السيسي يضع إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول بمناسبة عيد تحرير سيناء    جامعة المنصورة تستقبل وفدا من مركز القياس والتقويم بوزارة التعليم العالي    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    وزير التجارة: حريصون على تقديم كافة أشكال الدعم لتعزيز نفاذ الصادرات للأسواق الخارجية    وزير النقل والسفير الفرنسي يتابعان مستوي الخدمات بالقطار المكهرب    الرقابة المالية تصدر قرارًا بشأن إعادة تقييم الأصول الثابتة للشركات المقيدة    تنظيم الاتصالات يقر مواعيد العمل الصيفية لشركات المحمول    تعرف على موعد الإجازة الرسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    محافظ أسيوط يفتتح مركز معلومات شبكات المرافق والبنية التحتية    إنقاذ سفينة و طاقمها من الغرق قبل عبورها قناة السويس    وزير الخارجية: لا بديل عن حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي    انتهاك صريح للقانون الدولي والقيم الإنسانية.. "عربية النواب" تنتقد المجازر الإسرائيلية في غزة    موعد مباراة الأهلي وبو سالم في نهائي إفريقيا للكرة الطائرة.. والقناة الناقلة    اتحاد الكرة يستدعى لاعب المصرى 2003 ومسئولى إنبى للتحقيق فى شكوى التزوير    جيسوس يعيد بونو ويستبعد كوليبالي من مواجهة العين في نصف نهائي أبطال آسيا    محافظ شمال سيناء يعلن بدء طرح مشروع إسكان مدينة رفح الجديدة    مفاجآت في تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي بدوري أبطال أفريقيا    أثليتك: إيمري يمدد عقده مع أستون فيلا إلى 2027    هيئة الأرصاد: ذروة ارتفاع الحرارة غدًا الأربعاء ومستمرة حتى الخميس    انتشال جثة شاب طافية بنهر النيل في أسيوط    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع بمساكن عثمان في أكتوبر    تأجيل نظر 3 قضايا قتل والبراءة لآخر بمركز بني مزار في المنيا    مي عمر تكشف عن مفاجأة في رمضان 2025 (تفاصيل)    فيلم يقفز بإيراداته إلى 51.3 مليون جنيه في 13 يوم.. تعرف على أبطاله وقصته    هل يستمر عصام زكريا رئيسًا لمهرجان الإسماعيلية بعد توليه منصبه الجديد؟    وفاة السيناريست تامر عبدالحميد بعد صراع مع مرض السرطان    احذر- الإفراط في تناول الفيتامينات يهددك بهذه الحالات المرضية    رئيس جامعة عين شمس والسفير الفرنسي بالقاهرة يبحثان سبل التعاون    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    ناتاليا: درسنا أبيدجان جيدًا وهدفنا وضع الأهلي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    رفع 40 سيارة ودراجة نارية متهالكة بمختلف المحافظات    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    غرق شاب في ترعة أخميم بسوهاج    عبدالرحمن مجدي: مباراة الاتحاد بداية تحقيق طموحات جماهير الإسماعيلي    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    وزير الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    إطلاق قافلة طبية مجانية في قرى مرسى مطروح.. اعرف الأماكن والتخصصات    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بدرية طلبة تحتفل بحنة ابنتها سلمى على الطريقة الهندية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أميمة الخميس تفوز بجائزة نجيب محفوظ:الرواية .. الشكل الأكثر إقتراباً من الحياة
نشر في أخبار الأدب يوم 14 - 12 - 2018

أعلنت دار نشر الجامعة الأمريكية عن منح جائزة نجيب محفوظ للكاتبة السعودية أميمة الخميس عن روايتها »مسري الغرانيق في مدن العقيق»‬، وذلك في حفلها السنوي بالقاعة الشرقية فيذكري ميلاد نجيب محفوظ الحائز علي جائزه نوبل للآداب سنة 1988،وبعد كلمة مختصرة لنايجيل فلتشر چونز رئيس قسم النشر قام عميد الجامعة الأمريكية الدكتور إيهاب عبد الرحمن بتسليم الجائزة التي تم إختيارها من لجنة تحكيم مكونة من د. تحيةعبدالناصر، د. شرين ابوالنجا،د. مني طلبة، د. همفري ديفيذ ود. رشيد العناني.
حيث علق أعضاء اللجنة كما شرحت الدكتورة تحية عبد الناصر أن الرواية الفائزة تأخذ شكل رحلة خلال القرن الحادي عشر في العصر العباسي، تمكنت الخميس من الإمساك بجوهر التنوع الثقافي والديني في العالم العربي في مسارين بالتوازي الأول يتتبع خطوات البطل مزيد حنفي من قلب الجزيرة العربية إلي بغداد فالقدس ثم القاهرة فالقيروان وتنتهي الرحلة بشكل غير متوقع في زنازين الأندلس حيث العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، أما المسار الثاني فهوالرؤي الأيدلوجية والمعرفية التي شكلت اللحظة الحاضرة بكل مآسيها وأحزانها وخيباتها... إنها أيضا رحلة أدبية يقوم فيها البطل بنقل الكتب إلي مكتبات تلك المدن، فللكتب دور أساسي ترمز إلي حضارة غنية يسعي البطل إلي الحفاظ عليها حتي لا تفني، يقرأ وينقل أعمال الفلاسفة اليونانيين والعرب والفرس كما تشير الدكتورة مني طلبة: "نص فريد في أسلوبه ومبناه، مغامرة لغوية قديرة ومبدعة تحاكي أدب الرحلات في التراث العربي مثل رحلة إبن بطوطة وإبن فضلان وإبن جبير، ولكن علي نحو مختلف.
بالنسبة للعنوان فهو يحاكي عناوين كتب التراث التي ترعي القافية، والغرانيق هي جمع غرنوق وهو طائر مائي أبيض ذو عرف ذهبي اللون، وقد اتخذ المعتزلة من أهل العدل والتوحيد لقبا لهم هو"السراة الغرانيق" وتعاهدوا علي إتخاذ العقل نبراسا ونشر الكتب والعلم.
أما الرواية فتدور في العصور الوسطي العربية حقبة إزدهار الحضارة العربية الإسلامية، فبطلها مزيد الحنفي "والإسأ أيضا له دلالة وهوأيضا من جزيرة العرب، خطاط للكتب ومدون وتاجر لها، يقتني ويبيع الثمين النادر من الكتب، يقوم برحلته التجارية التي تشمل العواصم الثقافية الكبري، يصف البلدان التي يزورها علي كافة المستويات الثقافية والسياسية وما تخوضه من حروب، والمذاهب والمدارس الفلسفية والعادات الإجتماعية، والراوي علي غرار بطل الرحلات العربي ينشد الأشعار والطرف ويستعين بالأحاديث والآيات وجوامع الكلم، يستعرض علوم العصر، هذة المحاكاة لا تخلو من حبكة رئيسية وهي الوصايا الهادية للرحلة، وهي التي تلقاها الحنفي عن كبير تجار الكتب في بغداد أسد الفراتي، ومفادها: عدم الإلتفات إلي الوراء، المعرفة لها مصراعان، هما القلب والعقل، اجتناب العصبية...آخر هذه الوصايا هي ضرورة إحراق كل هذه الوصايا في النهاية حتي لا تتحول إلي لاهوت.
وهكذا يلعب النص علي التذكير بالماضي الحضاري ونسيانه في آن، استيعابه وتجاوزه، ويركز النص علي خلاف معظم أدب الرحلات علي دور المرأة في هذه الحقبة فقيهة وعالمة وإمامة جامع. نص يحيط بمصادر وأمهات كتب الثقافة العربية ويتجاوزها.
تستوحي الرواية حضارة عربية غنية وتجسد الفكر الذي ميز العصر الذهبي العربي. تقع الرواية في مدن عديدة وتصفها وتجسد تاريخها الغني والمتوتر: من القلق في بغداد وحرق الكنائس في القدس والأزقة المتوترة في القاهرة، والصراع علي الحكم في أسبانيا.
ويشير الدكتور رشيد العناني: تأخذ الرواية شكل رحلة من الجزيرة العربية عبر المدن الكبري في العالم العربي في القرن الحادي عشر أثناء الحكم العباسي في بغداد، الفاطمي في القاهرة، والفصائل المقاتلة في الحكم الإسلامي في أسبانيا. ومع ذلك فهي رحلة فكرية أكثر من كونها جغرافية، تهتم بتصوير القضايا الثقافية خاصة الدينية في العصر وأثرها علي تطور البطل – الراوي –. تعكس الرواية تعاطفا كبيرا مع الإتجاهات الإنسانية في الفكر العربي، خاصة المعتزلة، والنفور من التفسيرات الإستبدادية الصارمة للدين.
إن رؤيتها المتسامحة المتحررة، علي الرغم من أنها تقع في القرن الحادي عشر، لها إمتدادات واضحة للتطرف والتعصب الديني في الحاضر.
كما تري الدكتورة شيرين أبوالنجا: تمكنت أميمة الخميس من الإمساك بجوهر التنوع الثقافي والديني في العالم العربي تحديدا فيما بين عامي 402 و405 هجرية. ومن أجل ذلك قامت بتوظيف تقنية الرحلة والرحال، لكنه الرحال الذي يبحث عن المعرفة وينهل منها بشغف، وهي المعرفة التي تلقي به إلي التهلكة في النهاية كإشارة علي المسار المسدود لحرية المعتقد والرأي. يتقدم السرد في مسارين بالتوازي فالمسار الأول يتتبع خطوات مزيد حنفي من قلب الجزيرة العربية إلي بغداد فالقدس ثم القاهرة فالقيروان وتنتهي الرحلة بشكل مفارق في زنازين الأندلس، حيث التاريخ الذهبي للحضارة الإسلامية، وفي هذا الطريق يتفاوت التزام مزيد بالوصايا السبع، وكان لابد أن ينتهي في السجن لأن المعرفة لسعته بنيرانها.
أما المسار الثاني الذي لا يمل السرد من رسم خطواته فهوالرؤي الأيديولوجية والسياسية والمعرفية التي شكلت اللحظة الحاضرة بكل مآسيها وأحزانها وخيباتها إذ نشهد الصراع بين العقل والنقل، ونحزن كثيرا لصعود شيوخ الدين مقابل تكفير الفلاسفة. تتظاهر رواية "مسري الغرانيق في مدن العقيق" أنها تعيد قراءة التاريخ لكنها في الواقع تكشف المسكوت عنه في هذا التاريخ وتمنح المهمش صوتا لم ترد له السلطة بكل أشكالها أن يسمع. وهوصوت وبالرغم من إختلاف لهجاته في المدن التي حل مزيد إلا أنه كان يشترك في كونه يسعي إلي الإعلاء من شأن العقل في مقابل النقل، الباطن في مقابل الظاهر، صوت يعلي من شأن المعرفة والشعر والتأمل والإجتهاد. لم تتحمل المدن هذا الصوت فكان لابد من إسكاته لنشهد مزيد وهو"جنين العتمة" قد تنقذه وتنقذنا الوصية الأخيرة "إحرق وصاياك وأبدأ من جديد" في بنائها، تشبه الرواية قصيدة الشاعر العربي القديم، فهناك التأمل ثم الوقوف علي الأطلال ثم الإنغماس الكامل في موضوع لحظة الوجود المعرفي ثم الرحيل. إنها قصيدة مؤلمة لأنها تنبش الذاكرة، وتواجهنا بما حاولنا نسيانه.
تأخذنا الرواية من العالم العربي إلي الأندلس وتسرد العلاقات بينهما من خلال مكتبة تاجر الكتب وتاريخ مشترك. تعيد الرواية قراءة الأفكار التي إزدهرت في القرن الحادي عشر وتضفي عليها معني عاما.
ويشير الدكتور همفري ديفيز: لاتأخذ رحلة البطل الملحمية القارئ فقط عبر أراضي الحضارات العربية الممتدة من بغداد إلي الأندلس في القرن الحادي عشر، بل في نفس الوقت عبر عالم من النقاش الثقافي والصراع حيث قد توجد جذور كثير من القضايا، وأيضا الإضطراب، الذي تتسم به المنطقة اليوم. بالنسبة إلي القارئ الغربي تثير الخلافات المطروحة حول مسائل مثل قبول ورفض المعتزلة الكثير من المألوف في تاريخه.
تستحضر مدن أميمة الخميس جغرافيا شاسعة وعالم فكري يستدعي الأزقة والتجليات الفلسفية في روايات نجيب محفوظ. تأخذنا الرواية عبر مدن عريقة في القرن الحادي عشر، وكما يقول الراوي: في هذا الدرب، لا ترين سوي مدن العقيق التي تنبض بالدم والجراح, إنها مدن التغلب التي لا يروم ملوكها سوي السلطان. تتميز لغة أميمة الخميس بعذوبة ويضفي النص علي مدن العقيق المعرفة النادرة الثمينة.
بدأت أميمة الخميس خطابها بإلقاء التحية علي الحاضرين: "مساء مصر المحروسة"والإشادة بنجيب محفوظ "كبيرنا الذي علمنا السحر واقتراف الحكاية"، وشكرت والديها لتشكيل وعيها قائلة:" لا أزعم أنني دخلت أرض السرد من بواباته الشاسعة، لكن في بداياتي الأولي كنت مفتونة باللغة..أولد وحولي علي مد النظر أحرف ومفردات تمرق وتفرح في جداراتي، ويتبرعم الوعي علي الجدران التي ترصف فيها الكتب علي الأرض حتي السقف، ونكهة الأمسيات التي كان يقضيها أبي وأمي تحت شجرة ياسمين في الحديقة المنزلية، وهما منهمكان في مراجعة كتاب، حيث والدي يقرأ وأمي تدون، أوأبي يقرأ وأمي تراجع".. ونكوص محاولاتها كتابة الشعر قائلة:" إقتراف الشعر لم يكن أمرا يسيرا، فهو رحلة غامضة بلا ذاكرة نسوية أوخارطة طريق، الشعر كشف وبوح وإفتضاح، وانتهاك للمتدثر بالسمت والوقار.... وجدت نفسي أستجير بالحكاية، فالرواية هي الصيغة الأكثر نضجا في مسيرة الإبداع الإنساني، والشكل الأكثر تعقيدا وتركيبا للفنون كلها فبنيتها المرنة تختزل من الشعر جموحه وعوالمه المتوهجة،...لذا تبدو الشكل الأكثر إقترابا من الحياة ومن خلالها يتم رصد الكثير من التحولات الإجتماعية والسياسية والتاريخية للشعوب حتي باتت الرواية هي ديوان العصر الحديث".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.