحي بالوجود المادي ، والحياة بالموت ، وهي قضايا تشغل جانبا مهما من عالم نجيب محفوظ الروائي وعالمه القصصي في مراحل النضج ، وهي التي تحمل حيرة الإنسان ، وبحثه عن الكمال ، إنها مرحلة من مراحل الحياة في مقام الحيرة » وتمضي د.عزة قائلة: أن هذه القصص المجهولة تشير إلي أهمية المجلات الأدبية التي نشرت فيها هذه القصص فهي تعد الحافظ الأمين لسجل الأدب العربي الحديث لأنها ضمت بداياته وبواكيره الأولي بين طيات صحائفها سجلا لتاريخ الأدب ، وتقول عن دراستها لهذه القصص » تغلبني حاسة التذوق الأدبي ، وتأسرني لحظات اكتشاف العوالم الأولي ، ودراسة كتابات أعلامنا من الأدباء ، والمجلات التي شهدت علي فترات مهمة من حياة أدبنا المعاصر ، وتطور القصة القصيرة في عالم نجيب محفوظ الأدبي بصفة خاصة ، ومن القصص التي تناولتها الكاتبة في دراستها من خلال فصول الكتاب ورؤاها النقدية : فصل بعنوان الحب ومفعول السحر في قصص نجيب محفوظ وتحليل لقصته » الكلمة الأخيرة » ، وفصل آخر بعنوان مشاهد من أزمات عصرية وتحليل لقصته » البحث عن زوج » ، وفصل بعنوان أزمة الجنس في القصة العربية وتحليل لقصة » الحلم واليقظة » ، وفصل بعنوان أزمة البطالة والبحث عن وظيفة في قصص نجيب محفوظ وتحليل لقصة » مهر الوظيفة » ، وثالثا بعنوان الحياة في مقام الحيرة وحقيقة الإيمان وتحليل لقصة » أحزان الطفولة" وفصل بعنوان فتوات نجيب محفوظ ( القهر والعدل معا ) ، وتحليل لقصة » ملوك جوف الأرض » ، وتخصص الناقدة جزءا من كتابها لدلال الأنوثة وتيه الرجولة عبر تحليل قصة » موعد غرام » ، وفي خاتمة الكتاب تتناول تفاصيل تجربة فريدة اشترك فيها نجيب محفوظ وعبد الحميد جودة السحار والشاعر صالح جودت في كتابة قصة مشتركة جاءت بعنوان » علي البلاج » ، وتقول الناقدة أن هذه القصة تعد إرهاصا لكتابات أخري حداثية تعني بالايقاع الخاص للمبدع متفاعلا مع نبض آخرين لهم حق الإضافة ، والتأثر والتأثير ، وهو أحد أشكال الكتابة الحديثة أو ما يُسمي الكتابة التفاعلية وهي التي تجري علي شبكة المعلومات الدولية "الانترنت" حيث يكتب النص أديب واحد ثم يتفاعل مع نصه آخرون بالإضافة والتعليق وربما الحذف !. أما الكتاب الثاني فقد نسج مؤلفه الكاتب الصحفي طارق الطاهر سيرة لأديب مصر العالمي نجيب محفوظ برؤية مختلفة من خلال الوثائق والمستندات وضمنها كتابه "نجيب محفوظ ختم النسر" الذي صدر مؤخرا عن مطبوعات مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته ال21، ويضم الكتاب مستدات مرتبطة بقرارات تخص تعيين محفوظ من رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر، رئيسا لمجلس إدارة السينما وأخري لتعيينه في هيئة الفنون والآداب، وقرار تحديد راتبه وآخر بنهاية خدمته، ومن هنا بحثت عن ملفه الوظيفي، وعدد من الكتابات الصحفية القصيرة، قام المؤلف بتقسيم هذا الأورق إلي ثلاثة ملفات أساسية الأول منذ عمله بالجامعة المصرية، والثاني تعيينه بالأوقاف والتي انتظم في العمل بها 17 عاما، وأخيرا ملف انتقاله إلي وزارة الإرشاد القومي. ويسلط الكتاب الأضواء عبر المستندات علي الخلاف الذي نشب بين د.ثروت عكاشة ومحفوظ عقب نكسة 67،عندما أراد وزير الثقافة أن يحمل المدير المالي للمؤسسة تبعة عدم رواج الأفلام في تلك المرحلة، ورفض محفوظ الأمر وأصر علي تحمل المسئولية معه، وترك منصبه انتصارا لمبادئه.