الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يعيش الإنسان في انتظارها ولا يعلم موعد ومكان اللحظة الفارقة التي تأخذه لعالم آخر أكثر صدقا، وهذا العالم تبدأ ملامحه مع سكرات خروج النفس من الجسد، وليس الروح فرب العزة يقول: (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت)، فالروح بمثابة طاقة النور للجسد التي تضيء له الحياة المعنوية في حياته وأثناء نومه وفي لحظات وفاته، بينما النفس هي الدليل الحسي والدنيوي بالشهوات عندما تكون مطمئنة راضية في حياتها تخرج بسلام من الجسد لأن الروح أضاءت لها الطريق إلي السعادة في الحياة الأبدية ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )، بينما النفس الشريرة التي عاشت من أجل الشهوات وتخلت عن رسالتها لتنشر الفساد فخروجها يكون مؤلمًا من الجسد لأنها تعلم موقعها، ولذا نسمع عن أشخاص يعانون سكرات الموت لساعات طويلة، وأحيانا أيام فيلجأ أهل الميت للمشايخ الذين يتلون القرآن لخروج النفس من الجسد، ولو فكر الإنسان في هذه اللحظات بشكل دائم فسيزهد الدنيا وصراعاتها الزائفة، ويحفظ لسانه لأن كل كلماته سيحاسب عليها ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )، اللهم احفظنا وتب علينا وأحسن خاتمتنا. للأسف الغالبية العظمي من الناس تنسي أو تتناسي هذه اللحظة ويعيشون من أجل المال والسلطه والملذات ويحققون ذلك بالكذب والتملق والنفاق والتخلي عن الأخلاق التي قال عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، وكأنهم سيخلدون في الدنيا ولن تأتي لهم لحظة الموت وهي الفاصلة ولن يذكر التاريخ لهؤلاء إلا ما اكتسبت أيديهم من آثام، بينما يتركون الأموال والمناصب ويحاسبون عليها وعلي ما فعلوه ويتبقي لهم السيرة ( السمعة ) السيئة !!. رحم الله من عاشوا حياة طيبة وتركوا سيرة عطرة نذكرهم بها !! للموت فلسفة نعرفها بتذكر لحظتها !!.