بدأت حكاية فيروز وزياد الرحباني في شتاء 1973، وتحديدًا من داخل غرفة العناية المركزة في أحد مستشفيات بيروت، أصيب الأب عاصي الرحباني بنزيف في المخ أثناء التحضير لمسرحية »المحطة»، غياب أحد الأخوين رحباني عن المشهد مثل شرخًا في جدار العائلة دفع الآخر منصور الرحباني- لكتابة أغنية »سألوني الناس» . إذن من سيلحن الأغنية ؟ قبلها بعشر سنوات جلس زياد إلي جوار والده وهو يعزف لحنًا جديدًا، قال الابن رأيه بمنتهي الجرأة فيما يعزفه الأب، ومن يومها أصبح زياد أول مستمع لأي لحن جديد لعاصي، ولكن ذات يوم سمع الأب الابن يدندن جملة موسيقية غاية في الطزاجة، سأله : »أين سمعتها ؟» رد زياد : »لم أسمعها، هذه النغمة تتردد في ذهني من وقت لآخر». لا شك أن هذه اللحظة كانت هي الميلاد الحقيقي للموسيقار زياد الرحباني، ولكن بعد عشر سنوات وثق العم منصور الرحباني هذا الميلاد عندما أوكل له تلحين أغنية »سألوني الناس» وهو لم يتم عامه السابع عشر بعد . تحمست فيروز للفكرة، ولحن زياد الأغنية، وغنتها جارة القمر في المسرحية، إلا أن عاصي غضب منهما معتبرًا ماحدث متاجرة بمرضه، ولم يمر وقت طويل حتي تراجع عن موقفه بعد أن لمس نجاحا طاغيًا لوريثه الشرعي ثم تكرر الظهور في مسرحية »ميس الريم» مجسدًا شخصية شرطي أيضًا، ولكنه في هذه المرة لحن المقدمة الموسيقية الشهيرة التي تحولت إلي أيقونة في مشوار الرحبانية، وحلقت بها إلي سماء أبعد وجماهير أوسع، وبدأ عصر جديد من تاريخ الرحبانية عنوانه الرئيسي »زياد».