محمد عبد الوهاب سرد الكاتب الساخر أحمد رجب، في كتابه «أي كلام»؛ بعضا من ذكريات لا ينساها مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب. في السطور التالية نعرض منها الجزء الذي يقول فيه: الموسيقار الإمبراطور محمد عبدالوهاب، يمكنه أن يصنع ألحانه الساحرة وسط الناس جميعا دون أن يشعر أحد أنه مشغول بالصنعة، وبينما كان منهمكا ذات مرة بلحن "هان الود" وهو يجلس في لوبي فندق هيلتون تقدمت منه سيدة تصافحه وتعرفه بنفسها قائلة: "أنا خديجة رمزي أخت زينات رمزي". فقال لها عبد الوهاب بترحاب: "إزيك يا خديجة هانم وازي المرحومة زينات هانم".. ولم يتذكر الموسيقار أن زينات لم تسكن بعد الرفيق الأعلي! وذات صيف بعيد كنت أجلس مع عبد الوهاب، في شرفة منزله المطل علي شاطئ الإسكندرية عندما اقترح أن نذهب إلى قصر المنتزه، لأنه يريد أن يتجول في غاباته الهادئة وقت الغروب. وفي الغابة الجميلة التي لم يعد لها وجود الآن سرت إلى جوار الموسيقار الكبير، وقد انشغل تماما عن الحديث بتلحين أغنية "بافكر في اللي ناسيني.. وانسي اللي فاكرني". وشيئا فشيئا علا صوته باللحن "وأدور ليه على جرحي.. وصاحب الجرح مش فاكر، وأقول ياعيني ليه تبكي.. ما دام الليل ما لوش آخر". ثم تسلطن الإمبراطور الفنان تماما، وانطلق يغني كأنه في حفل عام: "وأقول يا عيني ليه.. ليه.. ليه تبكي". وراح يبدع في ترديدها بأشكال مختلفة، ثم فجأة قال لي تعالَ نجيب العود من العربية، وعلى الرصيف جلست إلى جواره وهو يحتضن العود ويردد: "عذاب الجرح يحرمني من الدنيا اللي أنا فيها.. وطول الليل يرجعني لدنيا كنت ناسيها" لم استمتع بالفنان العظيم مثلما استمتعت به في تلك الليلة وتلك الأمسية الرائعة، ولم يقطع متعتي إلا سائح أوروبي تقدم منا ونحن علي الرصيف ودس في يدي " شلن" لأنه افتكرنا شحاتين.