أنهي الجيش السوداني أمس ثلاثين عاما من حكم الرئيس عمر البشير في استجابة لمطالب المحتجين الذين خرجوا إلي الشوارع علي مدار أربعة أشهر قبل بدء اعتصام السبت الماضي عند مقر قيادة الجيش. وفي بيان بثه التليفزيون الرسمي أعلن وزير الدفاع السوداني عوض محمد أحمد بن عوف »اقتلاع النظام» والتحفظ علي رئيس البلاد عمر البشير »في مكان آمن». كما أعلن تشكيل مجلس عسكري لإدارة شئون البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان تجري خلالها تهيئة المناخ للانتقال السلمي حتي يتم إجراء انتخابات في نهايتها. وأعلن أيضا تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور وحظر التجول من العاشرة مساء وحتي الرابعة صباحا لمدة شهر كما قرر إغلاق المجال الجوي لمدة 24 ساعة وإغلاق المعابر الحدودية لحين إشعار آخر. وقال إنه قد تم حل المجلس الوطني ومجالس الولايات. وأعلن وقف إطلاق النار الشامل في جميع ربوع البلاد داعيا حاملي السلاح للانضمام للوطن. وانتقد بن عوف في بيانه »عناد النظام» وإصراره خلال الأشهر الماضية علي المعالجات الأمنية في مسألة الاحتجاجات الشعبية ضده مؤكدا إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين فورا. ومن جانبهم أعتبر منظمو الاحتجاجات ضد النظام أن سلطات النظام نفذت انقلابا عسكريا رافضين ما ورد في البيان العسكري. وتأخر بيان القوات المسلحة لعدة ساعات منذ إعلان التليفزيون الرسمي قرب صدوره في ظل أنباء عن خلافات بشأن تشكيل المجلس الانتقالي. وكانت مصادر حكومية قد كشفت أن الجيش أجبر البشير علي التنحي ووضعه قيد الإقامة الجبرية في قصر الرئاسة تحت حراسة مشددة. وقالت المصادر إن نحو مائة شخص من كبار القادة والمقربين من البشير تم اعتقالهم في مقدمتهم أعضاء المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ورئيس الحزب أحمد هارون ورئيس الحكومة محمد طاهر أيلا والنائب الأول السابق للبشير علي عثمان محمد طه ووزير الدفاع الأسبق الفريق عبد الرحيم محمد حسين. وحاصرت القوات السودانية منزل أشقاء البشير بضاحية كافوري في الخرطوم. وداهمت قوة من الجيش مقر الحركة الإسلامية التي يتزعمها البشير وتعد مظلة للحزب الحاكم في الخرطوم واعتقلوا أمينها العام الزبير أحمد الحسن. وسادت حالة من الفرح شوارع العاصمة السودانية الخرطوم بعد الإعلان عن رحيل البشير وانتشرت قوات الجيش والأمن خاصة في محيط وزارة الدفاع وعلي الطرق والجسور الرئيسية. وتعالت زغاريد النساء وهتف المحتجون »سقطت سقطت.. انتصرنا» رافعين شارات النصر. وعلي إيقاع الأغاني الوطنية أظهر مقطع فيديو عددا من السودانيين وهم يزيلون صورة للبشير. وخرجت حشود كبيرة من المتظاهرين باتجاه مقر الجيش في العاصمة الخرطوم تلبية لدعوة تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الاحتجاجات ضد البشير. وأكد عمر صالح سنار القيادي بالتجمع أنهم لن يقبلوا إلا بحكومة مدنية تضم شخصيات من قوي إعلان الحرية والتغيير المعارض. وفي أول رد فعل علي الأحداث بالسودان قال الكرملين إن ما يجري في السودان شأن داخلي معربا عن أمله في عودة الأوضاع إلي الأطر الدستورية. في حين دعت الخارجية الفرنسية للاستماع إلي صوت الشعب وتجنب العنف.