ولدت سوزان فيرير عام 1782 لأسرة معروفة في أدنبرة، تنتمي إلي صفوة المدينة في ذلك الوقت. تعلمت في المنزل كأغلب فتيات ذلك الزمن، وأتاحت لها مكانتها الاجتماعية اللقاء بمُفكري عصرها. اعتمدت في كتابة شخصياتها علي بعض معارفها من مشاهير أدنبرة، وربما كان هذا أحد أهم الأسباب التي جعلتها تخفي هويتها الحقيقية. كانت سوزان قد كتبت في مُذكراتها أنها أخفت هويتها خوفاً من الإزعاج الذي يمكن أن تتعرض له؛ خاصة وأنها من أسرة معروفة. لم يكن من المُحبذ في ذلك الوقت أن يكون للسيدات دور عام، وكان عليهن الاكتفاء بمُساندة رجال العائلة. ولكن هويتها كانت معروفة، أو خمنها الوسط الأدبي أثناء فترة حياتها. نشرت »سوزان» رواياتها الأولي »الزواج» عام 1818 دون أن تتعامل مع الناشر مُباشرة، بل قام شقيقها بهذه المُهمة بدلاً منها. كان الناشرون في ذلك الوقت يشترون الرواية من المؤلف، ولا يحصل علي أي حصة من عائدات توزيعها. وحصلت »سوزان» علي مبلغ مائة وخمسين جنيهاً إسترلينياً مقابل روايتها الأولي، بينما حصلت علي ألف جنيه إسترليني مقابل روايتها الثانية »الميراث»، وحصلت علي ألف وسبعمائة جنيه عن روايتها الثالثة »المصير»، وهي مبالغ كبيرة في ذلك الوقت. لم أعثر علي عدد النسخ المطبوعة من كل رواية، ولكن زيادة المبلغ مع كل رواية جديدة يُعد دليلاً واضحاً علي مدي نجاح »سوزان» وشعبية أعمالها. وحرصت »سوزان»، مثل غيرها من كاتبات ذلك العصر، أن ترسم صورة واقعية للعالم الذي تعيشه وتعرفه. وإلي جانب الاستعانة بملامح شخصيات حقيقية من دائرة معارفها، استخدمت »سوزان» اللهجة الاسكتلندية في الكتابة كأداة دقيقة ومُعبرة عن العالم الذي نقلته في رواياتها، رغم حرص أغلب الكُتاب علي تحاشي هذه اللهجة في الكتابة، واقتصار استخدام الكلمات والتعبيرات الاسكتلندية الخالصة علي كتابة الشعر والأغاني والحكايات الشعبية فقط. وقد يرجع السبب في عدم استخدام اللغة الانجليزية المعيارية إلي أنها لم تتعلم في مدارس عامة، ولم تحتك في طفولتها سوي بدائرة ضيقة من المعارف، أكثر منه حرصاً علي الهوية الوطنية. ولا يختلف أسلوب »سوزان» في الكتابة كثيراً عن أسلوب »جين أوستن» أو »تشارلز ديكنز» حتي، وكانت الحياة العائلية من جيل إلي آخر هي محور اهتمامها، واعتمدت علي السخرية اللاذعة من في سرد تفاصيل التناقضات الاجتماعية، مع التركيز علي المأزق الذي يواجه الفتيات في الحياة الاجتماعية والزوجية. في روايتها »الزواج»، تتناول »سوزان» حياة فتاة انجليزية جميلة من أسرة عريقة تقرر الهرب من أهلها والحياة مع شاب اسكتلندي فقير، وتحاول أن تتكيف مع نمط حياته المُتقشف الذي يختلف عن نمط الحياة التي عاشته في طفولتها وصباها. تغطي الرواية مساحة زمنية كبيرة، وتعرض لقصص جيلين من البطلات. تسخر »سوزان» من الأوهام الشائعة وقتها حول الزواج باعتباره طريقاً إلي السعادة الأدبية، خصوصاً للنساء. تُعلي الرواية من شأن المرأة وقدرتها علي التحمل والاعتماد علي نفسها، ويعتبرها بعض النقاد بداية النزعة النسوية في اسكتلندا. وحققت »سوزان» نجاحاً أدبياً كبيراً بعد ترجمة الرواية إلي الفرنسية عام 1825. في روايتها الثانية »الميراث» عام 1824، تنتقد »سوزان» الشريحة العُليا من المُجتمع بنفس طريقة »تشارلز ديكنز» تقريباً. تصل بطلة الرواية الشابة »جريترود» إلي مُقاطعة اللورد »روسفيل» لتحصل علي حصتها من الميراث، فتلتقي بمجموعة من الشخصيات الغريبة والمثيرة للضحك والسخرية، كما تتورط في حل لغز بشأن الميراث. وفي روايتها الثالثة »المصير»، عام 1831، تتناول فكرة انهيار النظام العشائري الاسكتلندي في بداية القرن التاسع عشر، وما تبعه من اضطرار الإقطاعيين إلي التخلي عن الماضي ومواكبة التغيرات الحديثة في ذلك الحين. تناقش »سوزان» بجرأة عيوب النظام الإقطاعي القديم وكذلك عيوب الرأسمالية الحديثة، وترصد تأثير عيوب النظامين علي الناس، وخصوصاً علي النساء. أعادت »سوزان» نشر الروايات الثلاث في طبعة واحدة تحمل اسمها الحقيقي، قبل وفاتها بعدة سنوات، وبعد تنقيحها وكتابة مُقدمة للطبعة الجديدة. اشتهرت رواياتها حتي نهاية القرن التاسع عشر، ولكن سرعان ما خفت بريقها وانزوت بعيداً عن الأضواء، خاصة في ضوء التطور الكبير الذي طرأ علي الرواية علي مستوي الشكل والمضمون في مطلع القرن العشرين.