■ الاحتفال بصعود اليمين بعد ظهور نتيجة الانتخابات في البرازيل عدد متزايد من الدول أصبحت تحت حكم الشعبويين يكاد يكون عام 2018 هو عام الاحتجاجات الشعبية في أوربا فعندما اندلعت احتجاجات »السترات الصفراء» في فرنسا، كانت لسبب واحد في البداية يتمثل في معارضة الضريبة علي الوقود، ثم توسعت وازدادت عنفا بمرور الأيام، كما ارتفع مستوي المطالب، لتصل إلي مطالبة الرئيس الفرنسي بالتنحي عن المنصب. وفي وقت لاحق تطورت احتجاجات أخري ولأسباب مختلفة في مدن ودول أوروبية أخري، شملت هولنداوبلجيكاوالنمسا وصربيا والمجر. ورغم أن هذه الاحتجاجات المختلفة امتدت لتشمل العديد من المدن الأوروبية، فإن هناك أمرين يجمعان فيما بينها، الأول ان السترات الصفراء أصبح رمزا لكل هذه الاحتجاجات والتظاهرات أما الثاني فهو أنها بدأت واستمرت من دون زعامات أو قيادات تنظيمية، وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي..أما في ألمانيا، فقد خرجت تظاهرات لليمين المتطرف رفضا لسياسة الهجرة، وكان بعض المتظاهرين يرتدون سترات صفراء، والاختلاف هنا أنها لم تكن احتجاجات لأسباب معيشية كما هو الحال في الدول الأخري. ايضا حفل العام باستمرار تصاعد اليمين في عدد كبير من دول العالم وكان صعود اليمين هذا العام في أوروبا بصفة خاصة أكثر قوة ووضوحا، لاسيما بعد أزمة اللاجئين التي واجهت القارة العجوز في السنوات الماضية والتي كانت سببا في زيادة العداء للهجرة وتبلور هذا بشكل أوضح عقب تصويت البريطانيين علي الخروج من الاتحاد الأوروبي فيما يعرف باسم البريكست. الآن أصبحت أجراس الإنذار تدق بقوة بعد سيطرة اليمين بالفعل علي العديد من الدول بعضها كبري اقتصاديا وذات ثقل سياسي علي الأقل في المنطقة التي تنتمي إليها. شهد العام ايضا عودة الحرب الباردة بين الغرب وروسيا وكانت بدايتها في قضية تسميم العميل الروسي المزدوج سيرجي سكريبال وابنته يوليا في مدينة سالزبوري البريطانية في مارس.. وكان التصعيد الأول من نوعه من الغرب ضد روسيا.. وتطورت إلي عدة أوجه منها نزاع بين روسيا وأوكرانيا الذي كاد ان يتحول إلي مواجهة عسكرية بينهما. كما تسببت الحرب الباردة بين روسيا وواشنطن في تعطيل حل الازمة السورية والتنافس حول دور البلدين في تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا، فضلا عن محاولة موسكو بسط نفوذها عقب نجاحها في ابرام اتفاق تهدئة في مدينة إدلب السورية. شهد هذا العام استمرارا للجنوح العالمي والاوروبي بشكل خاص للتوجه نحو »اليمينية» وانتخاب الأحزاب والقوي المحافظة والتي تعبر بشكل أو بآخر عن التوجهات القومية والهويات الوطنية المحلية والتي تتحفظ من قضايا التكامل الإقليمي وقضايا اللجوء والهجرة، وهذا الجنوح يعود في جزء كبير منه إلي خيبة أمل قطاعات واسعة من الأوروبيين من سياسات العولمة وتطبيقاتها وما قادت إليه من مشكلات بطالة وتضخم وخلافه، وحققت تلك الأحزاب مكاسب أكبر بعد الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية 2008، والمشكلات التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلي أن ملفي اللجوء والهجرة والإرهاب اللذين شكلا الفرصة المواتية لبروزها إلي السطح، بصفة عامة فمنذ عام 2011، اتجه الناخب الأوروبي لاختيار الأحزاب التي تضمن له بشكل أساسي توفير الأمن ومجابهة الهجرة والتطرف وتخفيض الضرائب والتعبير عن النزعات القومية اليمينية، كما حدث في السويد والمملكة المتحدةوفرنساوالنمساوهولندا وسويسرا، والدانمارك، وألمانيا سواء بالمشاركة في الائتلاف الحاكم كما حدث في الدنمارك أو المنافسة علي »رأس السلطة» كما حدث في فرنسا أو الوصول لسدة الحكم كما حدث في النمسا، في مشهد يستدعي إلي الذاكرة حقبة الثلاثينات من القرن العشرين. صعود اليمين هذا العام في أوروبا بصفة خاصة كان أكثر قوة ووضوحا، لاسيما بعد أزمة اللاجئين التي واجهت القارة العجوز في السنوات الماضية والتي كانت سببا في زيادة العداء للهجرة وتبلور هذا بشكل أوضح عقب تصويت البريطانيين علي الخروج من الاتحاد الأوروبي فيما يعرف باسم البريكست. الآن أصبحت أجراس الإنذار تدق بقوة بعد سيطرة اليمين بالفعل علي العديد من الدول بعضها كبري اقتصاديا وذات ثقل سياسي علي الأقل في المنطقة التي تنتمي إليها.. ولا تحمل نوايا طيبة تجاه »بروكسل»، ما قد يؤدي إلي زعزعة في استقرار القارة العجوز ككل ولربما تأتي ب»ربيع أوروبي». وفي اواخر يناير فاز الرئيس التشيكي ميلوش زيمان علي منافسه الأكاديمي ييرجي دراهوش في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد ويرفض ميلوش بحزم إمكانية استقبال التشيك للاجئين من الدول الإسلامية باعتبارهم عنصرا حضاريا غريبا علي بلاده كما كان زيمان الزعيم الأوروبي الوحيد الذي رحب بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل. وفي إيطاليا، كان فوز التحالف اليميني بزعامة حزب الرابطة المتشدد وحركة النجوم الخمس المعارضة لمؤسسات الدولة في مارس بمثابة صدمة في هذا البلد الكبير، وتشكلت حكومة شعبوية برئاسة جوزيبي كونتي، وكانت حركة النجوم الخمس وحزب الرابطة قد قدما برنامجا لمعالجة أزمة الهجرة تضمن تسريع إجراءات اللجوء وترحيل من يتم رفض طلباتهم وعدم قبول القادمين من دول آمنة. وفي المجر عزز اليمين سلطته في إبريل الماضي بعد فوز حزب تحالف الديمقراطيين الشبان»فيدس» الذي يتزعمه رئيس الوزراء فيكتور أوربان بولاية ثالثة بعد حملة ساخنة قدم فيها أوربان نفسه علي أنه منقذ الثقافة المسيحية في المجر في مواجهة هجرة المسلمين إلي أوروبا. وأصبحت البرازيل، رابع أكبر الدول الديمقراطية في العالم، في شهر سبتمبر ايضا أحدث المنضمين إلي قائمة مفتوحة للدول التي باتت في حكم اليمين، وذلك بعد انتخاب جار بولسونارو رئيسا لها، فيما وُصف بأنه أكبر تحول سياسي يشهده البلد اللاتيني منذ نهاية الديكتاتوريات العسكرية في زمن الحرب الباردة. ويمثل تغيرا جوهريا بعد أن سيطر حزب العمال اليساري علي البلاد علي مدار أغلب السنوات الخمس عشرة الماضية. وقبل وصول قطار اليمين إلي البرازيل، مر علي كولومبيا، الجارة اللاتينية لريودي جانيرو، حيث فاز اليميني المتشدد إيفان دوكي في انتخابات الرئاسة التي أجريت في يونيو الماضي علي منافسه اليساري جوستافاو بيترو، فيما وصف بالانتخابات التاريخية لأن نتيجتها لها تأثير علي اتفاق السلام الذي تم توقيعه مع حركة فارك الانفصالية، حيث تعهد دوكي بإجراء تعديلات علي نص الاتفاق الذي جاء بعد أكثر من نصف قرن من المواجهات المسلحة الدامية الذي رأي أنه متساهل جدا. ويقضي الاتفاق بتسليم المتمردين أسلحتهم وتحويل حركة القوات الثورية المسلحة الكولومبية إلي حزب سياسي. وفي سبتمبر حقق الديمقراطيون السويديون الحزب اليميني الشعبوي ذو الجذور النازية نتائج غير مسبوقة في الانتخابات البرلمانية التي اجريت في سبتمبر الماضي، وتمكنوا من زيادة عدد مقاعدهم في البرلمان ليصبحوا ثاني أكبر قوة سياسية في البلاد مقابل تراجع وفقدان الأغلبية البرلمانية لحزب رئيس الوزراء شتيفان لوفين (الاشتراكيون الديمقراطيون)، الذي يهيمن علي السياسة في البلاد منذ ثلاثينات القرن الماضي ليتحول ديمقراطيو السويد من حركة شعبوية إحتجاجية ضد المهاجرين والأقلية المسلمة وضد التنوع الثقافي في السويد، إلي حزب سياسي ذي حضور برلماني يتحكم بمصير البلاد علي الصعيدين الداخلي والخارجي، ويضعون مستقبل السويد والقارة الأوروبية برمتها أمام مصير مجهول في حال تمكنهم من تشكيل الحكومة القادمة وتنفيذ برامجهم الانتخابية. وفي الانتخابات البلدية التي عقدت في بلجيكا في شهر اكتوبر الماضي عاد الحزب المعادي للهجرة »فلامز بيلانج» والمنافس للتحالف الفلمنكي الجديد (أن.في.أي، قوميون فلمنكيون) بقوة في الانتخابات البلدية البلجيكية في عدد من المدن الفلمنكية واحتل المرتبة الثالثة بين الأحزاب السياسية النافذة في المنطقة الفلمنكية خلف الحزب الديمقراطي المسيحي. وأكد استطلاع ألماني اجري مؤخرا أن تأييد المواطنين للاتحاد المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل انخفض إلي أقل مستوياته هذا العام، فيما ارتفع تأييدهم لحزب البديل الألماني »إيه آف دي» المعارض للاتحاد الأوروبي والمناوئ لعمليات إنقاذ اليورو إلي أقصي درجاته هذا العام. وخلال هذا العام ألحق دونالد ترامب الولاياتالمتحدة بمصاف الدول التي يعلو فيها صوت اليمين، حتي وإن لم يكن النهج الرسمي للبلاد، حيث طغت التوجهات اليمينة لترامب علي السياسة الداخلية والخارجية لواشنطن وتجلي ذلك في موقفه شديد العداء للمهاجرين وتبنيه خطابا شعبويا زادت حدته قبيل انتخابات الكونجرس الأخيرة، وانسحابه من الاتفاقيات الرئيسة التي وقعها سابقه مثل الاتفاق النووي الإيراني ونافتا واتفاقية المناخ.